كانت ندوة " المرأة المغربية بين المحافظة والتحديث " فرصة سانحة لربط جسور الحوار والتواصل وإحياء دينامية السؤال الثقافي والفكري مع ثلة من الفعاليات السياسية والحقوقية والنقابية والجمعوية التي حضرت بكثافة لدار الشباب الأمل باليوسفية يوم الجمعة 25 مارس الجاري، رغم الغياب الاضطراري للأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد الدكتورة نبيلة منيب ،الندوة قام بتسييرها الباحث الأستاذ مصطفى حمزة الذي قدم الدكتور كمال الهشومي الكاتب العام لجمعية الشعلة للتربية والثقافة والأستاذ الجامعي الباحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء . وقد جزء كمال الهشومي مداخلته إلى مقاربتين مرتبطتين بالمقاربة الدستورية والمجتمعية لاستجلاء أهم الإمكانات المتاحة دستوريا وإشكالات النصوص القانونية التي أتاحت للمرأة المغربية فرص الترافع على كل مطالبها الآنية للارتقاء بوضعيتها انسجاما مع التزامات المملكة مع المعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة، وأضاف ذات المحاضر أن هناك مجهودات كثيرة بذلت لجعل المرأة تحتل موضوعا مهما في الصياغة الدستورية بفضل نضالات الحركة النسائية خلال العقود الأخيرة مما جعل المرأة المغربية في وضعية أكثر استقطابا للمواجهات والمنافسات والرهانات، وأصبحت قضيتها تتخذ مختلف أشكال التوظيف والتأويل والاستثمار الإيديولوجي والسياسي من مختلف الجماعات والأفراد، الشيء الذي جعل المرأة كذلك توجد في قلب المنافسات والصراعات المادية والرمزية ورهانا أساسيا لكل الخطط والاستراتيجيات حسب مداخلة كمال الهشومي. ولم يفت المحاضر أن يربط بين الدين والسلطة والمرأة كمعادلة ثلاثية العوامل استحضرها لمناقشة الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز من حيث التساوي التام بين الرجل والمرأة في الحقوق والحريات المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتقاطعها مع هيئات ومجالس أخرى ( الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة / الوسيط / المنافسة / الهاكا ....)، وأكد على أنه يستوجب حدوث تحول كيفي في المجتمع المغربي وفي الثقافة التي تحكمه وتحدد وعيه، دون أن يغفل أن مفهوم انتقال المجتمع إلى الحداثة والتحديث يبقى متأرجحا بين مشروعين متعارضين سواء على المستوى الفردي أو الجماعي والعام والاستراتيجي. خصوصا وأن الدستور المغربي ليس واضحا بما فيه الكفاية في موضوع المساواة والمناصفة بين الجنسين لأنه يتضمن مقتضيات تبدو متناقضة حسب كمال الهشومي، مستشهدا بالطابع المعقد لتدبير العلاقة بين مبدأ المساواة وبين الحاجة إلى تجاوز ظلم تاريخي وأخطاء تاريخية لحقت بالمرأة، مما يعتبر أن إقرار مطالب الحركة النسائية هو أمر ليس بالسهولة التي يمكن أن نتصورها بالنسبة للمجتمعات التي تخطو أولى خطواتها في هذا المجال . كمال الهشومي رصد بعين الباحث والمتتبع لسكنات الواقع الاجتماعي وعلاقته بوضعية المرأة المغربية منتقدا الواقع الإعلامي الذي يكرس الصورة النمطية للمرأة ( الإشهار ) كمتاع ( تشييء المرأة) وليس ككائن إنساني رغم أن المغرب يتوفر على ميثاق وطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام، مما يتطلب فتح جبهة للدفاع عن صورتها إعلاميا، وإظهارها كفاعلة في محيطها الاجتماعي على جميع المستويات.