الملك يستقبل عددا من السفراء الأجانب    الرشيدية .. تخليد الذكرى ال 69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    3.65 مليار درهم قيمة صادرات الصيد الساحلي في 4 أشهر    إنتاج المغرب من الحوامض يتراجع إلى 1.5 مليون طن سنويا وسط تحديات مرتبطة بالجفاف والمنافسة الخارجية    موريتانيا.. الحكم بسجن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز 15 سنة نافذة بتهم الفساد    الكوكب المراكشي يعود إلى قسم الكبار واتحاد يعقوب المنصور يقترب من تحقيق الحلم    السجن يستقبل سمسار شهادات جامعية    بأمر ملكي .. بلاوي يخلف الداكي على رأس النيابة العامة    الملك يسحب تدبير دعم الفلاحين من وزارة الفلاحة بعد فضيحة "الفراقشية"    براهيم دياز يغيب عن مواجهة مايوركا بسبب ألم في العضلة الضامة و10 لاعبين فقط جاهزون للمباراة    هشام بلاوي يتسلّم مهامه رسمياً رئيساً للنيابة العامة خلفاً لمولاي الحسن الداكي    بنسعيد:الإصلاحات التي عرفها المجال الإعلامي ساهمت في توفير مرتكزات متكاملة لتطوير مختلف مكوناته    لقاء تواصلي بطنجة بين الجامعة الوطنية لأرباب المقاهي والمطاعم والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتعزيز الشراكة وخدمة المهنيين    منيب: تحقيق التنمية يتطلب محاربة الفساد والاحتكارات والمضاربات    الناخب الوطني لأقل من 20 سنة: "عازمون على المشاركة في المونديال ونحن أبطال إفريقيا"    نهضة بركان يستأنف تدريباته استعدادا لمواجهة سيمبا    أكبر طلبية طائرات في تاريخ "بوينغ".. قطر تشتري 160 طائرة ب200 مليار دولار    إطلاق حملة توعوية لتفادي الغرق في سدود جهة طنجة-تطوان-الحسيمة    حادثة سيرمميتة بالطريق الرابطة بين الصويرة وأكادير تخلف ثمانية قتلى و20 مصابا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    مهرجان «يالطا» بروسيا ينحني لصوت مغربي… والدارجة تسرق الأضواء    عامل العرائش يدشن افتتاح معرض العرائش للكتاب    "ربيع المسرح" في تارودانت يكرّم الفنانين الحسين بنياز وسعاد صابر    معهد صروح للإبداع والثقافة يسلط الضوء غلى المنجز الشعري للشاعر عبد الولي الشميري    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    الملك محمد السادس يوجه هذه الرسالة إلى الحجاج المغاربة    15 % من المغاربة يعانون من متلازمة القولون العصبي والنساء أكثر عرضة للإصابة بها من الرجال    رسميا.. حكيمي يمتلك نادي "سيوداد دي خيتافي" ويشارك في انتداب اللاعبين    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    المغرب وتنزانيا يعززان التعاون الطاقي    مقاييس التساقطات المطرية المسجلة خلال ال 24 ساعة الماضية    ترامب: سوريا "أبدت استعداداً" للتطبيع    استنفار الدرك الملكي بعد العثور على 20 كيلو من الكوكايين على شاطئ    المغرب يقترب من فرض رقابة قانونية على منصات التواصل الاجتماعي لحماية المجتمع    صرخة فنانة ريفية.. اعتزال "مازيليا" بسبب الوسخ والاستغلال في كواليس الفن    لجنة العدل والتشريع بالنواب تصادق على مشروع قانون المسطرة الجنائية    وزارة التربية الوطنية تفرض عقودا مكتوبة لتنظيم العلاقة بين التعليم الخصوصي والأسر    مجلس فاس يقر عقدا مؤقتا للنقل الحضري ويستعد لاستلام 261 حافلة جديدة    وداعا فخامة الرئيس    جامعيون وخبراء مغاربة وأجانب يلتقون في المحمدية لاستجلاء الفكر الإصلاحي عند العلامة علال الفاسي وإبراز مختلف أبعاده التنويرية    دياز في قلب مشروع المدرب الجديد لريال مدريد    باناثينايكوس يتردد في صفقة أوناحي    المغرب يستضيف مؤتمر وزراء الشباب والرياضة للدول الفرنكوفونية    المخرج روبرت بينتون يفارق الحياة عن 92 عاما    ردا على طرد موظفين فرنسين من الجزائر.. باريس تستدعي القائم بالأعمال الجزائري وتتوعد بالرد بالمثل    رُهاب الجزائر من التاريخ    الإمارات تُجدد حضورها في موسم طانطان الثقافي بالمغرب: تظاهرة تراثية تجسّد عمق الروابط الأخوية    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    المغرب يحقق المعادلة الصعبة: تكلفة إنتاج السيارات الأقل عالميًا ب106 دولارات فقط للعامل الواحد    المغرب في تصنيف التنمية البشرية لعام 2023: نقطة جيدة وانتظارات قوية    الأمم المتحدة تدعو مجلس الأمن إلى التحرك "لمنع وقوع إبادة" في غزة    كسوة الكعبة المشرفة ترفع 3 أمتار    عندما تتحول القرارات السياسية من حسابات باردة إلى مشاعر مُلتهبة    مَأْزِقُ الإِسْلاَمِ السِّيَاسِي    حكم جديد.. 3 ملايين ونصف تعويضاً لسيدة عضها كلب    أزمة دواء اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في المغرب.. يفاقم معاناة الأسر في صمت    دراسة من هارفارد: شرب الماء الكافي يعزز التركيز الذهني ويقلل التعب والإرهاق    الأغذية فائقة المعالجة تهدد بأعراض "باركنسون" المبكرة    









موروثات عاشوراء في المغرب الحلقة (1)

من المقولات العلمية التي تقوم عليها نظريات المؤرخين والسوسيولوجيين والمهتمين بثقافة المجتمعات، أن العادات والتقاليد المشتركة بين منطقتين أو بلدين أو شعبين لا يمكن أن تولد من فراغ، بل تتأسس في الغالب الأعم من خلال رصيد تراكمي من الارث الحضاري الذي يفرزه واقع الصلات التاريخية المتجذرة بينهما.
من هذا المنظور، نتناول في هذا السطور دراسة بعض العادات والتقاليد والموروثات الشيعية في بلاد المغرب. من الثابت أن علاقة التشيع بالمغاربة تضرب بجذورها الى بداية دخول الإسلام الى تلك المنطقة كما تبين لنا سابقاً، ومع ظهور دولة الأدارسة,و دولة الفاطميين والسعيديين من بعد، اتخذت هذه العلاقات بعداً روحياً واجتماعياً عظيم الأهمية، مما ساهم في خلق امتزاج اجتماعي كان وراء ميلاد عادات وتقاليد جديدة .ظلت راسخة ومتجذرة الى يومنا هذا وإن أخذت أسماء او تحليلات أخرى وبعضها يعرف اليوم على أنها عادات ومراسم صوفية,والبعض الآخر يعرَّف على أنها بدع, وذلك لتعاقب السياسات والمذاهب المختلفة. ومن هذه العادات والتقاليد ذكرى عاشوراء والاحتفال بالنصف من رمضان والنصف من شعبان وفي رجب وكذلك الاسماء والالقاب و موروثات شعبية أخرى وغيرذلك مما سنتعرض له في هذا الفصل.
من المعروف أن الشيعة دون سواهم في كل العالم يقيمون مراسيم عاشوراء وهي ذكرى اليوم الذي أستشهد فيه الإمام الحسين بن علي عليه السلام في كربلاء على يد جيش يزيد ابن معاوية, وهي المراسم التي أكد عليها أئمة أهل البيت عليهم السلام وذلك لشد أتباعهم بروح الثورة الحسينية وبنهج الحسين , لذا كان موسم عاشوراء مناسبةً لبث أفكار أهل البيت وترسيخها في نفوس الناس لذا أكدوا عليها تأكيداً كبيراً , فقد كان أهل البيت يقيمون المآتم ويدخلون الشعراء عليهم وقد حدثنا التاريخ عن شعراء كُثر كانوا يحملون قصائدهم الرثائية في شهر محرم وفي اليوم العاشر منه بالذات الى أئمة أهل البيت ويقرؤنها عليهم بعد ان يقام لذلك تجمع من عوائلهم و أنصارهم ومحبيهم , ولعل الصورة التي ينقلها لنا التاريخ عن السيد الحميري و أبو هارون المكفوف مع الإمام الصادق أو الشاعر دعبل ابن علي الخزاعي ودخوله على الامام الرضا وهو يرثي جده الحسين خير دليل على ذلك.
واستمر شيعة أهل البيت على هذا المنوال أينما حلوا وارتحلوا ,وأصبحت هذه المراسم والطقوس من مميزات المجتمع الموالي لأهل البيت , ولا تشذ بلاد المغرب عموماً عن هذه القاعدة التي رسمها أهل البيت لأتباعهم, فقد حمل أهل البيت من الادراسة والفاطميين وغيرهم هذه الشعائر وبقيت الى يومنا هذا وإن تغيرت اسماؤها أو طرأ عليها بعض التغيير الطفيف لكن الروح بقيت هي ذاتها, و تجدر الإشارة الى أن بعض الطقوس الغريبة قد أدخلت مؤخراً على الشعائر العاشورائية ولم تكن في السابق واعتبرت على أنها جزء من المراسم. ,لعل أهل المغرب لم يعلموا أصل هذه الطقوس التي يمارسونها في كل عام نظراً للتشويش الذي صاحب هذه العادات, فقد نقل لي مجموعة من الأخوة المغاربة صوراً شبيهة بالتي تتواجد في المشرق الشيعي ,ولكنهم لم يعلموا ماهي وماذا تعني زما هو جذرها التاريخي, واصبحت جزءاً من الفلكلور والموروث الثقافي لهم , وقد حاول البعض أن يزيل هذه الموروثات من وجدان المجتمع المغربي إلا أنه لم يتمكن , ولكنه عمد بالنهاية الى تشويهها ورميها بالبدع والخرافات.
ففي المغرب معقل الدولة الإدريسية وحاضنة مرقد المولى إدريس الأول والثاني, وبمنطقة مراكش بالتحديد يتميز إحياء ذكرى عاشوراء التي تصادف العاشر من محرم باحتفالات متنوعة تجري وسط أجواء روحانية وتقاليد اجتماعية وحركة تجارية غير عادية، وتحيي الأحياء القديمة (الدقة المراكشية ) فقط بمناسبة عاشوراء , فهناك إحتفلات للرجل والنساء كلٌ على حده ,ففي احتفالات الرجال في مراكش بليلة عاشوراء عندما يهزجون في الدقة المراكشية بالعيط وهو نوع من التوسل لله بجاه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وجاه الأولياء ، والتشفع بالمغفرة وطلب التوبة والدعاء الصالح بمصاحبة إيقاعات التعاريج ودف واحد وقراقيب صفائح الحديد أو وما يسمى في العراق (بالطوسي) وهو شبيه بآلة الصنج الغربية ، وعلى ضوء نار ملتهبة لاهجة من بعد صلاة العشاء وحتى الفجر, وهذه المراسم شبيه بالتي يقيمها الشيعة في المشرق فقد إعتاد شيعة المشرق على قرع الطبول والصنوج وكذلك الابواق في أيام عاشوراء ويخرجون بمواكب كبيرة ومهيبة تحكي عظمة الواقعة فهناك العديد من الطقوس والعادات التي تصاحب قرع الطبول والصنوج من قراءة الشعر والاهازيج التي تذكر أهل البيت عموماً و الإمام الحسين بشكل خاص, وهذه المواكب العزائية تشبه الى حدٍ بعيد مواكب العزاء في العراق وبقية دول المشرق الشيعي , ففي العراق هناك عزاء في مدينة النجف يعرف ب هوسات العمارة أي ( أهازيج منطقة العمارة) و في كربلاء هناك مواكب عزاء خاصة بالطبول والنقارات, والنقارة ألة إيقاعية خاصة كبيرة الحجم على شكل نجمة ثمانية الشكل.
وتتميز ليلة عاشوراء في المغرب أيضا بطقوس أخرى مشابه لطقوس عاشوراء في المشرق ومنها الشعالة والذيالة وزمزم وسناتي على ذكرها .
الشعالة أو الشعلة أو المشاعل :
لقد خلفت مشاهدة واقعة عاشوراء أثاراً وجدانية لدى محبي أهل البيت, لذا دأب الشيعة على تصوير هذه المشاهد لتبقى حية في وجدانهم, ومن جهة أخرى يرون انها تكرس وتعمق مفاهيم الثورة الحسينية في نفوس الأجيال, ويقول البعض أن شرعيتها منتزعة من أفعال أئمة أهل البيت(ع) ومن تلك المشاهد ( حرق خيام الحسين ) بعد مقتله من خلال النداء الذي بعثه قائد الجيش الأموي آنذاك عمر بن سعد حينما قال ( أحرقوا بيوت الظالمين) فكان الشيعة بعد ذلك في إيران والعراق والبحرين ولبنان وباكستان والهند وأفغانستان وغيرها من البلدان يعيدون تصوير وتمثيل تلك المشاهد من خلال تأجيج النار لذكرى نار الخيام وتسمى في العراق بالمشاعل وهي عملية إشعال نار في الأيام الاخيرة من العشرة الأولى من شهر محرم الحرام , وفي البحرين تسمى ب (الشعلة) , وهي قريبة من التسمية المغربية ب ( الشعالة) ولكن في المغرب بقيت هذه الشعيرة مستمرة وترمز لذات الفعل الذي وجدت من أجله, ثم تحولت بفعل التقلبات السياسية وإنتهاء حكم الفاطمين والسعيديين الى طقوس تعبر عن أجواء صوفية ولعل ذلك بفضل الخوف من إتهام الحكام بالتشيع ومن المعلوم أن التشييع بعد الفاطميين أصبح تهمة يعاقب عليها القانون , فقد تغيرت حتى الاسماء الى حدٍ ما في تلك المناطق كما حدث في مصر على سبيل المثال أيام صلاح الدين الأيوبي .
تطلق كلمة الشعالة في المغرب على من يشعلون النار في العاشر من محرم أي يوم عاشوراء وهو اليوم الذي إستشهد به الإمام الحسين (ع) وإقامة هذا الطقس في يوم العاشر يدل على أن هذا الحدث مرتبط بحادثة عاشوراء التي يحتفل بها شيعة أهل البيت سنوياً في هذا التاريخ, وليس له أي تبرير آخر لعلة إنعقاده بهذا التاريخ سنوياً غير ذكرى عاشوراء , فيتم إشعال النار في أجواء احتفالية للنساء والرجال معا، يتحلقون حولها ويرمون في لهبها أنواع البخور الذي ينتشر شذاه كالعنبر مع الدفء ويملأ الأجواء حتى تصبح المدينة وكأنما تحترق مسكا وعودا. ويقوم الشباب الأصغر سناً ويطلق عليهم ( شعالة الشباب والأطفال) بحرق بقايا الأعشاب و( الميكات ) وأحيانا العجلات المطاطية لتأجيج النيران والقفز عليها الواحد تلو الآخر. والمظنون ان هذه الافعال السالفة أدخلت الى طقس الشعَّالة فيما بعد , فالاصل هو تصوير الحادثة وليس اللهو المذكور.
زمزَّم
يحاكي ويرتبط طقس زمزم في المغرب بطقس توزيع الماء في يوم عاشوراء على المارة مصحوباً بكلمة (أُذكر الحسين) في الدول التي يتواجد فيها أتباع أهل البيت, وذلك إستذكاراً لواقعة كربلاء حينما حرم الجيش الأموي وصول الماء الى معسكر الحسين وبقيت الأطفال تتلظى عطشاً وتبلغ ذروة توزيع الماء في العراق وإيران والبحرين ولبنان وأندنوسيا والسعودية ولبنان وغيرها من البلدان في صبيحة يوم العاشر وفي المغرب كذلك وإن إختلفت التسمية إلا أن البعد الرمزي يبقى حاضراً رغم تقادم الزمن وعوامل التحريف, تتميز الاحتفالات صبيحة اليوم العاشر من محرم في المغرب بطقس التراشق بالماء الى أقصى درجاته وهو تعبير عن بذل الماء وإباحته للجميع ، فيما يعرف ب ( زمزم ) حيث يرش الناس بعضهم بعضا بإفراط أحيانا فكأنهم يطفئون لظى النار ولهبها الذي أججته قتلة الإمام الحسين في قلوب الأطفال والنساء، وهذا الطقس يعكس بذات الوقت روح الاحتجاج على فعل الجيش الأموي وإمعانه بالتعدي على الحق الإنساني بالحصول على الماء وهو حق لجميع المخلوقات فضلاً عن الإنسان. ولربما يريد الناس من هذا الفعل ان يقولوا ان الماء مباح للصغار والكبار , ومن الخسة ان يحرم منه الاطفال,وهذا الطقس لا يكون إلا في يوم العاشر من المحرم من كل عام حيث يستيقظ المغاربة مبكرا في صباح اليوم العاشر من شهر محرم (عاشوراء) اعتقادا منهم أن من ينشط في هذا اليوم سيكون العام عنده كله نشاط وبركة، وفي بعض المناطق تبادر الأمهات بإيقاظ أهاليهن عن طريق نضحهم (رشهم) بالمياه منذ الساعات الأولى من يوم عاشوراء.
وبعد الاستيقاظ، يبدأ الصغار في رش بعضهم البعض بالمياه قبل أن ينتقلوا إلى الجيران وبعدهم المارة عبر الدروب والأزقة، لتبدأ بعدها المطاردات في الشوارع بين الذكور والإناث...
إنها ظاهرة (زمزم) ويطلق عليها بعض المغاربة (التزمزيمة), ورغم أن زمزم هو اسم بئر في مكة المكرمة، فإنه في المغرب يعني اليوم الذي تكون فيه للأطفال حرية كاملة لرش المياه على بعضهم البعض وعلى جيرانهم والمارة في الشارع.
وفي عاشوراء أيضاً تتوجه الأسر إلى المقابر لزيارة موتاهم والترحم عليهم بالرياحين وماء الزهر والورد. وهو ما يضارع فعل الشيعة الآخرين بالتوجه الى قبر الإمام الحسين ونشر ماء الورد على المارة في مواكب تخرج بهذه المناسبة.
الذيالة
وهو تقليد متبع كذلك في الدول الشيعية الآخرى وهو عدم الإعتناء بالملابس والهندام في يوم عاشوراء تأسياً بما حل بالإمام وصحبه في ذلك اليوم واعتباره يوم حزن وكآبة لا ينبغي أن للمرء فيه أن يتزين,وهو يوم يخصص للدعاء وإستذكار الواقعة,ففي المغرب يميل الرجال في هذه المناسبة إلى الأجواء الروحانية في المساجد، فينصرفون إلى الصلاة والعبادة والنسك استعاذة بالله من الشيطان ومن الجن والسحر, وكلمة الذيالة تعني أصحاب الملابس المتهرئة و المقددة,
الفاكية
الفاكية كلمة عامية مشهورة باللهجة المغربية تعني التمور والفواكه الجافة من تين وتمر وجوز ولوز وكاكاو وحمص وحلوى وهي إختصار لكلمة الفواكهة التي توزع في عاشوراء , وهذا التقليد الذي يتبعه المغاربة في كل عام في يوم العاشر من محرم والذي يعتبر أحد لوازم الأسر المغربية في موسم عاشوراء أي من اليوم الأول الى العاشر منه حيث يتم توزيع الفاكهة على الجيران والأطفال, وتعد مظهرا من مظاهر الاحتفاء بعاشوراء.
وهذه العادة تعد من الموروثات وهي كاخواتها مجهولة التأصيل,وذلك للأسباب التي ذكرناها سابقاً , ولكن لو تأملنا في هذه العادة لرأينا أن هناك تشابه كبير بينها وبين ما ما يقوم به الشيعة في المشرق الاسلامي حيث يتم أيضاً توزيع الفواكه والحلويات والطعام على المارة والذاهبين لزيارة مرقد الإمام الحسين عليه السلامأو على الخارجين بمواكب العزاء, ويعتبر هذا التقليد في المشرق من الاعمال التي ينال صاحبه الثواب الجزيل جراء ما يقدمه للناس والأطفال من أكل وفواكه وغير ذلك في موسم عاشوراء,والمظنون أن هذا التقليد يرمز الى صيحة إستنكار ورفض بما قام به الجيش الأموي من منع الماء والطعام عن الاطفال والنساء والبقية الباقية من معسكر الحسين في يوم عاشوراء عام 61ه ,وتأكيداً لقولنا ما يقوم به المغاربة من شراء الآباء هدايا لأولادهم مع العلم أن هناك تباين ضئيل في المواد المقدمة ولكنها على أية حال لاتختلف من حيث المبدأ ومن أنها توزع في موسم محدد وأيام محددة وهذا يدل على ان هناك ترابط بين الفعلين وإن يصر ويسوق أسباب مختلفة لحرف السبب الحقيقي لهذه العادات.
شخصية باباعيشور
يختلف المغاربة في تسمية هذه الشخصية التي تعتبر من الموروثات المغاربية الاكثر شهرة في المغرب, فهي تتخذ أسماء حسب المناطق يقول الباحث مصطفى واعراب: أطلقت عليه القبائل الأمازيغية اسم أعاشور أو أبنعاشور, وفي بعض مناطق جنوب المغرب اسم حرمة و الشويخ بينما أطلقوا عليه بمناطق شمال المغرب (با الشيخ) في حين يعرف ب (عيشور) وبابا عيشور في وسط المغرب, تظهر هذه الشخصية خلال موسم محدد وهو موسم عاشوراء , وبالتحديد في العاشر من شهر محرم الحرام ,حيث يبدأ أطفال الأحياء السكنية فرادى وجماعات بالتجوال عبر الدروب والأزقة محملين بالطعارج (خاصة في الأحياء الشعبية)، حيث يطرقون أبواب المنازل مرددين أهازيج خاصة بهذه المناسبة لطلب حق (بابا عيشور) يتم كل ذلك في الأيام العشر التي تسبق يوم عاشوراء أي من اليوم الأول الى التاسع من محرم ، والتي يسميها المغاربة (بالعواشر).
وهي الطقوس التي نراها اليوم هي طقوس محرَّفة ومشوهة حيث كانت أيام عاشوراء تحيى سابقاً بطريقة مختلفة تماماً حيث كانت هذه المناسبة تخصص للصوم والذكر والابتهال إلى الله باعتبارها مناسبة دينية تخرج فيها الزكاة لتوزع على الفقراء والمحتاجين, وهذا دليل على أن مناسبة عاشوراء هي مناسبة مرتبطة بشعيرة دينية ذات دلالة تاريخية ورمزية عقائدية.
زمما يؤكد قولنا هذا هو الرأي الذي ذهب اليه الباحث الجزائري الدكتور مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، أن الاحتفال بمناسبة عاشوراء في المغرب له مظهران اثنان: سني وشيعي,
وبحلول ليلة العاشر من محرم، تتجمل النساء في معظم المناطق ويتزين بالحلي ويلبسن لباسهن التقليدي، ويخضبن شعورهن بالحناء، وكذا أيديهن وأرجلهن بها مع وضع شيء منها في أكف الأطفال وهن يرددن: (عيشوري عيشوري دليت عليك شعوري).وكلمة ( دليت عليك شعوري ترمز الى عادة عربية تتخذها النساء في أوقات الحزن وهي ترك الشعر متدلياً دون تصفيف أو ترتيب,والمظنون ان تجمل النساء هي عادة طارئة ودخيلة يراد منها تشويه طقوس الحزن وتحويلها الى طقوس فرح وأعتقد ان هذا العمل أدخل بعد سقوط الحكم الشيعي في بلاد المغرب, والدليل على ذلك أن بعض العاداة باقية ومتجذرة الى جانب تلك الدخيلة
وتخرج الشابات منهن إلى الأزقة متباهيات بأزيائهن وبجمالهن في مظاهر الزينة والبهاء وهن يضربن البنادر والطعارج مرددات: “هذا عاشور ما علينا الحكام أللا.. فعيد الميلود كيحكمو الرجال أللا...”، في إشارة إلى أن الرجال لا سلطة لهم على النساء والفتيات طيلة عاشوراء، مما يسمح لهن بالغناء والرقص ليال متتابعة، وعلى الرجال أن ينتظروا انتهاء شهر ربيع الأول، موعد الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، ليسترجعوا سلطتهم “المنتزعة” من لدن النساء..
ويقرن المغاربة عاشوراء بشخصية أسطورية يطلقون عليها “بابا عاشور”، ولا أحد يعرف أصل هذه الأسطورة التي تظهر في أهازيج الفتيات وهن ينقرن طعاريجهن المزركشة، ويهتفن: “هذا عاشور ما علينا الحكام أللا.”..
رأي الدين
من الملاحظ أن إحياء مغاربة اليوم لطقوس عاشوراء لم يعد كما كان لدى مغاربة أمس، حينما كانت هذه المناسبة تخصص للصوم والذكر والابتهال إلى الله باعتبارها مناسبة دينية تخرج فيها الزكاة لتوزع على الفقراء والمحتاجين.بل أصبحت عاشوراء اليوم فرصة للهو واللعب والولائم فقط بعيدا عن الدلالات الدينية والأبعاد التاريخية لها.وهو نوع من التشويه الذي لحق بها ولعل هذا التحريف هو تحريف ممنهج ومدروس لأعتقاد القائمين عليه أن هذه الشعيرة تعبر عن موروث ثقافي يمتد جذوره الى مذهب أهل البيت عليهم السلام.و
الدكتور مصطفى بن حمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، يعترف بذلك ضمنياً ولكنه لا يصرح بشكل واضح فيقول : أن الاحتفال بمناسبة عاشوراء في المغرب له مظهران سني وشيعي. ويتابع فيقول: أن أول مظهر يتميز به الاحتفال بعاشوراء في المغرب هو الفرحة والابتهاج بالمناسبة والدعوة إلى صيام يوم عاشوراء والإنفاق على الأهل والتصدق على الفقراء، أما ما عدا ذلك فإن المتحدث يعتبره مجرد طقوس شيعية لا أصل لها ولا سند شرعي.ولا أدري هل حدث الرجل نفسه كيف لم يستطع هو وغيره من إزالة مظهر غير شرعي لدى الناس ولماذا يقدم الناس على عمل غير شرعي فهل هذه مخالفة شرعية متفق عليها ام ان هناك شئ آخر لايمكن البوح به وهو ان هذه المظاهر والشعائر ليست وليدة الفراغ بل هي وليدة ثقافة متجذرة و راسخة,اعتقد أصحابها ان من يقوم فهو يتقرب الى الله سبحانه وتعالى , لن المل هو بالاساس عمل ديني عقائدي وليس ترف ولهو. وإذا كانت هذه الشعائر لا تستند الى دليل شرعي فهل الفرح والابتهاج بها يستند الى دليل شرعي ؟ مع تسليمنا بالقول ان النبي رأى اليهود يصومون عاشوراء , ولو ان هذه الرواية تسئ الى مقام النبوة حيث تعطي إنطباعاً ان النبي لا يعلم اخبار من سبقه من الرسل وانه إقتدى باليهود مع القرآن يصرح أنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى.
يتبع في الحلقة القادمة عن الجزائر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.