الشبيبة التجمعية بطنجة تلامس منجزات وتحديات الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    بهدف تأهيله لاستقبال 4.4 ملايين مسافر .. هذه تفاصيل مشروع توسيع مطار طنجة    المنتخب الوطني يدك شباك نظيره الجزائري    مبابي يعلن رحيله عن باريس سان جيرمان نهاية الموسم    هل تحتاج الجزائر إلى المغرب لتطوير اقتصادها؟    "طاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تعلن عن حصيلة جديدة للإصابات بكوفيد-19    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    ثنائية الكعبي تقود أولمبياكوس إلى نهائي "كونفرنس ليغ"    توقع تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق منطقة طنجة    أمن طنجة يوقف خمسة أشخاص ينشطون ضمن عصابة إجرامية لترويج المخدرات والمؤثرات العقلية    قرار أمريكي يستهدف صادرات المغرب    الأمثال العامية بتطوان... (595)    الدراسة الطبوغرافية لأنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا تترجم فلسفة إفريقيا للأفارقة    امرأة مسنة تضع حدا لحياتها شنقا بالجديدة    نائب البكوري يعترف بالنصب ويتخلص من علبة أسراره بإسبانيا بتكسير هاتفه الشخصي    المالكي: لا ينبغي التسرع في إصدار الأحكام بشأن إصلاح التعليم    الأمم المتحدة تتبنى قرارا يدعم طلب العضوية الكاملة لفلسطين    المغرب يعلن حزمة جديدة من مشاريع الترميم والإعمار في المدينة المقدسة    وزارة الحج والعمرة السعودية تعلن عدم السماح بدخول المشاعر المقدسة لغير حاملي بطاقة "نسك"    البحرية الملكية تعترض مهاجرين سريين جنوب غرب طانطان    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    الاستعداد لأولمبياد باريس 2024 .. بنموسى يترأس جلسة عمل مع اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية    مزور: الاتفاقية مع شركة (أوراكل) تعزز مكانة المغرب باعتباره قطبا للتكنولوجيات الرقمية    بعد أن أفرغت الحكومة 55 اجتماعا تنسيقيا ومحضر الاتفاق الموقع بين الوزارة والنقابات من محتواها    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    نقابة "البيجيدي": آن الأوان لإيقاف التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا تجاوز 1.3 مليون سائح خلال أبريل الماضي    العثماني يلتقي إسماعيل هنية في قطر        غوتيريش يحذر من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية"    تنديد حقوقي بالحكم الصادر بحق الحيرش ومطالب بإطلاق سراحه واحترام حرية التعبير    بيع كتب ألفت عبر "تشات جي بي تي"… ظاهرة في "أمازون" تتيح تحقيق أرباح عالية    2900 مظاهرة بالمغرب دعما لفلسطين    تأشيرة الخليج الموحدة تدخل حيز التنفيذ مطلع 2025    نقابة تنبه لوجود شبهات فساد بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير    قرار جديد من القضاء المصري في قضية اعتداء الشحات على الشيبي    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    أخنوش يرد بقوة على تقرير مجلس الشامي: الحكومة تبدع الحلول ولا تكتفي فقط بالتشخيص    أخصائية التغذية ل"رسالة24″… أسباب عديدة يمكن أن تؤدي لتسمم الغذائي    أزْهَر المُعْجم على يَد أبي العزْم!    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    المدرب المخضرم بيليغريني يحسم الجدل حول مستقبل المغربي الزلزولي    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    معرض تلاميذي يحاكي أعمال رواد مغاربة    هل باتت إمدادات القمح بالعالم مهددة؟    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    المعرض الدولي للأركان في دورته الثالثة يفتتح فعالياته وسط موجة غلاء زيته واحتكار المنتوج    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    أصالة نصري تنفي الشائعات    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    بركان تؤمن بالحظوظ في "كأس الكاف" .. ورئيس الزمالك يؤكد صعوبة المقابلة    السعودية تختار المغرب باعتباره الدولة العربية الوحيدة في مبادرة "الطريق إلى مكة المكرمة"    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسفي و وثيقة المطالبة بالاستقلال
نشر في آسفي اليوم يوم 10 - 01 - 2016


بقلم سعيد البهالي
شكل تقديم وثيقة المطالبة باستقلال (1) المغرب عن فرنسا في 11 يناير 1944 ( 15 محرم 1363 ) من طرف الوطنيين المغاربة حدثا بارزا في مسار الحركة الوطنية المغربية, ولم يتمكن حزب الاستقلال من تقديم هذه الوثيقة إلا بعد أن ضم الى صفوفه قوى حية منها:
• الحزب الوطني الذي كان يضم المحترفين والعمال والتجار وجل النخبة المغربية المفكرة.
• رؤساء وكتاب وأعضاء جمعيات قدماء التلاميذ بفاس والرباط وسلا ومراكش والخميسات و وجدة
• شخصيات مهمة وبارزة في المجتمع المغربي مثل رجال الإفتاء وكبار الموظفين وأعضاء المحاكم وإدارة القرويين وأساتذتها وأساتذة التعليم الثانوي والابتدائي( 2)
كما شكل حدث تقديم الوثيقة قطيعة مع مرحلة المطالبة بالإصلاحات والمطالب المستعجلة تحت راية المستعمر , وبروز مرحلة جديدة قوامها الإعلان الصريح والواضح عن النية في معانقة الحرية والاستقلال , كما أن هذا الحدث الذي يعتبر منعطفا رئيسيا وأساسيا في تاريخ المغرب , هو خلاصة ناضجة لمجموعة من المحاولات السابقة ، (3) وقد شاهدت الإقامة العامة التي ذعرت عند ظهور وثيقة المطالبة بالاستقلال كيف تفاعل الشعب المغربي المتعطش للحرية مع هذه الوثيقة وتبناها , فركزت جام غضبها على الموقعين اعتقالا وتشريدا وتعذيبا , وبالتالي ساهمت من حيث لا تشعر في خلق الحدث الوطني , وكم من محنة في طيها منحة , فقد نزلت "وثيقة المطالبة بالاستقلال على الاستعمار البغيض نزول العقاب من السحاب ، ونزول النار من الشهاب ، فكانت الفترة الذهبية مناسبة كريمة تألقت فيها الوطنية وتلاحمت فيها العزمات ،وتبلورت فيها الخطب والكلمات ،وقدمت فيها مصلحة الوطن على كل شئ" (3أ )، ولقيت الوثيقة التي وقعها ستة وستون شخصية وطنية ( 8 من التجار الصناعيين , 5 من الفلاحين أو الملاكين العقاريين, 6 موظفين مخزنيين , 4 قضاة , 7 من أعضاء المهن الحرة , 10 من العلماء , 18 من رجال التعليم) (4) لقيت تعاطفا شعبيا عارما في المدن و البوادي , ومنها بالطبع مدينة اسفي المجاهدة التي كان لها الشرف في توقيع ثلاثة من أبنائها على الوثيقة وهم السادة :
• الفقيه عبد السلام بن علال المستاري ( 1319ه-1411ه//1900-1991)
• الفقيه محمد بن حدان بلخضير ( 1338ه 1421 ه// 1920-2000)
• الفقيه محمد بن الطيب البوعمراني (1326ه -1414ه /1909-1994)
ولقد كانت أسفي كغيرها من مدن هذا الوطن العزيز مسرحا لعدة انتفاضات ومظاهرات تأييدا للوثيقة / الحدث , وتأييدا للوطنيين الذين وقعوا على مضمونها نيابة عن الشعب المغربي (5) ويذكر الفقيه محمد الهسكوري (1960-1987)(6) في مذكراته أن الوطنيين باسفي توصلوا بمناشير تشرح أعمال ونوايا فرنسا منذ التوقيع على معاهدة الحماية , وكان الوطنيون يهدفون من وراء توزيع هذه المناشير القيام بعملية تعبئة شعبية شاملة توقعا لردود فعل الاستعمار, وقد كلفت الحركة الوطنية الفقيه محمد الهسكوري بجمع الوطنيين المخلصين من مدينة اسفي في بيته واقتراح عالمين يوقعان على العريضة التي ستسمى منذ ذلك اليوم بعريضة المطالبة بالاستقلال, وكان أول من وقع على العريضة على المستوى الوطني هو الحاج احمد مكوار ( 1310ه-1408//1892-1988) بمنزله بفاس , وهذه الوثيقة حررها الحاج عبد الوهاب الفاسي بخطه ،" ولما بلغت التعليمات مدينة اسفي لجمع التوقيعات الخاصة بعريضة المطالبة بالاستقلال ، اجتمع الوطنيون وتلا عليهم محمد البوعمراني نص الوثيقة ، وأعلن أنه يرشح السيد محمد بلخضير للتوقيع على الوثيقة ، وهو الذي يعتبره من علماء العصر الجديد وجيل الحاضر ، ان الإقدام على مثل هذا العمل كان أمرا عظيما لا يمكن التكهن بعواقبه وتداعياته ، سيما وأن العلاقات متأزمة بين إدارة الحماية من جهة والوطنيين من جهة ثانية "(علال ركوك نشرة التواصل عدد 90 صفحة 72 بتاريخ يونيو 2010) وفي الجمع الذي عقد بمنزل الفقيه محمد الهسكوري باسفي خطب الفقيه المجاهد محمد بن الطيب البوعمراني قائلا: "أيها الإخوان لئن كنا ضيعنا مناسبة مواتية بالأمس للمطالبة باستقلال بلادنا ...فها نحن اليوم أمام ظروف أخرى ينبغي ألا نفوتها , يجب أن نعتمد على الله تعالى ونستدرك ما فات " (6) وقد كان حضور الباعمراني مفاجئا , إذ كان قبيل الاجتماع بالبيضاء , وأكيد انه كان هناك ينسق بين وطنيي اسفي وباقي الوطنيين بالمراكز الأخرى , ويذكر الفقيه الهسكوري رحمه الله في مذكراته أن احد الحاضرين لهذا اللقاء سال الفقيه الباعمراني : هل أمريكا تؤيد مطالبنا؟ فأجابه الفقيه الباعمراني قائلا في قوة المؤمن المعتمد على ربه أولا وأخيرا : " معتمدون على الله تعالى , ومن أراد أن يوقع على العريضة فلينتظر إما النصر والفوز المبين , وإما الاعتقال أو النفي أو الموت في سبيل الله "(6) فهؤلاء العلماء الأجلاء والوطنيون المجاهدون كانوا يعتبرون العمل الوطني عملا في سبيل الله, لله درهم ما أطيب شمائلهم وما اجل أعمالهم , ويبدو من هذا النص أن هذا الاجتماع كان من اجل التوقيع على العرائض الموازية التي سيوقعها العموم وإلا فان أمثال الباعمراني والمستاري وبلخضير لن يسألوا عن دعم أمريكا أو غيرها , وبالفعل ثم التوقيع على عريضة المطالبة بالاستقلال بمنزل الوطني المجاهد احمد عثمان بندلة (1327 ه 1392/ 1909 1972 ) وهو من الوطنيين الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال , وتذكر بعض المصادر التاريخية أن احمد بنذلة كان مشرفا على عملية توقيع عريضة المطالبة بالاستقلال بمدينة سطات رفقة بعض الوطنيين (7) وهو ما يعني أن الوطنيين باسفي لم يكونوا منزويين على أنفسهم , وقد كان من الممكن أن يوقع الفقيه الهسكوري أيضا على الوثيقة لكن تم الاحتفاظ به ليتم تجنيده في معارك أخرى لا تقل أهمية ( 7أ) ( معركة التربية والتعليم الوطني أساسا)، " وفي نفس السنة كتبت عريضة باسفي لتأييد عريضة المطالبة بالاستقلال ، وقد قام بعرضها على السكان للتوقيع عليها الفقيه إدريس بناصر ومولاي محمد البوعناني والفقيه عبد السلام المستاري ، وقد كان سكان اسفي يتسابقون للتوقيع عليها حتى من قبل المتعاونين مع الحكام ، وأرسلت إلى مركز الحزب بالرباط "( علال ركوك : اسفي ومذكرات رجال الحركة الوطنية صفحة 89/90)، ولقد كان توقع الوطنيين في محله , إذ سلطت سلطات الحماية الفرنسية جام غضبها على الوطنيين الموقعين على العريضة سجنا وتعذيبا ونفيا وطردا من الوظائف , وعند ذلك عمت المظاهرات مختلف المدن المغربية حيث واجهها المستعمر بإطلاق الرصاص على المتظاهرين مما خلف مئات القتلى والجرحى واعتقال أزيد من خمسمائة ألف شخص من مختلف المدن المغربية (8) وقد كان الموقعون من مدينة اسفي على الوثيقة الرئيسية للمطالبة بالاستقلال (9) ثلاثة أشخاص من مجموع ستة وستين شخصية , أي أن أهل اسفي الموقعين على الوثيقة يمثلون 4, 6 %وهي نسبة عالية إذا قورنت بعدد سكان اسفي ونسبة انتشار الوعي الوطني ، وحرص الموقعون باسفي ان تكون توقيعاتهم ممثلة لأطياف المجتمع الاسفي (العلماء ، رجال المال ، الشباب المثقف)
وبموازاة العريضة الرئيسية تم التوقيع من قبل المواطنين على عرائض مؤيدة للعريضة الأولى ،وقد كان التوقيع يتم في المحلات التجارية والبيوت والأماكن العامة وتم تقديمها للقصر الملكي ،وفي هذا الصدد يحكي عبد الرحمان بن الشيخ (1915/1985) وهو من الفاعلين في هذا الميدان :" ...وأما العريضة المقدمة للقصر الملكي فكان الإمضاء عليها من طرف سائر أفراد الشعب ،وحملها الى القصر الملكي المرحوم علال عيلان ربطها على ظهره رحمه الله ، والسيد أحمد الطالبي والسيد زين العابدين الوزاني وعبد ربه عبد الرحمان بن الشيخ ....وفي اليوم الموالي تم استدعاؤنا من طرف رئيس المقاطعة المسمى (كونياك) وكان الاستدعاء يشمل من كان يحمل العريضة ويجمع الإمضاءات"(9أ)
حدث المطالبة بالاستقلال لم يكن حدثا مر في التاريخ وانتهى مفعوله , بل عملت الحركة الوطنية باسفي , وبعموم الوطن , على إحياء ذكراه في كل سنة لتبقى فكرة المطالبة بالاستقلال حدثا حيا في الأذهان , وشكلت ذكرى المطالبة بالاستقلال فرصة لمواجهة المستعمر وأذنابه , وفرصة للتعبئة وتوسيع قاعدة الحركة الوطنية , وهكذا شهدت مدينة اسفي في 11 يناير 1950 ( 21 ربيع الأول 1369 ه) بعد مرور ست سنوات على الحدث , مظاهرات صاخبة فرقتها قوات الاستعمار بهمجية , واعتقلت العديد من الوطنيين منهم الوطني احمد البوعناني الذي تم فصله من مهنة التدريس.
نبذة موجزة عن الشخصيات الموقعة على وثيقة المطالبة بالاستقلال من مدينة أسفي:
• الفقيه محمد بلخضير ( 1338-1421ه/1920-2000)
ولد بمدينة اسفي وبها تلقى تعليمه الأولي, ثم انتقل الى مدينة الرباط ليتم تعليمه الثانوي بثانوية مولاي يوسف, حصل على الباكلوريا سنة 1360ه/1941 وحصل على الإجازة في مادة الرياضيات , وقد درس بكل من فاس والجديدة وأسفي , انخرط في الحركة الوطنية والسلفية وهو في العشرينات من عمره , وقد كان عمره عندما وقع على عريضة المطالبة بالاستقلال 24 سنة , وبسبب موقفه الوطني هذا ثم طرده من وظيفته ( أستاذ مادة الرياضيات) وقد كانت سلطات الاستعمار تساومه على سحب توقيعه لكنه ضل ثابتا على موقفه الوطني , وكان قد انخرط في الحزب الوطني على يد الوطني محمد اليزيدي , وانتخب كاتبا لفرع حزب الاستقلال باسفي عام 1944 , وكباقي الوطنيين المناضلين تعرض للاعتقال والتعذيب , وهكذا القي عليه القبض سنة 1952 عندما دعت الحركة الوطنية باسفي الى تخليد ذكرى توقيع عقد الحماية (30مارس ) حيث شهدت مدينة اسفي إضرابا شاملا شل الحركة بالمدينة (عدم الذهاب للمدارس , إغلاق المحلات التجارية , الخروج للشارع للتظاهر...) توج ذلك بتدخل عنيف لقوات الاستعمار واعتقل العديد من الوطنيين من بينهم الفقيه محمد بلخضير , ثم اعتقل مرة أخرى سنة 1954 وانتقل بين عدد من سجون البلاد: الصويرة , الرباط, سطات , ..بعد الاستقلال عين باشا لمدينة اسفي إلا انه استقال سنة 1959 وتفرغ مرة أخرى للعمل الوطني , وافته المنية باسفي في جمادى الثانية 1421ه / شتنبر 2000 تاركا وراءه ماضي مليء بالأمجاد والنضال وحافل بالوطنية والتضحية.
*الفقيه عبد السلام بن الحاج علال المستاري(1319ه 1411/1900-1991)
ولد الفقيه عبد السلام المستاري بمدينة اسفي وتوفي بمدينة مراكش , تلقى علوم الدين بمسقط رأسه على يد نخبة من العلماء , انخرط في الحركة الوطنية وهي في بداياتها باسفي حيث كان عضوا مؤسسا -للطائفة- ( كتلة العمل الوطني) حسب ما أورده علال الفاسي في كتابه "عقيدة وجهاد"(10) , وتنظيم الطائفة كان له الفضل في إرساء لبنات الفكر الوطني , شارك بقوة في تظاهرات اللطيف عام 1930 احتجاجا على الظهير البربري ووضعه المستعمر تحت المراقبة ومنعه من مزاولة مهنة العدالة , وقع على عريضة المطالبة بالاستقلال وعمره 44 سنة , واعتقل مرة أخرى سنة 1953 غداة نفي محمد الخامس , واتهم بتدبير محاولة اغتيال محمد بن عرفة بمراكش ( مارس 1954) وبعد الاستقلال طالب أعيان اسفي بتعيينه قاضيا عليهم , وصفه الكانوني العبدي ب"الفقيه النبيه العدل الوجيه السيد عبد السلام بن الحاج علال بن محمد بن الحاج علال المستاري من خيار أهل العلم والفضل اخذ العلم باسفي عن أهله , ورحل لفاس فاخذ عن أهلها أيضا " (11) كان يلقي دروس الوعظ والإرشاد بمسجد أفنان مساهمة منه كباقي العلماء والوطنيين الفقهاء في تنوير الشعب ومحاربة الأمية الدينية والسياسية, كما كان رحمه الله خطيبا بنفس المسجد نيابة عن الخطيب العلامة احمد بن إبراهيم بنهيمة (12)
*الفقيه الحاج محمد بن الطيب الباعمراني (1326-1414هه/1909-1994)
هو احد أعمدة السلفية والوطنية بمدينة اسفي , ذو مقام علمي رفيع , وقدم في الوطنية والجهاد, ولد باسفي وتوفي بالبيضاء , تلقى تعليمه الأولي بمدينة اسفي وأكمل دراسته بالقرويين التي كانت تعج برموز السلفية والوطنية , حصل منها على أعلى الشهادات العلمية ( العالمية) , عاد الى مدينة اسفي وعمل بها على نشر الفكر السلفي والوطني , كان ممن قادوا حركة اللطيف للتنديد بالمستعمر ومخططاته واعتقل لمدة ثلاثة أشهر , انخرط في تنظيم "الطائفة " وكان عضوا مؤسسا لها ولم يقتصر نشاطه على ساحات مدينة اسفي , بل كان حسه الوطني والجهادي يفرض عليه الانخراط في القضايا الكبرى للبلاد , وقد ساهم في تأسيس كتلة العمل الوطني والحزب الوطني وشارك في تحضير دفتر مطالب الإصلاحات أو دفتر المطالب المغربية ( فاتح دجنبر 1934/ 23 شعبان 1353ه ) ووثيقة المطالب المستعجلة للشعب المغربي (25 أكتوبر 1936 / 9 شعبان 1355ه) ووثيقة المطالبة بالاستقلال (11يناير 1944/15 محرم 1365 ه ) , وكان من شاركوا في المؤتمر الأول لكتلة العمل الوطني المنعقد بالرباط يوم الأحد 8 شعبان 1355ه/ 25 أكتوبر 1936(13) وكانت له صلات واسعة مع الوطنيين في مختلف جهات المغرب.
لقد كان العلامة الفقيه محمد الباعمراني ( البوعمراني) يرى ما وصلت إليه حالة البلاد من تدهور وجمود فعمل على نشر الفكر السلفي والوطني ودعا الفقهاء الى نفض غبار الجمود , وكانت له مكتبة بجوار المسجد الأعظم بالمدينة القديمة عمل من خلالها على نشر المجلات والدوريات والكتب القيمة وزود بها غيره من الوطنيين , اعتقل عام 1932 بسب حيازته لمجلات مشرقية كانت سلطات الاستعمار تمنع دخولها للمغرب ؟؟ كما عمل على إصدار مجلة خطية اسمها "الدروس " و كون فرقة للتمثيل المسرحي تعمل على تقديم مسرحيات ذات البعد إسلامي ووطني ، بعد الاستقلال عين عاملا على إقليم اكادير (15)
هوامش
1 - تم تقديم نسخة من الوثيقة إلى الملك محمد الخامس و إلى المقيم العام الفرنسي "غبريال بيو " و إلى قنصليتي الولايات المتحدة و انجلترا و قنصلية الاتحاد السوفياتي بالجزائر
2 - المسار التاريخي في صنع وثيقة المطالبة باستقلال المغرب لسنة 1944 جريدة العلم عدد 19592 بتاريخ 11/01/2004 ص 06
3 - تم تقديم وثيقة المطالب المستعجلة للشعب المغربي من طرف كتلة العمل الوطني في أكتوبر 1936 شعبان 1355 و تتضمن مجموعة من المطالب منها : الحريات الديمقراطية و العدل و التعليم و الفلاحة و الضرائب و الصحة و قوانين الشغل .... المرجع نفسه .
3أ احمد بنشقرون :ذكرى 11 يناير 1944 مجلة دعوة الحق العدد 1 السنة 20 1979 ص 71
4 - محمد ضريف : الأحزاب السياسية المغربية ص 46 ط 1988 .
5 - لحسابات سياسية و اديولوجية لم يوقع على الوثيقة الحزب الشيوعي المغربي رغم أن بعض أعضائه وقعوا على العرائض الشعبية الموازية و من أبرز هؤلاء عبد السلام بورقية ، و كذلك لم يوقع حزب الشورى و الاستقلال .
6 - أنظر إبراهيم كريدية : الفقيه محمد الهسكوري ص 75 و ما بعدها
7 - لجنة الإعلام بحزب الاستقلال ، لائحة شرف : الموقعون على وثيقة الاستقلال . مطبعة المعرف الجديدة ص 78 نقلا عن المقاومة بالشاوية من خلال الرواية الشفاهية بحث لنيل الإجازة للطالب محمد لهويني كلية الآداب الجديدة 2002-2003 ص 20 .
7أ إبراهيم كريدية : الفقيه محمد الهسكوري ص 75
8 - جريدة العلم مرجع سابق
9 - كانت هناك عرائض موازية مدعمة للعريضة الرئيسية وقعها آلاف المغاربة .
9أ محمد بالوز اسفي زمن الحماية من خلال مذكرات عبد الرحمان بن الشيخ ص 80
10 - انظر كذلك أبو بكر القادري : ذكرياتي في الحركة .ج1
11 محمد بن احمد الكانوني : أسفي وما إليه ص 131
12 اعتمدنا في انجاز هذه الترجمة على : أسفي وما إليه ص131 والفقيه محمد الهسكوري ص54
13 ابو بكر القادري مرجع سابق
14 انظر علال الفاسي " عقيدة وجهاد " والقادري "مذكراتي في الحركة الوطنية "ج 1 وإبراهيم كريدية " الفقيه محمد الهسكوري "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.