فازت السيناتور عن ولاية نيويورك، هيلاري كلينتون بثلاث ولايات هي تكساس وأوهايو ورود آيلند في الانتخابات التمهيدية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي، والتي وصفها المراقبون السياسيون داخل الولاياتالمتحدة بأنها كانت ثلاثاء عظيما رقم اثنان بسبب الأهمية التي اكتستها، وسط تقارب كبير بين نتائج المتنافسين عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون وباراك أوباما. فيما حقق المترشح الجمهوري جون ماكين النجاح في أربع ولايات وفاز بالتالي بترشيح الحزب الجمهوري بشكل رسمي. كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا عندما رن الهاتف في البيت الأبيض مرات متكررة، في الوقت الذي كانت فيه الكاميرا تتجول بين وجوه أطفال أمريكيين صغار نيام، من مختلف الأعراق و«الألوان»، وفجأة قال صوت عميق: «الوقت مبكر جدا وهاتف البيت الأبيض يرن لأن صراعا شديدا وقع في مكان ما من هذا العالم... وأنتم من يحدد: من سيكون الشخص الذي سيجيب عن تلك المكالمة». تتوقف الكاميرا فجأة على وجه هيلاري كلينتون الصارم وهي تحمل سماعة الهاتف وتقول «أنا هيلاري كلينتون وأصادق على هذه الرسالة». كان هذا الإعلان هو السبب المباشر في نجاح السيدة الأمريكية الأولى في الانتخابات التمهيدية التي جرت في كل من ولايات رود آيلند وتكساس وأوهايو يوم الثلاثاء الماضي، حسب ما أعرب عنه الكثير من المحللين السياسيين الذين يتابعون تفاصيل الحملات الإعلانية للمترشحين من الحزبين. وقال هؤلاء المحللون إن هيلاري كلينتون عزفت على وتر الخوف الذي يعاني منه الشعب الأمريكي منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر للتأثير في الناخبين واستمالتهم للتصويت لصالحها، وتمكنت بالتالي من الفوز بأصوات ولايتي أوهايو وتكساس واللتين تعدان من بين أهم الولايات نظرا للعدد الكبير للمندوبين الذين يمثلونهما في مؤتمر الحزب العام الذي سيقرر في النهاية من سيمثل الحزب في سباق الرئاسة نحو البيت الأبيض. كلينتون تسخر من أوباما وقالت هيلاري كلينتون في خطاب النصر الذي ألقته في ولاية تكساس إن الناخبين الأمريكيين أعلنوا رغبتهم في انتخاب رئيس يتمتع بالخبرة الكافية التي ستؤهله لاتخاذ قرارات صعبة منذ اليوم الأول من تسلمه مهام منصبه، وردت ساخرة على شعار حملة منافسها السيناتور باراك أوباما الذي يقول: «نستطيع التغيير»، وقالت: «سنغير فعلا ولن نكتفي بالشعارات الطوباوية». لكن عددا متزايدا من الديمقراطيين أعربوا عن رغبتهم في أن يدخل باراك أوباما وهيلاري كلينتون معا السباق للدخول إلى البيت عبر بطاقة واحدة. لكن السيدة الأولى السابقة شددت على ضرورة أن تشغل هي منصب الرئيسة وأن يكون باراك أوباما نائبها، وهو الأمر الذي لن يتحدد حتى انعقاد مؤتمر الحزب في شهر سبتمبر القادم في مدينة دنفر بولاية كولورادو. ماكين يطلب دعم بوش أما في الحزب الجمهوري، فقد أصبح سيناتور ولاية أريزونا المرشح الرسمي للحزب الجمهوري بعدما نجح في الحصول على الأصوات اللازمة التي تخوله تمثيل الحزب في سباق الرئاسة. ومباشرة بعد إعلان فوز ماكين في ولايات تكساس وأوهايو وفيرمانت ورود آيلند، قدم منافسه مايك هاكابي القس المعمداني السابق، الذي كان يعتمد على الجناح اليميني في الحزب المحافظ، تهانيه لجون ماكين، وأعلن انسحابه من السباق. وقد باشر ماكين جهوده لحشد دعم صقور الحزب الجمهوري بزيارة البيت الأبيض صباح الأربعاء، لإجراء محادثات ثنائية مع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الذي عقد مؤتمرا صحفيا مشتركا مع ماكين في حديقة الورود بالبيت الأبيض، أعلن فيه تأييده للمرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، وأعرب عن أمله في أن يتمكن الأخير من الفوز بالرئاسة وخلافته في البيت الأبيض. وأضاف بوش خلال استقباله لماكين في البيت الأبيض أن الأخير سيكون رئيسا «عازما على هزيمة العدو»، معتبرا أن السيناتور المخضرم أظهر شجاعة غير عادية وشخصية قوية لكي يصبح مرشحا للحزب الجمهوري، وهي أمور يجب أن يتحلى بها الرئيس القادم للولايات المتحدة الذي سيتعين عليه اتخاذ قرارات صعبة، على حد تعبيره. حملة انتخابية نظيفة وحول استراتيجية الحزب الجمهوري المتوقعة لإقناع الناخبين الراغبين في التغيير، لاسيما في العراق وفي السياسة الاقتصادية، قال بوش إن «ماكين سوف يكون رئيسا جديدا، إلا أنه لن يقوم بتغيير السياسات المتعلقة بمواجهة العدو، لأنه يدرك أننا في عالم خطر»، واعتبر أن «حماية الشعب الأمريكي تعد أهم مسؤوليات الرئيس». من ناحيته، أعلن ماكين عزمه خوض حملة رئاسية «محترمة ونظيفة تركز على القضايا وليس على الأمور الشخصية مع المرشح الذي سيختاره الحزب»، معربا في الوقت ذاته عن أمله في أن يساعده الرئيس بوش في حملات جمع التبرعات لحملته الانتخابية. يذكر أن بوش وماكين كانا قد خاضا صراعا شرسا لنيل حق الترشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات عام 2000 التي فاز بها الأول على حساب المرشح الديمقراطي آنذاك آل غور. إلا هيلاري كلينتون وقد سارع عدد من الخبراء في الحزب الجمهوري إلى التعبير عن أملهم في أن يفوز باراك أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي، لسهولة التغلب عليه بسبب قلة خبرته في الشؤون الدولية وطوباوية خطاباته بشأن الإصلاح الاقتصادي الداخلي. كما أعرب هؤلاء الخبراء عن خشيتهم من فوز هيلاري كلينتون بترشيح الديمقراطيين، وذلك بسبب عداء قديم وشخصي بين الحزب الجمهوري وعائلة كلينتون، حتى إن بعض المواقع المحافظة تضع شعارات مناوئة لهيلاري كلينتون تقول «أي شخص إلا هي»، بمعنى أنهم يمكن أن يقبلوا بأي متنافس على البيت إلا السيدة كلينتون التي إن فازت فستتحول انتخابات السباق نحو البيت الأبيض إلى معركة قاسية قد تستعمل فيها أقذر الحيل والأساليب السياسية. على الهامش بلغ عدد شرائط الفيديو التي تسخر من المترشحين هيلاري وكلينتون وباراك أوباما التي تم بثها على موقع يوتوب رقما قياسيا. بعض تلك الشرائط تنتقد تصريحات أدلى بها أحد المترشحيْن في المناظرات التلفزيونية أو خلال الحملات الانتخابية، وبعضها الآخر يضم رسائل شخصية من مواطنين أمريكيين عاديين، فيها أسئلة أو تشجيع أو حتى اعتراف بالحب (كما هو الشأن بالنسبة إلى شريط فتاة أوباما التي تغني له أغنية رومانسية وتقول له إنها تسانده لأنها مغرمة به). وهناك أشرطة أخرى أصبحت مشهورة، وشاهدها ما يفوق أربعة ملايين شخص، تدعو هيلاري كلينتون لإعلان مشاعر الحب التي تكنها لباراك أوباما ومشاركته الفراش بطريقة مسرحية تقوم خلالها سيدة تشبه هيلاري كلينتون بالارتماء بين أحضان ممثل يشبه باراك أوباما وهي تقول له «أووه أوباما»! تراجعت وسائل الإعلام الأمريكية عن «المحاباة» التي كانت تعامل بها باراك أوباما طوال الأسابيع الماضية، بعدما تناول برنامج «سهرة السبت المباشرة» الموضوع خلال حلقته الأخيرة، لكن سيناتور ولاية إلينوي هو من أبدى امتعاضه ليلة الأربعاء من محاباة الإعلام للسيدة الأمريكية الأولى، عندما خاطب الفريق الصحافي المرافق له قائلا: «يبدو أنكم صدقتم الانتقادات وبدأتم تهملون أخبار حملتي وتركزون على حملة السيدة كلينتون». تزدهر تجارة من نوع خاص على هامش الانتخابات التمهيدية التي تشهدها الولاياتالمتحدة حاليا، حيث تنتشر صور المتنافسين من الحزبين على أكواب القهوة وأغطية الرأس الرياضية والأقمصة وحتى على القطع المعدنية التي تعلق على الثلاجات داخل المنازل! وتقدر بعض المصادر المستقلة حجم تلك التجارة بأكثر من ثلاثة ملايير دولار. بلغت نفقات المرشحين على حملاتهم الانتخابية أكثر من مليار دولار، محققة رقما قياسيا غير مسبوق. فقد جمعت هيلاري كلينتون خلال شهر فبراير الماضي لوحده خمسة وثلاثين مليون دولار، فيما جمع باراك أوباما خمسين مليون دولار في الشهر بمعدل أكثر من مليون وسبعمائة ألف دولار في اليوم! وذكرت مصادر إعلامية أمريكية أن معدل نفقات الحملات الانتخابية في الثمانينات كان مائتي ألف دولار فقط! - صوت الناخبون في بلدتين بولاية فيرمونت لصالح قرار بلدي يجرّم الرئيس الأمريكي جورج بوش ونائبه ديك تشيني، بتهمة «خرق دستور الولاياتالمتحدة»، في سابقة هي الأولى من نوعها، في إطار المعارضة المتزايدة لبوش مع نهاية ولايته المثيرة للجدل. غير أن أبرز ما جاء في اللائحة، التي صوت الناخبون عليها في بلدتي «براتلبورو» و»مارلبورو،» تمثل في الطلب من الشرطة المحلية إلقاء القبض على بوش وتشيني ما إن تطأ قدماهما أرض الولاية، أو السعي إلى طلب تسلمهما من السلطات المختصة. ولم يصدر البيت الأبيض أي تعليق على الخطوة، غير أن مصدراً من اللجنة القومية للحزب الجمهوري استهجن الخطوة، واتهم «الأجنحة اليسارية» بتبديد أموال الضرائب على تلك الحملات، داعياً سكان براتلبورو ومارلبورو إلى «انتخاب ممثلين قادرين على حل المشاكل عوض اختلاقها».
