مما لاشك فيه أن شخصية الملك الراحل الحسن الثاني كانت بالغة التركيب, ,فالشخص ذاته-أي الحسن الثاني- إذا أحب بدا حبه متدفقا، أما إذا غضب فلا أحد يتوقع ما الذي سيفعله. الحسن الثاني، كان رجل دولة يعرف جيدا كيف يسيطر على إحساسه في مواجهة شخصية ما، وفي نفس الآن إنسانا عاطفيا يترك المساحة الأكبر لشعوره في تقييم الأشخاص، حيث كان إنسانا لا يستطيع أحيانا إخفاء حبه وكراهيته على حد السواء. حينما سئل الحسن الثاني مرة عن وضعيةأبراهام السرفاتي قائدا منظمة (إلى الأمام) اليسارية والذي حكم عليه بالمؤبد سنة 1975 بتهمة الإخلال بالأمن العام، والتشكيك في مغربية الصحراء المغربية ،أجاب الملك الراحل ببساطة إنه لن يخرجه من السجن لأنه مس المغاربة في وطنيتهم، وهو يخشى عليه من المواطنين المغاربة الذين سيعتدون عليه لأنهم لا يقبلون بالتشكيك في مغربية الصحراء، كما يحكي الصحافي المخضرم خالد الجامعي، كيف أنالملك الحسن الثاني وزيره البصري إلى الجامعي وطلب منه لقاء في منزل الاستقلالي محمد الخليفة، وكان من بين المواضيع التي نبه إليها البصري بشدة أن الملك لا يريدهم أن يكتبوا عن السرفاتي فأجابه الجامعي "سنستمر في الكتابة عنه"، فأجابه البصري، " لا يتعلق الأمر لا بالسياسة ولا باليسار بصراحة الملك (ماكيحملوش)." بعدها بأيام سيتصل البصري ليخبر الجامعي "قال ليكم سيدنا كتبوا فاش ما بغيتوا …". الاتحاديون الكبار نالوا من حب مولاي الحسن، ولي العهد مطلع الاستقلال، بالقدر الذي نالوا به عدم حب ونفور الملك الحسن الثاني بعد وصوله إلى العرش، فالفقيه البصري أثناء نفيه بليبيا زاره صحافي مغربي كبير وتحدث معه عن وضعيته ثم عرض عليه العودة إلى المغرب، لكنه أجاب قائلا "مهما فعلت من مبادرات فهو لا يحبني، ليس بيننا ود وهذا أمر قديم". المؤكد أن الحسن الثاني لم يكن يحب اليازغي، فبعد وفاة الزعيم الاشتراكي عبد الرحيم بوعبيد في سنة 1992، عقد الملك الحسن الثاني لقاء مع النقابات بعدما كانت هذه الأخيرة أعلنت أنها بصدد الدعوة إلى إضراب عام، وحضر محمد اليازغي هذا اللقاء، وعندما بدأ الملك في الحديث أخذ اليازغي يدون في أوراق كلام الملك، فأوقفه الملك بحدة قائلا "لا تكتب سأعطيك تسجيلا بالفيديو لكل ما دار في هذا اللقاء"، وخلال أربعة أشهر من اللقاءات اليومية كان اليازغي يلتقي بالملك الحسن الثاني، وكلما تحدث اليازغي لا يرد عليه الملك. القادة الاتحاديون ظفروا بحب الملك واحترامه، فهو كان يقول عن عبد الرحيم بوعبيد إنه رجل دولة، وعلى العكس مما يتوقع البعض فقد كان الحسن الثاني لا يكره المهدي بن بركة، ولكنه عندما سئل عنه قال كنت أجده شخصيا مهيجا ومستفزا. الحسن الثاني لطالما عرف أيضا بكره العقيد معمر القدافي لكن الكراهية الخفية ستصبح معلنة في بداية السبعينيات، فمباشرة بعد أن تناهى إلى علم القذافي خبر انقلاب الصخيرات، أعلن تأييده للثورة في المغرب ول"الضباط الأحرار". وعندما استتبت الأمور للملك الحسن الثاني خطب في الشعب المغربي يخبرهم أن ليبيا تقف وراء هذه العملية، في محطات أخرى سيشتد التوتر بين الرجلين خصوصا عندما منع الحسن الثاني القذافي من المشاركة في المسيرة الخضراء. أو عندما أصر الملك الراحل على عرض أسلحة ليبية غنمتها القوات المسلحة في حرب الصحراء على التلفزيون المغربي. وتوج هذا التوتر بقطع العلاقات بين البلدين. علاقة الحسن الثاني بالامام الخميني لم تكن بدورها ا على مايرام ففي احتجاجات 1984 ستنتشر في المغرب منشورات قيل إن مصدرها من إيران تصف الحسن الثاني بالسفاك، ما جعله يقوم بربط دائم بين الخميني والإرهاب، الملك الراحل صرح ليومية "لوفيغارو" الفرنسية في حوار يوم 25 فبراير 1984 قال فيه "إذا كان الخميني مسلما فأنا لا أدين بالإسلام"، بعد أن كان قد وصفه خمس سنوات قبل ذلك ب"منحرف مارق، مادام يهدف إلى سلطة دينية (ولاية الفقيه) لم يعرفها الإسلام أبدا. وكل العلماء من الفيليبين إلى المغرب يرون هذا الرأي".. كان هذا الرأي سببا في قطع العلاقات الدبلوماسية المغربية الإيرانية سنة 1979.