رغم النجاح الذي حققه برنامج "طنجة الكبرى" في تحسين البنية التحتية للمدينة، إلا أن قطاع النقل الحضري لا يزال يواجه انتقادات حادة أسهمت في حصول المدينة على تقييم متدنٍ ضمن ملف الترشيح الثلاثي لاستضافة كأس العالم 2030. وفي التقييم الذي أجرته "الفيفا"، حصلت طنجة على 2.6 من 5 في قطاع النقل، لتحتل المركز الرابع بين المدن المغربية المرشحة بعد الدارالبيضاء التي تصدرت القائمة بتقييم 4.7 من 5، وهو الأعلى حتى بين مدن أوروبية مثل مدريد وبرشلونة. ويعكس هذا الأداء الضعيف تحديات بنيوية في قطاع النقل، حيث يعد أداء شركة النقل الحضري "الزا" أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في هذه النتيجة. ورغم أن شركة "الزا" تسير خدمات النقل في مدن إسبانية كبرى بمستوى يحقق رضا المرتفقين ويلبي حاجياتهم اليومية، فإن خدماتها في مدينة طنجة تُتهم بالتقصير والرداءة. ويشتكي سكان المدينة من قلة عدد الحافلات، ضعف التردد الزمني، وتغطية محدودة لأحياء عديدة، مما يزيد من الاعتماد على وسائل النقل الخاصة وغير الرسمية. وتشير العديد من المؤشرات، إلى أن النقل العمومي، الذي يُعتبر إحدى الركائز الأساسية في المدن الكبرى، لا يزال بعيدًا عن تلبية احتياجات سكان طنجة، خاصة مع الزيادة السكانية الناتجة عن تحسن جاذبية المدينة كمركز اقتصادي وسياحي. مشاريع مثل أنفاق رياض تطوان، بني مكادة، وكاسطيا، التي تجاوزت كلفتها 150 مليون درهم، ساهمت في تحسين انسيابية حركة السير في بعض المحاور الحيوية، لكنها لم تكن كافية لتعويض ضعف شبكة النقل العمومي. ويرى خبراء أن غياب تكامل بين النقل العام والبنية التحتية ساهم في استمرار الاختناقات المرورية، رغم التحسينات التي أُنجزت في إطار برنامج "طنجة الكبرى". وتواجه مدينة طنجة، التي أصبحت وجهة رئيسية للاستثمارات الصناعية والسياحية، تحديات متزايدة نتيجة الضغط المستمر على شبكة النقل. فالتوسع العمراني والاقتصادي للمدينة لم يواكبه تطوير منظومة نقل مستدامة، ما يطرح تساؤلات حول قدرة التخطيط الحضري على استشراف تداعيات هذا النمو. ويبرز التقييم السلبي من "الفيفا" أهمية إعادة النظر في الأولويات الاستراتيجية لقطاع النقل في طنجة. فرغم الإنجازات التي حققها برنامج "طنجة الكبرى"، يظل تحسين النقل العمومي ضرورة ملحة لتعزيز تنافسية المدينة وضمان استدامة تحولها الحضري، خاصة في ظل المعايير الدولية التي أظهرت فجوة كبيرة بين طنجة ومدن أخرى على الصعيدين الوطني والدولي.