يحتفي التونسيون، يوم الخميس، بالذكرى الخامسة لثورتهم التي أطاحت بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ولسان حالهم يردد "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، في سياق انتقلت معه البلاد من أحلام الثورة إلى تحديات الواقع وتوطيد مؤسسات الدولة. واستنادا لشهادات عدد من المواطنين والخبراء والفاعلين السياسيين والمدنيين واستطلاعات رأي محلية، يمكن القول إن مواقف التونسيين وتقييماتهم لخمس سنوات بعد الثورة وللنتائج والمكاسب التي حققتها، تتراوح بين مواقف إيجابية بشكل عام تقر ببعض المكاسب المنجزة خصوصا على مستوى الحقوق والحريات، وبين آراء تعتبر أن ما تحقق لم يكن في "مستوى التضحيات والمطالب" التي رفعتها ثورة الياسمين، وأن البلاد عرفت "ترديا أمنيا واقتصاديا وخصاصا اجتماعيا غير مسبوق". وحسب نتائج استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة سبر آراء تونسية شهيرة، وجوابا على سؤال "إلى أي درجة تحققت أهداف الثورة ؟"، بلغت نسبة من أجاب ب"صغيرة جدا" 9ر42 في المائة، و"صغيرة إلى حد ما" 6ر26 في المائة، و"لم يتحقق أي هدف" 4ر17 في المائة، و"كبيرة إلى حد ما" 1ر8 في المائة، و"كبيرة جدا" 1ر3 في المائة. من هذا المنطلق أعربت العديد من الشهادات لمواطنين وحقوقيين وسياسيين ب"سيدي بوزيد"، مهد الثورة التونسية، في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية، عن "خيبة أملهم" في حصيلة الثورة، معتبرين أنهم لم يجنوا منها "سوى الوعود، ومشاريع الوهم"، وأن حالهم تغير إلى "الأسوأ"، بل أكثر من ذلك يرون أن الثورة دعمت "الطبقات الثرية، وساهمت في ظهور أثرياء جدد، وتسببت في تدهور الأوضاع الاجتماعية للشرائح المتوسطة والفقيرة". في نفس التوجه، قال السوسيولوجي والخبير التونسي منير السعداني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن أهداف الثورة "ظلت مؤجلة"، وأن "الحصيلة بقيت محدودة" بل تم "الانحراف بالثورة على المستوى السياسي من خلال هيمنة شبكات وقوى قديمة على السلطة وعدم وجود قوى تمثل الفئات المستضعفة"، مضيفا أن الفئات الاجتماعية "لم تتمكن من جني ثمار تضحياتها وتحقيق العدالة الاجتماعية" التي ثارت من أجلها، وذلك بسبب "تكلس النخبة السياسية وتقليدانيتها، ونزوعها الانتهازي". وخلص إلى أن القول إن بارقة الأمل تتمثل في "قوى سياسية غير تقليدية لها قدرة على قراءة الواقع برؤى جديدة، خصوصا الشبابية منها، وإعادة بناء رهانات الثورة وتجديدها ...". هذا الانطباع العام حول الحصيلة "المتواضعة" للثورة تردد صداه أيضا داخل أسوار "قصر قرطاج"، حيث أكد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، في لقاء مع نواب من "سيدي بوزيد" يوم 17 دجنبر الماضي، أن الثورة رفعت مطالب اجتماعية واقتصادية، وليست فقط مطالب الحرية والديمقراطية، وأن هذه الاستحقاقات الاجتماعية لم تتحقق بعد بل "ولم يتغير شيء" إلى الأفضل، مشيرا إلى ارتفاع نسبة البطالة والفقر وتهميش الجهات، بسبب "النمط التنموي المتبع في تونس منذ سنوات".