برشلونة يُجدد عقد لامين جمال حتى 2031 ويؤكد تمسكه بموهبته الصاعدة    فاتح ذي الحجة بعد غد الخميس وعيد الأضحى يوم السبت 7 يونيو 2025    تفكيك شبكة تزوير وابتزاز تستهدف مغربيات بمليلية المحتلة    إشبيلية يهزم الوداد وديا وبونو يحظى بتكريم خاص في الدار البيضاء    مجلس المستشارين يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية    أخنوش : مليون شخص تفوق أعمارهم 60 سنة استفادوا من دعم اجتماعي شهري    د. الحسن عبيابة في ندوة حول " العيون عاصمة المجتمع المدني".. ويتساءل ؟: من أين جاءت البداية … ؟ !    حريق يلتهم 30 هكتارا ضواحي طنجة.. الرياح تعقد مهمة فرق الإطفاء    غيابات وازنة في قائمة الركراكي لوديتي تونس والبينين    المغرب وسوريا يطويان صفحة الخلاف بإغلاق مكتب "البوليساريو" في دمشق    بعد شكاية من وزير الداخلية.. إدانة برلماني معروف ب4 سنوات حبسا نافذا    اختراق دبلوماسي مغربي في العمق الإفريقي يُضعف أطروحة الانفصال    نفقات الأحزاب السياسية لسنة 2023 بلغت 91,37 مليون درهم    خريصي: الإنسان المعاصر أداة في يد نظام اقتصادي يوجهه للاستهلاك ويجعل وجوده استعراضيا    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    هل تنتظر المغاربة عقوبات بسبب ذبح الأضاحي؟    نشرة انذارية : زخات رعدية قوية بعدد من مناطق المملكة    المبارتان الوديتان ضد تونس وبنين فرصة جيدة لتأكيد الخيارات قبل كأس أمم إفريقيا (وليد الركراكي)    بعد أيام من دعوة الفريق الاشتراكي لحضور مديره للمساءلة حول السياسة المالية للمؤسسة ..ONEE يقترض 300 مليون أورو في ظل مديونية جد ثقيلة تفوق 100 مليار درهم    السلفادور تجدد دعمها للوحدة الترابية للمغرب وتدرس فتح قنصلية لها في مدينة العيون    العيون: افتتاح مركز لمعالجة طلبات التأشيرة نحو فرنسا    الأحمر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    بوعياش تبرز تحديات الذكاء الاصطناعي    السعودية: عيد الأضحى الجمعة 6 يونيو    مؤسسة محمد السادس تحتفي بتميّز أسرة التعليم في الشعر بعدة لغات    "تمويل أخضر" جديد يعزز التزام مجموعة الفوسفاط بالاستدامة والابتكار    "الكاف" يكشف عن الملاعب المستضيفة لمباريات كأس الأمم الأفريقية للسيدات بالمغرب    في حلقة جديدة من برنامج "مدارات ": لمحات من سيرة العلامة المحقق المرحوم عبد الله المرابط الترغي.    كلية الآداب والعلوم الإنسانية بني ملال تستضيف الإعلامية حنان رحاب    حاجيات البنوك من السيولة تتراجع إلى 118,7 مليار درهم خلال أبريل 2025 (مديرية)    الركراكي يعلن ثقته في تتويج المغرب بكأس إفريقيا: "حكيمي سيرفع الكأس"        موجة حر مرتقبة.. طبيب ينبه للمضاعافت الصحية ويدعو لاتخاذ الاحتياطات    الركراكي: تلقينا اتصالات من الأندية من أجل ترك لاعبيهم واخترت فاس لأن المنتخب لم يلعب هناك ل16 سنة    يوعابد ل"برلمان.كوم": موجة حر قياسية وغير مستقرة مرتقبة هذه الأيام بالمملكة    مبيعات "تيسلا" تتراجع إلى النصف في أوروبا    تزامناً مع موجة الحر.. الدكتور حمضي يكشف عن إجراءات مهمّة لتجنب المخاطر الصحية    تراجع أسعار النفط وسط ترقب احتمال زيادة إنتاج "أوبك+"    الصين تعزز حضورها الاقتصادي في سوريا عبر استثمارات ضخمة بالمناطق الحرة    36% من مستفيدات برنامج التمكين الاقتصادي للنساء من العالم القروي    حقيقة صفع ماكرون من طرف زوجته بريجيت..    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    دراسة: الموز يساعد على خفض ضغط الدم بشكل طبيعي    الصين تكشف عن مخطط عمل لسلاسل الإمداد الرقمية والذكية    معرض الصين الدولي للسياحة 2025: المغرب يستكشف أكبر سوق سياحي في العالم    التهراوي: تسجيل تراجع بنسبة 80 في المائة في عدد حالات الحصبة بفضل حملة التلقيح    الحرب الأوكرانية.. الهوية الدينية مفتاح الحرب والسلام في الدول الأوروبية    منها طنجة.. التلفزيون الأيرلندي يحتفي بالمطبخ المغربي ويجوب عدداً من المدن    حاجة المغرب اليوم إلى رجال دولة صادقين    اختتام فعاليات الدورة الثالثة عشر من المهرجان الدولي لفروسية "ماطا" على وقع النجاح الكبير    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    حكيم شملال: توحيد ألوان الناظور تهديد للروح الجمالية للمدينة    جامعة ما قبل الرأسمالية    عرض مسرحية "توغ" بالناظور    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    









الحكام العرب أيضا يغضبون ولكن!.
نشر في مرايا برس يوم 10 - 04 - 2010

في غضبة قوية دعا الزعيم الليبي معمر القدافي إلى إعلان الجهاد ضد دولة سويسرا التي اعتبرها " دولة كافرة فاجرة تمنع بناء المساجد وتحارب الإسلام"، غضبة من حدتها وشدتها فاجأت الجميع، خاصة وأنه لم يسجل في العقود الأخيرة أية غضبة مثلها لأي حاكم عربي على الإطلاق، حتى اعتقد البعض أن الحكام العرب صنف خاص من البشر لا يغضب أبدا.
الانطباع بكون الحكام العرب من الصنف الذي لا يغضب رسخته أحداث ووقائع مرت على الأمة العربية والإسلامية قابلها الحكام بضبط رهيب للنفس، وبأعصاب ليست باردة، وإنما مجمدة، فقد هددت مقدسات الأمة غير ما مرة، حتى أن المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، أصبح بسبب الحفريات والمؤامرات الصهيونية والتواطؤ الغربي، مهددا بالانهيار في أية لحظة، وذبح أطفال ونساء وشيوخ فلسطين على الهواء مباشرة، وفي مسلسل شبة يومي لم تنته حلقاته بعد، بكل أنواع الأسلحة المحرمة والمباحة دوليا، حتى أن أجساد الفلسطينيين، الإخوة في العروبة ومعظمهم في الدين أيضا، أضحت مختبر تجارب لأحدث ما تنتجه مصانع الأسلحة الغربية، التي تعتبر دولها، من أمريكا إلى بريطانيا، من أكبر أصدقاء حكامنا، كما استعمر العراق، أرض العروبة، وعاصمة الخلافة العباسية، بعد غزو غربي همجي، تلا حصارا شاملا دام 12 سنة، حكم بالإبادة على ما يناهز مليون طفل عراقي، وانتهى الغزو باقتياد صدام حسين، أحد زملاء الحكام العرب إلى المشنقة ليلة عيد الأضحى، في استخفاف كبير بمشاعر العرب والمسلمين ،حاكمهم ومحكوميهم، كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد زميل لهم آخر، ويتعلق الأمر بالرئيس السوداني عمر البشير؛ أحداث جسام لم تحرك شعرة غضب واحدة في رأس أي حاكم عربي، حتى أن العلاقات مع الكيان الصهيوني المقيت بقيت على حالها، ناهيك عن العلاقة بدول الاستكبار العالمي الداعمة لهذا الكيان اللقيط، والحاضنة له ولإجرامه.
أحداث كهاته كانت، لو كان الحكام العرب يملكون ذرة واحدة من نخوة المعتصم، الذي هدد بإرسال جيش لا يرى أوله من آخره، انتقاما لشرف، ولعرض امرأة مسلمة واحدة، كانت ستدفعهم إلى التهديد على الأقل بالانسحاب من الأمم المتحدة، التي أعطت الشرعية لإقامة دولة صهيونية على أرض فلسطين، وتقف مكتوفة الأيدي أمام جرائمها في الأرض والبشر والشجر، وتعجز بسبب سيف "الفيتو" الأمريكي المرفوع دائما دفاعا عن دولة الصهاينة المجرمين، عن إصدار أي قرار يدين جرائم الكيان الصهيوني، وحتى إن فعلت بشكل محتشم، كما وقع مع جريمة مخيم جنين، فإن قرارها لا يقابل إلا بالاستخفاف من حكام صهيون، كما كانت ستجعلهم يلوحون بمقاطعة دول الاستكبار العالمي المتواطئة مع الإرهاب الصهيوني، وبقطع النفط عن أسواقه، ما دام أنرأسمالية النظام الغربي لا تعترف إلا بالمصالح الاقتصادية، ولم لا التهديد بإعلان الجهاد، والتراجع عن القرار المشؤوم لقمة منظمة المؤتمر الإسلامي بدكار 1992، الذي ألغى الجهاد بشكل رسمي ونهائي من خيارات المنظمة.
غضبة القدافي للأسف لم تأت غيرةعلى حرمات الأمة ومقدساتها، ولا دفاعا عن الإسلام ومساجده كما زعم، ولا ردا على الإهانات والظلم الذي يطال الإسلام والمسلمين بطول الأرض وعرضها، ولكن انتقاما لكرامة ابنه "هنعبل" التي مرغها السويسريون في التراب بعد احتجازه واستنطاقه على إثر سوء معاملته لخادمه وزوجته المغربين المسلمين، وبعد أن أصدرت سويسرا قرارا يمنع مجموعة من الليبيين ومنهم القدافي وأفراد من عائلته من دخول أراضيها، وبالتالي حرمانهم من دخول كل دول منطقة "شنغن" الأوربية، هنا بالذات تحركت خلايا الغضب في رأس القدافي وثارت ثائرته وتذكر مصطلح الجهاد.
لقد أخطا إذا من ظن أن الحكام العرب لا يغضبون مطلقا، فقد تبين بالملموس أنهم يغضبون لأنفسهم وأبنائهم، وربما لقططهم وكلابهم، فهم لا يغضبون فقط، ويمتثلونلنصائح الغرب، وأصدقائهم في أمريكا وفرنسا وبريطانيا بضرورة التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، إذا انتهكت حرمات أمتهم وأوطانهم، وفي مقابل الغطرسة الصهيونية التي لا تراعي في حاكم ولا محكوم عربي مسلم إلا ولا ذمة.
ومهما يكن فقد أظهرت غضبة القدافي، أن للغضب مفعوله، إذ مباشرة بعد أن قرر منع الأوربيين من دخول ليبيا ردا على الإجراء السويسري، سارع الاتحاد الأوربي إلى إلغاء القرار السويسري، والسماح للأشخاص المدرجين على اللائحة السويسرية السوداء بدخول منطقة "شنغن" بكل حرية، وتخلى عن بلد عضو فيه، وعن بند من معاهدة التنقل الحر بين بلدانه، كما أظهرت هذه الغضبة كم نحن محتاجون لمزيد من الغضب الشعبي والرسمي في أوطاننا وأمتنا، فعلى الأقل إن كان الغرب يمتلك أسلحة الدمار الشامل ويمنع غيره من امتلاكها، فلنهدده نحن بالغضب العربي والإسلامي الشامل، فلن يستطيع أحد أن يمنعنا منه، وربما نعيد لأمتنا بالغضب ما عجزنا عن استرداده بالحرب والمفاوضات والاستجداء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.