تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    حموشي يتباحث مع سفيرة الصين بالمغرب سبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    القرار ‬2797 ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬يعلو ‬فوق ‬كل ‬تفسير ‬ولا ‬يعلى ‬عليه    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي يربط بين الدار البيضاء والسمارة    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة لتوقيف مروج مخدرات    تارودانت.. إصابة 17 عاملاً زراعياً في انقلاب سيارة "بيكوب" بأولوز    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    الدبلوماسي الأمريكي السابق كريستوفر روس: قرار مجلس الأمن بشأن الصحراء "تراجع إلى الوراء"    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في بيان الانسحاب من الحكومة للمجلس الوطني لحزب الاستقلال

شكل بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال الخروج من الحكومة, الحدث، واهتم الناس بالحدث دون الرجوع الى البيان ذاته الذي صنع الحدث. هذا البيان الذي يستحق التحليل بكونه وثيقة رسمية لحزب للاستقلال, تكشف أسباب وحيثيات قرار المجلس الوطني للحزب الانسحاب من الحكومة.
- سياق قرار انسحاب
الحزب من الحكومة :
من أهم مميزات هذا السياق هو تزامن قرار حزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة مع تواجد الملك خارج المغرب، وهنا لا ندر هل جاء هذا التزامن صدفة أم كان مخططا له ،لأنه يرتبط بمبدأ مدى نسبية استقلالية القرار الحزبي بالمشاركة في الحكومة او الانسحاب منها دون استشارة الجهات العليا, خصوصا إذا كان الملك خارج البلاد .ب- تسارع وتيرة الأحداث في ملف الصحراء.ج- إعلان قرار الانسحاب من طرف المجلس الوطني للحزب بكونه برلمان الحزب.د- تمادي بنكيران في تجاهل مذكرات شباط الأولى والثانية- تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد - اختيار شباط الانسحاب من الحكومة في محطة بدأت فيها حكومة بنكيران تفقد فيها الكثير من مصداقيتها وجاذبيتها نتيجة بطء وتيرة تدبيرها للسياسات العمومية واتخاذها بعض القرارات اللا شعبية .
- مضامين البيان : يتبين من بنية البيان,أنها تتوزع بين ثلاثة محاور أساسية:
أ - مقدمة مخاتلة وقمة في التكتيك السياسي :عكس ما يتردد في كثير من التحليلات والمقالات, لم يحتل قرار الانسحاب من الحكومة موقعا متقدما في هذا البيان، بل جاء في خاتمته .وقد استثمرت مقدمة البيان أساليب المناورة حيث إنها حاولت إيهام الناس ان سياق انعقاد المجلس الوطني في دورته الثالثة, كان عاديا, في حين انه كان استثنائيا، وبأن جدول أعمال هذه الدورة لم يكن يرتبط بالدرجة الأولى بقرار الانسحاب من الحكومة،بل الاستماع الى خطاب الأمين العام , وتقديم سير أعمال اللجنة التحضيرية للذكرى الثمانين لتأسيس الحزب, وحول أشغال اللجنة العلمية الخاصة بإنجاز دراسة استشرافية تهم مستقبل العمل السياسي للمغرب خلال العشرية القادمة من سنة 2014 إلى غاية سنة 2024.
ب - المحور الاقتصادي
ركز البيان ان مناقشة الخطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تجتازها البلاد كانت هي محور المجلس الوطني، حيث إنها احتلت محورا مركزيا في البيان تذكرنا بالمذكرة الثانية التي رفعها الحزب الى رئيس الأغلبية يندد فيها بخطورة الوضع الاقتصادي, الذي لن يقبل حزب الاستقلال السكوت عنها،وقد استثمر شباط الوضع الاقتصادي كتكتيك لإقناع المجلس الوطني لاتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة، مؤكدا بأن الحزب كان سباقا - نلاحظ هنا صفة سباقا- إلى إثارة الإنتباه إلى الخطورة البالغة التي تكتسيها المؤشرات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية, بل إن البيان أكد أن حزب الاستقلال لم يكتف بوصف الوضعية الاقتصادية الصعبة, بل انه اقترح حلولا وبدائل عملية للأزمة التي زادها الإهمال والعجز الحكومي على المواجهة استفحالا واستعصاء. وهنا انتقد البيان مباشرة رئيس الحكومة وحمله مسؤولية الوضع الاقتصادي المقلق, بل انه قد دفع الحكومة - حسب البيان- إلى اتخاذ قرارات وتدابير انعكست سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين, وعطلت الحوار الاجتماعي بين فرقاء الإنتاج وتسببت في سيادة مظاهر الشعبوية والفوضى الارتجالية والتخويف والقلق, مما ساهم بشكل كبير جدا في الدفع بالبلاد نحو ما يمكن أن نصفه اليوم بالمجازفة والغموض، إننا-هنا- أمام لغة بيان حزب أساسي في حكومة بنكيران وليس بيان حزب شرس معارض. 
ج - المحور السياسي
بصيغة التأكيد, جدد المجلس الوطني للحزب موقفه من ملف قضية الوحدة الترابية ثم إغلاقه بصفة نهائية منذ عودة أقاليمنا الجنوبية إلى حظيرة الوطن,وفي هذا مغالطة كبيرة حيث أن هذا الملف ما زال على طاولات المفاوضات ويمر اليوم بوضعية صعبة.وقد جاء في البيان أن المجلس الوطني للحزب, إذ يهنئ الشعب المغربي على الإنتصار الدبلوماسي الذي حققته قضيتنا الوطنية الأولى خلال اجتماع مجلس الأمن الأخير, في حين ان الأمر ليس انتصارا لا ديبلومسيا ولا سياسيا, ولكن عودة مجلس الأمن إلى نهج عين العقل،واحترام مضمون البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة , والغريب في الأمر سكوت البيان عن مسؤولية دور الأحزاب عن تردي الأوضاع بالصحراء ومن بينها دور حزب الاستقلال في الانتكاسات التي تعرفها الوحدة الترابية ومما يزيد في الغرابة دعوة حزب الاستقلال تفعيل مقترح الحكم الذاتي في أقاليمنا الجنوبية في الوقت الذي يقرر مجلسه الوطني الانسحاب من الحكومة لكون الظرفية العامة التي يمر بها ملف الوحدة الترابية تتطلب تقوية الجبهة الداخلية حكوميا وحزبيا.
- تبريرات الانسحاب:
قدم بيان المجلس الوطني عدة تبريرات لقرار الانسحاب من الحكومة، ندرجها على الشكل التالي:
استنفاد حزب الاستقلال جميع إمكانيات التنبيه والنصح- الوفاء بجميع التزامات الحزب تجاه حلفائه وتجاه ما تقتضيه الظروف الدقيقة التي تجتازها البلاد في ظل سيادة معطيات اقتصادية واجتماعية, تدعو إلى القلق على مصير البلاد ? الوفاء بالتزاماته داخل المؤسسة التشريعية وداخل الحكومة- وجود أطراف أخرى داخل التحالف الحكومي , دون تسمية هذه الأطراف- مواصلة  « العناد في الإستفراد بجميع القرارات الصغيرة والكبيرة » - الاستحواذ « على جميع الملفات المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية»- إطلاق « العنان للخطابات الشعبوية وممارسة الوصاية على الشعب من خلال التحدث باسمه » - التهديد به لممارسة الابتزاز والتصرف في رئاسة الحكومة كرئيس حزب » -عدم  «الاكتراث للخطورة البالغة التي تكتسيها مؤشرات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية  » - « الإسرار على التباطؤ في تنزيل مضامين الدستور الجديد الذي مثل ثورة حقيقية متميزة ومتفردة » وهي بالمناسبة تبريرات ليست بالجديدة بالنسبة للخطاب الشباطي ، وايضا بالنسبة لما جاء في المذكرتين اللتين رفعهما شباط لبنكيران دون أن يتوصل بأي رد بشأنهما من رئيس الحكومة .
- مرجعيات قرار الانسحاب من الحكومة: عمل البيان على تحديد مرجعيات هذا القرار انطلاقا مما سماه البيان بالثقاقة الاستقلالية المؤمنة دوما بالاحتكام إلى الدستور كوثيقة تعاقدية متينة ونضالات الحزب التاريخية من أجل قيام دولة الحق والمؤسسات, وسيادة القوانين واحترام الالتزامات والتعهدات. وانطلاقا من هذه المبادئ, جاء قرار المجلس الوطني للحزب الإنسحاب من الحكومة, وتفويض اللجنة التنفيذية للحزب صلاحية اختيار توقيت وظرف تفعيله، والمطالبة بالتحكيم الملكي وفق الفصل 42 من الدستور.
- خلفيات قرار الانسحاب:
تحكمت في قرار الانسحاب عدة خلفيات سكت عنها بيان المجلس الوطني:أولها ان اللجوء للفصل42 من الدستور هدفه الأساسي ليس الانسحاب من الحكومة ولكن تقديم شكوى للملك ضد رئيس الحكومة والاختباء وراء التحكيم الملكي.ثانيها تعزيز كاريزمية قيادة الحزب ليس بالنسبة لبنكيران وحزبه فقط , بل حتى بالنسبة لخصومه داخل الحزب وخارجه. ثالثها إظهار حزب الاستقلال كحزب قوي يملك «ورقة الفرملة» في أي موقع كان خصوصا في عهد شباط. رابعها براغماتية اختيار توقيت الانسحاب من الحكومة الذي يتزامن مع بداية فقدان حكومة بنكيران الكثير من شعبيتها ومن بريقها السياسي وجاذبيتها. خامسها تحريك دور التحكيم الملكي الذي كان لصالح شباط وهذا ما بدا واضحا في بيان اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال بعد الاتصال الملكي مع شباط .سادسها البرهنة على أن قيادة الجديدة لحزب الاستقلال مجسدة في شباط قادرة على مواجهة بنكيران وحزبه في عز قوتهما, في الوقت الذي فشلت فيه قيادات وأحزاب المعارضة القيام بذلك. وسابعها  قرار المجلس الوطني الانسحاب من الحكومة سيعيد لحزب الاستقلال «هيبته وبريقه ومكانته» في مشهد سياسي يسطع فيه نجما بنكيران وحزب العدالة والتنمية .ثامنها تحويل أقوال شباط الى أفعال وعدم اخذ تصريحات شباط بالجدية اللازمة من طرف بنكيران ، وهذه نقطة تحسب لشباط الذي حول الخطاب الى إجراءات.
وعلى هذا الأساس فالعارف بالثقافة السياسية الاستقلالية، وبالنفسية والعقلية الشباطية، والمحلل لبيان قرار المجلس الوطني الانسحاب من الحكومة ولبيان اللجنة التنفيذية بعد مكالمة الملك لشباط،والمطلع على كيفية صناعة القرار السياسي بالمغرب، ومن يتحكم في قواعد اللعبة السياسية سيتيقن من إبعاد حدوث السيناريوهات التالية :1- حدوث أزمة يمكن ان تهدد الاستقرار السياسي بالمغرب.2 - انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة وتعويضه بأحد أحزاب المعارضة: أي الاتحاد الاشتراكي او التجمع الوطني للأحرار او حزب البام او حتى الاتحاد الدستوري.3 - تنظيم انتخابات سابقة لأوانها او تشكيل حكومة جديدة على أساس تحالفات سياسية جديدة .4 - قبول المؤسسة الملكية وقوع أزمة سياسية بالبلاد تهدد استقرار البلاد في ظروف دقيقة تمر منها الوحدة الترابية والوضع الاجتماعي والاقتصادي المغربيين. 5- تشبث المجلس الوطني لحزب الاستقلال بقرار الانسحاب من الحكومة حتى من بعد استقبال شباط من طرف الملك.6 - رفض بنكيران او شباط او حزبيهما لمقتضيات التحكيم الملكي .7- عدم تصور دخول او خروج حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية من الحكومة دون استشارة الجهات العليا بالبلاد.8- قرار انسحاب حزب الاستقلال من الحكومة والالتجاء للفصل 42 من الدستور سيقوي تدخل المحيط الملكي في مسار الحكومة والخريطة الحزبية.9- إمكانية استعمال الفصل 47 من الدستور الجديد الذي ينص على أن أحقية الملك في إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة من مهامهم، بعد استشارة رئيس الحكومة.10- إبعاد سيناريو الإبقاء على وزراء الحزب الستة من داخل الحكومة، مع تجميد عضويتهم بحزب الاستقلال، وهو من مهام التحكيم الملكي، كما حدث مع وزير التربية الوطنية والتعليم العالي أحمد اخشيشن في حكومة عباس الفاسي، ، بعد انسحاب حزبه الأصالة والمعاصرة من الحكومة آنذاك لسببين أساسين: حزب الاستقلال ليس هو حزب الأصالة والمعاصرة والسياق ليس هو نفس السياق.11-إبعاد اللجوء لآلية ملتمس الرقابة للإطاحة بحكومة بنكيران.
- أبعاد قرار الانسحاب:
تبريرات المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة تبقى نسبية ولن تقنع كل الباحثين لكونها صرحت بأشياء وسكتت عن أخرى ،بل ان سياق اتخاذ هذا القرار الذي تزامن مع تواجد الملك خارج البلاد وفي هذا التوقيت بالضبط يمكن ان نتصور الأبعاد التالية : 
1  - استهداف قيادة حزب العدالة والتنمية ,خصوصا بنكيران , لقبول أجندة الجهات العليا بالبلاد وتدبير الشأن العام على أساس التشارك وليس الانفراد للحد من اكتساح حزب بنكيران لعدد من المواقع , قد تمثل خطرا على مصالح بعض اللوبيات المتحكمة في السلطة والاقتصاد.
2- الرهان على حزب الاستقلال وقيادته لمنافسة قوة بنكيران وهيمنة حزب العدالة والتنمية بهدف خلق توازن سياسي في المشهد الحزبي المغربي بعد فشل قيادات وأحزاب المعارضة في مواجهة قيادة وحزب العدالة والتنمية .لكون حزب الاستقلال يتوفر على القيادة والخطاب والتنظيمات القادرة لتنافس خطاب وقيادة و تنظيمات حزب العدالة والتنمية.
3- تقوية موقع حزب الاستقلال في الخريطة السياسية ليحتل المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة ليقود حكومة قوية تتشكل من الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للاحرار والتقدم والاشتراكية مقابل دفع حزب العدالة والتنمية نحو المعارضة .
4 - ربط حزب الاستقلال قرار الانسحاب بالفصل 42معناه ترسيخ الدور المركزي للمؤسسة الملكية وتقوية تدخل محيطها في الحياة السياسية والحزبية.
5- محاولة إقناع الرأي الوطني والتقليمي والدولي بأن المغرب دولة المؤسسات ودولة التداول على السلطة عبر الآليات الدستورية
6 - خلق أقطاب قوية من داخل كل المؤسسات لإرغام بنكيران إجراء تعديل حكومي يسمح لحزب الاستقلال بالعودة لتدبير بعض القطاعات والوزارات والمؤسسات التي لها تثير مباشر على المواطن كالنقل والتجهيز والصحة وهو ما من شأنه تقوية حظوظ حزب الاستقلال في أفق الانتخابات المقبلة .
7 - تمرير رسائل سياسية لحزب العدالة والتنمية مفادها أن السياسة بالمغرب تراكمات واعتراف وطقوس وميكانزمات مخزنية يصعب تجاوزها. 
8- ان الخلاف بين شباط وبنكيران وبين حزبي الاستقلال والعدالة والتنمية قد يتجاوز بكثير مسألة التعديل الحكومي الى قضايا أعمق ترتبط بأجندات خارجية تستهدف إعادة التوازن للمشهد السياسي المغربي ليس على المستوى التكتيكي ولكن على المستوى الاستراتيجي .
وعلى هذا الأساس، و انطلاقا من خلفيات وأبعاد بيان المجلس الوطني لحزب الاستقلال الانسحاب من الحكومة ، اعتقد بأن السيناريو الأقرب الى المنطق هو ان التحكيم الملكي سيكون لصالح استمرار الحكومة الحالية بأغلبيتها الحزبية وعلى رأسها حزب الاستقلال, على أساس تعاقد اغلبي جديد يكون من بين أهدافه إمكانية إجراء تعديل حكومي , وفي هذه الحالة سيقبل بنكيران إجراء تعديل على حكومته احتراما للتحكيم الملكي وليس خوفا من ضغط شباط او نتيجة قرار انسحاب حزبه من الحكومة، وفي نفس الوقت سيقبل شباط البقاء في الحكومة احتراما للتحكيم الملكي, وليس خوفا من بنكيران او نتيجة تراجع حزبه عن قرار الانسحاب, وعلى إثر ذلك سيدعو شباط الى عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني للتصويت على قرار البقاء في الحكومة تحت مسميات مختلفة وعلى أساس ان قرار الانسحاب من الحكومة قد حقق غاياته السياسية من حيث إعادة الهيبة لحزب الاستقلال ولقيادته الذي فقدها منذ سنين . لكن، إذا كان التحكيم الملكي قد يضمن استمرار حكومة بنكيران، فإن علاقات أحزاب الأغلبية الحكومية خصوصا بالنسبة لحزبي الاستقلال والعدالة والتنمية وحزبي التقدم والاشتراكية والاستقلال , لن تبقى كما كانت من قبل .
والأكيد ان قرار حزب الاستقلال الخروج من الحكومة وتدخل الملك على الخط قد تعيد عناصر المعادلة الحكومية والحزبية إلى الواجهة لا بالنسبة للمؤسسة الملكية او حزب الاستقلال فحسب, بل حتى بالنسبة لبنكيران وحزبه لقبول كل الاحتمالات والسيناريوهات الممكنة وغير الممكنة في نظام تقوت فيه سلطة الدولة مقابل أزمة التمثيل السياسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.