مباراة أسود الأطلس والبنين بشبابيك مغلقة    كرة القدم/مباراة ودية.. اللقاء بين المغرب والبنين يقام بشبابيك مغلقة بعد نفاد التذاكر    توقيف شاب في طنجة بعد حادثة سير وفرار.. والأمن الوطني يتفاعل مع مقطع فيديو على مواقع التواصل    المغرب ضمن أكبر خمسة اقتصادات إفريقية في 2025    إيطاليا.. استفتاء شعبي حول تسهيل الحصول على الجنسية وحزب جورجيا ميلوني يدعو إلى المقاطعة    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية تعقد جمعها العام العادي    واتساب يختبر ميزة جديدة    "واتساب" يختبر ميزة جديدة تمنح مستخدمي "أندرويد" حرية الاختيار    صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تسجل رقما قياسيا    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي تتفوق على أنظمة الطقس التقليدية    كولومبيا.. إصابة مرشح رئاسي برصاصتين في الرأس خلال تجمع انتخابي    السعودية تفعّل مبادرة "إحرام مستدام" في موسم الحج    شبان جزائريون ينجون من رصاص جيش بلادهم على حدود السعيدية    مليلية تسجّل حالة جديدة من داء الكلب.. والجرو يُرجّح دخوله عبر بني أنصار    أنباء عن وفاة سجين جديد بسجن سلوان في أول أيام عيد الأضحى    شجار عنيف بحي بير الشيفا بطنجة ينتهي بتوقيف سائق سيارة نقل العمال    سفينة "مادلين" تقترب من قطاع غزة    الصين: اكتشاف أكثر من 100 موقع من العصر الحجري القديم شمال غرب البلاد    بعد 114 سنة على تأسيسه.. نادي بريشيا الإيطالي يتجه لإعلان إفلاسه    الدار البيضاء : العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل الربحة للمخرج رشيد محب    نيس تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات على خلفية تهديد كائناتها الحية    ترامب ينشر الحرس الوطني في لوس أنجلس لمواجهة احتجاجات ضد مداهمات تستهدف مهاجرين    صحيفة بريطانية: فاس جوهرة خالدة    الصين تخصص حوالي 6,26 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة من الكوارث    طقس الأحد: استمرار الأجواء الحارة بعدد من مناطق المملكة    نابولي يواصل مطاردة إلياس بنصغير    الغوسي: تعديلات المسطرة الجنائية قد تعيد ربط المتابعة في جرائم المال العام بالسلطة التنفيذية    الأسود يواصلون التحضيرات لمواجهة البنين    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    "الفيفا" تعتزم اعتماد تقنيات مبتكرة جديدة خلال منافسات كأس العالم للأندية    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    الملك محمد السادس يتوصل ببرقيتين تهنئة من عاهل المملكة العربية السعودية وولي العهد محمد بن سلمان    وفاة عبد الحفيظ أحتيت رئيس جماعة بني بونصار بالحسيمة يوم عيد الأضحى المبارك    رونالدو يعلن عدم مشاركته في كأس العالم للأندية    أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الأضحى ويقوم بنحر الأضحية نيابة عن الشعب    شركة طيران إسبانية توفر 10 آلاف مقعد عبر خطوطها نحو المغرب    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الأضحى بتطوان    برلمان أمريكا اللاتينية والكراييب يخصص استقبالا خاصا لوفد مجلس المستشارين    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    هولندا.. إغلاق مجزرة سرية وحجز عشرات الخراف خلال عيد الأضحى    سجل يا تاريخ !    اليوم العالمي لسلامة الأغذية نحو غذاء آمن وصحة أفضل    برشلونة تدعم مغربية الصحراء وتبرز جدية مقترح الحكم الذاتي    قناة إيطالية تشيد بالوثائقي المغربي "إشعاع مملكة" الذي تنتجه شركة "Monafrique Prodcom"    على هامش غياب الكاتب حسونة المصباحي    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    طوابير الحجاج في مكة لحلاقة الشعر يوم عيد الأضحى    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غزة: أيقونة الصمود وملحمة الخلود !
نشر في صحراء بريس يوم 31 - 08 - 2014

ليس بإرغام المقاومة الفلسطينية على الاستسلام للإرادة الإسرائيلية، تم وقف تبادل إطلاق النار بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. وإنما بوساطة مصرية، استنزفت جهودا عصية ومضنية، أعلن يوم الثلاثاء: 26 غشت 2014 عن توقيع اتفاق هدنة مفتوحة، يوضع بموجبه في مرحلة أولى، حد للاقتتال المأساوي الدامي، فتح المعابر الحدودية مع مصر وإسرائيل، لتيسير مرور البضائع والمساعدات الإنسانية ومعدات الإعمار، وتوسيع نطاق الصيد البحري قبالة ساحل غزة إلى ستة أميال بدل ثلاثة ...
وهكذا حطت الحرب الصهيونية المدمرة أوزارها، بعد مرور واحد وخمسين يوما من القصف العشوائي الأهوج، بالطائرات والصواريخ والدبابات المتطورة، حرب غير متكافئة بين قوة عسكرية لها من أحدث الأسلحة والمعدات الحربية، ما يجعلها قادرة على هزم أعتى الجيوش الدولية، في مواجهة مقاومة بإمكانيات بسيطة، لا تملك من سلاح عدا إيمانها الراسخ بعدالة قضيتها، وبعض الصواريخ ذات الصنع المحلي لإرهاب العدو وصد الهجمات الوحشية...
فبعد فشل الحصار اللئيم الذي استمر ثماني سنوات منذ 2006، واستنفاذ كل أساليب الابتزاز والاستنزاف والتجويع، حيث ظلت عمليات التهريب مستمرة بخفة، ولم تتوقف معامل الذخيرة ومصانع السلاح عن الاشتغال. ولما أحست إسرائيل بخيبتها في كسب رهان إفراغ المخازن والمستودعات، بث بذور الفرقة واليأس في النفوس، وإضعاف المقاومة وامتصاص حماسها، لجأ قادتها إلى إشعال فتيل هذه الحرب القذرة على القطاع، والتي خلفت وراءها أمام أنظار العالم في أشرطة موثقة، شهادات حية عن أفظع الجرائم ضد الإنسانية، وانعدام الأخلاق لدى قوة البطش الإسرائيلية، والمتمثلة حصيلتها الثقيلة بشكل إجمالي في: تدمير الأبراج والمدارس والمساجد والبيوت، وتسوية دور سكنية بالأرض على رؤوس أصحابها، أكثر من 600 ألف نازح، حوالي 2200 شهيدا من بينهم 600 طفل و200 امرأة، 11 ألف من الجرحى وذوي العاهات، فضلا عن الأعداد الكبيرة من المعتقلين واغتيال القادة البارزين...
ومع كل وسائل التجويع والترهيب والتعذيب والتقتيل، لم تستطع إسرائيل إسكات مكبرات الصوت، التي صدحت بالتكبيرات في جميع مساجد القطاع، ووقف إطلاق العيارات النارية في الهواء، وإخماد بريق الفرح في عيون الفلسطينيين أطفالا ورجالا ونساء وشيوخا، الذين حجوا بالآلاف في جموع حاشدة ومهيبة فور دخول الاتفاق المعلن حيز التنفيذ، للتباهي والتفاخر بما بدا لهم نصرا مبينا على العدو الغاشم، واحتفاء بما قدمته المقاومة من استماتة دفاعا عن الكرامة والشرف. فهل فعلا انتصرت غزة؟ سؤال يصعب الرد عليه حاليا. لن أكون أكثر تفاؤلا من أولئك الذين قالوا بأن المقاومة، استطاعت بفضل صمودها وتوحدها مع الشهادة، تحقيق ما لم تستطعه الجيوش العربية مجتمعة، ولا أكثر تشاؤما من المترددين الذين فقدوا كل بصيص أمل في كسر شوكة الاحتلال الإسرائيلي. بيد أنه يمكن القول بفخر واعتزاز، ورغم كل مخلفات التدمير وحصد الأرواح البريئة، إن للحرية ثمنها الباهظ. وإن المقاومة الفلسطينية الشجاعة تمكنت من إعادة اللحمة لشعب الجبارين ورفع رؤوس كل أحرار العالم، الذين هبوا لنصرتها واستنكروا ما أقدمت عليه الهمجية الصهيونية من إبادة جماعية. ومن رسم لوحة رائعة لملحمة العزة في قطاع غزة بدماء البررة الشهداء. ملحمة سيحفظ لها التاريخ ذكراها الخالدة، وسيظل صداها مجلجلا في الأرجاء يحكي أمجاد الشرفاء، ويلهب حماس الصناديد والأقوياء...
وهل حققت إسرائيل ما سطرته من أهداف؟ ما يعلمه الجميع، هو أنه في اليوم الموالي لوقف إطلاق النار، سارع السفاح بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، المتعطش دوما إلى سفك المزيد من الدماء وتقتيل الأبرياء، إلى محاولة تبرير هزيمته النكراء، بعقد مؤتمر صحفي مع وزير الدفاع موشي يعالون، ورئيس أركان الجيش بيني غانتس، وقال: " إن إسرائيل في مفاوضاتها لم تلب أي مطلب لحركة حماس، وإنها سترد مستقبلا بعنف أشد وأقوى على أي صاروخ يأتي من القطاع، وأن هدفنا على المدى البعيد هو تجريد المقاومة من أسلحتها وإخلاء قطاع غزة من الصواريخ" وهو ما اعتبره بعض المحللين اليهود، مجرد هروب إلى الأمام ورد باهت على احتفالات النصر، التي نظمتها حركة حماس في غزة، وأن مهندسي الحرب الثلاثة حاولوا إيهام الجمهور الإسرائيلي بالانتصار، غير أنهم لم ينجحوا في ذلك...
لقد ابتلي الشعب الفلسطيني بالاحتلال الإسرائيلي، الذي اغتصب أرضه، بقر بطون نسائه الحوامل وشرد أبناءه، وبما أن المنتظم الدولي وقف متفرجا على الغطرسة الصهيونية، بل ومباركا لها بالمال والعتاد خاصة راعيته الكبرى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد أن خذلته وتنكرت لحقوقه الأنظمة العربية، كان لزاما أن تظهر فصائل المقاومة لدحر المحتل ورفع قيود القهر والتسلط. وبروح الثبات المنبثق من أعماق الإيمان القوي بالحق في الحرية، خرج للمواجهة ورد العدوان الهمجي، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، أجبروا على حمل البندقية واعتماد صواريخ تقليدية، دفاعا عن الأرض والعرض...
المقاومة وعموم مكونات الشعب الفلسطيني، يدركون أكثر من غيرهم أطماع الدولة العبرية، المدعومة من لدن الدول الإمبريالية، المتمثلة في سعيها المتواصل إلى محاولة بسط نفوذها على الأراضي الفلسطينية المقدسة وخاصة منها قطاع غزة، لما يمثله من موقع استراتيجي هام. من أجل ذلك، أقسمت المقاومة الباسلة ألا تخنع أو تركع إلا لخالقها، وألا تسمح في شبر أوحبة رمل من ترابها المبارك، مهما كلفها الأمر من تضحيات. ومادامت عاقدة العزم على التصدي لكل المناورات الخسيسة، مؤمنة بقدراتها على الخلق والابتكار، فلا وجود لمفردة الهزيمة في قاموس كفاحها الطويل والزاخر بمترادفات النصر والتمكين، وسيظل العهد على ذلك تتوارثه الأجيال إلى يوم التحرير أو الاستشهاد...
فما الذي حققته المقاومة في مواجهة العدو؟ يكفيها فخرا أنها ساهمت في انهيار صناعة السياحة وتهديد الاقتصاد بالركود. واستطاعت بما اكتسبته من مهارات حربية، تمريغ كرامة الجيش الإسرائيلي في الوحل، من غير أن يقوى على ردعها، والحد من تسلل عناصرها عبر الأنفاق ومهاجمته، ما زرع الرعب في نفوس الإسرائيليين ونزوح المستوطنين. وتوفقت في صده عن التوغل في عمق تراب القطاع، مما أرغمه على الانسحاب والإبقاء على مدفعيته وطائرات (ف16) الأمريكية الصنع. ولأول مرة في تاريخ الصراع منذ احتلال أرض فلسطين سنة 1948، تمكنت من تطوير صواريخها للوصول إلى الحدود الشمالية والمدن الداخلية، وأن تصيب مواقع ومراكز عسكرية ومطارات ومفاعل ديمونا...
وبالنظر إلى ما أبدته المقاومة من نضج فكري وسياسي، وما قدمته من دروس في الالتحام، الصمود والجهاد، فإن الشعوب العربية الحرة، التي لم تتأخر يوما في مناصرة القضية الفلسطينية، مطالبة بالمزيد من الضغط على أنظمتها المتخاذلة، للاقتداء بنظيراتها في أمريكا اللاتينية ومحاصرة إسرائيل، بسحب السفراء ومقاطعة البضائع، للحيلولة دون استمرار حصارها وجرائمها البغيضة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، التواق إلى نسائم الحرية والعيش الكريم، بعيدا عن قيود الاحتلال وتدنيس المقدسات...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.