تتجه الأنظار يوم الثلاثاء المقبل صوب مقر الأممالمتحدة بنيويورك حيث سيعقد مجلس الأمن اجتماعا يخص التصويت على قرار أممي جديد حول قضية الصحراء المغربية. وحسب تسريبات إعلامية، فإن نص القرار يقضي بتمديد مهمة ولاية بعثة الأممالمتحدة للاستفتاء في الصحراء (مينورسو) لمدة عام آخر دون أن يتم إدخال أي تعديل عليها، مع ترقب أن يشدد مجلس الأمن من خلال مشروع القرار على أهمية تحسين وضع حقوق الإنسان في الصحراء المغربية وفي مخيمات تندوف ،وتشجيع من يصفهم بالأطراف المعنية بهذا النزاع المفتعل على العمل مع المجتمع الدولي لوضع وتطبيق إجراءات مستقلة وموثوق بها. ويرتقب،حسب نص القرار أن يرحب مجلس الأمن بالمبادرات الأخيرة التي اتخذها المغرب لإيجاد مخرج سياسي لهذا النزاع المفتعل الذي عمر عقودا ، من خلال مشروع الحكم الذاتي المتقدم الذي رحب به المنتظم الدولي باعتباره مقترحا واقعيا وذي مصداقية، ويمكن أن يشكل خطوة في اتجاه إيجاد حل نهائي لهذا الملف المفتعل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب. وحسب مراقبين، فإن مشروع القرار الأممي الذي سيعرض على أنظار الدول الأعضاء في مجلس الأمن يوم الثلاثاء المقبل للتصويت عليه، سوف يشكل ضربة موجعة أخرى للانفصاليين ومن يقف وراءهم، خصوصا أنه لم ينجر إلى الطروحات غير الجدية التي يحاول خصوم المملكة الدفاع عنها لإضعاف الموقف المغربي، ومن بينها التنصيص في القرار الجديد على إدراج مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء ضمن مهمة بعثة الأممالمتحدة في الصحراء،أو ما يعرف اختصارا ب»المينورسو». وفي هذا الصدد، سجل تاج الدين الحسيني،أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن التقرير الذي سيعرض على أنظار مجلس الأمن جاء متوازنا نسبيا بالمقارنة مع التقارير السابقة، وذلك اعتبارا إلى أنه يشيد بما قدمه المغرب من مبادرات وجهود فيما يخص وضعية حقوق الإنسان. وقال الحسيني في تصريح ل»العلم» أن القرار المذكور لم يذكر الجزائر كطرف أساسي في هذا النزاع عكس ما كان يأمله المغرب،حيث أكد الخبير في العلاقات الدولية،أنه ورغم ذلك، فإنه من الأهمية بما كان أن لا يعير المنتظم الدولي اهتماما للدعاوى والضغوط الممارسة عليه بشأن مراقبة حقوق الإنسان في الأقاليم الجنوبية للمملكة،كما أنه لم يعر أي دور للاتحاد الإفريقي بالنسبة لهذه العملية،وهذا مهم بالنسبة للمغرب،يقول الأستاذ الحسيني،مضيفا أن مشروع القرار وإن حاول أن يعطي نوعا من التوازن في ما يخص حقوق الإنسان التي يعتبرها المغرب مسألة سيادية، لكنه في المقابل أشاد بما تقوم به الرباط في سياق مجهوداتها الجبارة للنهوض بحقوق الإنسان، خصوصا منها إخراجه لقانون العدل العسكري ومصادقته على بروتوكول منع التعذيب،وهذا ما تمت الإشادة به بشكل صريح ضمن تقرير بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة. ولم يفت أستاذ القانون الدولي أن يؤكد أن القرار الأممي الجديد لم يشر إلى المقترح المغربي القاضي بمنح الإقليم حكما ذاتيا موسعا كقاعدة للتفاوض، رغم أنه تم الإشارة إليه في تقارير سابقة، داعيا بهذا الخصوص، الجهاز الدبلوماسي المغربي إلى مزيد من الضغط في هذا الاتجاه حتى لا تذكر المفاوضات بشكل مجرد،معتبرا أن قرار مجلس الأمن المرتقب في صيغته الحالية لن يعدو كونه وسيلة لإبقاء الوضع على ما كان والاستمرار في تجميد هذا الملف دون أن يتم إيجاد حل إيجابي لهذا النزاع. من جهته، اعتبر عبد الفتاح الفاتحي، الباحث المختص في شؤون الصحراء، أن مشروع القرار الأممي المذكور ينسجم مع قناعة المنتظم الدولي بالقضاء على كافة أشكال إثارة النزاعات الأمنية والعسكرية في ضفتي منطقة البحر الأبيض المتوسط ، مؤكدا أن أبعاد هذا المشروع الذي ينتظر التوقيع عليه الثلاثاء المقبل ينسجم مع الرؤية المغربية التي تعتبر أن نزاع الصحراء لا يحتمل تسييسه بالورقة الحقوقية، الأمر الذي يعصف بدوره في تثبت الأمن في منطقة الساحل والصحراء وبالتالي تحويلها إلى سوريا أو عراق ثان لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش». وقال الفاتحي في تصريح للعلم أنه كان من الضروري أن يرفض المشروع مطالب الجزائر والبوليساريو بتوسيع بعثة المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان ورفض أي دور لمنظمة الإتحاد الإفريقي الفاقدة للحياد كشرط أساسي في الوسيط الجيد،مردفا أنه كان طبيعيا أن لا يغامر مجلس الأمن بقرار آخر غير التمديد لمدة عام ولاية بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء (المينورسو) دون تعديل في اختصاصاتها، وهو ما يجعلنا نسجل اختفاء عبارة سنة الحسم 2015 من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة وما صاحب ذلك من ادعاءات نقل مناقشة ملف الصحراء ضمن المادة السادسة لميثاق الأممالمتحدة إلى المادة السابعة. ولم يخف الفاتحي أن الموقف التفاوضي المغربي أمامه كثير من نقط القوة ،والتي من ضمنها أنه ليس في صالح الدول الأوربية الأعضاء في مجموعة أصدقاء الصحراء والمكتوية بنار الهجرة غير الشرعية كاسبانيا وفرنسا وبريطانيا أن تجعل خاصرتها الجنوبية رخوة، ولذلك ليس لها من خيار غير الانتصار للرؤية المغربية التي لا يمكنها السماح باختلاق دويلة فاشلة على حدودها الجنوبية.