جيش الصين يبدأ مناورات حول تايوان    أمريكا تتعهد بتمويل مساعدات أممية    الإحصائيات تعترف للركراكي بالتميز    اتباتو يتتبع "تمرحل الفيلم الأمازيغي"    الكاميرون تتعادل مع كوت ديفوار        وسط قيود على المساعدات الإنسانية .. الأمطار تغرق خيام النازحين في غزة    صندوق النقد الدولي يدعو المغرب إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية دون المساس بشبكات الحماية الاجتماعية. ..أوصى بضرورة تعزيز المنافسة ورفع الإنتاجية والاستثمار في الرأسمال البشري    من واد غيس إلى الجماعات الهشة : عبد الحق أمغار يضع فلاحة الحسيمة تحت مجهر المساءلة البرلمانية    أخبار الساحة    كرة القدم نص مفتوح على احتمالات متعددة    اليوم بمجمع الأمير مولاي عبد الله .. المنتخب الوطني مطالب بالفوز على زامبيا للبقاء في الرباط وتبديد المخاوف    السودان تحقق فوزا مهما على غينيا الاستوائية في كأس إفريقيا    بحضور فوزي لقجع .. المنتخب المغربي يختتم الاستعداد لمواجهة زامبيا    جبال خنيفرة تلبس "الرداء الأبيض"    روسيا ‬وجمهورية ‬الوهم ‬‮:‬علامة ‬تشوير جيوسياسي‮ ‬للقارة‮!‬    بوصوف: المخطوطات "رأسمال سيادي"    المهدي النائر.. ريشة تحيي الجدران وتحول الأسطح إلى لوحات تنبض بالجمال    عبد الكبير الركاكنة يتوج بجائزة النجم المغربي 2025    السينما والأدب: الخصوصية.. والحوار الممكن    الأقمار الصناعية تكشف تفاصيل جديدة عن البنية المعدنية الخفية في الأطلس الصغير    أمن العروي يطيح بسائق سيارة أجرة وبحوزته قرابة 5000 قرص طبي مهرب    ميناء طنجة المتوسط يخطط لتوسعة كبرى لمحطة المسافرين استعدادًا لمونديال 2030    فيضانات تجتاح جنوب إسبانيا بعد تساقطات ليلية كثيفة    تأخر الإشهاد ونقص السيولة يرجئان صرف منحة "الريادة" إلى مطلع 2026    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح أحيانا قوية يومي الأحد والاثنين    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    سلطات آسفي تدقق في لوائح المتضررين من الفيضانات لتفادي الإقصاء    مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو تتجاوز 300 مليون دولار خلال موسم واحد    بنسليمان.. انتخاب أحمد بلفاطمي كاتبا إقليميا لاتحاد المقاولات والمهن بإجماع المهنيين    تحسن نسبي مرتقب في الأحوال الجوية بالمغرب بعد أيام من الاضطراب الجوي        قرار حكومي يوسّع الاستفادة من منحة "مؤسسات الريادة" ويعدّل منظومة التحفيز    مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    بعد خمس سنوات من التطبيع.. تقرير يكشف تغلغل إسرائيل في المغرب من الفلاحة إلى الأمن والتعليم والطاقة    عاصمة الرباط تنتظرها بطولات أكبر ..    بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري عام 2021    الحلم المغاربي حاضر في الرياضة غائب في السياسة    غموض الموقف المغربي والإماراتي يلفّ رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً لاعتراف إسرائيل ب"أرض الصومال"    "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ترفض مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وتدعو إلى جمع عام استثنائي    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    أزيد من 2600 مستفيد من قافلة طبية متعددة التخصصات بخنيفرة    مصرع عشريني في اصطدام مروّع بين دراجة نارية وسيارة بطنجة    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    كأس إفريقيا .. نيجيريا تفوز على تونس و تعبر إلى دور الثمن    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    تنديد واسع باعتراف إسرائيل بإقليم انفصالي في الصومال    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلقة الأولى: رائد الفن "الملتزم" الفنان العالمي "مارسيل خليفة" يفتح قلبه ل"أكورا بريس"
نشر في أكورا بريس يوم 22 - 08 - 2013

مرة أخرى يطل علينا نجم الأغنية العالمية الملتزمة الفنان "مارسيل خليفة" من بوابة عروس الشمال مدينة طنجة، بعدما أحيى سهرتين، الأولى يوم الجمعة بمدينة مرتيل، والثانية يوم السبت بطنجة، وكان حفله ناجحا قياسا بالجماهير الكثيرة التي جاءت خصيصا لحضور حفله المتميز، خاصة أن مارسيل يعتبر من أكثر الفنانين العالميين شعبية بالمغرب والوطن العربي، نظرا لإعجاب الناس الشديد بأغانيه التي تحمل في طياتها رسائل معبرة، فموسيقاه هي موسيقى الحياة، موسيقي الفرح، والغضب، موسيقى الثورة، والألم، وأيضا الأمل..
وبعدما ألهب رفقة نجليه رامي وبشار مدينة البوغاز وجماهيرها المتعطشة لهذا الفن الراقي أبا إلا أن يفتح قلبه لمتتبعي موقع "أكورا بريس" ويطلعهم بأسرار حصرية عن حياته الموسيقية وعلاقته بالجمهور، إضافة إلى مواضيع أخرى...ونظرا لطول اللقاء ارتأينا تقسيمه إلى ثلاث حلقات..
الحلقة الأولى:
مارسيل خليفة يبحث عن المصالحة بين الوجدان الشعبي والموسيقى:
يقول مارسيل:
من موسيقَى الثوْرَةِ إلَى ثوْرَةِ الْمُوسِيقَى، عبرَ تارِيخٍ طوِيلٍ، مِنَ التَّنَوُّعِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ، لِتَنْتَصِرَ الْمُوسِيقَى وَالْقَصِيدَةُ فِي تَلاحُمٍ دَافِئٍ.. نتَعَلَّمُ مِنْ جَدِيدٍ كَيْفَ نَحْمِي الْمُوسِيقَى مِنَ الْفَضِيحَةِ، لأَنَّنَا سَنُخَاطِبُ فِي النَّاسِ إِرَادَةَ الْحَيَاةِ وَالْعَطَاءِ.
كَيْفَ نَسْمُو بِالْجَمَالِ إِلَى حَيْثُ يُؤَسِّسُ النَّاسُ وَطَنًا بَدِيلاً، يُعَوِّضُهُمْ عَنْ حِرْمَانِ الْوَطَنِ... أُرَابِطُ الْيَوْمَ مَعَ رَامِي وَبَشَّار لِنُدَافِعَ عَنْ حُرِّيَّةِ الأَجْنِحَةِ. وَرُبَّمَا سَيُحَقِّقُ هذَا اللِّقَاءُ الْمُصَالَحَةَ، بَيْنَ الْوجدَانِ الشَّعْبِيِّ الْعَامِّ وَبَيْنَ الْمُوسِيقَى، لِنَنْتَقِلَ إِلَى سُدَّةِ التَّجْرِيبِ الَّذِي يَسْتَسِيرُ حَاسَّةَ التَّأَمُّلِ.
حِوَارٌ بَيْنَ الْمُوسِيقَى وَبَيْنَ الْقَصِيدَةِ وَبَيْنَ صُوَرِ الْحَيَاةِ، فِي تَألِيفٍ مُتَنَوِّعٍ، يُنْتِجُ بَسَاطَةً وَعُذُوبَةً
فِي كُلِّ عَمَلٍ جَدِيدٍ نَبْدَأُ مِنْ صِفْرٍ، كَمَا لَوْ أَنَّنَا لا نَعْرِفُ شَيْئًا. وَكُلُّ مُحَاوَلَةٍ هِيَ قَفْزَةٌ فِي الظَّلامِ. سَتَكُونُ الْحَفْلَةُ مُشَاغِبَةً غَرِيبَةً، فَاجِرَةً صَادِقَةً، وَقِيمَتُهَا تَكْمُنُ فِي تَمَرُّدِهَا.
نَرْتَكِبُ أَخْطَاءَنَا الْفَاتِنَةَ وَالْخَاصَّةَ، وَهذَا مِنْ شُرُوطِ الْعَمَلِيَّةِ الإِبْدَاعِيَّةِ... أَنَا مَعَ الْمُوسِيقَى الَّتِي تَخْلُقُ الشَّكَّ وَتَدْعُو إِلَى مُرَاجَعَةِ الذَّاتِ، تَعْرِيَةِ الذَّاتِ.
أَنَا مَعَ الْمُوسِيقَى الَّتِي تُشَكِّلُ فِعْلَ مُشَاغَبَةٍ، عِصْيَانًا وُجُودِيًّا، نَزْعَةً حَادَّةً لِلإِفْلاتِ مِنَ الْقَطِيعِ، دَعْوَةً لِلآخَرِينَ لارْتِكَابِ الشَّغَبِ نَفْسِهِ، صَرْخَةً جَرِيئَةً مِنْ أَجْلِ الْحُرِّيَّةِ، لِنَشْتَبِكَ مَعَ هذَا الدَّوَرَانِ الْمُدْهِشِ الَّذِي يَحْدُثُ لِلْعَالَمِ، وَإِنْ لَمْ نَكُنْ مُنْخَرِطِينَ فِعْلِيًّا فِي الشَّغَبِ الَّذِي لا بُدَّ مِنْهُ.
لَنْ نَتَمَكَّنَ مِنَ الْمُسَاهَمَةِ فِي الإِجَابَةِ عَنِ الأَسْئِلَةِ الْمَطْرُوحَةِ، وَإِلَى التَّعْبِيرِ وَخَلْقِ الْحَوَافِذِ فِي لُغَةٍ جَدِيدَةٍ لِوَعْيِ حَرَكَةِ الْمُجْتَمَعِ وَالنَّاسِ... لَيْسَ ارْتِبَاطُ الْمُوسِيقَى بِبِيئَتِهَا وَبِالظُّرُوفِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ الْجَدِيدَةِ، وَبِازْدِيَادِ الْوَعْيِ يُطَوِّرُهَا، بَلْ قُدْرَتُهَا عَلَى الاِغْتِنَاءِ مِنْ مُجْمَلِ الْفِكْرِ وَالتِّكْنُولُوجيَا الَّذِي تَخْلُقُهُ تَقَالِيدُ أُخْرَى، تَكُونُ أَحْيَانًا مُخْتَلِفَةً جِدًّا... هذِهِ الْعَمَلِيَّةُ تَأخُذُ طَابِعَ التَّبَادُلِ الْمُشْتَرَكِ.
العود وكسر القيود..التحام العود مع البيانو والايقاع
الْعُودُ سَيَكُونُ جَدِيدًا مَعَ البيَانُو وَالإِيقَاعِ، وَكَمَا كَانَ جَدِيدًا فِي "وُعُود مِنَ الْعَاصِفَة" أَوْ فِي "جَدَل" أَوْ فِي "مُدَاعَبَة" أَوْ فِي "كُونشِيرتُو الأَنْدَلُس" وَ"الْكُونشِيرتُو الْعَرَبِيّ". وَالْجَدِيدُ هُوَ التَّعْبِيرُ بِأُسْلُوبٍ فَنِّيٍّ جَدِيدٍ، يَتَّفِقُ مَعَ مُتَطَلِّبَاتِ تَطَوُّرِ الإِنْسَانِ فِي عَصْرِنَا.. وَلا مَرَّة أَغْلَقْتُ الْبَابَ عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ أَشْكَالِ تَطَوُّرِ التَّعْبِيرِ الْفَنِّيِّ مَعَ الْحِفَاظِ عَلَى الْمَلامِحِ الْخَاصَّةِ.
رَامِي وَبَشَّار، مُنْذُ صِغَرِهِمَا، كَسَرَا مَعَايِيرَ آلاتِهِمِ الْمُوسِيقِيَّةِ، لِتُصْبِحَ مِطْوَاعَةً إِلَى ذَلِكَ الْحَدِّ، أَمَامَ إِغْفَاءَةِ الطُّفُولَةِ... لَقَدِ اكْتَشَفُوا بَاكِرًا مَسَاحَاتِ الصَّوْتِ وَجَمَالَ الْمُوسِيقَى. جَاءُوا إِلَى الْمَدِينَةِ، مَدِينَتِهِمْ، بِقَلَقِهِمْ خَلْفَ آلاتِهِمْ فِي ذُرْوَةِ الاِنْدِمَاجِ السَّاحِرِ. وَطَقْسُ الْمُوسِيقَى صَعْبُ الْمِيرَاسِ، إِذَا لَمْ يَأتِهِ عَازِفٌ وَمُؤَلِّفٌ خَبِرَ تَقَلُّبَاتِهِ... مَيْلٌ وَجُمُوحٌ لِلتَّوَحُّدِ مَعَ الآلَةِ، بَعْدَ أَنْ ضَجَّتِ الذَّاتُ بِمَخْزُونِ صُنُوفِ الْمُوسِيقَى.
بِدُونِ شَكٍّ، لَيْسَ الأمْرُ سَهْلاً أَنْ تَنْعَقِدَ الْمُوسِيقَى عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْخَلْقِ وَالتَّمَكُّنِ، لَوْ لَمْ يَجِئ أَصْحَابُهَا مِنَ التَّمْرِينِ وَالْمَرْجَعِيَّةِ الْوَافِرَةِ... وَبِهذَا الْمَعْنَى، لا غَرَابَةَ أَنْ نُقَدِّمَ سَوِيًّا، فِي أُمْسِيَةٍ بَيْرُوتِيَّةٍ، بَاكُورَةَ عَمَلٍ مُشْتَرَكٍ، مِنْ تَألِيفِي وَتَألِيفِ رَامِي وَتَألِيفِ بَشَّار.
نَذْهَبُ إِلَى مَجْهُولٍ غَامِضٍ، نُحِبُّهُ غَامِضًا دَائِمًا، فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِنُطَوِّرَ لُغَتَنَا، وَنَحْمِيَهَا مِنَ التَّكْرَارِ وَالإِرْهَاقِ، بِثَقَةٍ مُتَبَادَلَةٍ، بِعَلاقَةٍ مُتَجَدِّدَةٍ، مَعَ تَجَدُّدِ الذَّائِقَةِ وَالْعَصْرِ وَالزَّمَنِ وَالْحَدَاثَةِ وَالْمُعَاصَرَةِ، وَعَلَى قَابِلِيَّةِ حُضُورِ الْعَمَلِ، فِي زَمَنٍ غَيْرِ الزَّمَنِ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ.
إِنَّ الإِنْسَانَ الْحُرَّ هُوَ الَّذِي يَسْتَطِيعُ أَنْ يُفَارِقَ ذَاتَهُ الضَّيِّقَةَ إِلَى الْمُطْلَقِ، كَمُسَافِرٍ جَوَّالٍ، وَالْحَيَاةُ تَكْتَسِبُ مَعْنَاهَا مِنْ تَحَقُّقِ هَذَا السَّفَرِ الْمُسْتَمِرِّ.
لَيْسَتْ لَدَيْنَا مُعْجِزَاتٌ، لَدَيْنَا مُخَيِّلَةٌ وَأَحْلامٌ وَحُرِّيَّةُ الأَجْنِحَةِ، وَلَيْسَ أَمَامَنَا سِوَى الذَّهَاب إِلَى الأُفُقِ الْبَعِيدِ، مَعَ الطُّيُورِ الْعَاصِيَةِ، لأَنَّ الإِبْدَاعَ تَوَغُّلٌ فِي غُمُوضِ مَا لا يُعْرَفُ. فَالْمَعْرُوفُ هُوَ مَا تَمَّ اكْتِشَافُهُ، وَصَارَ نَاجِزًا وَمُسْتَقِرًّا... نَخْرُجُ عَنِ الطَّوْقِ وَالطَّرِيقَةِ مَعًا، وَنَصْدُرُ عَنِ الْحَيَاةِ الأَكْثَرِ تَأَجُّجًا وَاتِّصَالاً بِالْمُسْتَقْبَلِ.
نُحَاوِلُ أَنْ نَكُونَ أَوْفِيَاءَ لِرِسَالَةِ ٱلْمُوسِيقَى وَنَنْقلَ بِوَاسِطَةِ ٱلْعُودِ لُغَةً مُوسِيقِيَّةً خَاصَّةً مِنْ سِحْرِ ٱلشَّرْقِ ٱلْقَدِيمِ وَرُومَانْسِيَّةٍ حَنُونَةٍ وَإِيقَاعِيَّةٍ صَاخِبَةٍ.
وَكُلُّ ذٰلِكَ لِرَفْعٍ مِنْ قَامَةِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلْعَرَبِيَّةِ. وَهٰكَذَا رُبَّمَا تَسْتَطِيعُ ٱللُّغَةُ ٱلْمُوسِيقِيَّةُ ٱلْعَرَبِيَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ أَنْ تَجِدَ مَكَانَهَا هُنَا وَهُنَاكَ فِي رِحَابِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلْعَالَمِيَّةِ ٱلْحَدِيثَةِ وَٱلْمُرَكَّبَةِ.
اعترافات مارسيل حول علاقته بالجمهور..
أَعْتَرِفُ بِأَنَّنِي مَا زِلْتُ أَنْحَنِي وَأُصَلِّي لِهٰذِهِ ٱلْعَلاقَةِ ٱلْوَطِيدَةِ ٱلْقَائِمَةِ بَيْنَ ٱلْجُمْهُورِ وَبَيْنِي. وَأَعْتَرِفُ أَيْضًا أَنَّ ٱلْهَمَّ ٱلْمُوسِيقِيَّ مَا زَالَ يُوقِظُنِي لِلسَّهَرِ عَلَى ٱلْمَرْأَةِ ٱلطَّالِعَةِ فِي ٱلْبَالِ، وَعَلَى ٱلشُّهَدَاءِ. عِنْدَمَا يَذْهَبُونَ إِلَى ٱلنَّوْمِ أَصْحُو لأَبُوحَ مُوسِيقَى.
يَا أَصْدِقَائِي فِي هٰذَا ٱلزَّمَنِ ٱلصَّعْبِ ٱلَّذِي نَعِيشُهُ تَبْقَى ٱلنَّشْوَةُ ٱلْكُبْرَى فِي أَنْ نَجِدَ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ نَقُولَ – لا – فِي وَجْهِ هٰذَا ٱلْمَدِّ ٱلطَّافِحِ بِٱلْقَذَارَةِ وَٱلْقَسْوَةِ.
وَأَنْ نَحْمِيَ ٱلأُغْنِيَةَ وَٱلْمُوسِيقَى مِنَ ٱلْفَضِيحَةِ. وَخَارِج ذٰلِكَ قَدْ يَتَّسِعُ ٱلْوَقْتُ لِلْمُزَاحِ، لِلْحُبِّ، لِلْعِشْقِ، لِلْفَرَحِ، لِلْحُرِّيَّةِ، لِلْحَيَاةِ.
مارسيل يتحدث عن الْمُوسِيقَى..
فِي ٱلْمُوسِيقَى عَدَدٌ غَيْرُ قَلِيلٍ مِنَ ٱلْمَسَائِلِ ٱلْجِدِّيَّةِ تَخْتَلِفُ حِيَالَهَا وُجُهَاتُ ٱلنَّظَرِ، وَمِنْ أَهَمِّهَا قَضِيَّةُ ٱلتَّرَابُطِ وَٱلتَّأْثِيرِ ٱلْمُتَبَادَلِ بَيْنَ ٱلثَّقَافَاتِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ فِي ٱلشَّرْقِ وَٱلْغَرْبِ.
إِنَّ ٱلشُّعُوبَ ٱلَّتِي نَشَأَتْ عَلَى ٱلتَّقَالِيدِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ فِي ٱلتَّفْكِيرِ ٱلْمُوسِيقِيِّ، وَٱلشُّعُوب ٱلأُخْرَى، لا تَقِفُ عَلَى أَرْضِيَّةٍ ثَابِتَةٍ حِيَالَ مَسْأَلَةِ مَا يُسَمَّى ٱلتَّآلُف بَيْنَ نُظُمِ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلأُورُبِّيَّةِ وَغَيْرِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ، وَمَا يُسَمَّى بِٱلضَّرَرِ أَوِ ٱلْفَائِدَةِ، الَّذِي تُلْحِقُهُ بِٱلْمُوسِيقِيِّينَ فِي بُلْدَانِ ٱلشَّرْقِ مَنَاهِج ٱلتَّطَوُّر ٱلْمُوسِيقِيّ ٱلْبُولِيفُونِيّ، أَيْ تَعَدُّد ٱلأَصْوَات ٱلشَّامِل أَوِ ٱلْمُتَنَاسِق ٱلَّذِي تَتَّسِمُ بِهِ ٱلْمُوسِيقَى ٱلأُورُوبِّيَّةِ.
أُشِيرُ هُنَا إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَقُولَةٍ نَامِيَةٍ بِٱلنِّسْبَةِ لِلثَّقَافَاتِ ٱلْعَرِيقَةِ وَٱلْعَظِيمَةِ لَدَى دُوَلِ آسيَا وَأَفْرِيقيَا وَأَمِيرْكَا ٱللاَّتِينِيَّةِ.
فَإِذَا كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْبُلْدَانُ مُتَخَلِّفَةً عَنِ ٱلْبُلْدَانِ ٱلأُورُوبِّيَّةِ وَٱلْوِلايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ ٱلأَمِيرِيكِيَّةِ فِي ميدَانِ ٱلصِّنَاعَةِ، فَإِنَّ ٱعْتِبَارَهَا فِي مَجَالِ ٱلْفَنِّ بُلْدَانًا نَامِيَةً غَيْرُ صَحِيحٍ.
إِنَّنِي مُقْتَنِعٌ بِٱلْمُسَاوَاةِ ٱلْمَبْدَئِيَّةِ حِيَالَ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ فِي جَمِيعِ ٱلتَّقَالِيدِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ ٱلْوَطَنِيَّةِ ٱلْمُتَعَدِّدَةِ ٱلْوُجُوهِ، فِي جَمِيعِ مَا ٱخْتَزَنَ مِنْ ثَرْوَاتٍ فِي ٱلأَلْحَانِ وَٱلإِيْقَاعَاتِ وَٱلأَنْغَامِ ٱلَّتِي تَنْطَلِقُ مِنْ حَنَاجِرِ ٱلْمُغَنِّينَ ٱلشَّعْبِيِّينَ أَوْ تُؤَدِّيهَا ٱلْمَجْمُوعَاتُ ٱلْمُوسِيقِيَّةُ.
وَٱلْقَضِيَّةُ لَيْسَتْ قَضِيَّةَ تَآلُفٍ وَعَدَمَ تَآلُفٍ بَيْنَ مُخْتَلَفِ ٱلنُّظُمِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، بَلْ كَيْفَ، وَبِأَيَّةِ أَسَالِيبَ تَحِلُّ مَسْأَلَةَ ٱلتَّرَابُطِ وَٱلتَّأْثِيرِ ٱلْمُتَبَادَلِ بَيْنَ ثَقَافَاتِ شُعُوبٍ تَخْتَلِفُ مِنْ نَاحِيَتَيِ ٱلْمَنْشَأ وَٱلْمَوْقِعِ ٱلْجُغْرَافِيِّ.
وَٱلْحَلُّ هُنَا فِي ٱلأُسْلُوبِ ٱلْمُوسِيقِيِّ لَدَى رِجَالِ ٱلْمُوسِيقَى: الْمُؤَلِّف، الْعَازِف، مُدَرِّس ٱلْمُوسِيقَى وَوَاضِع ٱلنَّظَرِيَّات.. وَمَسْؤُولِيَّتُهُمْ أَمَامَ ٱلْفَنِّ وَٱلإِخْلاصِ وَٱلإِبْدَاعِ.
الْخَطَرُ ٱلأَكْبَرُ هُوَ ٱلأُسْلُوبُ ٱلتِّجَارِيُّ ٱلْمُنْحَطُّ ٱلَّذِي يَغْزُو ٱلْعَالَمَ.
أُسْلُوبُ ٱلْحَطِّ مِنْ قِيمَةِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلإِنْسَانِيِّ ٱلْعَظِيمِ لَدَى كُلِّ شَعْبٍ. وَهٰذَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَمَلِيًّا إِلَى إِبَادَةِ ٱلْقِيَمِ ٱلْفَنِّيَّةِ ٱلْعَرِيقَةِ.. كَمَا أَنَّهُ لا يَجُوزُ أَيْضًا مُحَاوَلَةُ عَزْلِ فَنِّ هٰذَا ٱلشَّعْبِ أَوْ ذَاكَ عَنِ ٱلتَّبَادُلِ ٱلطَّبِيعِيِّ بَيْنَ ٱلشُّعُوبِ لِلْمُكْتَسَبَاتِ ٱلإِبْدَاعِيَّةِ.
إِنَّ أَحَدَ ٱلأَشْكَالِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ لِتَطَوُّرِ ٱلتَّقْلِيدِ ٱلْوَطَنِيِّ لَيْسَ فَقَط ٱرْتِبَاطُهُ ٱلْمُبَاشَرُ بِبِيئَتِهِ وَبِٱلظُّرُوفِ ٱلاِجْتِمَاعِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ وَبِٱزْدِيَادِ ٱلْوَعْيِ لَدَى ٱلشَّعْبِ، بَلْ وَقُدْرَته عَلَى ٱلاِغْتِنَاءِ مِنْ مُجْمَلِ ٱلْفِكْرِ ٱلتَّقَدُّمِيِّ ٱلصَّحِيحِ مِنَ ٱلنَّاحِيَةِ ٱلنَّظَرِيَّةِ وَٱلتِّكْنُولُوجِيَّةِ، الَّذِي تُخَلِّفُهُ تَقَالِيدُ أُخْرَى تَكُونُ أَحْيَانًا مُخْتَلِفَةً جِدًّا.
وَهٰذِهِ ٱلْعَمَلِيَّةُ يَجِبُ أَنْ تَحْمِلَ طَابِعَ ٱلتَّبَادُلِ ٱلْمُشْتَرَكِ، وَأَنْ لا تَتَحَوَّلَ إِلَى عَمَلِيَّةِ فَرْضٍ مِنَ ٱلْخَارِجِ.
بِٱلطَّبْعِ لا نُرِيدُ أَنْ تَسْحُقَ ثَقَافَةٌ ثَقَافَةً أُخْرَى. وَإِذْ نَرْفُضُ مَا يُرَوَّجُ فِي ٱلْغَرْبِ مِنْ مَذَاهِبَ حَوْلَ ٱلتَّمْيِيزِ ٱلثَّقَافِيِّ، لا نَسْتَطِيعُ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى أَنْ نَنْصَاعَ لِلذَّاءَاتِ ٱلدَاعِيَةِ إِلَى ٱلْعَزْلِ ٱلْغَبِيِّ لِلنُّظُمِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ ٱلْوَاحِدِ عَنِ ٱلآخَرِ، إِرْضَاءً لإِبْقَاءِ هٰذِهِ ٱلثَّقَافَاتِ كَمَا كَانَتْ مُنْذُ نَشْأَتِهَا ٱلأُولَى.
لِتُطَوِّر شُعُوبُ آسيَا وَأَفْرِيقيَا فُنُونَهَا، هِيَ ٱلَّتِي خَلَقَتْ ثَقَافَةً رَفِيعَةً مُحْتَرَمَةً وَفُولْكْلُورًا غَنِيًّا، وَلْتُتْقِنْ آدَاءَهَا ٱلْمُوسِيقِيَّ.
وَلٰكِنْ يَجِبُ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ ذٰلِكَ، أَلاَّ تَصُمَّ آذَانَهَا حِيَالَ ٱلْمُنْجَزَاتِ ٱلْعَظِيمَةِ لِمُوسِيقَى ٱلشُّعُوبِ ٱلأُخْرَى.
وَأَيْضًا إِنَّ ٱلْمُوسِيقَى لَيْسَتْ فِي حَاجَةٍ لأَعْمَالِ صِيَانَةٍ مُوَجَّهَةٍ نَحْوَ عَزْلِ ثَقَافَةٍ عَنِ ٱلأُخْرَى، بَلِ ٱلْعَكْس، يَنْبَغِي لِلأُمَمِ ٱلَّتِي لا تَمْلِكُ وَسَائِلَ أَكْثَرَ تَطَوُّرًا لِنَشْرِ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، وَٱلَّتِي تَمْلِكُ وَسَائِلَ أَكْثَرَ تَطَوُّرًا لِنَشْرِ ٱلثَّقَافَةِ ٱلْمُوسِيقِيَّةِ، وَٱلَّتِي تَمْلِكُ أَخِصَّائِيِّينَ رَفِيعِي ٱلْكَفَاءَةِ أَنْ تُقَدِّمَ ٱلْمُسَاعَدَةَ لِتِلْكَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّتِي رَزَحَتْ طِوَالَ قُرُونٍ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْمُسْتَعْمِرِينَ، وَٱلَّتِي لَيْسَ لَدَيْهَا إِمْكَانِيَّةُ تَطْوِيرِ ثَقَافَتِهَا ٱلْوَطَنِيَّةِ بِحُرِّيَّةٍ وَكَمَا يَلِيقُ بِهَا.
لٰكِنْ يَجِبُ أَلاَّ تَتَحَوَّلَ هٰذِهِ ٱلْمُسَاعَدَةُ إِلَى عُدْوَانٍ ثَقَافِيٍّ بَلْ تَبْقَى فِي إِطَارِ مُحَاوَلَةِ إِيجَادِ لُغَةٍ مُشْتَرَكَةٍ وَخَلْقِ أَرْضِيَّةٍ جَمَالِيَّةٍ مِنْ أَجْلِ ٱلتَّأْكِيدِ وَٱلْحِفَاظِ عَلَى ٱلْقِيَمِ ٱلثَّقَافِيَّةِ ٱلْعَظِيمَةِ، تِلْكَ ٱلَّتِي أَبْدَعَتْهَا شُعُوبُ ٱلْعَالَمِ وَتِلْكَ ٱلَّتِي سَتُبْدِعُهَا لا مَحَالَة.
والموسيقى نُحِسُّ بها ولا نُصَنِّفُها، ولا نُطلِقُ عليها الأسماء والتَّقسيمات. كُلُّ هذا قَتلٌ لِمعنى الموسيقى.
والموسيقى هِيَ دائِمًا للتَّسلية إمَّا بالمعنى العميق، أي بالمعنى الرُّوحيّ والفكريّ، وإمَّا بطريقة أكثر سطحيَّة، وهناك أيضًا الموسيقى الَّتي تتحدَّى العقل، والموسيقى الَّتي تقتصر على إدخال السُّرور على النَّفس أو تُدَغدغ الآذان.
يتبع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.