نشرة انذارية تحذر من امطار قوية بالمناطق الشمالية    "ترانسافيا" تطلق أربع رحلات أسبوعياً بين رين وبريست ومراكش على مدار السنة    إطلاق الموسم الفلاحي الجديد مع برنامج بقيمة 12.8 مليار درهم وتوزيع 1.5 مليون قنطار من البذور المختارة    ترامب يلمح لقرار بشأن فنزويلا والجيش الأمريكي يبدأ عملية ضد تجار المخدرات في أمريكا اللاتينية    محام: المحجوزات تتراكم في المحاكم    الركراكي: علينا المحافظة على الثقة في هذه المجموعة ونحن نعرف كيفية تحقيق الفوز    خطاب "العُكار": حين يفضح "أحمر الشفاه" منطق السلطة..تحليل نقدي في دلالات وأبعاد تصريح وزير العدل حول الفساد    طقس ممطر في توقعات اليوم السبت بالمغرب    الجديدة تحتضن المؤتمر العام الإقليمي للاتحاد العام للمقاولات والمهن بحضور شخصيات وازنة    هل تستطيع الجزائر تفكيك سردية العداء لبناء وطنها المُتخيَّل؟ .    مباراة ودية بطنجة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف لصفر    المغرب يهزم الموزمبيق ودياً بهدف أوناحي.. والركراكي: "لدينا اليوم أسلحة متعددة وأساليب مختلفة"    الشرطة تحجز آلاف الأقراص المخدرة    المسرحية المغربية "إكستازيا" تهيمن على جوائز الدورة 30 لمهرجان الأردن المسرحي    ترقية استثنائية لشرطي بآسفي بعد تعرضه لاعتداء خلال تأمين محيط مؤسسة تعليمية    المنتخب المغربي يهزم موزمبيق وديا.. أوناحي يسجل أول هدف في ملعب طنجة بعد تجديده    منظمة الصحة العالمية تعترف بالمغرب بلدًا متحكمًا في التهاب الكبد الفيروسي "ب"    مجلس النواب يصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026    الجزائر.. إجلاء عشرات العائلات جراء حرائق غابات كبيرة غرب العاصمة    تداولات بورصة الدار البيضاء سلبية    المكتب المغربي للسياحة يستقطب المؤتمر السنوي لوكلاء السفر الهولنديين إلى المغرب    المغرب يُنتخب لولاية ثانية داخل اللجنة التنفيذية لهيئة الدستور الغذائي (الكودكس) ممثلاً لإفريقيا    إدارة مركز التوجيه والتخطيط التربوي تنشر معطيات تفصيلية حول الجدل القائم داخل المؤسسة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    الطرق السيارة بالمغرب.. افتتاح فرع مفترق سيدي معروف بمعايير هندسية وتقنية دقيقة    أبوظبي.. ثلاثة أعمال أدبية مغربية ضمن القوائم القصيرة لجائزة "سرد الذهب 2025"    ملعب طنجة.. الصحافة الدولية تسميه "ابن بطوطة" ومطالب محلية بتثبيت الاسم رسميًا    إطلاق المرحلة الثالثة من تذاكر "الكان"    أمطار رعدية ورياح قوية بعدة مناطق    مبديع: "أنا ماشي شفار ومنطيحش ريوكي على فلوس الجماعة"    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للكشف والتحسيس بداء السكري    جنوب إفريقيا تحتجز 150 فلسطينيا    بوانوو: بلاغ وزارة الصحة لم يحمل أي معطى حول شبهة تضارب المصالح ولم يشرح التراخيص المؤقتة للأدوية التي يلفها الغموض التام    شَرِيدٌ وَأَعْدُو بِخُفِّ الْغَزَالَةِ فِي شَلَلِي    متابعة "ديجي فان" في حالة سراح    إحباط محاولة لاغتيال أحد كبار المسؤولين الروس    بطولة اسكتلندا.. شكوك حول مستقبل المدرب أونيل مع سلتيك    دراسة: ضعف الذكاء يحد من القدرة على تمييز الكلام وسط الضوضاء    الملك يهنئ خالد العناني بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    موقع عبري: الجالية اليهودية في المغرب تفكر في استخراج جثمان أسيدون ونقله إلى مكان آخر بسبب دعمه ل"حماس"    شركة الإذاعة والتلفزة تسلط الضوء على تجربة القناة الرابعة في دعم المواهب الموسيقية    عمال راديسون الحسيمة يستأنفون احتجاجاتهم بعد فشل الحوار ويكشفون "مقترحات مجحفة" لإقصائهم    تصفيات مونديال 2026.. مدرب إيرلندا بعد طرد رونالدو "لا علاقة لي بالبطاقة الحمراء"    رشق الرئيس السابق لاتحاد الكرة الإسباني بالبيض في حفل إطلاق كتابه    بوعلام صنصال بعد الإفراج: "أنا قوي"    استطلاع: 15% من الأسر المغربية تفضل تعليم الأولاد على الفتيات.. و30% من الأزواج يمنعون النساء من العمل    بأغلبية 165 صوتا.. مجلس النواب يقر الجزء الأول من مشروع قانون المالية    المركز الثقافي الصيني بالرباط يُنظّم حفل "TEA FOR HARMONY – Yaji Cultural Salon"...    مدير المخابرات الفرنسية: المغرب شريك لا غنى عنه في مواجهة الإرهاب    تحطم مقاتلة يصرع طيارين في روسيا    المسلم والإسلامي..    ثَلَاثَةُ أَطْيَافٍ مِنْ آسِفِي: إِدْمُون، سَلُومُون، أَسِيدُون    دراسة: لا صلة بين تناول الباراسيتامول خلال الحمل وإصابة الطفل بالتوحد    مرض السل تسبب بوفاة أزيد من مليون شخص العام الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل انقشعت غيوم الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين باريس والرباط؟
نشر في أخبارنا يوم 24 - 12 - 2022

الأسبوع الماضي، عرفت العلاقات الدبلوماسية المغربية الفرنسية حدثا دالا أنهى من حيث الظاهر شهورا من الجمود والتوتر المنخفض السقف بين الرباط وباريس، فقد زارت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا المغرب، وكان لها محادثات مع نظيرها المغربي ناصر بوريطة، وتم التصريح من جهة المسؤولة الفرنسية بإنهاء أزمة التأشيرات دون الحديث عن أي أجندة أخرى، تتعلق بمسار زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون المرتقبة للمغرب.
الواقع أن المؤشرات الظاهرة في هذه الزيارة تحمل دلالات متناقضة، فهي من حيث المبدأ تؤشر على حلحلة للعلاقات المغربية الفرنسية، وإيذان بالخروج من مربع الصمت والتوتر، إلى فضاء الحوار والمباحثة في الأمور الخلافية. يعزز هذا المؤشر الإشارات التي حصلت بعض الزيارة، وربما قبلها، فالرئيس إيمانويل ماكرون، حرص خلال مباراة نصف نهائي كأس العالم التي جمعت المنتخبين الفرنسي والمغربي بالذهاب إلى مستودع ملابس الفريق المغربي وتهنئته على المستوى المميز الذي ظهر به في هذه الدورة، وكشف للاعبين عن قرب زيارته للمغرب. من جهته، رد الملك محمد السادس التحية بأحسن منها، فهنأ الفريق الفرنسي على فوزه ووصوله إلى نهاية كأس العالم، ثم قام مرة أخرى بتهنئته بعد خسارته في مباراة النهاية مع الفريق الأرجنتيني.
في الواقع، قد تبدو هذه المؤشرات بعيدة عن حقل السياسة، لكن إذا ما قوبلت بشهور من القطيعة في الاتصال والتهنئة والمعايدة بين الطرفين، فإنها تعني في الأقصى حصول حلحلة في العلاقات، أو ربما التعبير عن حسن نوايا بين البلدين، توضع بين مقدمات المباحثات التي تجري بين المغرب وفرنسا تمهيدا لزيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي إلى الرباط.
المؤشرات المقابلة، تعكس صورة استمرار التوتر، أو على الأقل، تكشف الممانعة التي يبديها كل طرف بين يدي هذه المباحثات، فوزير الخارجية المغربية رفض الحديث باللغة الفرنسية، وتحدث باللغة العربية، واضطرت وزيرة الخارجية، للتعبير بملامح وجهها عن نوع من الامتعاض عن هذا السلوك، إذ لم تعتد من مسؤول مغربي بخلفية فرنكفونية ثقيلة، أن يضطرها إلى تركيب السماعة لتتبع الترجمة الفورية.
وزيرة الخارجية الفرنسية، كانت قبل ذلك، عبرت عن موقف بلدها من قضية الصحراء، بشكل لم يصل إلى مستوى تطلع المسؤول المغربي، فقد حرصت أن تلعب على الحبلين: حبل تثيبت موقفها الداعم لمسلسل التسوية ودعم الأطراف للتوصل إلى حل سياسي عادل للنزاع، وحبل دعم المقترح المغربي للحكم الذاتي، وجعلت من عبارة: «يمكن للمغرب أن يعوّل على فرنسا في دعم قضية الصحراء» الوعد الملغوم للتغطية على غموض الموقف.
وزيرة الخارجية الفرنسية، في الواقع، لم تكن تجيب رجال الإعلام بخصوص الصحراء، ولكنها كانت ترد على خطاب ملكي، قرر أن تكون الصحراء نظارة المغرب المحددة لسياسته الخارجية، ودعا القوى الدولية إلى الخروج من مربع الازدواجية والتردد في الموقف من الصحراء، فظهر من خطاب المسؤولة الفرنسية كما لو أن خطاب الملك لا يستهدف بلادها، وأن موقف باريس لا يوجد ضمن خانة الازدواجية التي قرر المغرب أن يحسم معها.
والواقع، أن الطريقة التي قرأ بها وزير الخارجية المغربية ناصر بوريطة مواقف مسؤولة الخارجية تبين تأرجح العلاقات المغربية الفرنسية بين استمرار التوتر، وعدم التوصل بعد إلى نقطة الانطلاق لحلحلة العلاقات المغربية الفرنسية، فقد اختصر تدخله بمجلس المستشارين الثلاثاء الماضي كل شيء، إذ رفض أن ينفخ في موضوع حل أزمة التأشيرات، مكتفيا بنسبة التصريح للمسؤولة الفرنسية، وأن المغرب سيترقب مدى الالتزام بتنفيذ هذا الوعد، ومذكرا بأن قضية التأشيرة هي حق سيادي لكل الدول، وأن المغرب يريد أن يُعامَلَ مواطنوه بكل الاحترام من قبل الدول التي يريدون السفر إليها.
هذا التعليق، الذي يكتنفه قدر كبير من الشك، أو على الأقل، عدم إعطاء الموضوع أكثر مما يستحقه، يحمل بين ثناياه الكثير من الدلالات، في مقدمتها تشبث المغرب بثوابته الحاسمة في مدخل إصلاح العلاقة بين الرباط وباريس، وأن قضية الصحراء، لن تكون أبدا على الهامش، وأن استمرار التردد في الموقف، لا يمكن أن يغطي عليها الرقص على الحبلين، ويُمَني المسؤولين المغاربة بالحديث عن التعويل على فرنسا في دعم قضية الصحراء.
بعض الصحف الفرنسية، رأت أن التعنت في إنهاء التوتر الذي دام شهورا بين الرباط وباريس، لم يكن من جهة الرباط، وأن اتهام فرنسا للمغرب باستعمال برنامج «بيغاسوس» للتجسس على المسؤولين الفرنسيين، وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، هو ما يفسر هذا التوتر، وأنه في اللحظة التي اقتنعت باريس بتنحية هذا الملف من عوائق تجسير العلاقة بين البلدين، صار كل شيء ممكنا، بما في ذلك الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي للرباط، وأن توجه باريس إلى الجزائر أولا، لعقد شراكة استثنائية، وإبقائها على خط التوتر والجمود مع المغرب، وذلك على غير العادة، يدعم هذا التحليل ويزكيه.
والواقع أن هذا التحليل لا يستند إلى أي مؤشر يدعمه، سوى ما كان من اللعب على حبل الخلاف بين الجزائر والمغرب، فموضوع العلاقة مع الجزائر، أملته اعتبارات استراتيجية، تتعلق بموضوع الطاقة لاسيما في هذه الوضعية الدولية التي تعرف أزمة طاقة كبيرة في أوروبا، وتعرف استقطابا حادا على الدول المصدرة للغاز.
ثمة على الأقل ثلاث مؤشرات تبين أن منشأ التوتر بين باريس والرباط لا علاقة له البتة بموضوع التجسس على هواتف المسؤولين الفرنسيين، وأن هذا الموضوع، كان مجرد ذريعة، تم توظيفها لإخفاء أسباب التوتر وحتى لا تبدو فرنسا في الموقع الأضعف في إدارة الصراع.
أول هذه المؤشرات، هو نجاح المغرب في إدارة العلاقة مع نادي الكبار، واستثماره للاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، من أجل دفع بعض دول أوروبا للرضوخ لمطلبه في الخروج من مربع الازدواجية في الموقف من الصحراء، إذ نجحت الرباط في ضم مدريد وبرلين لموقفها، كما نجحت في استعمال ورقة الشراكة الاستراتيجية مع هذه الدول، في الضغط على باريس، وجعلها في صورة ما ستتعرض له مصالحها في المنطقة في حال الاستمرار في تبني خط الممانعة والازدواجية.
ثاني هذه المؤشرات هو خسارة فرنسا الكبيرة في غرب إفريقيا، أي في حديقتها الخلفية، لاسيما في دول الساحل جنوب الصحراء، واضطرار قواتها للانسحاب من مالي، وتضخم ظاهرة التذمر من وجودها في غرب إفريقيا، ومن نموذج العلاقة التي تبنيها مع هذه الدول، والقائمة على الابتزاز والاستغلال وعدم القيام بأي جهد في تنمية هذه البلدان. هذا في الوقت، الذي احتفظ المغرب بنفوذه وعلاقاته بهذه الدول، بما في ذلك مالي، التي رغم الانقلاب العسكري الذي بعثر بعض أوراق الرباط، إلا أنها نجحت في إيجاد صيغة التواصل التي حفظت مصالحها في باماكو.
ثالث هذه المؤشرات، وترتبط بدينامية المغرب القوية للتنبيه إلى المخاطر الناتجة عن توسع النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة، والتي انتهت بتحقيق ثلاثة مكاسب أساسية، أولها، هو تحرك الولايات المتحدة الأمريكية لإقناع فرنسا بتفكيك العلاقة بين تونس والجزائر، والانتباه إلى مخاطر دعم الرئيس التونسي قيس سعيّد، والكسب الذي تجنيه طهران وموسكو من وراء ذلك. أما الكسب الثاني، فهو الحراك في التواصل الأمني والعسكري في المنطقة، والذي توج بعقد قمة أمريكية إفريقية في واشنطن، حضرها خمسون زعيما إفريقيا، وتخلفت عنها الجزائر. وأما المكسب الثالث، فهو إلغاء وزارة الدفاع الجزائرية لمناورة عسكرية مشتركة بينها وبين روسيا، كانت مبرمجة في غرب الجزائر في المناطق المتاخمة للحدود الشرقية المغربية.
هذه المؤشرات الثلاثة، فضلا عن التحولات الاستراتيجية في السياسية الخارجية الأمريكية والأوروبية في المنطقة الإفريقية، واتجاهها لمواجهة تحدي توسع النفوذ الروسي والصيني، جعل أفق العلاقة الفرنسية الجزائرية يتضاءل ليحافظ على الحد الأدنى الذي يضمن تدفق الغاز الجزائري، ودفع فرنسا للضغط على الجزائر للتوقف عن خدمة هدف توسع النفوذ الروسي في المنطقة، وعدم التحول إلى آلية للدعم اللوجستي له، لاسيما أمام تواتر معلومات تتحدث عن اعتماد الموازنة المالية الجزائرية لمبلغ 17 مليار دولار لتمويل صفقة تسلح من موسكو، ستوفر لروسيا السيولة المالية لتمويل الحرب ضد أوكرانيا. هذه المؤشرات الثلاثة، التي تبين في الواقع سياق زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية للمغرب، تبين من جهة أخرى، تقدير الموقف الذي يتنباه المغرب في ترتيبه للعلاقة مع باريس، إذ يبدو عدم تعجله في إطلاق دينامية إصلاح هذه العلاقة، ما لم يتم البدء من حيث يجب، أي من تغيير الموقف الفرنسي من قضية الصحراء وخروجها من مربع الازدواجية، والالتحاق بكل من مدريد وبرلين، وأن بذل الهدايا غير الجدية، على شاكلة ما فعلت باريس مع الجزائر في موضوع الذاكرة، لا يقنع الجانب المغربي، إذ لا يشكل موضوع حل أزمة التأشيرات – هكذا بدون أن يكون ذلك جزءا من أجندة حوارية متكاملة – شيئا في التقدير المغربي إذا ما تمت مقارنته بإنهاء الازدواجية في الموقف من قضية الصحراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.