القوات العمومية تمنع احتجاجات الشباب في مختلف المدن المغربية وتتدخل بقوة لتفريق المتظاهرين
تدخلت القوات العمومية، أول أمس السبت، من أجل منع كل أشكال الاحتجاج التي كانت مبرمجة في عدد من المدن والمناطق المغربية، على رأسها الدارالبيضاء، الرباط، مراكش، طنجة وغيرها. وأشهرت السلطات المحلية ورقة المنع في وجوه المتظاهرين، وأغلبهم من الشباب، الذين لبوا دعوات الاحتجاج التي تم تقاسمها على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تم تحديد موعد لها يومي 27 و 28 . احتجاجات أكّد عدد من المشاركين فيها في تصريحات لهم على أن الدافع الذي حثهم على المشاركة فيها هو الرغبة في إصلاح قطاعي التعليم والصحة، باعتبارهما مجالين حيويين يعيشان وضعية تقهقر عامة كان لها تبعات كبيرة وجد وخيمة على المتضررين بسبب مآلهما. هذا الدافع لم يمنع المصالح الأمنية والسلطات العمومية من التدخل من أجل منعها بشكل كلّي وقطعي، فاعتمدت الحوار والنقاش في مناطق بينما في أخرى تدخلت بالعنف والقوة مباشرة بعد إشعار المحتجين بقرار المنع شفاهيا، حيث تم سحل العديد من المحتجين في طنجةوالرباطوالدارالبيضاء، وتم التدخل بعنف دون تمييز بين شابة وسيدة أو شخص متقدم في السن، وباشرت السلطات حملة اعتقال واسعة، بعد مطاردات شهدتها العديد من الشوارع. الوقفات التي كانت مجهولة بالنسبة للسلطات العمومية، والتي قيل خلال كل النقاشات التي دارت بين ممثليها وبعض المحتجين في مناطق مختلفة بأنها غير قانونية، رفع خلالها المحتجون شعارات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية وبمحاربة الفساد. وواجه المحتجون التدخلات الأمنية بترديد الشعارات وبصافرات الاستهجان، مشددين على أن مطالبهم جدّ مشروعة وتهمّ كل الأجيال خاصة القادمة منها، بما فيها أبناء وأقارب "القوات العمومية" التي كانت تلاحق المحتجين، لأنها تطالب بتدخل الدولة لاستعادة قطاعي التعليم والصحة ومعالجتهما من الأمراض التي طالتهما. وشهدت شوارع الدارالبيضاءوالرباطوطنجة وغيرها مشاهد من الكرّ والفرّ وملاحقة المتظاهرين، الذين استغربوا للكيفية التي تدخلت بها القوات الأمنية والسلطات العمومية بشكل عام في عدد من المواقع الاحتجاجية، عوض تمكين المحتجين من تنظيم وقفاتهم الاحتجاجية السلمية لتوقيت معين بشكل هادئ، واحترام حقهم في إبداء الرأي وممارسة حرية التعبير المنصوص عليها في دستور المملكة، حسب تعبير عدد من الرافضين لما وصفوه بقمع الشكل الاحتجاجي الذي اختاروه. وأشار المندّدون بأن مصادرة هذا الحق شملت حتى منع الإدلاء بتصريحات مباشرة لمختلف المنابر الإعلامية التي عملت على تغطية هاته الوقفات، إذ في الوقت الذين كان فيه البعض يتحدثون إلى صحافيين وصحافيات لشرح دوافع الوقفة وغايتها، تدخلت السلطات الأمنية لاعتقالهم بشكل مباشر في خطوة تطرح العديد من علامات الاستفهام. من جهتها وتفاعلا مع الاحتجاجات وموجة الاعتقالات التي رافقتها، طالبت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان الحكومة، باعتماد مقاربة قائمة على الحوار والإنصات، بفتح قنوات تواصل حقيقية مع الشباب، مبرزة بأن مكتبها التنفيذي توقف عند ما تعرضت له بعض هذه الوقفات من تفريق من طرف القوات العمومية، وما رافقها من تسجيل حالات إيقاف في صفوف عدد من المشاركين والمشاركات، وما تحمله هذه التطورات من دلالات اجتماعية وحقوقية عميقة، تعكس تنامي شعور فئات واسعة من الشباب بالحاجة إلى إقرار سياسة عمومية موجهة له ذات بعد اجتماعي واقتصادي. ودعت المنظمة إلى تقديم إجابات اجتماعية ملموسة للمطالب المشروعة ذات الصلة بالحق في الصحة والتعليم والشغل والعيش الكريم، مؤكدة على ضرورة بلورة سياسات عمومية مندمجة وموجهة للشباب، تراعي حاجياته الأساسية وتفتح أمامه آفاق المشاركة والاندماج في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، انسجاما مع التزامات المغرب الدولية والوطنية في مجال حقوق الإنسان، داعية في نفس الوقت إلى احترام الحق في التجمع والتظاهر السلميين باعتبارهما من الحقوق المدنية والسياسية، المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صادق عليه المغرب، وفي الدستور المغربي الذي يقر بحرية التعبير والتنظيم والاحتجاج السلمي، مطالبة بالإفراج الفوري عن جميع الموقوفين، مع احترام كافة حقوقهم المنصوص عليها قانونا.