طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود شمام: ليبيا تشهد «حروبا أهلية أفقية» والبلاد تتجه لسياسة «حافة الهاوية»

حذر محمود شمام، وزير الإعلام في أول حكومة ليبية بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011، من الأوضاع الخطيرة والمواجهات المسلحة التي تشهدها بلاده، وذلك بعد نحو عامين من الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، الذي قتل في خريف العام قبل الماضي، قائلا في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» أثناء وجوده في القاهرة، إن الأطراف الليبية تتجه لسياسة «حافة الهاوية» التي قد تؤدي إلى حرب أهلية وتحويل الدولة إلى «صومال جديد» على البحر المتوسط.
وقال شمام إن كل الأطراف الليبية يبدو أنها تتجه بالأزمة إلى «ذروة عالية جدا من التوتر»، مشيرا إلى وجود انشقاق في التحالفات التي كانت بين «ثوار الأمس» الذين واجهوا قوات القذافي، وتوجد مخاوف في الوقت الحالي من مواجهات بين هؤلاء الثوار، معربا عن اعتقاده وجود رغبة من ميليشيات مدينة طرابلس الرئيسة في إبعاد ميليشيات مدينة مصراته القوية عن العاصمة، تمهيدا للدخول في معركة لاحقة أخرى ضد ميليشيات منطقة الزنتان الموجودة في طرابلس.
وأوضح شمام أن الحوار بين الفرقاء الليبيين، الذين يملكون قوة على الأرض، ربما وصل إلى طريق مسدود، وأضاف أن «السكة بينهم أصبحت غير سالكة»، وأنه بسبب هذه التطورات فإن ليبيا تحتاج إلى قمة تشبه «قمة الطائف» التي عقدت في المملكة العربية السعودية عام 1989 لإنهاء الحرب الأهلية اللبنانية، قبل أن تدخل بلاده في حرب مماثلة يصعب السيطرة عليها. وشدد شمام، الذي يوصف بأنه ممن يحتفظون بعلاقات طيبة مع عدد من الشخصيات الفاعلة من مختلف التوجهات الليبية، على خطر «الحرب الأهلية الأفقية»، التي قال إنها جارية بالفعل في الوقت الحالي بين عدد من المناطق، خاصة في غرب البلاد. وأوضح أن التيار الإسلامي المسلح والآيديولوجيات المتطرفة ليست لها الأغلبية، «وهي مجمعات صغيرة معزولة سياسيا»، لكنها «تستطيع أن تجعل هذا البلد متوترا لفترة طويلة جدا».
وقال شمام إن ليبيا يمكن أن تتحول إلى كيان أخطر من الصومال، لأنه يوجد فيها المال والسلاح والمقاتلون، لكنه أعرب عن اعتقاده أن الدول المطلة على البحر المتوسط، ودول الجوار الليبي، والمجتمع الدولي، لن يسمحوا لأنصار تنظيم القاعدة والمتطرفين الإسلاميين باستخدام الإمكانات الليبية كرأس حربة في هذه المنطقة الاستراتيجية من العالم.
وتحدث الوزير السابق عن موقف الدكتور علي زيدان، رئيس الحكومة المؤقتة، من الأوضاع المتفجرة في بلاده، معربا عن اعتقاده أن زيدان يتصور أنه يقدم خدمة جليلة إلى ليبيا بالحفاظ على آخر شكل دستوري أو مدني فيها، ويرى أن حكومته لو سقطت فسيكون من الصعب جدا تشكيل حكومة أخرى. وفيما يلي نص الحوار.
* كيف ترى الأوضاع اليوم في ظل الأحداث الدامية الجارية في ليبيا؟
- الأوضاع سيئة، ولكن يبدو أن كل الأطراف تتجه إلى سياسة «حافة الهاوية»، وهي الوصول بالأزمة إلى ذروة عالية جدا من التوتر. أعتقد أن هناك إجماعا شبه شعبي على أهمية خروج التنظيمات المسلحة من المدن، وخروجها حتى من السياسة بصورة عامة والعودة إلى أعمالها العادية وإعادة تأهيلها، وشيء من هذا القبيل. وما رأيناه بطرابلس في الأيام الأخيرة هو شق كبير في صفوف الحلفاء، مثل: (كتائب) مصراته و(كتائب) طرابلس. في اعتقادي، أن هناك رغبة حاليا من ميليشيات طرابلس الرئيسة، وهي «غرفة ثوار ليبيا»، وأيضا الجماعة الليبية المقاتلة، في إبعاد جسم مصراته الضخم - وهو جسم مؤهل وقوي - عن العاصمة، تمهيدا للانفراد بالعاصمة, والدخول في معركة، ربما مستقبليا، ضد (كتائب) الزنتان. مصراته اتخذت موقفا تصعيديا آخر، يدخل في نطاق سياسة «حافة الهاوية»، وهي الانسحاب من مؤسسات الدولة كافة، وهي الوزارة و«المؤتمر» (البرلمان)، وانسحابها العسكري (من طرابلس). إذن، مصراته توحي للجميع بأنها إذا خرجت من طرابلس فإنها ستخرج من المشهد السياسي الليبي. ومصراته تملك كل مقومات الصمود والبقاء منفردة. لديها ميناء على البحر، ولديها مطار، ولديها حركة تجارية نشطة، ولديها قوات عسكرية منظمة، وبالتالي لديها كل ما يمكن أن تستغني به عن العاصمة وتضغط على العاصمة من الخارج. هذا، في اعتقادي، سياسة «حافة الهاوية» التي تضعنا جميعا، سواء في شرق ليبيا أو غربها أو جنوبها، أمام مسؤولية الخروج من هذا المأزق.
* كيف؟
- أعتقد أن الخروج من هذا المأزق ليس بالسهل، ولكن ليس بالمستحيل. أعتقد أن الأطراف الليبية ما دامت هناك خلافات نشبت الآن بين حلفاء الأمس - بين مصراته وسوق الجمعة وتاجوراء وغيرها (من كتائب في طرابلس)، فهذا يعني أن الليبيين غير قادرين على التحاور مباشرة. يمكن أن تقول إن «السكة أصبحت غير سالكة»، وهنا تكمن أهمية التدخل الدولي.. ليبيا تحتاج إلى «طائف»، أي مؤتمر مثل مؤتمر الطائف الذي انعقد في المملكة العربية السعودية من أجل حل المشكلة بين الفرقاء اللبنانيين. مؤتمر الطائف أعاد تركيب الصيغة اللبنانية من جديد، وأعتقد أن الصيغة الليبية تحتاج إلى إعادة النظر، ليس فقط في مركزيتها أو لا مركزيتها، ولكن في توازن القوى الموجودة داخلها أيضا. لا يمكن حكم هذه المناطق الشاسعة بشكل مركزي. وواهمون بعض ممن هم في «المؤتمر الوطني»، أو بعض ممن هم في الكتل السياسية، أو بعض ممن هم في التشكيلات العسكرية، إذا اعتقدوا أنه يمكنهم الانفراد أو الاستفراد بطرابلس واتخاذ قرار مركزي يسري على ليبيا كلها.. فهم مخطئون.
* وما الحل في رأيك؟
- أعتقد أن ليبيا الآن في حاجة إلى خطوة شجاعة نحو التوجه إلى نظام غير مركزي.. قد يكون النظام الفيدرالي مرفوضا، أو قد تكون قد جرت التعبئة ضده، ربما بشكل خاطئ في كثير من الأحيان، واتهامهم بالرغبة في الانفصال.. إلا أن انسحاب مصراته الآن، أو انكفاء مصراته الآن - إن صح التعبير، سوف يقوي حجة الفيدراليين. ولكن، الآن، مرحليا، ما أدعو إليه، حتى لا نزداد تفتتا أكثر من التفتت الحالي، هو إقامة حكم لا مركزي قوي. وهذا لا يكون فقط بالإشارة إلى «الحكم المحلي». الحكم المحلي إذا لم يكن له محتوى حقيقي غير مركزي، فإنه يتحول إلى وزارة. و(عندها) يكون وزير الحكم المحلي هو الذي يتحكم في المحافظات أو الأقاليم. هذا ليس صحيحا.. في اعتقادي أن ليبيا تحتاج إلى نظام المحافظات. ربما ليبيا تحتاج إلى سبع محافظات.. هذه المحافظات يجب على المحافظين فيها أن يحظوا بسلطة رئيس الوزراء في التصرف في الوزارات والمؤسسات ما عدا الوزارات السيادية، وهي: «الدفاع» و«الداخلية» و«الخارجية» و«النفط» و«المالية». وبالتالي، هذا أمر من المهم أن يناقش بجدية بعيدا عن التخوين وبعيدا عن اتهام الأطراف بعضها بعضا بالسعي إلى التقسيم وتفتيت البلاد. بينما في الحقيقة الذي يفتت ليبيا هو حكم الميليشيات.. هذا الأمر حولنا، في الوقت الراهن، إلى قبائل، وجهات، ومؤسسات مؤدلجة، ومؤسسات غير مؤدلجة. وكلها تسعى لشرعنة نفسها تحت وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية أو رئاسة الأركان، وهي شرعنة زائفة.
* كيف يمكن أن ينتهي الأمر؟
- هذه الفوضى يجب أن تنتهي، وأن تنتهي بشجاعة، ولهذا أدعو إلى «أوسلو» أو إلى «طائف» أو إلى «جنيف» بحيث تلتقي. واللقاء هنا، في الحقيقة، ليس للكيانات السياسية. الكيانات السياسية قد تكون جزءا من هذا، لكن اللقاء للقوى الحقيقية التي تملك قوة على الأرض، سواء كانت هذه القوة قبلية أو جهوية أو مؤدلجة. إذا لم تلتق الرؤوس الحقيقية التي يمكن أن تقودنا إلى الخراب وإلى الحرب الأهلية، فسنجد أنفسنا على أعتاب الحرب الأهلية أو داخلها. أذكر أن اللبنانيين لم ينتبهوا إلى أنهم في حرب أهلية إلا بعد سنتين من نشوبها. ولقد أطلقت على ما يجري في ليبيا حاليا «حروب أهلية أفقية».. موجودة خاصة في (مناطق) الغرب الليبي؛ موجودة بين «الزاوية» و«ورشفانة».. وبين «زوارة» و«رقدالين»، وبين «الزنتان» و«المشايشة»، وبين «مصراته» و«ورفلة» و«تاجوراء». هذه حروب أفقية. في اعتقادي، نحن الليبيين سنظل عاجزين بسبب مدى العنف الذي رأيناه وبسبب هذا الكم الهائل (من الميليشيات). لا أحد يعرف العدد الحقيقي للميلشيات العسكرية. قد يصل العدد للمئات، وقد استهلكت جزءا كبيرا من خزانة الدولة ومن أموال ليبيا. وبالتالي، هذه الوقفة مهمة جدا ويجب أن تكون تحت شعار «لا للسلاح».
* وإلى أي مدى يمكن الاستجابة لمثل هذه الدعوة؟
- أعتقد أنه يوجد أمران.. يوجد الصادقون الذين انضموا إلى هذه الكتائب، وعلى هؤلاء أن يرجعوا إلى أعمالهم العادية أو أن يؤهلوا أنفسهم للدخول كأفراد في أي من مؤسسات الدولة.. والأمر الثاني هو أن هناك القتلة، الذين ارتكبوا جرائم قتل في بنغازي وفي درنة وفي سرت، ثم في طرابلس الآن. هؤلاء القتلة لا بد أن يحالوا إلى القضاء.
* في رأيك، ما القوى الفعلية التي تملك قدرة على الأرض. أغلبية السلاح في يد من؟
- كما قلت لك، السلاح موزع جهويا، أو آيديولوجيا، أو قبليا.
* لكن الأغلبية لمن. من يمكن أن يحسم الأمر بالسلاح؟
- توجد قوى قوية، معظمها في الغرب الليبي. إذا ذهبنا من الغرب إلى الشرق، فإن معظم الميليشيات موجودة في الغرب. هناك «الزنتان» التي لديها من ثلاث إلى أربع ميليشيات، وهي ميليشيات قوية ومسلحة تسليحا جيدا، وهي قوة لا يمكن إنكارها في غرب طرابلس - كما يقال. هناك أيضا «ورشفانة» التي أصبحت الآن أيضا قوة لا يستهان بها، وهي قوة أيضا مهمة جدا في الغرب. وتوجد كذلك قوة في «الزاوية».. ثم نجد أيضا أن هناك ما يسمى «ميليشيات طرابلس»، وهي في معظمها ميليشيات أمنية، مثل «النواصي»، و«اللجنة الأمنية العليا» (وأنا أعدها ميليشيا وليست جسما يتبع السلطة). ثم هناك «(ميليشيا) معيتيقة»، وهي مجموعة (عبد الحكيم بلحاج)، وهي متمركزة ولها امتدادات في «سوق الجمعة» وفي «تاجوارء».. «معيتيقة» و«سوق الجمعة» هي (ميليشيات) مؤدلجة، وكلها تتبع تيارا إسلامويا متدرج الشكل، وأحيانا يتفق مع الإخوان المسلمين وأحيانا تكون الخلافات بينهم. ثم هناك بعض الميليشيات، التي هي ميليشيات - إن صح التعبير - طرابلسية، ثم داخل طرابلس هناك الكثير من المنظمات غير الشرعية التي تتاجر في المخدرات وتتاجر في الخمور وغيرها، ولديها قوة عسكرية ظاهرة.. ثم تأتي مصراته (إلى الشرق قليلا من طرابلس) كثقل كبير جدا، وربما هي أقوى الميليشيات. وتوجد فيها أكثر من مائة ميليشيا، ولكنها في النهاية هي قوة مصراته العسكرية الأساسية. وفي سرت، هناك وجود للجماعات الإسلامية المتطرفة. وأيضا هناك كتيبة صلاح بوحليقة، وهي تدخل أيضا ضمن هذه النطاقات التي تحدثنا عنها. ثم نأتي إلى الشرق. الآن، «السيد الجضران (أحد الداعين للفيدرالية في الشرق)»، الذي يسيطر على منابع النفط، لديه أيضا قوات. وربما هذه القوات انقسمت بعد انسحاب السيد صديق الغيثي (أحد قيادات الشرق) منها، ثم أيضا هناك الميليشيات التي تحاصر بنغازي وهي ميليشيات «أنصار الشرعية» و«17 أكتوبر» و«رافالله السحاتي», ثم نأتي إلى درنة التي يسيطر عليها «سفيان جومة (متهم بموالاة تنظيم القاعدة)» وجماعة الجهاديين، وبالتالي هذا هو التنوع الكبير والخطير في هذه الميليشيات. هذه خريطة الميليشيات، ولكن أعتقد أن الصراع الحقيقي بينها يجري في غرب ليبيا. لأنه في شرق ليبيا تمكنت «جمعة إنقاذ بنغازي» (مظاهرات الأهالي ضد الميليشيات خريف العام الماضي) من تحجيم التنظيمات العسكرية الموجودة في بنغازي، وكلما حاولت العودة تجد مقاومة من أهالي بنغازي، وهي موقع خلاف على الأقل بين أهالي مدينة بنغازي نفسها.
* هل التيارات الإسلامية المسلحة تمثل خطرا؟
- بطبيعة الحال، تمثل خطرا.
* هل لأن لها الأغلبية؟
- لا.. بل لأن لديها آيديولوجية محددة ولديها تصميم واضح جدا.. هم يقولون «(تطبيق) شرع الله أو لا شرعية».. ولكن شرع الله هذا غير محدد، لأن هؤلاء يقولون شرع الله في بلد إسلامي بطبيعته، وهو بلد في معظمه سني وفي معظمه مالكي، ويقولون ذلك كأن هذه البلاد لا تعترف بشرع الله! وبالتالي، هذه الآيديولوجيات المتطرفة خطيرة لأن آيديولوجيتها أممية وليست محلية. بمعنى أنك تستطيع أن تتفاهم مع مصراته أو مع الزنتان أو مع الورشفانة أو مع سوق الجمعة أو تاجوراء، ولكن لا تستطيع أن تتفاهم مع ميليشيا هي في الواقع تضم جزائريين وموريتانيين وأفغانا وشيشانا، وأفارقة يأتون من مالي. وبالتالي، أصبحت هذه الجماعات الإسلامية المتطرفة جماعات خطيرة، لأنها أولا جماعات إقصائية تريد أن تقصي كل من لا يفهم الدين الإسلامي بمنظورها هي، وهي مجموعات عنيفة وتتحمل مسؤولية جزء كبير من القتل. إذن، هذه المجموعات هي مجموعات صغيرة وهي مجموعات معزولة سياسيا واجتماعيا وثقافيا في المحيط الموجودة فيه، لكن هذه المجموعات تستطيع أن تتحكم في مفاصل الحياة اليومية لليبيين وأن تجعل هذا البلد متوترا لفترة طويلة جدا، ومفتوحا على كافة الاحتمالات القادمة مع الناشطين والمتطرفين من دول شمال أفريقيا.
* هل هذا يعني، بطريقة أو بأخرى، أن ليبيا مرشحة لأن تكون صومالا جديدا؟
- يمكن أن تتحول ليبيا إلى صومال ب«7 نجوم».
* بمعنى؟
- بمعنى أن ليبيا يوجد فيها المال والسلاح والرجال؛ أي المقاتلين.. وهذا أمر خطير جدا. وهذا أمر في اعتقادي لن تسمح به (الدول المطلة على) البحر المتوسط. إذا اعتقد أنصار «القاعدة» أو المتطرفون الإسلاميون أنهم يمكن أن يكونوا رأس حربة تستخدم الأموال الليبية والنفط الليبي والشاطئ الليبي الممتد في مواجهة أوروبا بطول ألفي كيلومتر، وتستخدم العمق الصحراوي الليبي الذي يصل إلى قلب أفريقيا. إذا اعتقدت هذه الجماعات أنها تستطيع أن تحول ليبيا إلى نقطة ارتكاز من دون أن تثير الضفة الأخرى من البحر المتوسط، في الجانب الشمالي، فإنها تكون مخطئة. هذه هي النقطة التي يمكن فيها أن تتدخل القوى التي لا تريد أن تتحول ليبيا لنقطة ارتكاز مع الصومال. وأنا أعتقد أنه يوجد فهم لهذا الأمر، ولذلك هم لا يزيدون من مقدار التوتر الذي قد يثير الأوروبيين. ربما يكونون قد أخطأوا في الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي واغتيال السفير الأميركي لدى ليبيا (خريف 2012)، وقد استفادوا من هذا الدرس. كما أن الولايات المتحدة تطاردهم وتتجسس عليهم، ويمكنها أن تصل إليهم كما حدث مع «أبو أنس (الذي جرى القبض عليه من طرابلس قبل شهر بواسطة قوات أميركية وجرى نقله خارج ليبيا)». الأميركيون لا يهتمون بمن يقتل الليبيين، لكنهم يهتمون بمن يقتل أميركيين وأوروبيين. وبالتالي، هم سيكونون في مواجهة مباشرة مع هذه الجماعات المسلحة.
* أشار أحد قادة الجهاد في مصر إلى وجود تحالف قوي بين «الإخوان» و«القاعدة» في ليبيا. إلى أي حد هذا صحيح؟
- أولا، في البداية أقول إن «الإخوان» لا يشاركون في القتل، أي لا يشاركون في العمليات.. «الإخوان» بطبيعتهم مثل «النادي الخاص» أكثر منهم حزبا سياسيا، ولكن هم المحرضون.. يحرضون على الأطراف السياسية الأخرى. هم أول من حرض ضد العلمانية والليبرالية، وهم أول من خلق العدو الوهمي. وهذا العدو الوهمي هو الذي يستفز الأطراف المتطرفة، فتقوم بتنفيذ عمليات ضد الرموز كما حدث في حالة عبد السلام المسماري (الناشط الحقوقي الليبي الذي اغتيل قبل شهر). أيضا هذه التيارات المتطرفة، بوعي أو من دون وعي، تتحالف أو تنسق أو تلتقي على نفس الهدف مع بقايا نظام القذافي، وبالتالي لا أستبعد أن يكون هناك تنسيق بين هذه الجماعات المتطرفة، التي حاربت القذافي لفترة (خلال التسعينات)، ومن تبقى من ذلك النظام.
* البعض يتحدث عن خطر على الجوار الليبي من مثل هذه الجماعات؟
- نعم. لأن الحدود ببساطة مفتوحة، والسلاح لا حد له، بل كل أنواع الأسلحة موجودة. الذين قتلوا بطرابلس في المظاهرات (يوم الجمعة الماضي) قتلوا بأسلحة ثقيلة، وليس بالقنص أو البنادق أو المسدسات. وهذا يعطيك مؤشرا على حجم السلاح الهائل الموجود في ليبيا. وأيضا ليبيا بها أماكن جيدة للتدريب وأماكن جيدة للإيواء. بالتالي، إذا ما حدثت أي حالة من الإرهاب أو التطرف أو التعكير السياسي والعملياتي في مصر، فطبيعة الحال خوف مصر سيأتي من ليبيا، وكذا خوف الجزائر ومالي والسودان وتونس سيأتي من ليبيا. وإذا اعتقد الليبيون أنه بسكوتهم عن وجود السلاح والميليشيات والحدود المفتوحة والبحر المفتوح، لن يحدث استفزاز لجيرانهم، فهذا غير صحيح.. عندما يشعر جيران ليبيا بالخطر فسيكون التدخل ضد هذه الجماعات في ليبيا تدخلا شرعيا، وسيفهم حتى على المستوى الدولي، لأنه تدخل لحماية أنفسهم من الخطر الذي قد يأتي من ليبيا، ولهذا على الليبيين أن ينظفوا دارهم وأن يرتبوا أمورهم وأن يمنعوا التورط في أعمال تمس جيرانهم.
* وماذا يمكن أن تفعل حكومة الدكتور علي زيدان في ظل هذه الأوضاع؟
- أعتقد أنه من المزايدة السياسة تحميل الحكومة المسؤولية. حكومة زيدان هي خليط من الإخوان المسلمين و«التحالف الوطني». وهذه الحكومة تتعرض لهجمات من «التحالف» ومن «الإخوان»، وهي حكومتهم. زيدان، في اعتقادي، يتصور أنه يقدم خدمة جليلة إلى ليبيا، وهي الحفاظ على آخر شكل دستوري أو مدني في البلاد، لأنه يعتقد أنه لو سقطت حكومته فسيكون من الصعب جدا تشكيل حكومة أخرى، وبالتالي ستكون هناك فترة فراغ. زيدان سياسي محنك، وهو يقطع الوقت حتى يصل الليبيون إلى قناة يتوصلون عن طريقها إلى حل. وهو يرى أن بقاءه على رأس هذه الحكومة، وإدارة هذه الأزمة، بأقل قدر ممكن من الخسائر، يخدم مستقبل ليبيا، قد يتفق معه البعض أو يختلف معه، لكنه يدير هذا الفهم بشكل لا بأس به. وأعتقد أن الحكومة اتخذت خطوة في اتجاه المجتمع الدولي. مثل تدريب أوروبا وأميركا للجيش الليبي، وهذه الخطوة تستفز البعض. وزيدان يتمتع بتغطية دولية وعربية لا بأس بها، وهو يتحرك دوليا وعربيا بكفاءة أكثر من تحركه الداخلي. هو يعتقد أن بقاءه في الحكم سوف يزيل المشاكل وأن حلها يحتاج لوقت طويل جدا. أعتقد أن مشكلة زيدان في وزارته.. أنه ليس لديه فريق سياسي جيد يدير معه الأزمة. هو لاعب فردي، ومعظم وزرائه مشلولون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.