صحافيون ينتقدون تصويت مجلس المستشارين على قانون مجلس الصحافة ويهددون بالتصعيد    ارتفاع مخزون سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة    السيول تسلب حياة شاب في الدريوش    مسؤولية الجزائر لا غبار عليها في قضية طرد 45 ألف أسرة مغربية    المعارضة بمجلس المستشارين تنسحب من الجلسة العامة وتطلب من رئيسه إحالة مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على المحكمة الدستورية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المملكة    أمطار وثلوج تنعش منطقة الريف وتبعث آمال موسم فلاحي واعد بعد سنوات من الجفاف    "كان المغرب".. المنتخب الجزائري يتغلب على السودان (3-0) في أولى مبارياته في دور المجموعات    وهبي: الحكومة امتثلت لملاحظات القضاء الدستوري في "المسطرة المدنية"    السلطة القضائية تنضم إلى PNDAI    مخطط التخفيف من آثار موجة البرد يستهدف حوالي 833 ألف نسمة    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الملاعب المغربية تتغلب على تقلبات أحوال الطقس    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقيف شخص بحوزته أقراص مهلوسة وكوكايين بنقطة المراقبة المرورية بطنجة    "ريدوان": أحمل المغرب في قلبي أينما حللت وارتحلت    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    قضية البرلماني بولعيش بين الحكم القضائي وتسريب المعطيات الشخصية .. أسئلة مشروعة حول الخلفيات وحدود النشر    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. منتخب بوركينا فاسو يحقق فوزا مثيرا على غينيا الاستوائية    توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    المخرج عبد الكريم الدرقاوي يفجر قنبلة بمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي ويكشف عن «مفارقة مؤلمة في السينما المغربية»        وفاة رئيس أركان وعدد من قادة الجيش الليبي في حادث سقوط طائرة في تركيا    شخص يزهق روح زوجته خنقا بطنجة‬    نص: عصافير محتجزة    وزير الصحة يترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للوكالة المغربية للدم ومشتقاته    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    المغرب في المرتبة الثامنة إفريقيا ضمن فئة "الازدهار المنخفض"    روسيا تعتزم إنشاء محطة طاقة نووية على القمر خلال عقد    رهبة الكون تسحق غرور البشر    الحكومة تصادق على مرسوم إعانة الأطفال اليتامى والمهملين    الأمطار لم توقّف الكرة .. مدرب تونس يُثني على ملاعب المغرب    الاقتصاد المغربي في 2025 عنوان مرونة هيكلية وطموحات نحو نمو مستدام    بول بوت: العناصر الأوغندية افتقدت للروح القتالية    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب تايوان    كأس إفريقيا بالمغرب .. مباريات الأربعاء    انفجار دموي يهز العاصمة الروسية    فرنسا تندد بحظر واشنطن منح تأشيرة دخول لمفوض أوروبي سابق على خلفية قانون الخدمات الرقمية    مواجهات قوية للمجموعتين الخامسة والسادسة في كأس إفريقيا    انتصارات افتتاحية تعزز طموحات نيجيريا والسنغال وتونس في كأس إفريقيا    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    "الهيلولة".. موسم حجّ يهود العالم إلى ضريح "دافيد بن باروخ" في ضواحي تارودانت    عجز ميزانية المغرب يقترب من 72 مليار درهم نهاية نونبر 2025    فدرالية الجمعيات الأمازيغية تهاجم "الدستور المركزي" وتطالب بفصل السلط والمساواة اللغوية    طقس ممطر في توقعات اليوم الأربعاء بالمغرب    بكين وموسكو تتهمان واشنطن بممارسة سلوك رعاة البقر ضد فنزويلا    عاصفة قوية تضرب كاليفورنيا وتتسبب في إجلاء المئات    كأس أمم إفريقيا 2025.. بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية فضية من فئة 250 درهما ويطرح للتداول ورقة بنكية تذكارية من فئة 100 درهم    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المبادرة المغربية و أبعاد أزمة الصحراء
نشر في الحدود المغربية يوم 10 - 04 - 2010

يعتبر نزاع الصحراء الغربية من أعقد الملفات التي لازالت تراوح مكانها في أروقة منظمة الأمم المتحدة، و لقد شكل القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة بتاريخ 14دجنبر 1960
1960 الحافز الأساسي لطرح المغرب نزاع الصحراء أمام أنظار منظمة الأمم المتحدة، وبناءا على هذا القرار الذي يعرف باسم "إعلان منح الإستقلال للبلدان و الشعوب المستعمرة"، تنص المادة الثانية من هذا القرار على أن لكل الشعوب الحق في تقريرمصيرها، و بموجب هذا الحق تحدد الشعوب حرية نظامها السياسي و تواصل بحرية تنميتها الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية. و حتى لا يصبح مبدأ تصفية الإستعمار أداة من أدوات زرع الفتنة داخل الدول و أسلوبا لانتقاص من سيادتها ووحدتها ,أشار البند الخامس من القرار المذكور إلى
أن" كل محاولة تستهدف تدميرا جزئيا أوكليا للوحدة الوطنية أو السيادة الترابية
للبلد المستعمر تتعارض مع مبادئ و أهداف ميثاق الأمم المتحدة"
و يلا حظ أنه، بتكييف الأمم المتحدة نزاع الصحراء الغربية على أنه قضية تصفية
استعمار تكون بذلك قد استبعدت المشكل على أن تكون المنطقة متنازع بشأنها بين
المغرب و اسبانيا أو أنها منطقة مغربية لازلت تقبع تحت الإحتلال الإسباني، بل
إنها حسمت بشكل صارم في اعتبار المنطقة مستعمرة إسبانية يجب إعمال مبادئ
تقريرالمصير بشأنها(1(إزاء هذا الموقف المعادي لوحدة المغرب الترابية كمبدأ من مبادئ القانون الدولي قام المغرب بطرح ملف الصحراءعلى محكمة العدل الدولية لأجل أخد رأيها في مسألة الحقوق التاريخية للمغرب في الصحراء. و في رأيها الإستشاري ل 16 اكتوبر1975 أكدت محكمة العدل الدولية أن الصحراء لم تكن أرض خلاء، بل نص بوضوح، على أن هذا الإقليم كانت توجد به قبائل عند احتلاله من طرف إسبانيا وهو ما يفند الإدعاء الإسباني على أنها أرض خلاء، فضلا عن أنه
أكد على وجود روابط البيعة بين القبائل و سلاطين المغرب و المجموعة الموريتانية غير انه اعتبرأن هذه الروابط لا يمكن أن تلغي مبدأ تقرير مصير الشعوب كما نص
عليه القرار 1514 الصادر عن الجمعية العامة في دورتها الخامسة عشر(2)في هذا السياق، أعلن الملك الراحل الحسن الثاني في أكتوبر 1975، على تنظيم" *المسيرة الخضراء"* التي تمكن من خلالها تجاوز الحدود الوهمية في 6 نونبر 1975 الشيء الذي سيدفع إسبانيا إلى فتح مفاوضات مع المغرب و موريتانيا، والتي ستفضي إلى توقيع اتفاقية مدريد في 14نونبر 1975، نصت من خلالها على انسحاب اسبانيا من
الأقاليم الصحراوية ,تاركة للمغرب و لمورتانيا مهمة تدبير هذه الأقاليم. إلا أن نزاع الصحراء الغربية لم ينتهي عند حدود خروج اسبانيا، بل سيتخد خطا تصاعديا بالإعلان عن تأسيس جبهة البوليساريو سنة 1975 من قبل الصحراويين و التي
تعتبر وجود شعب صحراوي يجب أن يمارس حقه في تقرير المصير معلنة بذلك عن
قيام "*الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"* في فبراير1976(3)، وهذا يدعم الفرضية التي
تقول أن النزاع يراد له أن يستمر في اتجاه مصالح الأطراف الدولية و الإقليمية
ووفقا لاستراتيجياتها التي تعرقل قيام مغرب عربي قوي. إن اعتبار جبهة البوليساريو كممثل لشعب الصحراء من طرف الأمم المتحدة،منحها الحق في أن تشارك بشكل كامل في كل بحث عن إيجاد تسوية سياسية عادلة ودائمة و
نهائية لمشكلة الصحراء الغربية وهو الأمر الذي يعني من زاوية اخرى منحها صفة
الطرف المعني بالنزاع مباشرة (4)
بناء على ماسبق نلاحظ أن فشل المغرب في الدفاع عن استكمال وحدته الترابية يرجع
إلى عدة اسباب يمكن أن نجملها في التالي :
*أولا*: عدم قدرة مبررات الحقوق التاريخية التي يقدمها المغرب بالا ستدلال على
أحقية سيادته في الصحراء في إقناع الأطراف الدولية التي تكيف النزاع من خلال و
صفة حق الشعب في تقرير مصيره .
*تانيا*: التأكيد على أن نزاع الصحراء مندرج في إطار تصفية الاستعمار مما يجعل
المغرب يظهر بصورة المحتل لمجال ترابي بسبب غياب اية روابط قانونية تحظى
بالإعتراف الدولي .
وإزاء هذا الوضع المسدود، ظلت قضية الصحراء تراوح مكانها بين حق المغرب في
الحفاظ على وحدته الترابية و حق البوليزاريو في تقرير مصيره .
لاشك أن، المغالات في الترويج لحق الشعوب في تقرير مصيرها يفقد هذا المبدأ
مضمونه الإيجابي الذي كانت غايته القضاء على الإستعمار لا تفكيك الدول إلى
كيانات و مما يخلفه من اثار سيئة على الإستقرار الدولي ,وذالك بتحويله من هدف
تحرير الشعوب من الإستعمار إلى تشجيع حركات الإنفصال و تمزيق الكيانات الدولية
(5).
و رغم تباعد وجهات نظر الطرفين فإن الأمم المتحدة ,قامت بوضع الترتيبات الكاملة
لتنظيم عملية الإستفتاء في الصحراء الغربية ,بدءا بإقرار وقف إطلاق النار بين
الجانبين و إرسال بعثة الأمم المتحدة "*المينورسو*" لمراقبة وقف إطلاق النار في
الصحراء بمقتضى القرار 690 الصادر في 29 أبريل 1991.
علما أن، هذا الاستفتاء الذي راهنت الأمم المتحدة على تنظيمه بشكل مباشر لحل
هذه المشكلة سيصطدم بعائق أساسي يتمثل في تحديد هوية الأشخاص المؤهلين للمشاركة
في الإستفتاء(6)فالإستفتاء في نظر المغرب، يعني التأكيد على مغربية الصحراء و الإستفتاء في نظر
البوليزاريو هو الأداة القانونية لتحقيق الإستقلال التام عن المغرب. وبعد الإخفاقات التي شهدها مخطط التسوية الأممي و المأزق الذي وصلت إليه خطة الإستفتاء ظهربتاريخ 22 يونيو 2001 تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي
أنان الذي قدمه إلى مجلس الأمن ليغير بذلك السياق العام الذي شهده مسلسل التسوية الأممي منذ عام 1991 طرح من خلاله خطةالحل الإطارأوما يسمى بالحل السياسي *كبديل عن تنظيم الإستفتاء في مرحلته الأولى، و قد تمحورت بنود هذا
الحل خصوصا حول كيفية ممارسة السلطة بين المملكة المغربية و جبهة البوليساريو
على الشكل التالي. يمارس سكان الصحراء الغربية عن طريق هيئاتهم التنفيدية و التشريعية و القضائية
السلطة على إدارة الحكم المحلي و الميزانية و النظام الضريبي للإقليم و إنفاد
القوانين و الأمن الداخلي و الرعاية الإجتماعية و الثقافية و التعليم و التجارة
و النقل و الزراعة و التعدين ومصائد الأسماك و الصناعة البيئية و الإسكان و
التنمية الحضرية و المياه و الكهرباء و الطرقات و البنية الأساسية .
بينما تمارس المملكة المغربية السلطة الكلية على العلاقات الخارجية بما في ذلك
تعيين الحدود البحرية و الجوية و البرية وحمايتها بجميع الوسائل الملائمة
وجميع المسائل المتعلقة بإنتاج الأسلحة و المتفجرات وبيعها و حيازتها و
استخدامها و المحافظة على السلامة الإقليمية من أية محاولات انفصالية من داخل
الإقليم أو خارجه.و بالإضافة إلى ذلك يكون العلم و العملة و الجمارك و نظم
البريد و الإتصالات المعمول بها في المملكة هي نفسها المعمول بها في الصحراء
الغربية.
لقد رحبت المملكة المغربية باتفاق الإطار, كونه يتوافق مع الاطروحة المغربية،
فيما يتعلق بسيادة ووحدة المغرب على أراضيه الجنوبية بيد أن الجزائر وجبهة
البوليزاريو رفضت الإتفاق كونه يتعارض مع أطروحة الإستقلال الذاتي.
و بتاريخ 19 فبراير 2002 أدلى الأمين العام للأمم المتحدة بتقرير اخر تضمن أربع
خيارات .**
Ø مخطط التسوية القاضي بإجراء الإستفتاء
Ø مراجعة إتفاق الإطار دون توضيح مضمون هذه المراجعة ولا الشكل الذي يمكن ان
تتخده.
Ø تقسيم الأراضي .
Ø إنهاء مهمة المينوسو .
في مقابل ذلك، أثار التقرير إحتجاج المغرب ورفضه القاطع لأي نوع من أنواع
التقسيم أو المس بالوحدة الوطنية للمملكة المغربية و سيادتها على الأقاليم
الجنوبية، معلنا إلتزامه بالتفاوض بشأن حل عادل على أساس اتفاق الإطار الذي
اقترحه جيمس بيكر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة و الذي وافق عليه مجلس
الأمن.
وأمام استمرار العجز الأممي، في إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية، قام جيمس بيكر
في مستهل سنة2003 ببلورة مخطط أسماه* بخطة السلام* من أجل تقرير مصير شعب
الصحراء الغربية و يقوم هذا المخطط على العناصر التالية:
Ø اجراء الإستفتاء
Ø سلطة الصحراء الغربية
Ø توزيع الإختصاصات بين المغرب و سلطة الصحراء
فبمقتضى خطة السلام يتحمل المغرب مسؤولية إدارة العلاقات الخارجية لإقليم
الصحراء بما في ذلك، إبرام الإتفاقيات الدولية و يتشاور مع "سلطة الصحراء"
بإنتاج السلاح و المتفجرات و بيعها و امتلاكها و استخدامها كما يحتفظ المغرب
بكل رموز السيادة لا سيما ما يتعلق منها بالعلم و العملة و النظام الجمركي و
البريدي و نظام الإتصال و يعين للسهر على تدبير هذه القطاعات ممثلين بإقليم
الصحراء .
و فيما عدا هذه الإختصاصات، تضطلع سلطة الصحراء بمسؤلية الإشراف على كل
القطاعات الأخرى بما فيها الإدارة المحلية و الأمن الداخلي و شؤون الميزانية و
الضرائب و النشاط الإقتصادي.
اعترض المغرب على خطة السلام مرة أخرى، حيث حدد موقفه الرسمي في ضوء الحل
السياسي الذي يعتبره على أنه حل وسط، يتمثل في *الحكم الذاتي ضمن السيادة
المغربية، * بمقتضاه يسيرسكان الصحراء شؤونهم المحلية الخاصة مع الضامانات
الكافية و بدون الإخلال بامتيازات السيادة للمملكة المغربية و سلامتها
الإقليمية .
إن حل الحكم الذاتي بالشكل الذي يوافق عليه الطرفان و يقره السكان يستبعد بحكم
تعريفه إمكانية خيار الإستقلال الشيء الذي يفسر أن دخول المغرب في مفاوضات مع
أي طرف حول سيادته و سلامته الإقليمية أمر غير وارد.
و في هذا الصدد، يعد الحكم الذاتي وسيلة لتقاسم السلطة بهدف الحفاظ على وحدة
الدولة فضلا عن أنه يراعي مختلف مكونات السكان و يعد أيضا عامل استقرار.
* **II** ** **خيار المفاوضات انفراج للباب المسدود***
ما فتئ مجلس الأمن ، منذ سنة 2004 " يدعو الأطراف و دول المنطقة إلى مواصلة
تعاونهما التام مع الأمم المتحدة، لوضع حد للمأزق الراهن، ولإحراز تقدم نحو
إيجاد حل سياسي" اقترح مجلس الأمن على الأ طراف أن يدخلا في مفاوضات دون شروط
مسبقة و بحسن نية مع الأخد بعين الإعتبارالتطورات الأخيرة في الحسبان، و ذلك من
أجل التوصل إلى حل سياسي عاجل و دائم و مقبول للطرفين، بما يكفل لشعب الصحراء
الغربية الحق في تقرير مصيره. و يندرج هذا الإقتراح في إطار تطبيق قرار
1754.علما أن الأمين العام المساعد في الشؤون السياسية بالأمم المتحدة لين
باسكو قد اشار في افتتاح هذه المفاوضات، إلى أن نجاح أو فشل المفاوضات سيكون
رهينا في آخر المطاف بتوفر الإرادة السياسية للأطراف لتسوية خلافاتهم عن طريق
الحوار و بروح من التوافق.
وعلى الرغم من أن الطرفين أكد احترامهما لمبدأ تقرير المصير و قبولهما لقرار
1754، فإن مواقفهم تبقى متباعدة بخصوص إعطاء تعريف لتقرير المصير حيث ترى
جبهة البوليساريو مبدأ تقرير من زاوية الإستفتاء المفضى إلى الإستقلال، أما
المغرب فيرى أن تقرير المصير لايعني الإنفصال الذي يمس سيادته و يزعزع استقراره
بل يطرح خيار الحكم الذاتي كشكل حديث من أشكال تقرير المصيروهو بذلك يعمق
النقاش حول هذه الفكرة و يدفع المفاوضات باتجاهها.
إن آلية التفاوض ليست بسيناريو جديد في تدبير نزاع الصحراء، إذ مارسه الطرفين،
لوقف إطلاق النار وكذلك مورس بشأن خطة التسوية، وذلك، لكي يبقى نجاح عملية
التفاوض مرتبطة بإيجاد صيغة بإمكانها ان توقف بين مطلب الشرعية الدولية المبني
على حق الشعب في تقرير مصيره و الأخد بعين الإعتبار الواقع السياسي.
إن نجاح المفاوضات من الجانب المغربي مرتبط أساسا بمعطيين:
*أولا:* مشاركة أعضاء منحدرين من الأقاليم الجنوبية،و نخص بالذكر المجلس الملكي
الإستشاري للشؤون الصحراء، ضمن الوفد المغربي في مفاوضات مانهاست، حيث تجاوز
فكرة التمثيلية الإنفرادية للبوليساريو لسكان الأقاليم الصحراوية، فالمغرب عمل
على إقصاء المكون الصحراوي في جل مراحل النزاع و هو ما عبر عنه أحد الصحراويين
بالقول إن كل اللقاءات من لشبونة إلى هيوستن مرورا بلندن لا وجود فيها للطرق
الصحراوي الداعي إلى الوحدة .....لذلك فتكوين نخبة وحدوية حقيقية في الصحراء هي
التي ستمكن من مواجهة الاطروحة الإنفصالية(7) .
*تانيا:** *إن مبادرة الحكم الذاتي تحظى بدعم دولي و أممي وهنا يبقى على المغرب
أن يبرز قدرته على استثمار التغيير الحاصل في خطاب الأمين العام للأمم المتحدة
و مبعوثة حيث يقول السيد فان والسوم { إنني مع الرأي القائل بأن تقرير المصير
لا يعتبر بالضرورة مرادفا للإستقلال ... إن المفاوضات هي الوسيلة المناسبة
للتعبير عن تقرير المصير وبذلك كيفما كان شكل و مضمون الإتفاق الذي قد ينشأ في
هذه المفاوضات فهذا الإتفاق يعتبر في حد ذاته و خارج أي استشارة استفتائية
ممارسة لحق تقرير المصير}.(8)**
* ** **III** **الإطار الدولي للمفاوضات*
أولت معظم التحليلات جانبا أساسيا من اهتماماتها لطبيعة الإطار الدولي المرتبط
بعملية التسوية في المرحلة الراهنة و لقد ركزت على ثلاثة قوى الأمم المتحدة
أروبا الغربيةالولايات المتحدة الأمريكية.
فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية و لدورها في مفاوضات الحكم الذاتي يمكن
استكشاف خطين اساسيين:
*أولهما**: *يميل إلى أن الولايات المتحدة تبذل الكثير من أجل إيجاد حل لنزاع
الصحراء الغربية و أنها تسعى إلى دفع الأمم المتحدة إلى ضمان حل يساعد على
الإعتراف بدولة مستقلة لصحراويي جبهة البوليساريو منذ اكتشاف حقول جديدة
للبترول و الغاز الطبيعي في جنوب البلاد(9) .
*تانيهما**: *يذهب إلى أن اعتبارات الأمن و الإستقرار في مناطق من العالم تشكل
أولوية لدى الإدارة الأمريكية و هو ما يفسر عدم تحمس و.م.أ لحد الساعة لاستقلال
الصحراء ,لأن خلق دويلة صغيرة في الفضاء المغاربي يعاني مسبقا من تراكم
النزاعات و التوترات من شأنه أن يكرس عدم الإستقرار،فإكراهات مواجهة مخاطر
الإرهاب الدولي في منطقة الساحل و الصحراء تعد الحافز الأول الذي ساعد على
بلورة مسلسل مانهاست و قد يكون المحرك أيضا لإيجاد تسوية بين طرفين لذلك
فإن الولايات
المتحدة ترى في مبادرة الحكم الذاتي حلا قابل للتفاوض.
أما بالنسبة لأوربا الغربية فسيتم التركيزعلى كل من فرنسا وإسبانيا .
ففرنسا تحاول أن يكون لها تأثير في أي نزاع في منطقة نفودها بامتياز، ورغم ما
يقال عن الموقف الفرنسي من ميل للأطروحة المغربية يبقى غامضا حتى الآن، حيث
صرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أن الوقت قد حان لإيجاد حل دائم لنزاع
الصحراء لأن استمراره يعيق بشكل واضح تقارب البلدان المغاربية و مواجهة
التحديات التي تواجهها إن من حيث طموحات شعوبها أو من جهة مكافحة الإرهاب.
و تعتبرإسبانية كقوة إقيلمية في المنطقة المغاربية ولها وزن خاص في هذا الملف
كونها قوة استعمارية سابقة للصحراء .لذلك فإن مواقفها ليست تابثة بشأن الصحراء
بل تتأرجح بين ثلاث خيارات أساسية (10).
*الخيار الأول: *يتبنى الدفاع عن الحكم الذاتي , وينطلق أنصارهذا الحل من
الأطروحة القائلة أن أمن اسبانيا مرتبط بمدى استقرار الوضع في المغرب و بالتالي
فانتشار نسبة التطرف في المغرب و تزايد نسبة المهاجرين السريين تهدد أمن و
استقرار اسبانيا, لذلك فإن إسبانيا ترى في الحكم الذاتي حلا بين المغرب و
البوليساريو.
*الخيار الثاني: *يميل إلى تأييد الحكم الذاتي كحل لنزاع الصحراء،و ذلك مشروط
بتقديم المغرب تنازلات أبرزها، تخلي المغرب عن مطالب تصفية الإستعمار في مدينتي
سبتة و المليلية و الجزر الجعفرية .
*الخيار الثالث *يقوم على حرمان المغرب من الصحراء و هو موقف قديم يعتمد على أن
المغرب يشكل مصدر خطر على الأمن القومي لإسبانيا.* *
*لاهروب من الحكم الذاتي*
من الصعب، فعلا أن نجد طريقا وسطا بين الوجهتين، فالمغرب يربط تقرير
المصيربالحكم الذاتي كآلية من آليات الحكم الديمقراطي، حيث يخول من خلاله لسكان
الصحراء تدبير شؤونهم الداخلية،هذاالسيناريو لحل نزاع الصحراء الغربية قد
لايبدو مرغوبا فيه من طرف جبهة البوليزاريو التي ترى في مشروع الحكم الذاتي
آلية لتقريب الحكم إلى صيغة دولة مستقلة عن السيادة المغربية و هو بالمقابل
سيناريوغير وردي بالنسبة للمغرب لأنه يمس وحدته الترابية.
فهذا التناقض بين المغرب و البوليزاريو حول تقرير المصير قد يضعف من احتمال
إيجاد حل دائم و متوافق عليه بين الطرفين مما قد يحول المنطقة إلى بؤرة توتر،
خصوصا و أن سيناريوهات المستقبل المنظور لمنطقة ا لمغرب العربي تعج بلأزمات
منها التطرف، إرهاب، التفكك، الهجرة السرية... وهي هواجس تنتاب الكثير من
المتابعين و المراقبين للوضع في دول المغرب العربي، ولكن بالرغم من ذلك يمكن
تصور سيناريو أكثر تفاؤل إذا ماتم إيجاد حل دائم لمشكلة الصحراء،حيث ستكون
المنطقة ترفل بالإزدهارو الإستقرار و يتحقق لإندماج الإقليمي بين دول المغرب
العربي، إذ أصبح اليوم من الضروري التوصل إلى اتفاقية سواء بالنسبة لتطبيق
الحكم الذاتي أو بالنسبة لصلاحيات هذا الحكم،لأنه في النهاية لايمكن الهروب من
الحكم الذاتي كحل استراتيجي للمنطقة.
**هند بطلموس ، باحثة في قسم العلاقات الدولية ،جامعة محمد
*المراجع
1) أحمد بودراع،ملف الصحراء المغربية في الأمم المتحدة"السيرورة و المآل،مجلة
وجهة نظر، العدد 28،السنة2006، ص31
2) الحسان بوقنطار،السياسة الخارجية المغربية:الفاعلون و التفاعلات،
طبعة2002،بابل للطباعة، المغرب،ص59
3) محمد اتركين، نزاع الصحراء في مغرب "العهد الجديد رؤية بمنظار التقارير
الدولية،مجلة وجهة نظر، العدد 38، السنة2007، ص22
4)مونية رحيمي،نزاع الصحراء المغربية في إطار السياسة الخارجية الأمريكية،بحث
لنيل الدكتورة،جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و
الإجتماعية، المغرب،سنة 2005 ،ص196
5) عبد الهادي بوطالب ،محاضرة ألقاها بوزارة الخارجية المغربية و التعاون تحت
عنوان الجانب السياسي القانوني في قضية تحرير الإقليم الصحراوي، مارس 2005
6) الحسان بوقنطار ، مرجع سابق، ص66
7) محمد أتركين، مرجع سابق ، ص26
[image: 8)] أنظر الموقع الإلكتروني لوكالة المغرب العربي للأنباء
www.map.ma
9) مونية رحيمي ،مرجع سابق،ص 500
10) حسين المجدوبي، ملف الصحراء في استراتيجيات الدول الكبرى، مجلة وجهة
نظر،العدد 28 سنة 2006،ص19


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.