تركيا.. أزيد من 64 مليون مسافر عبروا مطارات البلاد خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2025    حريق مهول يلتهم محلاً لمواد التجميل في طنجة (فيديو)    كأس إفريقيا لكرة القدم لأقل من 20 سنة.. المنتخب المغربي يتأهل لنصف النهائي ويحجز بطاقة العبور للمونديال    مندوبية السجون توضح بخصوص زيارة الزفزافي لوالده    الجزائر بين توتر السيادة ومأزق الاصطفاف الفرنسي مع المغرب أو حين تستغل الأعراف الدبلوماسية كسلاح سياسي.    كارلو أنشيلوتي مدربا لمنتخب البرازيل حتى مونديال 2026    تعيين وكيل عام جديد لدى محكمة النقض رئيسا للنيابة العامة وثلاثة أعضاء بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية    وهبي: يمكننا تحقيق أشياء عظيمة والمهم هو بلوغ نهائي كأس إفريقيا    نصف نهائي ناري لكأس إفريقيا ينتظر أشبال الأطلس    فريق الرجاء يكتسح شباب المحمدية    مجلس وزاري برئاسة الملك.. إصلاحات عسكرية وتعيينات استراتيجية ومشاريع إنمائية    هشام بلاوي.. مسارٌ حافل يقوده إلى رئاسة النيابة العامة بالمغرب    تعيين محمد عكوري مديراً عاماً للمجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة    العدالة البلجيكية تضرب بقوة.. "بلاك" خلف القضبان و"الجزائري" في قبضة المغرب    تعزيز التعاون الثنائي محور انعقاد الدورة الاولى للجنة المشتركة بين المغرب وجمهورية بوروندي    تزامنا مع عرض مسرحية صينية بالرباط.. السفير الصيني بالمغرب يشيد بمستوى العلاقات الثقافية بين بكين والرباط    إخراج السجناء لزيارة أقاربهم المرضى أو لحضور مراسم دفن أقاربهم المتوفين.. مندوبية السجون توضح    حادث عرضي يخضع بنكيران للراحة    المبادرة بطنجة تقود مسيرة حاشدة ضد سياسة التجويع بغزة    حماس تفرج عن الرهينة عيدان ألكسندر    مناورات "الأسد الإفريقي" تنطلق بأكادير لتجويد قدرات الحروب الحديثة    معتقل حراك الريف نبيل أحمجيق يحصل على الماستر بميزة "حسن جدا"    التامك: الرقمنة مدخل لتأهيل الفضاءات السجنية والتصدي للجرائم المتطورة    "العصبة المغربية": وصل الإيداع حق    الجوق السمفوني الملكي يمتع جمهور مدينة الدار البيضاء    السعدي: التكوين المهني السبيل الوحيد لإنقاذ الحرف المهددة بالانقراض    المغرب يتوقع ارتفاع صادراته لمصر إلى 5 مليارات درهم بحلول 2027    رسميا: أنشليوتي يقود منتخب البرازيل    الحكومة تقر بغلاء أسعار العقار بالمغرب وتؤكد أن برنامج دعم السكن حقق أهدافه    الخزينة العامة للمملكة تكشف المداخيل الجمركية    الارتفاع ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    15 فيلما مطولا تتنافس في الدورة 25 لمهرجان خريبكة الدولي للسينما الإفريقية    سلطات دار أقوباع تمنع تجار الفخار من احتلال الملك العمومي    أحزاب المعارضة بالبرلمان تقترب من إسقاط حكومة أخنوش وهذا مضمون الملتمس    بابا ليو الرابع عشر يطالب بإنهاء العنف في غزة وإيجاد تسوية سلمية في أوكرانيا    الفنان سعيد الشرادي يحيي حفلا فنيا بمدينة مراكش    حكيمي أفضل لاعب إفريقي في فرنسا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مبيعات الإسمنت تجاوزت 4.52 مليون طن عند نهاية أبريل الماضي    القضاء يمنع مصطفى لخصم من مغادرة التراب الوطني بعد متابعته بتهمة تبديد المال العام    نداء العيون-الساقية الحمراء: الدعوة لتأسيس نهضة فكرية وتنموية في إفريقيا    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية وتهدئة التوتر التجاري    حزب العمال الكردستاني يعلن حل نفسه وإنهاء الصراع المسلح مع تركيا    ترامب يشيد بالحصول على طائرة رئاسية فاخرة من قطر    ماذا نعرف عن أسباب وأعراض متلازمة مخرج الصدر؟    هذه هي حقيقة توقف مجازر الدار البيضاء في عيد الأضحى    الجيش الملكي يتأهل لعصبة الأبطال الإفريقية    ندوة علمية بالحسيمة تسلط الضوء على التراث الثقافي بإبقوين ورهانات التنمية السياحية    "ريمالد" تنشر لعثماني عن الحكومة    المغرب والصين: تعاون استراتيجي يثمر في التصنيع والطاقة الخضراء    البيضاء تحدد مواعيد استثنائية للمجازر الكبرى بالتزامن مع عيد الأضحى    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدبلوماسية الفاشلة لا تحقق الانتصارات، بل تقدم تنازلات
نشر في أزيلال أون لاين يوم 24 - 04 - 2013

حينما يكثر الضجيج ويرتفع الغبار يكون ضوء شمس الحقيقة خافتا، وحينما يسعى البعض جاهدا وبكل الوسائل والآليات أن يجعل من الفرع أصلا ومن الأصل فرعا وهكذا دواليك، تصبح مهمة استقراء المشهد مسألة صعبة ومعقدة. هذا الكلام ومثله يمكن تطبيقه بالحرف على المشهد المغربي الحالي وكل الضجة التي أثارت وتثار حول قضية الصحراء بعد التطورات الأخيرة.
يصعب استقراء المشهد لسببين اثنين:
- أولا: لأن هناك من نصبوا أنفسهم في هذه الاوقات قضاة على العباد. يجرمون كل من حاول أن يدلي برأي لا يتماشى والرواية الرسمية والموقف المخزني في قضية معقدة، ولكن أصول مشكلتها محددة وواضحة للعيان.
- ثانيا: لأن الكل (تقريبا وليس قطعيا لأن هناك استثناءات) يكتب ويصرح في القنوات والإذاعات والجرائد، يقدم الرواية الرسمية بشأن الصحراء عموما والموقف من المشروع الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية بشأن توسيع مهام بعثة الأمم المتحدة في الصحراء، المعروفة بالمينورسو، وكأنها قران مبين ومنزل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
الرواية الرسمية، باختصار، تقول بأن المغرب دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان في الصحراء وفي غيرها، بينما قادة البوليزاريو إرهابيون وأعداء يدعمهم جنرالات الجزائر وأعداء وحدة المغرب الترابية. هل هذا صحيح؟ أبدا، لا.
ولكن قبل تفسير ذلك أرى من الأهم الإشارة غلى أمر مهم وهو ملاحظة ترتبط بالتحركات التي تزامنت مع القضية بأملها، التحركات الرسمية أقصد، وذلك على المستويين الديبلوماسي والحزبي. على مستوى الديبلوماسية وخاصة في علاقة المغرب مع الدول تحرك وفد يقود ثلاثة أشخاص وهم: وزير الخارجية السابق ومستشار القصر حاليا الطيب الفاسي الفهري، وياسين المنصور، واحد من حاملي مفاتيح أسرار القصر والمخزن الأمنية والاستخباراتية، ووزير الخارجية الحالي، سعد الدين العثماني. الفاسي الفهري، كان مشاركا في الحكومة التي خرج المغاربة يوم 20 فبراير مطالبين، من بين ما كانوا يطالبون به، بإقالتها حين خرج الشباب يطالبون بمغرب الحرية والكرامة باعتبارها جزء أساسيا من منظومة المخزن الذي اتهموه شباب الحركة وقوى البلد بحماية الفساد والمفسدين والاستبداد والمستبدين.
إذا كان الملف يتعلق بملف كبير وذو صبغة كهذه تستدعي التحرك وربط علاقات مع الذول، فهذه على مستوى جميع الدول مهمة منوطة أساسا بعمل ومهمات وزارة الخارجية وانتهى كل شيء. أما في حالتنا فالأمر مرتبط اولا بالقصر، لأنه يمتلك مفاتيح القضية، والمؤسسة الأمنية نظرا لتجذر هذه العقلية في مسؤولي بلدنا منذ عقود من الزمان. اما وزير الخاجية فقد شارك في التحرك وكأنه فقط ليزين الديكور ويكمل المشهد حتى لا تنفضح الأمور أكثر، وإلا فكيف نفسر سكوت الحكومة ورئيس لأكثر من أسبوع حول ملف يهم الشعب الذي صوت على اغلبيتها. عفوا ليس الشعب المغربي كله، ولكن نسبة قليلة منه 25 في المائة، بشهادتهم هم أنفسهم.
أما على المستوى الحزبي فسأركز على تحرك التنظيمات الشبابية الحزبية التي نظمت ندوة مساء الثلاثاء 23 أبريل 2013 بأحد الفنادق الفاخرة بالعاصمة الرباط تحت شعار: "قف... سيادتنا". حضرت جانبا من أشغال الندوة التي كانت عبارة عن مداخلات لجل المسئولين الوطنيين للشبيبات الحزبية المعروفة والغير المعروفة. خلال الندوة تناولوا كلمات عبروا فيها عن مواقفهم بشأن قضية الصحراء ومستجدات القضية وما ينبغي فعله. وبعد الندوة خرجت بانطباع وحيد وهو انني كما لو كنت أستمع لكلمة للملك او رئيس الحكومة. قالوا موقفا واحدا بتعابير مختلفة أصابت الحاضرين بالملل ولذلك غادر أكثر من تلثي الحاضرين القاعة حتى قبل أن يتوالى على المنصة نصف المشاركين.
والتي استوقفني خلال الكلمات هو قول احدهم: "المغرب دولة حقوق الانسان. ولا نحتاج غلى من يعلمنا معنى حقوق الإنسان الكونية والديمقراطية والكرامة. لا نحتاج لدروس أمريكا. (وصرخ بصوت مرتفع تحت تصفيقات الحاضرين القوية) المغرب وتاريخه وحاصره درس في حقوق الإنسان لكل الأمم". وختم حديثه يتوجيه التحية للديبلوماسية المغرب وتهنئتها على ما حققته من انتصارعظيم.
بالله عليكم: هل المغرب درس للأمم في حقوق الإنسان.
وما زاد من استغرابي هو وجود وجوه عديدة من المشاركين، في المنصة، كانت تقود مسيرات حركة 20 فبراير شهورا طوال، يصفقون ويحيون وزيدون. قولوا لي من فضلكم ما الذي تغير في مغربنا قبل وبعد 20 فبراير على جميع المستويات والأصعدة. قولوا للشعب المغربي: لماذا لا تزال عظام المعطلين تهشم أمام قبة البرلمان بالشارع الرئيسي للعاصمة الرباط يوميا، لماذا لا يزال هناك العشرات من المعتقلين السياسيين وضحايا الانتهاك لا يزالون يقبعون في سجون الظلم والوطن، لماذا تزداد فئات واسعة من الشغب المغربي أكثر فقرا، في الوقت الذي تزداد فيها كميشة من الناس يوما بعد ثراء وثراء فاحشا حسب تصنيفات التقارير والمجلات المتخصصة، ما معنى أن هناك 4 ملايين مغربي يعيشون في دور الصفيح والبراريك في كل المدن والقرى وهناك من يملك في كل مدينة قصر وضيعات. ما معنى ما تتعرض له الجامعة من اغتصابات أمنية بعد كل الظلم المادي والمعنوي والبوليس-الأمني الذي طالها عقودا من الزمن، متى ينتهي ظلم هذا الوطن لأبناءه ومتى ينتهي عزل العشرات من القرى والبوادي عن هذا العالم في سنة 2013. من يقدر أن يفسر ما يعانيه العشرات من المواطنين من تضييق في أرزاقهم ومتابعة لتحركاتهم من طرف الأجهزة الأمنية صباح مساء. متى ينتهي كل هذا وذاك. بل متى نقول الحقيقة على الأقل لهذا الشعب المقهور.
أما الصحراء فلا شك في أنها تتوق إلى الكرامة والديمقراطية بقدر ما تتوق أن لا تكون يوما تحت سلطة الجنرالات أو تحت رحمة المخزن المغربي. لا شك في أن هناك رؤس وبارونات يلعبون بالعشرات والمئات من شباب تلك المناطق لأهدافهم ولزعزة أمن وحياة سكان المناطق. لكن بنفس التأكيد، لا شك في أن المخزن المغربي قد ارتكب ولا يزال أخطاء فادحة طيلة عقود في حق هذا الوطن كله وهذا الشعب كله. الكلام ليس فيه مراوغة ولكن اعتقد بأن الحقيقة هو أن سكان الصحراء يوم يثقون ثقة كاملة على أن العيش في المغرب وتحت حماية سلطة ديمقراطية نابعة من إرادة الشعب وخاضعة لمصالحة ولا تقترب من حقوقه ولا تعتدي عليه، بل تراعي اختياراته ومصالحه، أكيد أنه آنذاك لن يفضلوا غير الوحدة مع الغرب وفي المغرب.
أما ما قيل إنه انتصار في الجولة الحالية فهذا غير صحيح. لأن الانتصار الحقيقي هو لو كانت هذه الدبلوماسية قادرة على إحراج إسبانيا التي تحتل مدينتي وعدد من الجزر دون أن تحرك هذه الدبلوماسية ساكنا. انتصار الدبلوماسية سيكون يوما يكون قرارها غير نابع من التبعية لفرنسا وأمريكا وغيرها من القوى التي تنتهك حقوق الإنسان في القدس وبغداد وكابل وتدعي المطالبة بحمايتها في الصحراء. المصداقية لا تمتلكها الدبلوماسيات التي تعتمد على الخارج لتصحيح أخطائها دون ان تستفتي الوطن ومصالحه في أمر ذلك.
متى كانت أمريكا التي تتدخل في الشؤون الداخلية لكل بلدان الدنيا دولة تحترم حقوق الإنسان ولا تنتهكها وهي التي تمتلك أكبر المعتقلات السرية الأكثر تعذيبا في العالم على طوال التاريخ. ومتى كانت تحمي حقوق الناس وهي التي شنت عشرات الحروب وقتلت الملايين وشردت الالاف في المشرق والمغرب لتحقيق مصالحها الإقتصادية، متى ومتى وتطول سلسلة التساؤلات.
أما ما نشر في الصحافة في تراجع الإدارة الأمريكية عن قرارها وسحبها للمشروع الذي تقدمت به فهذا ليس بريئا أبدا، خصوصا وان التاريخ القريب علمنا ان هذه الإدارة لا تتخلى عن مصالحها بأي وجه كان، مما يعني بالقطع بأن هناك صفقات دبرت تحت الطاولة جاءت نتيجتها على هذا الشكل، أخذا بعين الاعتبار التطورات الأخيرة للعلاقات المغربية مع بعض القوى العظمى وتنافس هذه الأخيرة على الظفر بقدر أكبر من الامتيازات. لا شك ان التقارب المغربي الفرنسي يؤرق الأمريكان، كما لاشك في ان الشراكة التجارية المغربية الإسبانية القوية في الشهور الأخيرة، لا يجعلهم مرتاحي البال. كما لا ننسى أيضا بان هذه الضجة جاءت مع مشاكل داخلية اقتصادية خطيرة أبرزها سحب الحكومة لأكثر من 15 من مليار سنتيم من ميزانية الاستثمارات وما يمكن أن يسببه ذلك من زعزعة اقتصادية في مستقبل الأيام.
الدبلوماسية الغربية وغيرها ستحقق الانتصارات يوم تكون نابعة من إرادة الشعب واختياراته لا من النزوات والإملاءات الفوقية الداخلية والخارجية. لأن إرادة الشعوب في طبيعتها تئن إلى التضامن كما تشتاق إلى الوحدة والابتعاد عن التفرقة والنزاعات. أما الدبلوماسيات التي يكون أصلها غير اختيارات الشعب فلا شك في انها دبلوماسيات فاشلة. ولذلك فهي عادة ما تقدم تنازلات ويعتبرها أبواقها بالانتصارات. متى كان الفشل يحقق الانتصارات يمكن للدبلوماسيات الفاشلة أن لا تقدم تنازلات وتتفرغ لتحقيق الانتصارات.
محمد الوحماني
الرباط - المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.