تفكيك خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم "داعش" في عدة مدن بالمغرب    تقرير.. ارتفاع معدل البطالة بالمغرب إلى 13,7 بالمائة خلال السنة الجارية    بركة يعلن وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية استعدادا لمونديال 2030    في الذكرى 42 لتأسيسها.. الإيسيسكو تواصل النهوض برسالتها الحضارية وتلبية تطلعات دولها الأعضاء بمجالات اختصاصها    بوريطة يتباحث ببانجول مع وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية    أسعار الذهب تتجه للانخفاض للأسبوع الثاني تواليا    توقف أشغال طريق بين مكناس وبودربالة يثير غضب السكان بالمنطقة    النفط يتجه لتسجيل أكبر انخفاض أسبوعي في 3 أشهر    "الفاو": أسعار الغذاء العالمية تواصل الارتفاع للشهر الثاني في أبريل    احتجاجات أمام القنصلية الأمريكية بالدار البيضاء تضامنا مع طلاب الجامعات الداعمين لغزة    اليونسكو تمنح الصحافيين الفلسطينيين جائزة حرية الصحافة    موزمبيق.. انسحاب قوات مجموعة تنمية افريقيا الجنوبية يفتح الطريق أمام حالة من عدم اليقين    عدلي يشيد بتألق "ليفركوزن" في روما    الكعبي يسجل "هاتريك" ويقود أولمبياكوس للفوز أمام أستون فيلا في دوري المؤتمر الأوروبي    توقعات طقس اليوم الجمعة في المغرب    المكتب المركزي للأبحاث القضائية يعلن تفكيك خلية إرهابية من 5 عناصر    المحامي عزوزي دفاع ضحايا مدير ثانوية التقدم ل"كود": القضية بانت فيها مستجدات جديدة والضحايا كيعيشو ضغوط نفسية والنيابة العامة تعطات مع الملف بسرعة    "يونسكو" تحتفي بالصحافة الفلسطينية    اختتام الدورة الثانية لملتقى المعتمد الدولي للشعر    برنامج مباريات المنتخب المغربي الأولمبي بأولمبياد باريس 2024    غامبيا.. بوريطة يتباحث مع نظيره الغابوني    حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بنك المغرب…66 في المائة من أرباب المقاولات الصناعية المغاربة يعتبرون الولوج إلى التمويل "عاديا"    برقية تعزية من الملك محمد السادس إلى رئيس دولة الإمارات إثر وفاة سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    شمس الضحى أطاع الله الفني والإنساني في مسارها التشكيلي    إيقاعات الجاز تصدح بطنجة بحضور مشاهير العازفين من العالم    تركيا تعلن وقفا كاملا للتعاملات التجارية مع إسرائيل    "حرية الصحافة"..المغرب يرتقي في التصنيف والصحافة المستقلة مهددة بالانقراض بالجزائر    المرة اللولى منذ 2009.. واحد من الحزب الإسلامي المعارض كيترشح للانتخابات الرئاسية ف موريتانيا    أوريد: العالم لن يعود كما كان قبل "طوفان الأقصى"    الفرقة الجهوية دالجندارم طيحات ريزو ديال الفراقشية فمدينة سطات    زلزال جديد يضرب دولة عربية    "تقدم إيجابي" فمفاوضات الهدنة.. محادثات غزة غتستمر وحماس راجعة للقاهرة    ريم فكري تفاجئ الجمهور بأغنية "تنتقد" عائلة زوجها "المغدور"    تكريم حار للفنان نعمان لحلو في وزان    الدوري الأوربي: ليفركوزن يعود بالفوز من ميدان روما وتعادل مرسيليا واتالانتا    انهيار طريق سريع جنوب الصين: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48 شخصا    بلاغ هام من وزارة الداخلية بخصوص الشباب المدعوين للخدمة العسكرية    هل ما يزال مكيافيلي ملهما بالنسبة للسياسيين؟    رسالة هامة من وليد الركراكي ل"أسود" الدوريات الخليجية    مناهل العتيبي: ما تفاصيل الحكم على الناشطة الحقوقية السعودية بالسجن 11 عاماً؟    عقب قرارات لجنة الأندية بالاتحاد الإفريقي.. "نهضة بركان" إلى نهائي الكونفدرالية الإفريقية    إقليم الصويرة: تسليط الضوء على التدابير الهادفة لضمان تنمية مستدامة لسلسلة شجر الأركان    مهرجان أيت عتاب يروج للثقافة المحلية    الإبقاء على مستشار وزير العدل السابق رهن الاعتقال بعد نقله إلى محكمة تطوان بسبب فضيحة "الوظيفة مقابل المال"    تطوان: إحالة "أبو المهالك" عل سجن الصومال    عمور.. مونديال 2030: وزارة السياحة معبأة من أجل استضافة الفرق والجمهور في أحسن الظروف    العقائد النصرانية    الأمثال العامية بتطوان... (588)    جامعيون ومتخصصون يحتفون بشخصية أبي يعزى في ملتقى علمي بمولاي بوعزة    باحثون يكتشفون آليات تحسّن فهم تشكّل الجنين البشري في أولى مراحله        الطيب حمضي ل"رسالة24″: ليست هناك أي علاقة سببية بين لقاح أسترازينيكا والأعراض الجانبية    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الأمثال العامية بتطوان... (586)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«كان لنا حمار»
نشر في المساء يوم 04 - 11 - 2010

في العام الذي وضعت فيه مؤخرتي على مقْعد الدرس، أحالت وزارة التربية الوطنية كراريس «بوكماخ» على التقاعد. اختفت «إقرأ» من محفظاتنا الثقيلة وعوّضتها تلاوات بغلاف أزرق اسمها «قراءتي». مؤلّفها مجهول. ويبدو -والله أعلم- أن رولان بارط كانت له يد في المؤامرة التي أطاحت بأشهر مقرّر عرفته المدرسة المغربية، في بداية الثمانينات من القرن الفائت. في تلك الحقبة، كان رائد السيميولوجيا قد حطّ رحاله بالرباط من أجل إلقاء محاضرات في جامعة محمد الخامس. تأثر به بعض الجهابذة وسرعان ما بدؤوا يتحدثون عن ضرورة «موت المؤلف». وعندما طبّقوا دروسهم قتلوا بوكماخ. في حين كان يقتلنا البرد نحن الصغار في مدينة أطلسية صغيرة، نسيتها الدولة ضائعة وسط الثلوج. المرة الوحيدة التي تذكّرتها أرسلت إليها الجيش ليقتل ويعذّب كثيرا من سكانها الأبرياء، بحثا عن متمردي أحداث 1973. في ميدلت، حيث كان عليّ أن أولد شهورا قليلة بعد أحداث 1973، كانت أجسادنا الضئيلة ترتعد وأسناننا تصطكّ ونحن نردّد وراء معلّم ملفوف في جلبابين فوقهما سلهام ثقيل: «كمال كمال. هذا علم بلادي. علم بلادي أحمر». كانت الحرارة تنزل درجات تحت الصفر في فصل الشتاء، ولم تكن حجرات الدرس مزوّدة بوسائل التدفئة. أما أصابعنا الصغيرة، فقد كانت تتجمد إلى درجة يستحيل معها إمساك القلم. حتى الدموع التي تسقط من عينيك تلقائيا من شدة البرد، تتجمد فوق خدّيك، كما تجمدت دمعة «الأمير السعيد» الذي بكى -وهو من حجر- عندما سمع عن معاناة طفل فقير في مدينته، وطلب من صديقه الخطاف أن ينقر عينيه الزبرجديتين ويحملهما إليه... في أحد أجمل نصوص «قراءتي». في ميدلت، كان هناك آلاف الأطفال الفقراء، لكن لم يكن في ساحتها «أمير سعيد» لكي يمنحهم لؤلؤ عينيه!
الأقسام المحظوظة كانت تتوفر على مدفأة، يحرق فيها الحطب لنشر الدفء داخل حجرة الدرس. لم تكن وزارة التربية الوطنية تتكلّف بأي شيء. كان علينا أن نحمل الحطب من بيوتنا كي نشعل مدفأة القسم. نتأبط المحفظة في يد وقطعة حطب في الأخرى ونأتي لندرس. بعد أن ينتهي المعلم من إشعال الموقد، نفتح «قراءتي» ونتهجى نصوصها الغبية: «كان لنا حمار. نربطه أمام الدار. باع أبي الحمار. لماذا باع أبي الحمار؟» فيما المعلم يقلي حبات الفول فوق المدفأة، ويلتهمها متمتّعا بالدفء الذي اقتطعناه من احتياطي أسرنا الفقيرة من حطب الشتاء. حتى حبّات الفول، نحن من كان يجلبها من مطابخ أمهاتنا. وقد كان من عادة معلمي ذلك الزمان، أن يطلبوا منّا الإتيان بكثير من المواد الغذائية «لكي ندرسها»: حبات الفول والبلّوط والحمّص والكاوكاو والتمر... ومن حين إلى آخر، يطلبون منك أن تأتي بدرهم أو درهمين. حتى حفلة عيد العرش، كنا نمولها من جيوب عائلاتنا الفارغة... عندما أستحضر الدروس الحميرية التي تلقيناها في كرّاس المؤلف المجهول، وأتأمل الصور التذكارية التي كنا نلتقطها جماعيا كل عام، أفهم لماذ أصبح كثير من زملاء الفصل يسوقون عربات مهترئة تجرها حمير متعبة، في تلك المدينة الميتة. وتأخذني رغبة جامحة في أن أبصق على وجه كل مسؤول يتحدث عن تكافؤ الفرص في المملكة السعيدة.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.