سلطت دراسة حديثة الضوء على دور المغرب الحيوي في حل أزمة الغاز في أفريقيا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ لن تعاني القارة نفاد المعروض مع توافر احتياطيات هائلة. وأكدت الدراسة -التي أجراها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد- أن كل شيء يشير إلى قدرة أفريقيا على مواجهة تداعيات الحرب في أوكرانيا، إلا أنها ستضطر إلى تحمل أسعار الغاز التي تتزايد بصفة متسارعة. كما أوضحت أن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت عن نقاط ضعف السوق الدولية؛ إذ تسيطر 20 دولة -فقط- على أكثر من 85% من الإنتاج، وتتحكم الولاياتالمتحدة وروسيا وحدهما بأكثر من 40% من الإنتاج العالمي. على الرغم من عدم تنظيم سوق الغاز العالمية، لا ينبغي أن تعاني القارة الأفريقية العثور على الغاز الذي تحتاجه، كما يؤكد البحث الذي أجراه هنري لوي فيدي. وأشار الباحث إلى استقرار القارة ل3 أسباب رئيسة؛ تتمثل في أن أفريقيا لا تعتمد حاليًا على الغاز الروسي، كما أن احتياجات القارة من الغاز -على المديين القصير والمتوسط- أقل بكثير من احتياجات القارات الأخرى، فضلًا عن أن أفريقيا تمتلك إمدادًا محتملًا قادرًا على تلبية هذه الاحتياجات. وقدمت الدراسة توصيتين، تتعلق التوصية الأولى بضرورة تنويع موردي القارة الأفريقية، من خلال عدم تكليف دولة واحدة بمسؤولية استقلاله في مجال الطاقة. وتتعلق التوصية الثانية بتقنية الإمداد: خطوط الأنابيب والغاز المسال؛ إذ أينما كان هناك خط ساحلي، يجب أن تكون المواني المعنية مصحوبة بمنشآت للغاز الطبيعي المسال. على الرغم من أن المغرب ما يزال منتجًا صغيرًا للغاز، فإن وجوده في المستقبل القريب قد يكون حاسمًا في إنهاء أزمة الطاقة هذه، وفق ما نقلته منصة "أتالاير" (Atalayar) الناطقة باللغة الفرنسية. ففي الأشهر الأخيرة، اكتشفت الدولة آبار غاز كبيرة، وهي موضع دراسات ومن المرجح أن تكون قابلة للاستغلال والإنتاجية؛ ما يجعل المملكة مصدرًا مهمًا لإمدادات الغاز. وأكدت الدراسة أن المغرب يمتلك إمكانات غازية كبيرة تتقدم، في بلد رائد في الطاقات المتجددة في القارة؛ إلا أنه يتعين على المملكة استيراده بصورة أساسية من الجزائر، لتزويد هذه المحطات الحرارية بالغاز، المفضل على الفحم كلما أمكن ذلك. ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى القرار الأحادي الذي اتخذته السلطات الجزائرية بعدم تجديد عقد خط أنابيب المغرب العربي وأوروبا مع المغرب. في هذا السياق، يستعد المغرب لدخول سوق الغاز المسال العالمية لأول مرة في تاريخه، إذ أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن المملكة تلقت عشرات العروض من شركات عالمية، ومن المتوقع توقيع أول عقد خلال الأسبوع الجاري. وأوضحت الوزيرة أن المغرب وضع خطة عاجلة لتلبية احتياجاته من الكهرباء، التي تتطلب نصف مليار مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، على المدى القصير. وبموجب الخطة الجديدة، سيكون المغرب قادرًا على الوصول إلى سوق الغاز المسال، وشراء الغاز الطبيعي من الأسواق الدولية، من خلال استيراده عبر البواخر، وتفريغه بمصنع إعادة تحويل الغاز في شبه الجزيرة، واستخدام خط الأنابيب لإيصاله إلى محطات الكهرباء. كما يعمل المغرب على استعمال البنية التحتية في إسبانيا والبرتغال من أجل الاستيراد، بموجب اتفاقية وقّعتها المملكة مع إسبانيا تقضي باستخدام خط أنابيب غاز المغرب العربي وأوروبا في الاتجاه العكسي.