مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات .. الأميرة للا حسناء تحضر بنيس مأدبة عشاء أقامها الرئيس الفرنسي    فاغنر الروسية تنهي بشكل رسمي دورها في مالي    إسرائيل تعلن العثور على جثة قائد حماس في غزة محمد السنوار والتأكد من هويتها    ولاية أمن الدار البيضاء تتفاعل مع فيديو "تخريب بوابة أمنية" بالمحمدية    بلاغ منسوب لولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة حول ساحة "سور المعكازين"    جامعة الكرة تحتفي بدوليين سابقين    انتخابات جماعية جزئية على المستوى الوطني تشمل أقاليم الحسيمة والناظور والدريوش    انتصار مستحق للمنتخب المغربي للبولو على نظيره الأمريكي للمرة الثانية تواليا (صور)    تجميد مشروع ميناء الحمدانية الجزائري العملاق بسبب موانئ طنجة والناظور    شاحن هاتف يتسبب في اختناق أسرة كاملة بطنجة    التحذير من ارتفاع إصابات كوفيد19 بسبب متحور جديد والدعوة لتشديد إجراءات وقائية    مخابرات إسبانيا ترصد انخراط البوليساريو في الإرهاب بمنطقة الساحل    حموشي يقر تعيين مسؤولين أمنيين    المحامية كوثر جلال تصدر كتابا جديدا يسلط الضوء على الثغرات القانونية والاجتماعية في مدوّنة الأسرة المغربية    توقيف متطرفين من مخيمات تندوف بإسبانيا بتهم إرهابية وتحقيقات إسبانية حول تورط السفير الجديد لبوليساريو بالجزائر    يوم العيد.. صعقة كهربائية تودي بحياة طفلة بضواحي الحسيمة    ترامب يأمر بإرسال قوة عسكرية إلى لوس أنجلوس على خلفية اندلاع الاحتجاجات    مايا تطلق "فحلة".. عمل فني يحتفي بالمرأة التونسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    النصيري يقترب من الدوري الإنجليزي    الصحراء المغربية .. دعم دولي واسع للمقترح المغربي    عيد لصاحبة القبر    إسرائيل تمنع وصول سفينة الحرية    وفاة 7 أشخاص في انقلاب دراجة نارية ثلاثية العجلات بقلعة السراغنة    سلطات أنتويرب تنفذ حملة تفتيش ضد مقاهي تشغّل مهاجرين بدون أوراق قانونية    تحديث جديد في واتساب يغير طريقة استخدام التطبيق    نفاد تذاكر المباراة الودية بين المغرب والبنين التي ستجري مساء الإثنين بفاس    ما حقيقة اهتمام نهضة بركان بخدمات حكيم زياش؟    معلومة مفبركة واتهام باطل.. هشام جيراندو يزيف الحقائق ويورط وزير العدل في حادثة وهمية    الصحة العالمية تحذر من ارتفاع إصابات "كوفيد-19" بسبب متحور جديد وتدعو لتشديد الإجراءات الوقائية    رئيس جماعة الداخلة يشارك في مؤتمر نيس للأمم المتحدة حول المحيطات ويدافع عن النموذج المغربي للحماية البيئية    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة        الإيطاليون يصوتون في استفتاء يهدف لتسهيل الحصول على الجنسية وتعديل قوانين العمل    المغرب ضمن أكبر خمسة اقتصادات إفريقية في 2025    اللجنة الوطنية الأولمبية المغربية تعقد جمعها العام العادي    صادرات المغرب الفلاحية نحو إسبانيا تسجل رقما قياسيا    "واتساب" يختبر ميزة جديدة تمنح مستخدمي "أندرويد" حرية الاختيار    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "الربحة"    كولومبيا.. إصابة مرشح رئاسي برصاصتين في الرأس خلال تجمع انتخابي    بعد 114 سنة على تأسيسه.. نادي بريشيا الإيطالي يتجه لإعلان إفلاسه    صحيفة بريطانية: فاس جوهرة خالدة    الصين تخصص حوالي 6,26 مليون دولار لدعم جهود الإغاثة من الكوارث    نابولي يواصل مطاردة إلياس بنصغير    كلب مسعور تسلل من الناظور يستنفر سلطات مليلية المحتلة    هولندا.. اكتشاف مزرعة سرية وحجز أضاحي في ثاني أيام العيد    شركة طيران إسبانية توفر 10 آلاف مقعد عبر خطوطها نحو المغرب    أداء "بورصة البيضاء" يواصل التقدم    يوميات حاج (9): بين منى ومكة .. الانعتاق من شهوات سنين الغفلة    سجل يا تاريخ !    أطباء مغاربة يحذرون من تزايد حالات الاجتفاف نتيجة ارتفاع درجات الحرارة    محمد حماقي ينضم لنجوم الدورة ال20 لمهرجان موازين    هشام جعيط وقضايا الهوية والحداثة والكونية...    الأدبُ المُعَاصِر هل هو مُتْرَعٌ ببُذُورَ الإحبَاط والسَّوْدَاوِيَّة والإكتئاب؟    الحجاج ينهون رمي الجمرات في أول أيام العيد    يوميات حاج (8): الهدي ورمي الجمرات .. تطهير النفس وتحرير الروح    الحجاج يبدأون رمي "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    "يمكن" عمل جديد للفنان زياد جمال – فيديو-    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات الرحيل الوشيك
نشر في المساء يوم 11 - 02 - 2011

بعد مرور أسبوعين على انطلاق الثورة المصرية، يمكن استخلاص ثلاثة أمور رئيسية:
الأول، أن المطالبين بالتغيير ما زالوا متمسكين بمطالبهم، ويعدون أنفسهم لحرب طويلة.
الثاني، أن النظام وبعد أن التقط بعض أنفاسه بدأ يأكل أبناءه، الواحد تلو الآخر ويلقيهم إلى الثوار على أمل امتصاص جزء من نقمتهم.
الثالث، تكالب مجموعة من الانتهازيين لركوب حصان الثورة والتطوع دون تفويض للتفاوض باسمها.
الرئيس حسني مبارك الذي يطالب الثوار من الشباب بخلعه، كمقدمة لمحاكمته، ما زال يمسك بمعظم الخيوط ويدير الدولة بالطريقة نفسها التي كان يديرها بها قبل الثورة، ويتصرف كأنه سيعيش أبد الدهر. ومن الواضح أن ثقته بنفسه تتزايد مع كل جولة تفاوض مع المعارضة وممثليها.
اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات ما زال يؤدي الدور نفسه الذي أداه على مدى العشرين عاما الماضية، أي دور الواجهة للرئيس مبارك وحامل الملفات الصعبة، فالمفاوضات التي تجري حاليا بين ممثلي المعارضة، ولا نقول الثورة، تتم فعليا مع الرئيس مبارك أو بالأحرى مع قناع الرئيس مبارك، وتحت عنوان الإصلاحات السياسية بعد إجراء التعديلات الدستورية، وذريعة ضرورة وجود الرئيس في السلطة باعتباره الشخص الوحيد المخول بالتوقيع وبالتالي تنفيذ التعديلات المطلوبة.
لإضفاء شيء من المصداقية على نوايا النظام في الإصلاحات، أقدم الرئيس مبارك على تنفيذ «مجزرة» لتطهير الحزب الحاكم من كل رموزه السابقة المكروهة، بداية بعزل ابنه جمال من لجنة السياسات، وإبعاد «بطريرك» الحزب الوطني صفوت الشريف، وإحالة مجموعة من الوزراء ورجال الأعمال على المساءلة القانونية بتهم الفساد، من أمثال اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، وأحمد المغربي وزير الإسكان، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة، وأحمد عز ملك الحديد.. وغيرهم.
خطوة النائب العام بتجميد أموال ومنع سفر هؤلاء ظلت منقوصة وغير مقنعة في الوقت نفسه، لأنها لم تقترب من الرئيس مبارك نفسه أو نجليه علاء وجمال، في وقت قدرت فيه صحف غربية -بينها صحيفة «الغارديان» البريطانية و»دير شبيغل» الألمانية- ثروتهم بأكثر من أربعين مليار دولار كحد أدنى وسبعين مليار دولار كحد أعلى.
نحن الآن أمام سيناريوهين متصادمين: الأول سيناريو الثورة الذي يريد الإطاحة بالنظام ورأسه معا في أسرع وقت وأقصر مدة زمنية، لكي يتحقق التغيير ويبرز النظام الديمقراطي التعددي الجديد ومؤسساته. والثاني سيناريو النظام الذي يستخدم كل أساليب المناورة من أجل كسب الوقت والرهان على تعب الثورة والثائرين، وتعب الشعب المصري أيضا، ويتم التسليم في النهاية بالأمر الواقع، أي إجراء إعادة صياغة للنظام واستمراره في السلطة بوجوه أخرى، من الصف الثاني ربما، وهذا ما أطلق عليه توني بلير التغيير المنضبط أو المتحكم فيه.
الجيش المصري يراقب الموقف عن كثب وجنرالاته الكبار ينفذون أجندات خفية متفقا عليها مع قوى خارجية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ولا نعرف كم ستطول فترة المراقبة هذه، ومتى سيتم التدخل عمليا لإنهاء هذا الوضع المتوتر.
هناك من يتحدث عن احتمال تفجر صراعات داخل النظام، فالرجل هرم ومريض، وقد يقرر فجأة -تحت وطأة التهديد، وربما الابتزاز (من خلال كشف بعض الفضائح بعد الكشف عن الثروات)- المغادرة، ومن غير المستبعد أن يلجأ بعض المقربين منه، وبتعليمات خارجية، إلى استخدام سيناريو المشير عبد الحكيم عامر أو سيناريو ياسر عرفات.
الصراع سيتأجج في الأيام والأسابيع المقبلة حتما، وقد يتطور في اتجاهات خطيرة جدا، فالشباب الثائر لن يقبل بأن يتحول ميدان التحرير إلى «هايد بارك»، محاط بالدبابات، وتتقلص مساحته يوما بعد آخر. والنظام لا يمكن أن يتحمل الخسائر الاقتصادية بسبب الشلل الراهن في مناحي الحياة والاقتصاد. وهناك من يقدرها بثلاثمائة مليون دولار في اليوم. ومن المعتقد أن تهرب معظم الاستثمارات الخارجية يوم الأحد المقبل عند إعادة فتح البورصة مجددا، الأمر الذي قد يعني مضاعفة حجم الخسائر قبل إغلاقها والتي زادت عن ثمانين مليار جنيه مصري. وربما يفيد التذكير بأن هذا الجنيه انخفض إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر فور افتتاح البنوك جزئيا يوم أمس الأول (يقصد السبت) وما زال في هبوط.
أكبر اختراق حققه النظام حتى الآن هو تفتيت وحدة الصف المعارض من خلال جر ممثليه إلى طاولة الحوار، فقد حصل على اعتراف أو شرعية لا يستحقها، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة قد تؤدي «براغماتية» بعض قياداتها إلى شقها وتقسيمها إذا لم تتدارك خطأها وتخرج بسرعة من مصيدة الحوار هذه، وتَعُدْ إلى ميدان التحرير، وميادين المدن الأخرى، لتصعيد لهيب الثورة.
الرئيس مبارك يرفض التنحي ويصر على البقاء في الحكم حتى نهاية مدته الرئاسية في شتنبر المقبل، قد يدفع بالبلاد إلى العنف، فالشباب الثائر أكثر عنادا منه من حيث التمسك بمواقفه والإصرار على تنفيذ مطالبه كاملة، وأكثر استعدادا لتقديم التضحيات والدماء من أجل ألا يخرج مهزوما.
لجان الحكماء التي نمت، وترعرعت، في مصر في الأيام الأخيرة، ونصبت نفسها وسيطا بين الثوار والنظام دون أن يكلفها أو يطلب مساعدتها الثوار، وإنما تطوعت لإنقاذ نظام منهار. هذه اللجان تذكرنا بحكمة الرئيس مبارك نفسه، التي تجلت في أبشع صورها قبيل الغزو الأمريكي للعراق عندما طالب الرئيس صدام حسين بالتنحي من أجل إنقاذ العراق.
صدام حسين رفض التنحي، لأن من يطالبونه به كانوا من الغزاة الأجانب، الذين أرادوا احتلال بلاده وإذلال شعبه، ففضل الصمود، ومن ثم الانتقال من سدة الرئاسة إلى خندق المقاومة، وفضل الموت شهيدا وهو رافع الرأس أمام مقصلة المحتلين وأعوانهم.
من المفارقة أن من يطالبون الرئيس مبارك بالتنحي هم أبناء شعبه، ومن أجل مصلحة مصر، ومن يريدون بقاءه هم الأمريكان والإسرائيليون وبعض الأنظمة العربية التي تواطأت طوال السنوات الماضية على تحجيم مصر وتجويع شعبها، مثلما تواطأت لتدمير العراق وشعبه وإلغاء دوره وترميل مليون من نسائه وتيتيم أربعة ملايين طفل من أبنائه.
لم تبق في يدي الرئيس مبارك إلا ورقة واحدة لإنقاذ نفسه وأسرته، وليس نظامه، وهي التنحي والمغادرة فورا، بعد أن قدم كل ما في جعبته من تنازلات أخرى مثل التخلي عن التوريث والحزب ومافيا رجال الأعمال، ولم تجد أي تجاوب من الثوار الشباب.
في معركة عض الأصابع، لن يصرخ الشباب اليافع أولا وإنما النظام المريض الهرم الفاسد، فهذه هي سنة الحياة، وهذه هي دروس التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.