ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس حفل تخرج الفوج 24 للسلك العالي للدفاع والفوج 58 لسلك الأركان بالقنيطرة    رغم الجفاف.. صادرات المغرب من الخضر والفواكه تغزو ألمانيا    مقتل 37 شخصا في قصف مدرسة بغزة    مقتل 100 سوداني في هجوم على قرية    باريس تستعد على قدم وساق لاستقبال رياضيي العالم    أولمبياكوس اليوناني يتشبث بالكعبي    حريق قيسارية الدباغ بفاس يودي بحياة 4 أشخاص وإصابة 26 بحروق متفاوتة    الصحة العالمية تؤكد أول حالة وفاة مرتبطة بسلالة إنفلونزا الطيور    الأسود يختتمون اليوم تحضيراتهم لمواجهة زامبيا..    توقيف أربعة أشخاص موالين لتنظيم "داعش" الإرهابي للاشتباه في تورطهم في التحضير لتنفيذ مخططات إرهابية    قرار عاملي يمنع السباحة في شواطئ الحسيمة بعد هذا التوقيت    الممثلة حليمة البحراوي تستحضر تجربة قيادتها لأول سربة نسوية ل"التبوريدة" بالمغرب    اليونيسف: 90% من أطفال غزة يفتقرون إلى الغذاء اللازم للنمو السليم    "فيفا" يدخل على الخط وينصف إيتو    هزة أرضية ترعب ساكنة إقليم الحسيمة    تقصي الحقائق: صور الأقمار الصناعية تظهر اختفاء آلاف خيم اللاجئين في رفح    "ك.د.ش" تيزنيت : المسؤول الإقليمي للتعليم تفاعل بشكل إيجابي مع كافة القضايا المطروحة التي أثارها المكتب الإقليمي    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الخميس    مذكرة لمندوبية التخطيط حول البحوث الفصلية حول الظرفية الاقتصادية    ملتقى المدينة الذكية للدار البيضاء: الدعوة إلى جعل المواطن في صلب عملية تنمية المدن    فيدرالية جمعيات الاحياء السكنية تطالب وكالة راديج بالكشف عن السبب وراء قطع المياه عن ساكنة الجديدة    مركز مهن التربية والتكوين بالجديدة في زيارة ميدانية لإعدادية لالة مريم    نور الدين مفتاح يكتب: آش غادي نكملوا؟    أساتذة العلوم يحتجون في كلية تطوان    المجلس الجهوي لهيئة المهندسين المعماريين لمنطقة طنجة يتضامن مع مديرة الوكالة الحضرية    دراجي يتهم "أطرافا معادية خارجية" بإشعال النار في كرة القدم الجزائرية    معرض يقدم شهادة على العصر من خلال أرشيف الراحل عبد الواحد الراضي    وزير الفلاحة: الأسعار بإسبانيا منخفضة "حيث مكيعيدوش" ومعظم الأضاحي من رومانيا    الملف المعقد يهدد بنسف التقارب الإسباني المغربي    "الكاف" ينفي الحسم في موعد تنظيم كأس إفريقيا بالمغرب    دراسة: ارتفاع حرارة الأرض الناجمة عن النشاط البشري إلى "مستوى غير مسبوق"    العقبة التي تعرقل انتقال نجم المنتخب المغربي إلى الأهلي المصري    "طاكسي بيض 2".. الخياري ينبش عالم المخدرات في عمل كوميدي مليئ ب "الأكشن"    بهدف المس بالمغرب .. ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يدعم البوليساريو من الجزائر    المنتخب المغربي يتوجه إلى أكادير استعدادًا لمباراة زامبيا    "التسمين" وراء نفوق عشرات الخرفان المعدة لعيد الأضحى بإقليم برشيد    "اللغات المتخصصة: قضايا البناء ومداخل التحليل".. إصدار جديد للدكتور زكرياء أرسلان    طبيب مغربي يبتكر "لعبة الفتح" لتخليص الأطفال من إدمان الشاشات    حماس تحسم موقفها من المقترح الأمريكي الذي يدعمه المغرب    علاج جيني في الصين يوفّر أملا للأطفال الصمّ    بورصة البيضاء تنهي التداولات على وقع الأحمر    انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بالداخلة    المخرج عزيز السالمي يترأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الرباط كوميدي    زيادة سعر غاز البوتان: من يدفع الثمن؟    عن إجرام النظام العسكري في حق الشعب الجزائري    تسلل الغش إلى أوزان البوطاغاز!    حكومة الاحتلال واعتبار (الأونروا) منظمة إرهابية    قوافل الحجاج المغاربة تغادر المدينة المنورة    مناهضو التطبيع يواصلون الاحتجاج ضد المجازر في غزة ويستنكرون التضييق وقمع المسيرات    مبادرة بوزان تحتفي بزي "الحايك" الأصيل    علماء أمريكيون يقتربون من تطوير لقاح مركب ضد جميع فيروسات الإنفلونزا    مجلس النواب الأميركي يصوّت على معاقبة مسؤولي "المحكمة الجنائية الدولية"    مهرجان سيدي قاسم للفيلم المغربي القصير يفتح باب المشاركة في دورته الجديدة    خبراء: حساسية الطعام من أكثر الحالات الصحية شيوعا وخطورة في زمن تنوع الاطعمة    فرق محترفة تقدم توصيات مسرحية    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (15)    السعودية تحذر من درجات حرارة "أعلى من المعدل الطبيعي" خلال موسم الحج    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب في طريق إنصاف ضحاياه والمصالحة مع ذاته
نشر في التجديد يوم 09 - 01 - 2004

القرار الملكي الحكيم المتمثل في إصدار العفو على ثلاثة وثلاثين من الأشخاص المحكوم عليهم في قضايا مختلفة قوبل بارتياح كبير في الأوساط الحقوقية والسياسية، ولدى الرأي العام الداخلي والخارجي، وهو القرار الذي يأتي في سياق إجراء آخر يتمثل في تنصيب هيأة الإنصاف والمصالحة من أجل استكمال مسلسل الطي النهائي لملف حقوق الإنسان عبر مقاربة تعتمد كما يقول جلالة الملك "التسوية العادلة غير القضائية، وتضميد جراح الماضي وجبر الضرر، بمقاربة شمولية، جريئة ومتبصرة، تعتمد الإنصاف ورد الاعتبار وإعادة الإدماج، واستخلاص العبر والحقائق لمصالحة المغاربة مع ذاتهم وتاريخهم، وتحرير طاقاتهم للإسهام في بناء المجتمع الديموقراطي الحداثي، الذي يعد خير ضمان لعدم تكرار ما حدث."
وإذا كان تنصيب الهيأة قد جاء انطلاقا من فلسفة تعتمد الإنصاف ورد الاعتبار في إطار من المصالحة مع الذات والتاريخ، والتأكيد على أن المغرب شعب لا يتهرب من ماضيه ولا يظل سجين سلبياته، فإن العفو الملكي الذي تزامن مع تنصيب الهيأة قد جاء تمثلا لقيم الإسلام في السماحة والعفو والصفح الجميل.
وتكمن قيمة هذه المبادرة في أنها تأتي شهورا قليلة بعد تعرض المغرب للأحداث الإرهابية ليوم 16 ماي 2003، وهي الأحداث العدوانية التي وقف الشعب المغربي قاطبة في مواجهتها، كما تأتي في سياق عالمي موسوم بالتوتر والاستنفار الذي خلفته الحملة الأمريكية ضد ما تسميه بالإرهاب وكذا العدوان الأمريكي على العراق، وهو ما يدل على أن المغرب، رغم الأجواء السياسية العالمية، ورغم الأجواء التي خلقتها الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء، مصمم على مواصلة الدرب في ترسيخ دولة الحق والقانون، ومواصلة دعم حقوق الإنسان ومعالجة مخلفات الماضي في هذا المجال.
وفي هذا الصدد نؤكد أنه من حق المغرب أن يتخذ من الإجراءات ما من شأنه أن يحافظ به على سلامة وأمن مواطنيه ويحفظ استقراره، وعلى أن يكون صارما في مواجهة كل من سولت له نفسه أن يمس بمكتسباته في هذا المجال، غير أن هذا لا يبرر بأي حال من الأحوال المساس بدولة الحق والقانون، وبالحريات الفردية والعامة وحقوق الإنسان، علما أن المقاربة السليمة لمحاصرة الإرهاب تكمن في محاصرة أسبابه وجذوره ومظاهره وتجلياته، مما يقتضي مقاربة شمولية تتداخل فيها المقاربة التربوية والثقافية والمقاربة السياسية والمؤسسية والمقاربة الأمنية والمقاربة القانونية والقضائية، وذلك هو جوهر ما أعلن عنه جلالة الملك في خطاب يوم 29 ماي 2003 الذي تلا الأحداث الإرهابية الأليمة بالدار البيضاء.
والمتأمل في أحداث السنة الماضية، وخاصة بعد أحداث 16 ماي، يستطيع أن يلاحظ أنه قد وقعت عدة تراجعات في مسار الطي النهائي لملف حقوق الإنسان، وبدأ الكثير يتخوف من انتكاسة في هذا المجال، خاصة ما يتعلق برجوع مسلسل الاختطافات ومحاكمة الصحفيين وعدم توفير شروط المحاكمة العادلة للمتهمين في أحداث 16 ماي، بل يكاد المرء يجزم بأن أجواء الأحداث الإرهابية قد أدت إلى تغليب المقاربة الأمنية على المقاربة الشمولية.
وإننا إذ نؤكد على الصرامة في معاقبة كل المتورطين في الأحداث الإرهابية، نرى كما يرى المراقبون، أنه قد وقعت تجاوزات كثيرة في هذا الملف، سواء في طور التحقيق أو أثناء المحاكمات، وهو ما يدل عليه حجم المتابعات في هذه القضية، الذي تجاوز 1500 متابع، وهو عدد كبير قد يعطي انطباعا خاطئا بأن المغرب كان ينام على تنظيمات إرهابية كثيرة. وها هو ذا المغرب يدشن سنة 2004 بانطلاقة حقوقية تليق بالمكتسبات التي كان قد حققها من قبل، وتليق بالصورة التي كونها عن نفسه على المستوى العالمي في السنوات السابقة، يدشنها بعفو ملكي يستلهم قيم الإسلام في السماحة والعفو والصفح الجميل، وتنصيب هيأة المصالحة والإنصاف، التي من أهدافها تضميد جراح الماضي ومصالحة المغرب مع ذاته وتاريخه وإعادة الاعتبار لكرامة الضحايا، مؤكدا، إذن، أن المغرب لا يخاف من تاريخه ومن أخطائه، وأنه لا يظل سجين سلبياته. والمغرب الذي استطاع السير منذ سنوات بخطى ثابتة في اتجاه الطي النهائي لملف حقوق الإنسان، ونصب لذلك هيأة الإنصاف والمصالحة، لن يعجزه أن يراجع كل التجاوزات التي تمت في إطار معالجة ملف المتابعين في أحداث 16 ماي، في إطار المقاربة التي تحدث
عنها جلالة الملك، والتي أكدت أن الصرامة وتطبيق القانون ليسا مرادفين بالضرورة للانقلاب على المكتسبات الحقوقية وعلى دولة الحق والقانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.