بنيونس شعبي / ... ماذا كانت تخسر الوزارة لو تدخلت، وأجرت تعديلات مناسبة إذا كان للمقرر السنوي الذي تعده وزارة التربية والتكوين في مستهل كل سنة دراسية لمختلف الأنشطة والإجراءات برسم سنة 2013-2014 إذا كانت له من سلبيات غير التوزيع الرديء للعطل، فهذا الإجراء وحده كاف لأن ينسف كل الجهود الإيجابية التي تضمنها . فلأول مرة في التاريخ الدراسي، توزع العطل الدراسية بشكل يعكس الغياب الواضح للبعد التربوي والإجتماعي، حيث أحدث ارتباكا على السير الدراسي، وفي ما يتعلق بهذه النقطة الأخيرة، فكلنا يتذكر كيف سارع الأساتذة إلى إجراء فروض المراقبة المستمرة للمرحلة الأولى، وعوض أن يحظوا بعطلة الدورة الأولى، بقيت الدراسة مستمرة، دون توصل المتعلمين بنتائجهم، مما أحدث ارتباكا في السير العادي والمعهود للدراسة، خصوصا بالسلكين الإعدادي والثانوي، وقبلها تفاجأ الأساتذة بضيق الحيز الزمني المخصص لعطلة عيد الأضحى، والتي حصرت في ثلاثة أيام فقط. فقد كان حكما قاسيا في حق أولئك الذين يشتغلون في أماكن بعيدة عن ذويهم وأهليهم، منهم من اضطر للسفر في أيام الذروة، ومنهم من فضل قضاء العطلة في مقر عمله؛ لأن بعملية حسابية للوقت الذي سيستغرقه سفرهم ذهابا وإيابا، نجد أنه يوازي ثلاثة أيام، علما أن موظفي القطاع التعليمي يتوزعون في جميع جهات البلاد، والوزارة بهذا القرار، تجاهلت ما لهذه المناسبة من رمزية دينية و اجتماعية، إذ هي المناسبة الوحيدة في السنة التي يلتئم فيها شمل الأسر المغربية، وقد أثار هذا الإجراء سخطا، واستياء في صفوف رجال التعليم، وعائلاتهم. مرة أخرى، تطل علينا عطلة فصل الربيع، وهي بالمناسبة تتزامن مع اعتدال الجو، وجمالية الطبيعة، وكلاهما عنصران يغريان بالسفر والاستجمام، إلا أن عملية التفتيت التي نهجتها الوزارة في حق العطل المدرسية، أفرغتها من محتواها، وأفقدتها معناها الاجتماعي والترفيهي عند الأساتذة والتلاميذ على حد سواء، فلأول مرة تقلص العطلة الربيعية إلى أسبوع فقط؛ بعدما كانت لاتقل عن أحد عشر يوما في الحدود الدنيا، لتصل إلى أسبوعين عند الحد الأقصى، كما هو الشأن في المنظومة التعليمية في فرنسا؛ حيث تشجعهم هناك على السفر خارج البلاد، وبالمناسبة، فإن توزيع العطل ليس عملا سهلا، إذ يجب أن يستحضر القائمون على إعداده البعد الاجتماعي، والبيداغوجي، والسيكولوجي، وحتى الاقتصادي، وأي تجاهل لهذه الأبعاد في كل القرارات التي تمس قطاع التربية والتكوين فسينعكس ذلك سلبا على المردودية التربوية والتعليمية، كما أن أي تجاوز لحق من حقوق الأستاذ، ولو كان حقه في الترفيه، إلا ويؤثر على حماسه ونشاطه داخل الفصل، فالأستاذ الذي لا تكفيه أيام العطلة للقيام بزيارة أهله، لايمكنه أن يتغلب على هذا الشعور بالإحباط عندما يستأنف عمله. انطلاقا من الأمثلة التي تطرقنا إليها، والتي عكست سوء التدبير للعطل المدرسية، خصوصا هذه السنة الدراسية 2013/2014، يتبين أن الإجراءات، والإصلاحات التي تنوي الوزارة القيام بها، بغرض تجاوز التعثرات، والإختلالات في ما يتعلق بالمنظومة التعليمية، يجب ان تصدر عن رؤية شمولية، وقد لا ينتبه القائمون على الأمر إلى أن بعض القرارات لها انعكاسات جانبية عند تنزيلها في الواقع، فلمَ لا تسارع بكل تواضع إلى إجراء تعديلات لتجاوز الثغرات؟، وهذا ما لم يحصل بعد، بالرغم من أن أصواتا ومقالات لم تتوقف عن الإشارة إلى سوء توزيع العطل المدرسية لهذه السنة. ماذا كانت تخسر الوزارة لو تدخلت، وأجرت تعديلات مناسبة، فالدساتير، وهي أرقى القوانين البشرية، يجري عليها التعديل، والتجاوز من حين لآخر، أم أن للقرارات الوزارية قداسة فوق الدساتير...؟.