بتعليمات ملكية.. اجتماع بالديوان الملكي بالرباط لتفعيل تعليمات الملك محمد السادس بشأن تحيين مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    الأقاليم الجنوبية تحقق إقلاعا اقتصاديا بفضل مشاريع كبرى (رئيس الحكومة)    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    قضاء فرنسا يأمر بالإفراج عن ساركوزي    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    متجر "شي إن" بباريس يستقبل عددا قياسيا من الزبائن رغم فضيحة الدمى الجنسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة الأولى: رائد الفن "الملتزم" الفنان العالمي "مارسيل خليفة" يفتح قلبه ل"أكورا بريس"
نشر في أكورا بريس يوم 22 - 08 - 2013

مرة أخرى يطل علينا نجم الأغنية العالمية الملتزمة الفنان "مارسيل خليفة" من بوابة عروس الشمال مدينة طنجة، بعدما أحيى سهرتين، الأولى يوم الجمعة بمدينة مرتيل، والثانية يوم السبت بطنجة، وكان حفله ناجحا قياسا بالجماهير الكثيرة التي جاءت خصيصا لحضور حفله المتميز، خاصة أن مارسيل يعتبر من أكثر الفنانين العالميين شعبية بالمغرب والوطن العربي، نظرا لإعجاب الناس الشديد بأغانيه التي تحمل في طياتها رسائل معبرة، فموسيقاه هي موسيقى الحياة، موسيقي الفرح، والغضب، موسيقى الثورة، والألم، وأيضا الأمل..
وبعدما ألهب رفقة نجليه رامي وبشار مدينة البوغاز وجماهيرها المتعطشة لهذا الفن الراقي أبا إلا أن يفتح قلبه لمتتبعي موقع "أكورا بريس" ويطلعهم بأسرار حصرية عن حياته الموسيقية وعلاقته بالجمهور، إضافة إلى مواضيع أخرى...ونظرا لطول اللقاء ارتأينا تقسيمه إلى ثلاث حلقات..
الحلقة الأولى:
مارسيل خليفة يبحث عن المصالحة بين الوجدان الشعبي والموسيقى:
يقول مارسيل:
من موسيقَى الثوْرَةِ إلَى ثوْرَةِ الْمُوسِيقَى، عبرَ تارِيخٍ طوِيلٍ، مِنَ التَّنَوُّعِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ، لِتَنْتَصِرَ الْمُوسِيقَى وَالْقَصِيدَةُ فِي تَلاحُمٍ دَافِئٍ.. نتَعَلَّمُ مِنْ جَدِيدٍ كَيْفَ نَحْمِي الْمُوسِيقَى مِنَ الْفَضِيحَةِ، لأَنَّنَا سَنُخَاطِبُ فِي النَّاسِ إِرَادَةَ الْحَيَاةِ وَالْعَطَاءِ.
كَيْفَ نَسْمُو بِالْجَمَالِ إِلَى حَيْثُ يُؤَسِّسُ النَّاسُ وَطَنًا بَدِيلاً، يُعَوِّضُهُمْ عَنْ حِرْمَانِ الْوَطَنِ... أُرَابِطُ الْيَوْمَ مَعَ رَامِي وَبَشَّار لِنُدَافِعَ عَنْ حُرِّيَّةِ الأَجْنِحَةِ. وَرُبَّمَا سَيُحَقِّقُ هذَا اللِّقَاءُ الْمُصَالَحَةَ، بَيْنَ الْوجدَانِ الشَّعْبِيِّ الْعَامِّ وَبَيْنَ الْمُوسِيقَى، لِنَنْتَقِلَ إِلَى سُدَّةِ التَّجْرِيبِ الَّذِي يَسْتَسِيرُ حَاسَّةَ التَّأَمُّلِ.
حِوَارٌ بَيْنَ الْمُوسِيقَى وَبَيْنَ الْقَصِيدَةِ وَبَيْنَ صُوَرِ الْحَيَاةِ، فِي تَألِيفٍ مُتَنَوِّعٍ، يُنْتِجُ بَسَاطَةً وَعُذُوبَةً
فِي كُلِّ عَمَلٍ جَدِيدٍ نَبْدَأُ مِنْ صِفْرٍ، كَمَا لَوْ أَنَّنَا لا نَعْرِفُ شَيْئًا. وَكُلُّ مُحَاوَلَةٍ هِيَ قَفْزَةٌ فِي الظَّلامِ. سَتَكُونُ الْحَفْلَةُ مُشَاغِبَةً غَرِيبَةً، فَاجِرَةً صَادِقَةً، وَقِيمَتُهَا تَكْمُنُ فِي تَمَرُّدِهَا.
نَرْتَكِبُ أَخْطَاءَنَا الْفَاتِنَةَ وَالْخَاصَّةَ، وَهذَا مِنْ شُرُوطِ الْعَمَلِيَّةِ الإِبْدَاعِيَّةِ... أَنَا مَعَ الْمُوسِيقَى الَّتِي تَخْلُقُ الشَّكَّ وَتَدْعُو إِلَى مُرَاجَعَةِ الذَّاتِ، تَعْرِيَةِ الذَّاتِ.
أَنَا مَعَ الْمُوسِيقَى الَّتِي تُشَكِّلُ فِعْلَ مُشَاغَبَةٍ، عِصْيَانًا وُجُودِيًّا، نَزْعَةً حَادَّةً لِلإِفْلاتِ مِنَ الْقَطِيعِ، دَعْوَةً لِلآخَرِينَ لارْتِكَابِ الشَّغَبِ نَفْسِهِ، صَرْخَةً جَرِيئَةً مِنْ أَجْلِ الْحُرِّيَّةِ، لِنَشْتَبِكَ مَعَ هذَا الدَّوَرَانِ الْمُدْهِشِ الَّذِي يَحْدُثُ لِلْعَالَمِ، وَإِنْ لَمْ نَكُنْ مُنْخَرِطِينَ فِعْلِيًّا فِي الشَّغَبِ الَّذِي لا بُدَّ مِنْهُ.
لَنْ نَتَمَكَّنَ مِنَ الْمُسَاهَمَةِ فِي الإِجَابَةِ عَنِ الأَسْئِلَةِ الْمَطْرُوحَةِ، وَإِلَى التَّعْبِيرِ وَخَلْقِ الْحَوَافِذِ فِي لُغَةٍ جَدِيدَةٍ لِوَعْيِ حَرَكَةِ الْمُجْتَمَعِ وَالنَّاسِ... لَيْسَ ارْتِبَاطُ الْمُوسِيقَى بِبِيئَتِهَا وَبِالظُّرُوفِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، وَبِازْدِيَادِ الْوَعْيِ يُطَوِّرُهَا، بَلْ قُدْرَتُهَا عَلَى الاِغْتِنَاءِ مِنْ مُجْمَلِ الْفِكْرِ وَالتِّكْنُولُوجيَا الَّذِي تَخْلُقُهُ تَقَالِيدُ أُخْرَى، تَكُونُ أَحْيَانًا مُخْتَلِفَةً جِدًّا... هذِهِ الْعَمَلِيَّةُ تَأخُذُ طَابِعَ التَّبَادُلِ الْمُشْتَرَكِ.
العود وكسر القيود..التحام العود مع البيانو والايقاع
الْعُودُ سَيَكُونُ جَدِيدًا مَعَ البيَانُو وَالإِيقَاعِ، وَكَمَا كَانَ جَدِيدًا فِي "وُعُود مِنَ الْعَاصِفَة" أَوْ فِي "جَدَل" أَوْ فِي "مُدَاعَبَة" أَوْ فِي "كُونشِيرتُو الأَنْدَلُس" وَ"الْكُونشِيرتُو الْعَرَبِيّ". وَالْجَدِيدُ هُوَ التَّعْبِيرُ بِأُسْلُوبٍ فَنِّيٍّ جَدِيدٍ، يَتَّفِقُ مَعَ مُتَطَلِّبَاتِ تَطَوُّرِ الإِنْسَانِ فِي عَصْرِنَا.. وَلا مَرَّة أَغْلَقْتُ الْبَابَ عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ أَشْكَالِ تَطَوُّرِ التَّعْبِيرِ الْفَنِّيِّ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْمَلامِحِ الْخَاصَّةِ.
رَامِي وَبَشَّار، مُنْذُ صِغَرِهِمَا، كَسَرَا مَعَايِيرَ آلاتِهِمِ الْمُوسِيقِيَّةِ، لِتُصْبِحَ مِطْوَاعَةً إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، أَمَامَ إِغْفَاءَةِ الطُّفُولَةِ... لَقَدِ اكْتَشَفُوا بَاكِرًا مَسَاحَاتِ الصَّوْتِ وَجَمَالَ الْمُوسِيقَى. جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، مَدِينَتِهِمْ، بِقَلَقِهِمْ خَلْفَ آلاتِهِمْ فِي ذُرْوَةِ الاِنْدِمَاجِ السَّاحِرِ. وَطَقْسُ الْمُوسِيقَى صَعْبُ الْمِيرَاسِ، إِذَا لَمْ يَأتِهِ عَازِفٌ وَمُؤَلِّفٌ خَبِرَ تَقَلُّبَاتِهِ... مَيْلٌ وَجُمُوحٌ لِلتَّوَحُّدِ مَعَ الآلَةِ، بَعْدَ أَنْ ضَجَّتِ الذَّاتُ بِمَخْزُونِ صُنُوفِ الْمُوسِيقَى.
بِدُونِ شَكٍّ، لَيْسَ الأمْرُ سَهْلاً أَنْ تَنْعَقِدَ الْمُوسِيقَى عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْخَلْقِ وَالتَّمَكُّنِ، لَوْ لَمْ يَجِئ أَصْحَابُهَا مِنَ التَّمْرِينِ وَالْمَرْجَعِيَّةِ الْوَافِرَةِ... وَبِهذَا الْمَعْنَى، لا غَرَابَةَ أَنْ نُقَدِّمَ سَوِيًّا، فِي أُمْسِيَةٍ بَيْرُوتِيَّةٍ، بَاكُورَةَ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ، مِنْ تَألِيفِي وَتَألِيفِ رَامِي وَتَألِيفِ بَشَّار.
نَذْهَبُ إِلَى مَجْهُولٍ غَامِضٍ، نُحِبُّهُ غَامِضًا دَائِمًا، فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِنُطَوِّرَ لُغَتَنَا، وَنَحْمِيَهَا مِنَ التَّكْرَارِ وَالإِرْهَاقِ، بِثَقَةٍ مُتَبَادَلَةٍ، بِعَلاقَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ، مَعَ تَجَدُّدِ الذَّائِقَةِ وَالْعَصْرِ وَالزَّمَنِ وَالْحَدَاثَةِ وَالْمُعَاصَرَةِ، وَعَلَى قَابِلِيَّةِ حُضُورِ الْعَمَلِ، فِي زَمَنٍ غَيْرِ الزَّمَنِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ.
إِنَّ الإِنْسَانَ الْحُرَّ هُوَ الَّذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يُفَارِقَ ذَاتَهُ الضَّيِّقَةَ إِلَى الْمُطْلَقِ، كَمُسَافِرٍ جَوَّالٍ، وَالْحَيَاةُ تَكْتَسِبُ مَعْنَاهَا مِنْ تَحَقُّقِ هَذَا السَّفَرِ الْمُسْتَمِرِّ.
لَيْسَتْ لَدَيْنَا مُعْجِزَاتٌ، لَدَيْنَا مُخَيِّلَةٌ وَأَحْلامٌ وَحُرِّيَّةُ الأَجْنِحَةِ، وَلَيْسَ أَمَامَنَا سِوَى الذَّهَاب إِلَى الأُفُقِ الْبَعِيدِ، مَعَ الطُّيُورِ الْعَاصِيَةِ، لأَنَّ الإِبْدَاعَ تَوَغُّلٌ فِي غُمُوضِ مَا لا يُعْرَفُ. فَالْمَعْرُوفُ هُوَ مَا تَمَّ اكْتِشَافُهُ، وَصَارَ نَاجِزًا وَمُسْتَقِرًّا... نَخْرُجُ عَنِ الطَّوْقِ وَالطَّرِيقَةِ مَعًا، وَنَصْدُرُ عَنِ الْحَيَاةِ الأَكْثَرِ تَأَجُّجًا وَاتِّصَالاً بِالْمُسْتَقْبَلِ.
نُحَاوِلُ أَنْ نَكُونَ أَوْفِيَاءَ لِرِسَالَةِ ٱلْمُوسِيقَى وَنَنْقلَ بِوَاسِطَةِ ٱلْعُودِ لُغَةً مُوسِيقِيَّةً خَاصَّةً مِنْ سِحْرِ ٱلشَّرْقِ ٱلْقَدِيمِ وَرُومَانْسِيَّةٍ حَنُونَةٍ وَإِيقَاعِيَّةٍ صَاخِبَةٍ.
وَكُلُّ ذٰلِكَ لِرَفْعٍ مِنْ قَامَةِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلْعَرَبِيَّةِ. وَهٰكَذَا رُبَّمَا تَسْتَطِيعُ ٱللُّغَةُ ٱلْمُوسِيقِيَّةُ ٱلْعَرَبِيَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ أَنْ تَجِدَ مَكَانَهَا هُنَا وَهُنَاكَ فِي رِحَابِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلْحَدِيثَةِ وَٱلْمُرَكَّبَةِ.
اعترافات مارسيل حول علاقته بالجمهور..
أَعْتَرِفُ بِأَنَّنِي مَا زِلْتُ أَنْحَنِي وَأُصَلِّي لِهٰذِهِ ٱلْعَلاقَةِ ٱلْوَطِيدَةِ ٱلْقَائِمَةِ بَيْنَ ٱلْجُمْهُورِ وَبَيْنِي. وَأَعْتَرِفُ أَيْضًا أَنَّ ٱلْهَمَّ ٱلْمُوسِيقِيَّ مَا زَالَ يُوقِظُنِي لِلسَّهَرِ عَلَى ٱلْمَرْأَةِ ٱلطَّالِعَةِ فِي ٱلْبَالِ، وَعَلَى ٱلشُّهَدَاءِ. عِنْدَمَا يَذْهَبُونَ إِلَى ٱلنَّوْمِ أَصْحُو لأَبُوحَ مُوسِيقَى.
يَا أَصْدِقَائِي فِي هٰذَا ٱلزَّمَنِ ٱلصَّعْبِ ٱلَّذِي نَعِيشُهُ تَبْقَى ٱلنَّشْوَةُ ٱلْكُبْرَى فِي أَنْ نَجِدَ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ نَقُولَ – لا – فِي وَجْهِ هٰذَا ٱلْمَدِّ ٱلطَّافِحِ بِٱلْقَذَارَةِ وَٱلْقَسْوَةِ.
وَأَنْ نَحْمِيَ ٱلأُغْنِيَةَ وَٱلْمُوسِيقَى مِنَ ٱلْفَضِيحَةِ. وَخَارِج ذٰلِكَ قَدْ يَتَّسِعُ ٱلْوَقْتُ لِلْمُزَاحِ، لِلْحُبِّ، لِلْعِشْقِ، لِلْفَرَحِ، لِلْحُرِّيَّةِ، لِلْحَيَاةِ.
مارسيل يتحدث عن الْمُوسِيقَى..
فِي ٱلْمُوسِيقَى عَدَدٌ غَيْرُ قَلِيلٍ مِنَ ٱلْمَسَائِلِ ٱلْجِدِّيَّةِ تَخْتَلِفُ حِيَالَهَا وُجُهَاتُ ٱلنَّظَرِ، وَمِنْ أَهَمِّهَا قَضِيَّةُ ٱلتَّرَابُطِ وَٱلتَّأْثِيرِ ٱلْمُتَبَادَلِ بَيْنَ ٱلثَّقَافَاتِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ فِي ٱلشَّرْقِ وَٱلْغَرْبِ.
إِنَّ ٱلشُّعُوبَ ٱلَّتِي نَشَأَتْ عَلَى ٱلتَّقَالِيدِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ فِي ٱلتَّفْكِيرِ ٱلْمُوسِيقِيِّ، وَٱلشُّعُوب ٱلأُخْرَى، لا تَقِفُ عَلَى أَرْضِيَّةٍ ثَابِتَةٍ حِيَالَ مَسْأَلَةِ مَا يُسَمَّى ٱلتَّآلُف بَيْنَ نُظُمِ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلأُورُبِّيَّةِ وَغَيْرِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ، وَمَا يُسَمَّى بِٱلضَّرَرِ أَوِ ٱلْفَائِدَةِ، الَّذِي تُلْحِقُهُ بِٱلْمُوسِيقِيِّينَ فِي بُلْدَانِ ٱلشَّرْقِ مَنَاهِج ٱلتَّطَوُّر ٱلْمُوسِيقِيّ ٱلْبُولِيفُونِيّ، أَيْ تَعَدُّد ٱلأَصْوَات ٱلشَّامِل أَوِ ٱلْمُتَنَاسِق ٱلَّذِي تَتَّسِمُ بِهِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلأُورُوبِّيَّةِ.
أُشِيرُ هُنَا إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَقُولَةٍ نَامِيَةٍ بِٱلنِّسْبَةِ لِلثَّقَافَاتِ ٱلْعَرِيقَةِ وَٱلْعَظِيمَةِ لَدَى دُوَلِ آسيَا وَأَفْرِيقيَا وَأَمِيرْكَا ٱللاَّتِينِيَّةِ.
فَإِذَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْبُلْدَانُ مُتَخَلِّفَةً عَنِ ٱلْبُلْدَانِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ وَٱلْوِلايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ ٱلأَمِيرِيكِيَّةِ فِي ميدَانِ ٱلصِّنَاعَةِ، فَإِنَّ ٱعْتِبَارَهَا فِي مَجَالِ ٱلْفَنِّ بُلْدَانًا نَامِيَةً غَيْرُ صَحِيحٍ.
إِنَّنِي مُقْتَنِعٌ بِٱلْمُسَاوَاةِ ٱلْمَبْدَئِيَّةِ حِيَالَ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ فِي جَمِيعِ ٱلتَّقَالِيدِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ ٱلْوَطَنِيَّةِ ٱلْمُتَعَدِّدَةِ ٱلْوُجُوهِ، فِي جَمِيعِ مَا ٱخْتَزَنَ مِنْ ثَرْوَاتٍ فِي ٱلأَلْحَانِ وَٱلإِيْقَاعَاتِ وَٱلأَنْغَامِ ٱلَّتِي تَنْطَلِقُ مِنْ حَنَاجِرِ ٱلْمُغَنِّينَ ٱلشَّعْبِيِّينَ أَوْ تُؤَدِّيهَا ٱلْمَجْمُوعَاتُ ٱلْمُوسِيقِيَّةُ.
وَٱلْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ قَضِيَّةَ تَآلُفٍ وَعَدَمَ تَآلُفٍ بَيْنَ مُخْتَلَفِ ٱلنُّظُمِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، بَلْ كَيْفَ، وَبِأَيَّةِ أَسَالِيبَ تَحِلُّ مَسْأَلَةَ ٱلتَّرَابُطِ وَٱلتَّأْثِيرِ ٱلْمُتَبَادَلِ بَيْنَ ثَقَافَاتِ شُعُوبٍ تَخْتَلِفُ مِنْ نَاحِيَتَيِ ٱلْمَنْشَأ وَٱلْمَوْقِعِ ٱلْجُغْرَافِيِّ.
وَٱلْحَلُّ هُنَا فِي ٱلأُسْلُوبِ ٱلْمُوسِيقِيِّ لَدَى رِجَالِ ٱلْمُوسِيقَى: الْمُؤَلِّف، الْعَازِف، مُدَرِّس ٱلْمُوسِيقَى وَوَاضِع ٱلنَّظَرِيَّات.. وَمَسْؤُولِيَّتُهُمْ أَمَامَ ٱلْفَنِّ وَٱلإِخْلاصِ وَٱلإِبْدَاعِ.
الْخَطَرُ ٱلأَكْبَرُ هُوَ ٱلأُسْلُوبُ ٱلتِّجَارِيُّ ٱلْمُنْحَطُّ ٱلَّذِي يَغْزُو ٱلْعَالَمَ.
أُسْلُوبُ ٱلْحَطِّ مِنْ قِيمَةِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلإِنْسَانِيِّ ٱلْعَظِيمِ لَدَى كُلِّ شَعْبٍ. وَهٰذَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَمَلِيًّا إِلَى إِبَادَةِ ٱلْقِيَمِ ٱلْفَنِّيَّةِ ٱلْعَرِيقَةِ.. كَمَا أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَيْضًا مُحَاوَلَةُ عَزْلِ فَنِّ هٰذَا ٱلشَّعْبِ أَوْ ذَاكَ عَنِ ٱلتَّبَادُلِ ٱلطَّبِيعِيِّ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ لِلْمُكْتَسَبَاتِ ٱلإِبْدَاعِيَّةِ.
إِنَّ أَحَدَ ٱلأَشْكَالِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ لِتَطَوُّرِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلْوَطَنِيِّ لَيْسَ فَقَط ٱرْتِبَاطُهُ ٱلْمُبَاشَرُ بِبِيئَتِهِ وَبِٱلظُّرُوفِ ٱلاِجْتِمَاعِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ وَبِٱزْدِيَادِ ٱلْوَعْيِ لَدَى ٱلشَّعْبِ، بَلْ وَقُدْرَته عَلَى ٱلاِغْتِنَاءِ مِنْ مُجْمَلِ ٱلْفِكْرِ ٱلتَّقَدُّمِيِّ ٱلصَّحِيحِ مِنَ ٱلنَّاحِيَةِ ٱلنَّظَرِيَّةِ وَٱلتِّكْنُولُوجِيَّةِ، الَّذِي تُخَلِّفُهُ تَقَالِيدُ أُخْرَى تَكُونُ أَحْيَانًا مُخْتَلِفَةً جِدًّا.
وَهٰذِهِ ٱلْعَمَلِيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَحْمِلَ طَابِعَ ٱلتَّبَادُلِ ٱلْمُشْتَرَكِ، وَأَنْ لا تَتَحَوَّلَ إِلَى عَمَلِيَّةِ فَرْضٍ مِنَ ٱلْخَارِجِ.
بِٱلطَّبْعِ لا نُرِيدُ أَنْ تَسْحُقَ ثَقَافَةٌ ثَقَافَةً أُخْرَى. وَإِذْ نَرْفُضُ مَا يُرَوَّجُ فِي ٱلْغَرْبِ مِنْ مَذَاهِبَ حَوْلَ ٱلتَّمْيِيزِ ٱلثَّقَافِيِّ، لا نَسْتَطِيعُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَنْ نَنْصَاعَ لِلذَّاءَاتِ ٱلدَاعِيَةِ إِلَى ٱلْعَزْلِ ٱلْغَبِيِّ لِلنُّظُمِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ عَنِ ٱلآخَرِ، إِرْضَاءً لإِبْقَاءِ هٰذِهِ ٱلثَّقَافَاتِ كَمَا كَانَتْ مُنْذُ نَشْأَتِهَا ٱلأُولَى.
لِتُطَوِّر شُعُوبُ آسيَا وَأَفْرِيقيَا فُنُونَهَا، هِيَ ٱلَّتِي خَلَقَتْ ثَقَافَةً رَفِيعَةً مُحْتَرَمَةً وَفُولْكْلُورًا غَنِيًّا، وَلْتُتْقِنْ آدَاءَهَا ٱلْمُوسِيقِيَّ.
وَلٰكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ ذٰلِكَ، أَلاَّ تَصُمَّ آذَانَهَا حِيَالَ ٱلْمُنْجَزَاتِ ٱلْعَظِيمَةِ لِمُوسِيقَى ٱلشُّعُوبِ ٱلأُخْرَى.
وَأَيْضًا إِنَّ ٱلْمُوسِيقَى لَيْسَتْ فِي حَاجَةٍ لأَعْمَالِ صِيَانَةٍ مُوَجَّهَةٍ نَحْوَ عَزْلِ ثَقَافَةٍ عَنِ ٱلأُخْرَى، بَلِ ٱلْعَكْس، يَنْبَغِي لِلأُمَمِ ٱلَّتِي لا تَمْلِكُ وَسَائِلَ أَكْثَرَ تَطَوُّرًا لِنَشْرِ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، وَٱلَّتِي تَمْلِكُ وَسَائِلَ أَكْثَرَ تَطَوُّرًا لِنَشْرِ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، وَٱلَّتِي تَمْلِكُ أَخِصَّائِيِّينَ رَفِيعِي ٱلْكَفَاءَةِ أَنْ تُقَدِّمَ ٱلْمُسَاعَدَةَ لِتِلْكَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي رَزَحَتْ طِوَالَ قُرُونٍ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْمُسْتَعْمِرِينَ، وَٱلَّتِي لَيْسَ لَدَيْهَا إِمْكَانِيَّةُ تَطْوِيرِ ثَقَافَتِهَا ٱلْوَطَنِيَّةِ بِحُرِّيَّةٍ وَكَمَا يَلِيقُ بِهَا.
لٰكِنْ يَجِبُ أَلاَّ تَتَحَوَّلَ هٰذِهِ ٱلْمُسَاعَدَةُ إِلَى عُدْوَانٍ ثَقَافِيٍّ بَلْ تَبْقَى فِي إِطَارِ مُحَاوَلَةِ إِيجَادِ لُغَةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَخَلْقِ أَرْضِيَّةٍ جَمَالِيَّةٍ مِنْ أَجْلِ ٱلتَّأْكِيدِ وَٱلْحِفَاظِ عَلَى ٱلْقِيَمِ ٱلثَّقَافِيَّةِ ٱلْعَظِيمَةِ، تِلْكَ ٱلَّتِي أَبْدَعَتْهَا شُعُوبُ ٱلْعَالَمِ وَتِلْكَ ٱلَّتِي سَتُبْدِعُهَا لا مَحَالَة.
والموسيقى نُحِسُّ بها ولا نُصَنِّفُها، ولا نُطلِقُ عليها الأسماء والتَّقسيمات. كُلُّ هذا قَتلٌ لِمعنى الموسيقى.
والموسيقى هِيَ دائِمًا للتَّسلية إمَّا بالمعنى العميق، أي بالمعنى الرُّوحيّ والفكريّ، وإمَّا بطريقة أكثر سطحيَّة، وهناك أيضًا الموسيقى الَّتي تتحدَّى العقل، والموسيقى الَّتي تقتصر على إدخال السُّرور على النَّفس أو تُدَغدغ الآذان.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.