علي لطفي/ الكاتب العام / ... لم يحقق الوطن ما كان منتظرا من الخوصصة من أهداف، كالعدالة الاجتماعية، وفرص الشغل، وتوزيع ثمار النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة المنظمة الديمقراطية للشغل تطالب حكومة بنكيران بإعمال السيادة من أجل إعادة تأميم" شركة اتصالات المغرب،"، أوشراء حصة" فيفاندي يونيفرسال" الفرنسية، والبالغة قيمتها 53% من رأسمال الشركة من طرف الرأسمال الوطني، أو تشجيع الرأسمال الوطني للانخراط في عملية شراء الحصة. تواصل الحكومة المغربية نهج نفس المقاربات الاقتصادية والمالية، وتسير عكس ما لجأت إليه العديد من الدول الغربية في مواجهة الآثار الكارثية للأزمة المالية العالمية، وفي مواجهة عجز الميزانية، بل، اختارت حكومة بنكيران سد الثغرات والعجز من جيوب الطبقات المتوسطة والفقيرة؛ التي أثقلتها بالضرائب، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، فضلا عن البحث عن موارد مالية أخرى عبر الافراط في الاستدانة، إن لم نقل بداية التفكير في خوصصة ما تبقى من المؤسسات الوطنية، بعد أن قامت الحكومات السابقة بتنفيذ برنامج خوصصة شامل، استجابة لضغوط، وإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وخاصة البنك الدولي، وصندوق النقد؛ لتغطية عجز الميزانية. هذا، وقد تم بالفعل بيع وتفويت عدد من القطاعات الاستراتيجية الوطنية؛ كعلاج ظرفي لأزمة لم يتوقف سرطانها، لم يحقق الوطن ما كان منتظرا من الخوصصة من أهداف، كالعدالة الاجتماعية، وفرص الشغل، وتوزيع ثمار النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، وظلت بعيدة كل البعد عن علاج حقيقي للتخلف، ولتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة؛ عبر مؤسسات وطنية اقتصادية، وصناعية، وفلاحية، وإنتاجية قوية، وظلت مواردها من ضرائب ومساهمة في التنمية غير واضحة، وبهذا لم تحقق عائدات الخوصصة أي زيادة فى معدلات التنمية، بل فقدت بلادنا أصولا مهمة كانت مملوكة لها؛ بسبب الرهان، والقمار حول موارد الخوصصة في معالجة المعضلات الاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا السياق، تعتبر شركة" اتصالات المغرب" إحدى أكبر وأهم القطاعات الاستراتيجية الوطنية الكبرى التي تمت خوصصتها، وبيع نسبة هامة من رأسمالها، وهي تحقق اليوم أرقام معاملات، وأرباحا قد تعادل، وتقارب أضعاف أضعاف المبلغ الذي بيعت به الشركة، والتي كان من الممكن أن تدر دخلا كبيرا لخزينة الدولة، تغطي بها احتياجاتها من العملة والعجز المزمن، وهو ما فوت على خزينة الدولة اليوم أموالا ضخمة تسعى الحكومة إلى جلبها من الخارج؛ عبر الاستدانة المفرطة، ورهن مستقبل الأجيال القادمة، وبفوائد ثقيلة، كان من الممكن تفاديها عبر تأهيل، وتقوية، وتعزيز دور، ومكانة، ومنافسة عدد من المؤسسات الوطنية الاستراتيجية. فالوضع اليوم يقتضي من حكومة بنكيران إعمال السيادة من أجل إعادة تأميم" شركة اتصالات المغرب"، أو شراء حصة" فيفاندي يونيفرسال" الفرنسية، والبالغة قيمتها 53% من رأسمال الشركة، من طرف الرأسمال الوطني، والاكتتاب، أو تشجيع الرأسمال الوطني للانخراط في عملية شراء الحصة، نظرا لما يقتضيه ذلك من ضرورة وطنية واستراتيجية، ولتحقيق مصلحة عامة للمجتمع المغربي في هذه الظرفية الاقتصادية المعقدة المتسمة بالأزمة، والتي تحتاج فيها بلادنا إلى الرأسمال الوطني، واستثماراته، والحد من سيطرة الاحتكارات، وحتى نفوت الفرصة على الجهات والشركات المتعددة الجنسية من السطو على قطاع استراتيجي مرتبطة بالسيادة الوطنية. ومن جانب آخر، تدعو المنظمة الديمقراطية للشغل إلى وضع تقييم شامل لبرنامج الخوصصة؛ بالاستعانة بخبرة المؤسسات الدستورية المستقلة، مثل المجلس الأعلى للحسابات، ومجلس المنافسة، عبر إعادة فتح ملفات الخوصصة، وتقييم مردوديتها، ومدى احترامها لدفتر التحملات والتعهدات، ومدى تنفيذها وإنجازها للاستمارات المقررة، ونسبة الأرباح والضرائب والمداخل المستحقة لخزينة الدولة، ومدى احترامها للتعهدات المتعلقة بالاستقرار الوظيفي والتشغيل، خاصة أن عددا كبيرا من العمليات المتعلقة بالخوصصة، شابتها خروقات، وتم تفويتها وبيعها في غرف مظلمة، وأحيانا بدرهم رمزي، كما أن عددا كبيرا من المستمرين لم يحترموا دفتر التحملات، وقاموا بانتهاك كافة القوانين، بما فيها شفافية التعاملات، وحقوق العمال. كما تدعو المنظمة الديمقراطية للشغل الحكومة المغربية إلى إعادة تأميم المؤسسات الاستراتيجية الوطنية التي تم بيعها بأثمان بخسة، وتوزيع غنائمها، ومحاربة الفساد والريع الاقتصادي، و إجراء حوارات معمقة حول المستقبل والنظام الضريبي الأمثل، وإلى صياغة أهداف تنموية جديدة تراعي الأبعاد الاجتماعية، والتحدي القائم في ظل عجز الميزانية والصعوبات التي تواجه بلادنا، فضلا على أن محاربة الفساد والنهب، هو إعادة النظر في ما جرى من تدمير لممتلكات الدول، تحت غطاء الخوصصة، والتفويت، والتدبير المفوض. هذا الأخير كان المثال الصارخ على نهب الثروات الوطنية، مقابل الاستثمارات الفارغة.