حريق كبير قرب مستودع لقارورات غاز البوتان يستنفر سلطات طنجة    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    حكيم زياش يتألق في مباريات غلطة سراي    احتجاج تيار ولد الرشيد يربك مؤتمر الاستقلال    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    بوزنيقة : انطلاق المؤتمر 18 لحزب الاستقلال بحضور 3600 مؤتمر(فيديو)    حالة "البلوكاج" مستمرة في أشغال مؤتمر حزب الاستقلال والمؤتمرون يرفضون مناقشة التقريرين الأدبي والمالي    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    طقس السبت: أمطار وطقس بارد بهذه المناطق!    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    رئيس بركان يشيد بسلوك الجمهور المغربي    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. إطلاق هاكاثون الذكاء الاصطناعي للفلاحة القادرة على الصمود أمام التغير المناخي    فضّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية: ماذا تقول قوانين البلاد؟    المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات : المغرب مركز أعمال من الطراز العالمي    بركة يتهم النظام الجزائري بافتعال المؤامرات وخيانة تطلعات الشعوب المغاربية    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    شبكة جديدة طاحت فالشمال كتبيراطي شبكات الاتصالات الوطنية وها المحجوزات    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    أكبر صيد أمني منذ عشر سنوات.. 25 طنا من الحشيش المغربي تدخل أوروبا    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. الشباب السالمي يتعادل مع ضيفه مولودية وجدة 0-0    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شرفاء» بويا عمر: على وزير الصحة أن يعتذر وإلا غضب منه»بويا عمر» !

مركز بويا عمر وجدناه كما كان في السابق، مظاهر البؤس بادية على كل شيء، الزقاق المؤدي الى الضريح عبارة عن أوحال ودكاكين على اليمين واليسار تعرض مختلف البضائع خاصة منها المتعلق بطقوس زيارة الضريح من بخور وحناء وشموع وغيرها.. بعض المتشردين باسمالهم يمدون اليد لاي مار، ويتوجهون نحو اي سيارة تبدو غريبة.. ابواب تحمل لوحات تشير الى انها محلات للكراء، قال مرافقنا وهو احد حفذة «بويا عمر «وكان رئيسا لجمعية شرفاء بويا عمر وهو عضو جماعي وعضو في مجلس الجهة، قال لنا بان هناك محلات ودور كثيرة تعرض على زائري المركز للكراء، ودور اخرى محيطة بالضريح، اخبرنا ان بعضها لغرباء يستضيفون فيها المرضى، او بالاحرى يحتجزونهم هناك مقابل قدر مالي يبلغ ما بين 500درهم و1500 درهم للشهر، وكل دار تضم العشرات مقيدين بالسلاسل وفي ظروف غير إنسانية..»
على وزير الصحة الحسين الوردي ان يعتذر امام شرفاء بويا عمر عن كلامه «يا انا يا بويا عمر».. لا مانع من تنقيل المرضى الى المستشفيات، لا لإغلاق ضريح بويا عمر، هذه مطالب حفذة بويا عمر، وهذا ما عبرواعنه للاتحاد الاشتراكي التي انتقلت الى عين المكان عقب الاحتجاجات المضادة لقرار وزير الصحة المتعلق باغلاق الضريح بشكل نهائي..
مركز بويا عمر وجدناه كما كان في السابق، مظاهر البؤس بادية على كل شيء، الزقاق المؤدي الى الضريح عبارة عن أوحال ودكاكين على اليمين واليسار تعرض مختلف البضائع خاصة منها المتعلق بطقوس زيارة الضريح من بخور وحناء وشموع وغيرها.. بعض المتشردين باسمالهم يمدون اليد لاي مار، ويتوجهون نحو اي سيارة تبدو غريبة.. ابواب تحمل لوحات تشير الى انها محلات للكراء، قال مرافقنا وهو احد حفذة «بويا عمر «وكان رئيسا لجمعية شرفاء بويا عمر وهو عضو جماعي وعضو في مجلس الجهة، قال لنا بان هناك محلات ودور كثيرة تعرض على زائري المركز للكراء، ودور اخرى محيطة بالضريح، اخبرنا ان بعضها لغرباء يستضيفون فيها المرضى، او بالاحرى يحتجزونهم هناك مقابل قدر مالي يبلغ ما بين 500درهم و1500 درهم للشهر، وكل دار تضم العشرات مقيدين بالسلاسل وفي ظروف غير انسانية..»
وجدناالاشغال في الساحة المقابلة لباب الضريح، ويبدو ان الامر يتعلق بتزيين الواجهة.. ولجنا ساحة الضريح، رأينا جلد خروف يبدو انه لذبيحة حديثة، على يمين الساحة ويسارها بهوان كبيران مسيجان بدربوز حديدي وبداخلهما آدميون، منهم من يتناول طعاما، ومنهم من هو ممدد ارضا، ومنهم من يروح ويغدو على طول البهو وكانه يمارس رياضة ما، اما المدخل الصغير للضريح ففيه نسا متمددات اخرون يطلون علينا من الداخل وكانهم احسوا باناس غرباء.. الى جانب القبر المغطى بقماش اخصر والمخطوط بكتابات قد تكون ايات قرأنية، ويبدو صندوق الضريح مقفلا بعدة اقفال ومربوط الى جانب القبر بسلاسل حديد.. قدم لنا مرافقنا بعض حفدة بريا عمر.. ودون مقدمات قالوا لنا:
«نحن لسنا ضد قرار الترحيل منذ سنوات ونحن نطالب بتحسين ظروف النزلاء.. الشرفاء لا يتسلمون سنسا واحدا من المرضى، والمرضى لا يقيمون داخل الضريح، بل ان اسرهم تزور وتتبرك بالوالي الصالح ، قد يمكثون بضع ساعات تم يخرجون حيث هناك اشخاص غرباء يحتضنون مرضاهم بمقابل محدد»
واضافوا:«نعم نحن لسناضد الترحيل بشرط ان تتم العناية بهم، ونحن اول من فكر في بناء نزل او ملجأ خيري يتسع ل 1200سرير سنك 1993 وطلبنا قرضا من القرض الفلاحي قدره 350 مليون سنتيم، لكن نزاعاتنا اختلافاتنا داخل جمعية الشرفاء عطلت هذا المشروع.. كنا نريد ان تساهم معنا الدولة وتوفر لنا اطباء نفسانيون وحتى ان لم يكن دائمي الحضور ان يتوافدوا على المرضى مرة في الاسبوع.. كان حلما جميلا ولكنه للاسف لم يكتب له ان يتحول الى واقع..»
اعدنا سؤالنا حول القدر الذي يتقضاه هولاء من عائلات كل مريض ؟أجابوا :
«مرة اخرى نحن لا نتقاضى اي شيء ولا نحتجز المرضى، والضريح هو للزيارة الروحية ليس الا.. ياتيه الكثيرون ممن يثقون في كرامات وبركة «بويا عمر» من مختلف انحاء المغرب، ومن الجزائر ومختلف الدول المغاربية ومن مصر ومن دول الخليج، لكن هؤلا الذين يوظفون بيوتهم هم من يستفيذ ماديا او على الأصح يستغلون عائلات المرضى خاصة منهم المدمنين على المخدرات خاصة كالكوكايين وغيرها، فعائلات هولاء ومنهم القادمين من اروبا يدفعون ما يفوق الستة الاف درهم عن كل مدمن في الشهر.. طبعا هؤلاء بكل تأكيد هم ضد قرار الوزير.. لان منهم من يتقاضى أجرا شهريا يفوق أجر الوزير نفسه ..»
واضافوا:
«انهم يحتجزونهم في ظرف غير انسانية في زنازن سرية و في واضح النهار.. .دور محادية لهذا الضريح يعتقل في حجرها ادميون مكبلين بالسلاسيل في ايديهم وارجلهم.. كل دار فيها خمسين او سبعين مريض دون ترخيص ودون مراقبة يعانون المرض الذي انهك عقولهم، والاحتجاز الذي دمر فسحة الامل في قلوبهم.. اننا نستنكر ما يقع داخل هذه الزنازن واشرفاء ابريا من هذا الذي يقع»
وفي نفس السياق قال عضو بجمعية شرفاء بويا عمر أن حفدة بويا عمر ناضلوا أكثر من 40 سنة من اجل إيقاف هذا العبث بالنزلاء الذين يعيشون حياة مستلبة غير كريمة بسبب المعاملة القاسية التي يتعرضون لها من طرف لوبي يتحكم في ذمم المرضى النفسيين عن طريق الاستغلال و نهب عائلات المرضى مقابل الاعتناء بهم. لكن ما يقع عكس ذلك حيث يتم اعتقالهم في بيوت و براريك تحيط بالضريح اقل ما يمكن أن يقال عنها إنها زنازين تنعدم فيها شروط العيش، و يعاملون فيها معاملة قاسية من طرف هذا اللوبي، مقابل مبالغ مالية ضخمة حيث يتراوح ثمن تكلفة الفرد الواحد مابين 300 إلى 400 درهم في الشهر. و يحققون أرباحا تكاد تصل إلى 10000 درهم في الشهر. وان هذا اللوبي يعمل جاهدا في محاولة للضغط من أجل إبقاء الوضع على ما هو عليه، والذي يحفل بريع مالي وفير و بمظاهر للانتهاكات الخطيرة، والتي لاتصل فقط إلى المعاملة السيئة، بل إلى الاستغلال الجنسي والاتجار في البشر بالنسبة للنساء والفتيات، كما يستغل المكان محتجزا لبعض الأشخاص ذوي الحقوق في قضايا تهم الإرث.
استغربنا لهؤلاء الذين استنكروا ما يقوم به من يحتجزون المرضى في هذه الظروف غير الانسانية وهم انفسهم من يوفر هذه السلاسل التي تقيد المرضى.. يقول رئيس جمعية الشرفاء السابق المعروف بقزيبر:
« تلك السلاسل هي( باروك) تم لا تنسوا ان المريض قد يأتيه الصرع وقد يضرب اخر بحجرة أو يقتله، وأعتقد أن القتل أكثر خطورة من تلك السلاسل، وهناك من قد تأتيه حالة ما ويرمي بنفسه من أعلى، بل إن أحدهم واجه سيول واد لأزيد من أربعة عشر كيلومترا، انه سلاسل مباركة .. ليت قيودا بل انها مبنية بالبركة»
استغربنا الأمر، قيود وأصفاد يصفونها بانها مباركة..
قلنا لمحدثنا لكن لضريح بويا عمر مداخيل مالية مهمة كانت السلطات في زمن ما قد تدخلت فيها، فكم هي هذه المداخيل السنوية لصندوق الضريح فقال:
« صندوق الضريح كان مدخوله السنوي يبلغ 50 مليون سنتيم، وكان ذلك موزعا بالتناوب على 16 نوبة، ولكن نظرا للعديد من المشاكل التي كانت تحصل في هذه العملية تم الغاء التناوب وحلت محله عملية كراء للشخص الذي يريد ذلك وفق كناش تحملات مضبوط.. كان هناك موسم سنوي والكثير من المنافع تم إنجازها من خلال ذلك، كتعبيد الأربع كيلومترات من الطريق المتجه نحو الضريح والتي تم إنجازها بغلاف مالي بلغ 70 مليون سنتيم، تم حفر ابار، استفادت مساجد الدواوير الستة عشر للقبيلة، كل ذلك من مداخيل بويا عمر، لكن حينما وقع النزاع توقفنا عن السير في ذالك البعد الذي كنا نمشي نحوه..»
حفدة بزيا عمر عبروا عن المهم إزاء ما فاه به وزير الصحة الحسين الوردي.. ولن يهدأ لهم بال إلا إذا قدم إلى المنطقة واعتذر، يقولون:
«لابد للوزير ان يعتذر للشرفاء عن كلامه:» يا أنا يا بويا عمر» انه كلام اقلقنا ومس الوالي الصالح .. «تم استطردوا قائلين:
«علاه كَاد على بويا عمر؟!!» عليه ان يعتذر وإلا فبويا عمر صعب ..»
مرافقنا الرئيس السابق لجمعية الشرفاء كان يتحدث بإعجاب كبير مشفوع بثقة وخشوع، حيث تحدث عن الكثير من المعتقدات والأساطير التي يؤمن بها، بل يريد من الآخرين الاعتقاد بها كما لو كان الزمن توقف في محطة محددة لا تعترف بكل التحولات التي عرفتها العصور بل لا تعترف لا بالتكنولوجيات والتطورات العلمية الحديثة، قال :
« بويا عمر تتلمذ في الزاوية الناصرية بتامكروت بدرعة وهناك تعلم علم النفس، وحين مجيئه إلى هذه المنطقة حمل معه جذور نخلتين لازالتا إلى اليوم منذ عهد السعدين، كان يتظلل تحتهما وهو يعلم الإنس والجن..»
صمتنا.. ارتسمت أمامنا الكثير من علامات التعجب، تركنا صاحبنا يغوص في كرامات وعجائب وأساطير جده وقدرته على التواصل مع الإنس والجن..
لكن عودة ضريح بويا عمر إلى الواجهة لم تأتي إلا نتيجة قرار وزير الصحة بإغلاق هذا الضريح بشكل نهائي ونقل نزلائه البالغ عددهم ما يفوق الألف نزيل إلى مختلف مستشفيات الأمراض العقلية، ما جعل هذا القرار يخلق زوبعة بين مؤيد ومعارض، بل بلغ الامر ان تم تنظيم وقفات احتجاجية من طرف عائلات المرضى امام مقر عمالة قلعة السراغنة.. مستغربين الكيفية التي يمكن بواسطتها نقل المرضى وكيف سيتم توزيعهم عبر مستشفيات الامراض العقلية..? وقد ردد المحتجون شعارات تدين هذا القرار الذي اتخذه وزير الصحة ولازال ملحا على تفعيله وأجرأته . وتساءل ذووا وأقارب الضحايا باستغراب عن الكيفية التي سيتم بها القيام بهذا الإجراء واعتبروه سلوكا لا أخلاقيا خصوصا وأن ضريح بويا عمر يوفر المأوى والمسكن والرعاية للمرضى وأن تجربتهم مع المستشفيات العمومية هي التي دفعتهم لطلب خدمات ضريح بويا عمر ،فالمستشفيات العمومية تنعدم فيها الرعاية الإجتماعية وأن سلة العلاجات الخاصة بالمرضى النفسيين والعقليين لا تتعدى في أغلبها مدة أسبوع وبعدها يتم تسريحهم إلى الشوارع دون رعاية. وقد أكد أهالي المرضى أن أبناءهم المرضى قد أصبحوا يشكلون خطرا عليهم وأن ضريح بويا عمر هو المكان المناسب لهم . بالاضافة الى عدم طرح الوزير لبديل كفيل بإيواء المرضى والنزلاء في ظروف صحية واجتماعية مريحة..
بويا عمر الذي صار اسما لمحتجز كبير لمئات من الضحايا ، تحولت مأساتهم إلى مصنع
لثروات هائلة لدى البعض، مثلما تحول إلى وصمة عار تسيء إلى المنطقة بكاملها، و للإسم الذي يحمله هذا الضريح و للشرفاء من أحفاده ، لم يعد اليوم ، بعد التحدي الذي أطلقه الحسين الوردي وزير الصحة ، مشكلة تخص الدولة ، بل غدا ثقلا كبيرا يتساءل العاملون في المؤسسات التي سينقل إليها المحتجزون بعد تحريرهم، كيف ستحملونه.
ففي مستشفى سعادة للأمراض العقلية بمراكش، يسود غليان كبير في أوساط الطاقم العامل هناك ، بعد أن نزل هذا القرار بسرعة ، وشرعت إدارة المستشفى في التهييء لاستقبال المرضى الذين سيحالون عليه . يقول أحد الممرضين «ملف بويا عمر، لا يختلف اثنان أنه يشكل وصمة عار لمغرب القرن الواحد والعشرين.. ومع ذلك ينبغي أن نكون موضوعيين، ونقر أن هذا الملف يحتاج الى سياسة شمولية وإرادة قوية من طرف الجميع..»
ما يعاب على خطوة وزير الصحة من قبل العاملين بمستشفيات الأمراض العقلية ، ومؤاخذتهم لتحديه «يا أنا يا بويا عمر» الذي رفضه الشرفاء حفدة الولي بويا عمر، واعتبروه إهانة في حقهم ، لكون الضريح يكتفي بأداء دوره الروحي، و لم يحدث أبدا أن كان محجزا لأحد، ما يعاب على هذه الخطوة هو أن وزير الصحة اعتمد استراتيجية مشكوك في نجاعتها؛ بحيث يقول بأنه أطلق» قافلة كرامة» التي ستتكلف بكل نزلاء بويا عمر، لكن دون اتخاذ اية إجراءات مسبقة ودون إشراك الاطر الطبية والتمريضية في المستشفيات التي ستستقبل هؤلاء المرضى..
ويتحدث أحد العاملين بقطاع الصحة بمراكش، عن الأجواء المشحونة التي تُنفذ في إطارها هذه العملية قائلا « أعطى الحسين الوردي تعليماته للمدراء الجهويين للصحة ، ومنهم المدير الجهوي لمراكش الذي قام بدوره بإنزال هذه التعليمات كالصاعقة على مستشفى السعادة للامراض النفسية بمراكش، فاستنفر كل الاطر الطبية والتمريضية والادارية به، والذين أخبروا بأن الوزارة ستضيف 100 سرير، لاستقبال المرضى المرحلين من بويا عمر.. مع العلم أن المستشفى يأوي 40 نزيلا يتكفل بهم 15 ممرضا فقط ، سبعة لجناح النساء و8 لجناح الرجال. وظل العاملون يشتكون من الخصاص الكبير في الأطر التمريضية به، وعوض ان يتم تطعيم الطاقم بما يكفي من الممرضين ، ضاعفت الوزارة عدد النزلاء عدة مرات ببرمجة ترحيل 100 من مرضى بويا رحال... الوزارة قالت أنها ستضيف تسعة ممرضين آخرين، لكنهم لن يكونوا بالكفاية اللازمة لاستيعاب العدد الكبير من المرحلين».
نفس المصدر أكد أن المدير الجهوي بعث في اليوم الموالي مقاولا لترقيع ما يمكن ترقيعه بالمستشفى ، وذلك تمهيدا للزيارة التي سيقوم بها الوزير ليدشن حملته التي سماها حملته المسماة قافلة الكرامة .
ولإزالة لكل لبس يقول العاملون بهذا المستشفى، أنهم ليسوا ضد عملية إجلاء محتجزي «بويا عمر « بل يعتبرون أن هذه العملية تأخرت أكثر من اللازم . لكنهم يطلبون استعدادا أكبر ، وتنسيقا أوسع ، و تنظيما أنجع لكل الطاقات ، وتوفير كل المستلزمات و الوسائل، للحلولة دون تحول المستشفيات التي سينقل لها المحتجزون ، إلى «بويا عمر» جديد ، لكن هذه المرة تحت إشراف وزارة الصحة .
«الوزير الوردي لم يُقدم شيء لمستشفيات الأمراض العقلية ، رغم أن تقريرا سابقا ، وصف وضعها بالكارثي .. ورغم ذلك اختار الوزير الحالي مسرحة مشكل «بويا عمر» وتحويله إلى عرض مفتوح للعموم من أجل منفعة سياسية .. مستشفى السعادة بمراكش مثلا ورغم الخدمات التي قدمها منذ تدشينه من طرف جلالة الملك ، لم يعرف أدنى التفاتة من الوزارة، رغم التقارير والاحتجاجات الي كان سببها المشاكل التي يتخبط فيها والناتجة عن النقص الكبير الذي يعانيه فيما يخص الوسائل والإمكانات البشرية، بالنظر إلى الضغط الذي يتحمله .. أكثر من هذا أنه تعرض للاستنزاف من قبل بعض مندوبي وزارة الصحة . حيث حولت بعض الآليات اللوجستيكية التي كان يتوفر عليها إلى وجهات أخرى، من قبيل جهاز راديو ستاندار الذي حُول إلى الصويرة، والجهاز الخاص بالتخطيط الدماغي، وتعطيل جهار الصدمات الكهربائية والمختبر، وتعطيل الورشة الخاصة بالإصلاح..»
هذه الشهادة التي تعود لموظف من داخل مستشفى السعادة، تسائل الوزارة عن الوضع الذي سيوجد عليه مرضى «بويا عمر». فهذا الإطار الذي خبر خفايا حالة المستشفى المذكور ، يعتبر أن وزير الصحة اليوم أمام مسؤولية أكبر. لأن الأسوأ الذي لن يكون مقبولا، هو أن يصبح البديل لحل مشكل بويا عمر، أردأ من المشكل في حد ذاته. ولاسيما في ظل النقص الحاد في كل شيء الذي تعانيه مستشفيات الأمراض العقلية، وقلة الأطر التمريضية التي ستعتني بالمرضى وضعف التجهيزات ..
ويقول عامل آخر بقطاع الصحة بجهة مراكش «عوض أن يتم تطوير العرض الصحي الخاص بالأمراض العقلية والنفسية، ألغى الوزير الحالي إنشاء سبعة مستشفيات للأمراض العقلية كانت ستُبنى في إطار برنامج 2012 2016، و لم يتم إصلاح أي مستشفى بعد تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان».
يبدو أن مشكل «بويا عمر» لم يسمح فقط بكشف الغطاء عن واقع فظيع لا يليق ببلد يزعم لنفسه أنه يحترم حقوق الإنسان ويضمنها ، بل كشف الوضع المزري للبنيات الصحية، وقصور تصور الوزارة الوصية على القطاع ، و ضعف تدخلها لتأمين الحق في العلاج. لذلك ينتظر العاملون في مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية، أن يتحول هذا الملف إلى قنبلة موقوتة سيذوي مفعولها في أرجاء هذه المؤسسات . يقول أحد الفاعلين بقطاع الصحة في هذا الصدد «لم تُرس وزارة الوردي قواعد المقاربة الشمولية، ولم تضع خريطة صحية شمولية تراعي كل المقاييس والمعايير الدولية والوطنية الخاصة بمستشفيات الأمراض العقلية، وخلاصة القول فالوزير يريد أن يوظف ملف بويا عمر سياسيا لا أقل ولاأكثر، بحيث أنه يريد إغلاق بويا عمر الذي يعمل في الفوضى والعشوائية والنصب والاحتيال والاسترزاق على حساب مآسي المواطنين، الذين يقعون ضحايا كل أنواع التعذيب تحت أعين السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية، ويفتح «بويا عمر» في نسخ جديد تحت إشراف وزارة الصحة، حيث سيكون هناك اكتظاظ في المستشفيات، و تدني في جودة الخدمات، وضعف في العناية بسبب قلة الأطر التمريضية ..»
والبديل الذي يقدمه هؤلاء لتبديد حالة القلق إزاء مآل عملية كرامة ، هو اتخاذ إجراءات متكاملة لتحسين ظروف استقبال مرضى بويا عمر وغيرهم، وفي مقدمة هذه الإجراءات: توفير ما يكفي من الممرضين للعناية بهم، بتحقيق معيار 13 ممرض على الأقل لكل جناح ، و توفير الأدوية وكل وسائل العلاج، والملبس و التغذية، وتوفير الحراسة العامة ل 24 ساعة متواصلة، ورفع عدد الحراس الخاصين ، و عاملات النظافة، و توفير ما يكفي من تقنيين في ورشة الإصلاح والترميم ..
عملية كرامة. اقفال بويا عمر، تحويل مئات المرضى إلى مستشفيات للأمراض النفسية والعقلية هي اصلا مجرد بنايات بلا مواصفات ما جعل هيآت حقوقية دولية تعتبرها معتقلات تفتقد إلى ابسط شروط الانسانية ووصفتها بأنها معتقلات، أليست قنابل ستنفجر لتحدث عشرات ال»بويا عمر» ولا نقصد الوالي الصالح بل نقصد زنازن المرضى المحادية لضريحه..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.