مطالب بإحالة كل التقارير ذات الصلة بالفساد ونهب المال العام على القضاء ومحاكمة المتورطين فيها    المغرب: 3.1 مليار درهم قيمة نفقات صندوق المقاصة خلال خمسة أشهر    مصر ترحّل مغاربة متطوعين للمشاركية في المسيرة العالمية إلى غزة وسفارتها بالرباط ترفض منح التأشيرات للمئات    المنتخب المغربي لكرة القدم للسيدات يحافظ على المركز ال60 عالميا والثالث إفريقيا في أحدث تصنيف ل "فيفا"    توقيف 9 أشخاص بالناظور وجرسيف بسبب الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر    إسكوبار الصحراء.. رئيس جهة الشرق بعيوي يمثل أمام القضاء للمرة الأولى    خطرٌ وشيك كان يهدد سواحل الحسيمة... وسلطات الميناء تتدخّل في الوقت الحاسم    الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني تستنكر الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    توزيع 500 سلة غذائية في قطاع غزة بمبادرة من وكالة بيت مال القدس الشريف (صور)    منتدى التعاون الصيني-الإفريقي في تشانغشا.. المغرب يجدد تأكيد تجذره الإفريقي، والكيان الانفصالي مقصي    فاس.. "نوستالجيا عاطفة الأمس" تعيد بباب الماكينة إحياء اللحظات البارزة من تاريخ المغرب    تحطم طائرة هندية عقب إقلاعها تحمل 242 راكبا    تحطم طائرة في الهند على متنها 242 شخصا    القضاء لا يُقام في الشوارع    الأمن المغربي في قلب المشروع التنموي.. بين الصمود الإقليمي والثقة المجتمعية    تصعيد وطني لموظفي الجماعات الترابية للمطالبة بالكرامة والعدالة    الملك محمد السادس يهنئ رئيس فيدرالية روسيا فلاديمير بوتين بمناسبة العيد الوطني لبلاده    "350 فنانا و54 حفلة في الدورة السادسة والعشرين لمهرجان كناوة الصويرة"    قانون ومخطط وطني لمواجهة ظاهرة الحيوانات الضالة بالمغرب    أسعار الذهب ترتفع    من أجل محيط مستدام : لقاء إفريقي – متوسطي – أوروبي يرسم معالم شراكة بحرية في أفق 2030    بنك المغرب فقد 20 مهندسا في سنتين.. والجواهري يطالب الدولة بالتدخل للحد من نهب أطرها (فيديو)    كأس العالم للأندية.. الوداد الرياضي يواصل تحضيراته استعدادا لمواجهة مانشستر سيتي الإنجليزي            كاظم الساهر يضيء مهرجان موازين في دورته العشرين        الوداد يجري أول حصة تدريبية في أمريكا تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من شهرين    الرباط.. انعقاد الاجتماع السنوي الخامس لتتبع اتفاقية التعاون لمكافحة الفساد في القطاع المالي    إسبانيا توقف مغربيًا في محاولة تهريب 4762 كيلو حشيش    الجمعية المغربية للطب الشرعي تكشف حقيقة اعتقال بروفيسور بتهمة تزوير شهادات طبية    جون أفريك الفرنسية: تواطؤ تبون وقيس سعيد لاستضافة قيادات البوليساريو في تونس    انقطاع الاتصالات والانترنت في غزة بعد استهداف خط ألياف ضوئية    اتهامات لعمر دودوح بتحويل الحج إلى منصة دعائية    أساتذة مركز التوجيه والتخطيط التربوي يحتجون على "سوء التدبير" ويدعون الوزارة إلى فتح تحقيق    كأس العالم للأندية.. فيفا: "كاميرا الحكم" لن تعرض الأحداث المثيرة للجدل    الاتحاد الألماني للاعبي كرة القدم المحترفين يشكو فيفا للمفوضية الأوروبية    الداخلية تطلق خطة لمواجهة الكلاب الضالة وتعزيز الوقاية الصحية    تفشي الكلاب الضالة في الناظور: مخطط وطني لمواجهة الخطر الصحي المتزايد    كيوسك الخميس | السكن الإيجاري.. أمل اجتماعي للطبقة المتوسطة    المنتخب المغربي يتقدم إلى المركز 11 في تصنيف فيفا متجاوزا ألمانيا لأول مرة    أجواء حارة في توقعات طقس الخميس    طائرة استخبارات متطورة تعزز قدرات القوات الجوية المغربية: شراكة استراتيجية مع كبرى شركات الدفاع العالمية    المنتخب النسوي يستعد لكأس إفريقيا في تجمع بسلا من 11 إلى 19 يونيو    اجتماع طارئ .. هل بدأ لقجع يشكك في اختيارات الركراكي؟    الاتحاد الأوروبي يدرج الجزائر ودولاً أخرى على قائمة "الدول عالية المخاطر" في مجال مكافحة غسل الأموال    مهرجان حب الملوك 2025: احتفال على إيقاع الاحتجاجات واستياء من «إقصاء» الفعاليات المحلية    "نوردو" يسعد بالغناء في "موازين"    بيان عاجل حول انقطاع أدويةاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من الصيدليات وتأثير ذلك على المصابين وأسرهم    إمارة المؤمنين لا يمكن تفويضها أبدا: إعفاء واليي مراكش وفاس بسبب خروقات دستورية    طاهرة تعود بقوة إلى الساحة الفنية بأغنية جديدة بعد غياب طويل    متحور ‬كورونا ‬الجديد ‬"NB.1.8.‬شديد ‬العدوى ‬والصحة ‬العالمية ‬تحذر    السعودية تحظر العمل تحت الشمس لمدة 3 أشهر    السعودية تحظر العمل تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أشهر في جميع منشآت القطاع الخاص    كأنك تراه    انسيابية في رمي الجمرات واستعدادات مكثفة لاستقبال المتعجلين في المدينة المنورة    









الإبحار برّا إلى إيثاكا
نشر في أزيلال أون لاين يوم 27 - 04 - 2012


وليد المسعودي
نظم مختبر السرديات، التابع لكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني-المحمدية، ضمن فعاليات الدورة الخامسة لمعرض الكتاب بساحة السراغنة، درب السلطان-الدار البيضاء، يوم الأربعاء 25 أبريل 2012 لقاءً مع الروائي عمر والقاضي، احتفاءً بروايته الأخيرة "الإبحار إلى إيثاكا"، الحائزة على جائزة المغرب للكتاب دورة 2011، وذلك بخيمة الندوات "عبد الواحد خيري، بمشاركة الناقدين صدوق نور الدين وبوشعيب الساوري.
وقد نسق أشغال هذا اللقاء شعيب حليفي، الذي رحب بالمشاركين وبالحضور، وأبرز أن أهمية هذا اللقاء تتجلى في مكانة الكاتب عمر والقاضي في الساحة الروائية المغربية، وما تتميز به كتابته الروائية، على امتداد نصوصه الخمسة ومجموعتيه القصصيتين من الانشغال بالقضايا الساخنة والحارقة المرتبطة بالواقع السياسي والاجتماعي. وبعد ذلك أعطى الكلمة للناقدين المشاركين في تنشيط هذا اللقاء.
في كلمته، انطلق الناقد صدوق نور الدين من التأكيد على وجود صنفين من الكتاب، هناك صنف ينوع في كتاباته، وصنف يحفر في موضوع واحد، وضمن هذا الصنف يندرج عمر والقاضي. وذلك بانشغاله بالتأريخ للتجربة التي عاشها وهي تجربة الاعتقال، مع الارتباط بالواقع ارتباطا وثيقا، وهو ما يجعل تجربته الروائية تنويعا على موضوع واحد، وحتى في قصصه يرتكز على موضوع واحد هو الحلم بواقع أفضل،. كما أكد على الروائي المحتفى به يكتب بلغة روائية مميزة ، منوها في الأخير على أن عمر والقاضي تمتلك موهبة أخرى في الترجمة من اللغة الاسبانية.
أما الناقد بوشعيب الساوري فقد افتتح مداخلته، التي خصها برواية الإبحار إلى إيثاكا، بالتأكيد على أنها تدخل في إطار محكي الاعتقال، لكنها تحاول أن تخلق لنفسها خصوصيات تمتاز بها عن ما تراكم من محكيات الاعتقال. وفي إشارة أخرى أكد على أن النص يستدعي الكثير من النصوص الروائية والأدبية الإنسانية. وركز في تحليله للرواية ،قيامها على السفر في المكان والزمان من أجل رصد تحولات الأماكن والشخصيات والمصائر. وفي ختام مداخلته أبرز أن الرواية تنبني على خلفية فكرية ناظمة وهي السخرية القائمة على المفارقة بين زمن النضال الساخن وزمن السيناريو السلمي البارد وما ترتب من تقابلات يحفل بها السرد الروائي.
شهادة الروائي :
"يمتد مجال الرواية من بداية الخمسينيات إلى الآن ، نصف قرن ونيف، من مجال اللعب ذهابا وإيابا، وليس كرونولوجيا متتاليا، وفي فضاء تتعدد فيه المدن، حضورا وغيابا، انطلاقا من المدينة الوديعة التي قال عنها الشاعر الكبير محمود درويش ذات أمسية شعرية ناجحة: "الناظور أقصى نقطة في القلب"؛ هذه هي المدينة التي كانت مركزا لجيش التحرير المغربي ولجيش التحرير الجزائري. يومذاك كان يشاهد محمد بوخروبة جالسا إلى طاولة على رصيف مقهى "غالدينو" ،وفي شوارعها سيلعلع الرصاص ذات مساء تصفية للحسابات بين رجال جيش التحرير بسبب الصراع حول غنائم الاستقلال.
ثم بعد ذلك، ما سيحدث في البلاد من اغتيالات واختطافات ومحاكمات وحالة الاستثناء ومحاولات الانقلاب وقضية الصحراء المغربية... والنضال الطلابي (ا. و. ط. م.) ونشأة اليسار الجديد ،23 مارس وإلى الأمام، حتى الآن ما كان يعرف بسنوات الرصاص والعفو العام والإنصاف والمصالحة، وصولا إلى يومنا هذا . قد يأتي تناول ما ذكر حسب استحضار وتذكر البطل وما عاشه. هذا هو زمن الرواية والذي اعتبر البطل نفسه شبه ملم بمساراته.
أما المكان: فهو تلك المدن التي مر بها البطل في انطلاقته لتأدية المهمة؛ البيضاء، الرباط، القنيطرة، العرائش، أصيلة، طنجة، مارتيل، بأزقتها وشوارعها ومقاهيها ومطاعمها وحاناتها وفنادقها، والبطل يعتبر نفسه شبه ملم بفضاءاتها.
في هذا الزمان الممتد والمكان المتعدد، اقترحت كروائي قصة رفيقين من اليسار (23 مارس أو إلى الأمام)، من الذين رافقتهم وعاصرتهم، منهم من مات أو اختفى أو مرض وما زال مريضا، بسبب المعاناة داخل الزنازن وبعد خروجه، ومنهم من ترك البلد كزين الشباب عبد اللطيف الدرقاوي. وإن التحكم في الزمان والمكان والإحاطة بالتاريخ من أسباب نجاح النص الروائي.
فكرتُ في تقسيم النص الروائي إلى فصول ومقاطع، كل واحد يتعلق بمدينة. وارتأيت أن أكون واضحا، ولا داعي للتجريب المغالي ولا للكلاسيكية الصارمة التي تراعي ما تراعيه. كنت واعيا تمام الوعي بشخصية البطل ورفيقيه، ضابطا لسيرتيهما: أي تاريخ الشخصية لكل منهما. والمراحل النضالية والتحولات التي طرأت على البلد. أحزابا ونقابات وجمعيات. حاولت أن أكون واضحا ودقيقا في تقديم حالة اليسار الآن من تشرذم وهرولة دون نسيان الشرفاء الذين ما زالوا في الميدان. ثم كان علي أن أراعي الحالات النفسية للبطل ورفيقه.. وذلك من خلال الدقة في اللغة. حاولت تمريرها جهد الإمكان بمصفاة.. الإيجاز حيث تقتضي الحالة .تجنبت الكلمات الجوفاء والجمل الفارغة.. وكل جملة جعلتها تحمل حمولتها ولا وجود لمعجم تراثي ميت.. أحيانا ألتجئ إلى كلمات وجمل جارحة، حارقة، مؤذية، حد الألم.
كل نص يحمل في دواخله طقوس قراءته، يأخذك ويمررك بأجواء تستسلم لها طواعية تحت إحساس بأنك نادم على ما أنت فيه. لذلك حاولت الابتعاد عن كل ما يسيء إلى جمالية النص.. من قبيل الاستعراض المعلوماتي التقريري. أردت أن أتجنب كل ما قد يحد من سيلان ماء النص، وصولا إلى نهايته.
الرواية تكشف وتوثق تجربة إنسانية مر بها أناس أرادوا الخير للبلد.. فقد حاولت أن أكون صادقا في تناول التجربة.
أما مسألة العنوان، فهناك عناوين تشدك أو تنفرك. تصدمك أو تسحرك أو تستفزك. "الإبحار إلى إيثاكا" عنوان استعاري يصف محتوى النص بطريقة رمزية. وكلمة "ايثاكا" تحيل على الأوديسا. إن البطل في الأوديسا يسعى إلى تحقيق هدف ويتعين عليه الانتقال من جزيرة إلى أخرى. ومواجهة مجموعة من العوائق. وهذا ما حدث مع بطل "الإبحار إلى ايثاكا". مع فارق أن بطل الأوديسا قاوم كائنات أسطورية بينما بطل "الإبحار إلى ايثاكا" صارع إخطبوطا واقعيا بألف وجه.
ثم من قبل ومن بعد.. إن لكل واحد منا إيثاكاه ! كما يقول الصديق احمد بوزفور، وان "إيثاكا" هي رحلة الحياة كما قال كفافيس.
وقد اختتم هذا اللقاء بحوار مفتوح وحميمي مع الكاتب وتوقيع الرواية التي نفذت نسخها لإقبال الحضور عليها .
عزاء شعري في السحيمي :
وفي نهاية هذا اللقاء،أنشد الشاعر محمد القطيب التناني قصيدة رثاء في حق القاص والصحفي عبد الجبار السحيمي الذي غادرنا إلى دار البقاء ، قائلا:
**فقدتْ بموتكَ ساحة الأدب //عنصرا مهما ذا أرب
**غدت وا أسفاه في حسرة // أضحت كيتيمة بلا أب
**كنتَ يا عبد الجبار حاميا // وكنتَ الرائد الفذ في المغرب
**ازدهت القصة بك غدت // ذات أريج عذب طيب
** كم من مبدع ألنتَ له //قناة الإبداع بلا تعب
**مددته بحسن رعاية // جعلته جيد المكسب
**بفضلك أصبحتُ كاتبا // وأنت من حقق لي مطلبي
**فتحتَ صدرك لي مشجعا // غدوتُ في القصة أكتب
**أعتز بك خير ناصر // وأجدك أحدب من أبي
**عَرَفتكَ الخمسينيات مبدعا // ورائدا فعلا في الأدب
**نشرت لك أزهار مفتحة //عبقت في أنحاء المغرب
**وعرفتك الصحافة رائدا //عن آلام الشعب تعرب
**تحترم القارئ ترى له // فضلا تمده بجميل المطلب
**أسلوبك في التعبير شيق // وقلبك في الحق غير متهيب
**تساهم في الميدان مجاهدا // وتكره عالم التسيب
**تخط بيدك لنا حكما // لها إمتاع في الدرب
**لم ترض بالإسفاف أبدا // ما كنتَ قطعا بالمتعصب
**واليوم إذ ترحل عنا // ويختارك لجواره الرحب
**إله يعرف ما تمتاز به // من جميل الصفات وحسن الأدب
**نطلب الرب أن تحظى // عنده بأرقى الرب
**ويرحمك رحمة واسعة // ويقي من تركت من النصب
**بهذا أوحى لي فراقكم // ارتجله في جمع أدبي
**قد يكون البحر مختلا به // ولكنه خال من الكذب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.