تستعد السلطات المغربية لإدخال وتعميم مقياس السكر على السائقين وهو المقياس الذي تطبقه دول كثيرة من أجل التحديد القانوني للسياقة في حالة سكر، وبالتالي تصنف العقوبات المنصوص عليها في القوانين، حيث أن الكثير من الدول الأوروبية تصل العقوبة فيها في بعض الأحيان إلى خمس سنوات إذا كانت هناك حادثة سير. غير أن هذا الإجراء يلقى معارضة عنيفة من طرف حزب بنكيران بدعوى أنه إذا تم تطبيق هذا الإجراء فإنه يعني التسليم بشرب الخمر في المغرب. والواقع أن الدولة تريد تطبيق هذا الإجراء لاعتبارات عديدة لا دخل لها بالتسليم أو بعدم التسليم بإباحة شرب الخمر لأن منع شربه تحدده القوانين الجاري بها العمل في المغرب سواء تعلق الأمر بالسياقة أو بعدم السياقة، لكن ما يجب، وهذا ما تذهب إليه الدولة هو التوفر على وسيلة علمية تقنية لإثبات حالة السكر وإلا فإن الأمر سيترك للأهواء والاتهامات المجانية وبالتالي إمكانية التعسف على السائقين بإلصاق هذه التهمة بهم دون سند مادي لإثبات ذلك. وفي هذا الأمر فإن القياس الذي تدفع به العدالة والتنمية يمكن حسب تعميمه على باقي الأمور الممنوعة كالإفراط في السرعة مثلا، فهل يعني نصب الكاميرات والعدادات الممنوعة اعتراف بأن السائقين يتجاوزون السرعة المحدودة وأن الدولة تسلم بذلك ولذلك لاداعي لنصب الكاميرات العدادة؟ هذا الطرح يبدو مجانبا للصواب من هذه الناحية كما أنه يبدو مجانبا للصواب من نواحي عديدة أولها أنه إذا ما أخذنا برأي أصحاب بنكيران فإننا لن نعاقب الأجانب الذين يسوقون في المغرب في حالة سكر بدعوى أن ديانتهم تسمح لهم بذلك، أو نعاقبهم بمجرد شم رائحة الخمر دون التحديد العلمي والقانوني المعمول به عالميا لتحديد نسبة السكر حيث أن دولا مثل بلجيكا تحدد في 0.5 غرام في حين أن المغرب حدده في 0.2 غرام وهي نسبة تجرى الآن مراجعتها. وتسجل الإحصائيات أن 15 في المائة من حوادث السير تكون سببها السياقة في حالة سكر، لكن مقارنات عديدة تظهر أن دولا مثل فرنسا التي لا يمنع فيها الخمر إلا في حالة السياقة حوادث السير فيها أقل من المغرب. والواقع أن حزب بنكيران يريد من مثل هذه الأمور كالحديث عن الخمر فتح منافذ للتحكم الأخلاقي في المجتمع وفرض نظرته عليه وليس هذا الباب وحده بل أبواب أخرى منها الإنتاجات الفنية وارتياد الشواطئ وغيرها من التصورات التي سبق لرئيس الحكومة نفسه في أول حوار له مع التلفزة المغربية بعد تنصيبه أن أعلن أنه يعمل السياسة ولم يأت للرقابة على أخلاق الناس ولكن الممارسة الحكومية والتي تمظهرت في دفتر التحملات الخاص بالإعلام السمعي البصري أو مغزى الخرجات الخاصة ببعض المواقف من بعض الإنتاجات الفنية تظهر عكس ذلك. ونعود ونؤكد أن السياقة في حالة سكر أمر ممنوع في كل بلدان العالم حتى البلدان المسيحية والعلمانية التي لا يمنع فيها شرب الخمر وأن السياقة في حالة السكر التي تسبب المآسي تصل عقوبتها في بعض هذه البلدان في حالة ارتكاب حادثة إلى خمس سنوات سجنا نافذا. لكن من غير المنطقي عدم وضع آلية علمية لتحديد مفهوم السكر والتوفر على إثبات يستند عليه القاضي للحكم على المتهم بارتكابه.