تقرير: الاقتصاد المغربي يدخل مسار تعاف متدرج مع توقع تسارع النمو إلى 5.5% بحلول 2027    يومية "آس" الرياضية الإسبانية: براهيم دياز.. قائد جديد لجيل واعد    المغرب يحافظ على صدارته العربية والإفريقية في تصنيف الفيفا ويحتل المركز ال11 عالميا    انتقادات حقوقية لتراجع تصنيف المغرب في تنظيم الأدوية واللقاحات    حموشي يصرف منحة لموظفي الأمن    نشرة إنذارية من مستوى يقظة "برتقالي"    مقاييس الأمطار بالمغرب في 24 ساعة    تحقيق ل"رويترز": في سوريا الجديدة.. سجون الأسد تفتح من جديد بمعتقلين جدد وتعذيب وابتزاز    أزيلال .. القوات المسلحة الملكية تطلق خدمات المستشفى العسكري الميداني بجماعة آيت محمد    ريدوان يطلق أولى أغاني ألبوم كأس أمم إفريقيا "ACHKID"    أمام صمت الوزارة وعدم تفاعلها مع بيانات التنسيق النقابي.. الشغيلة الصحية تصعد    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا مع توقع استمرار خفض الفائدة الأمريكية    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الدار البيضاء على إيقاع الاحتفالات    المغرب يضع "الكان" في الصدارة عالميًا    العزيز: مشروع قانون التعليم العالي سيحول الجامعة إلى "بنية إدارية محكومة بمنطق السوق"    رغم انخفاضها عالميا.. المحروقات بالمغرب تواصل الارتفاع والمستهلك يدفع الثمن    الصحافة الدولية تشيد بالتنظيم المغربي وتضع رهان التتويج ب"الكان" في الواجهة            نهائيات كأس إفريقيا للأمم تعيد خلط أوراق العرض السينمائي بالمغرب    بنكيران: "البيجيدي" استعاد عافيته ويتصدر المشهد.. ولم يبق إلا تثبيت النصر    صحيفة إسبانية تشيد باحتضان المملكة ل"كان 2025"    ارتفاع أسعار النفط    بورصة البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    تيسة تحتضن إقامة فنية في الكتابة الدرامية والأداء لتعزيز الإبداع المسرحي لدى الشباب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    سعر الذهب يسجّل مستوى قياسيا جديدا    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات اسفي إلى 40 واطلاق برنامج ملكي لاعادة التاهيل    تفاصيل جديدة بشأن "مجزرة بونداي"    كيوسك الإثنين | مطارات المملكة تحطم كل الأرقام عشية انطلاق كأس إفريقيا    الدار البيضاء.. مرصد يحذر من مخاطر "مغاسل الميكا" على صحة المواطنين    جريمة قتل مروعة تهز منطقة بني يخلف نواحي المحمدية    إعلام إسرائيلي أمريكي: نتنياهو يسعى لتفويض من ترامب لمهاجمة إيران    اغتيال جنرال روسي في انفجار قنبلة        وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    انقلاب حافلة يودي بأرواح 16 شخصا في جزيرة إندونيسية    الركراكي: المباراة عرفت توترا كبيرا خاصة في الشوط الأول بسبب تضييع ضربة الجزاء وخروج سايس مصابا لكننا حققنا المهم    الجديدة تستضيف الدورة الأولى للمؤتمر الدولي حول الفيزياء الكمية والابتكار الطاقي    انتصار البداية يعزز ثقة "أسود الأطلس" في بقية مسار كأس إفريقيا للأمم    الاستيطان يتسارع في الضفة الغربية ويقوّض فرص قيام دولة فلسطينية    تصعيد خطير بعد دعوات لطرد الإماراتيين من الجزائر    أدب ومحاكمة ورحيل    "محمد بن عبد الكريم الخطابي في القاهرة من خلال الصحافة المصرية" موضوع اطروحة دكتوراه بكلية عين الشق    مسلحون مجهولون يفتحون النار على المارة في جنوب إفريقيا    مشروبات الطاقة تحت المجهر الطبي: تحذير من مضاعفات دماغية خطيرة    الفنانة سمية الألفي تغادر دنيا الناس    فتح الله ولعلو يوقّع بطنجة كتابه «زمن مغربي.. مذكرات وقراءات»    العاصمة الألمانية تسجل أول إصابة بجدري القردة    السعودية تمنع التصوير داخل الحرمين خلال الحج    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    منظمة الصحة العالمية تدق ناقوس انتشار سريع لسلالة جديدة من الإنفلونزا    سلالة إنفلونزا جديدة تجتاح نصف الكرة الشمالي... ومنظمة الصحة العالمية تطلق ناقوس الخطر    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثمانينيات
نشر في هسبريس يوم 13 - 03 - 2024

(وحتى إذا سمح الاتحاد السوفياتي بتأسيس حزب آخر فسوف يظل دولة ذات حزب واحد؛ لأن الجميع سينضم للحزب الجديد) رونالد ريغن
مع حلول الثمانينيات كانت الأفكار التي تشكل عالمنا الرقمي اليوم شرعت للتو في الإعلان عن نفسها دون مواربة؛ ففي هذا العقد ستصبح الابتكارات التكنولوجية ولأول مرة في التاريخ مشاعا وفي متناول اليد، عبر شيوع الجيل الأول من الحواسيب المنزلية (إ.بي.إمIBM وماكينتوش Makingtouch)، كما ستغدو الموسيقى محمولة ومتنقلة من خلال أجهزة والكمان Walkman الشعبية؛ وستقتحم السينما المنازل عبر أجهزة الفيديو VHS التي لاقت انتشارا واسعا وسريعا. في الثمانينيات سيطيح القرص المدمج اللامع CD-Rom بأسطوانة الفينيل إلى الأبد؛ متربعا بذلك على عرش أعظم اختراعات العصر التي ستغير بشكل جذري من طريقة الاستماع إلى الأصوات بنقلها من نظام ستيريو Stéréo إلى نظام ديجيتال.
وهل ننسى أن ألعاب الفيديو خرجت إلى السوق في هذه الفترة؟.. كل من عاش طفولة الثمانينيات يتذكر لعبة باكمان Packman الشهيرة في نسختها الأولى ثنائية الأبعاد، التي حققت أرباحا خيالية عبر العالم، مثلما مازال يتذكر جهاز أتاري Atari؛ أول نظام ألعاب فيديو منزلي يكتسب شعبية جارفة.
كانت الثمانينيات بحق أيقونة الجديد وانتصار الليبرالية على الشموليات: (شيوعية- قومية- بروليتارية- اشتراكية/ تقدمية..)، كيف لا وهي كانت عصر رامبو Rambo الذي عاد إلى فيتنام بعد هزيمة السبعينيات؛ لكن هذه المرة ليحقق الانتصار الكاسح على الجيوش والكتائب الحمراء ويدحرها إلى الأبد، وعصر ماد ماكس Mad Max الذي أعلن الجنون سلاحا في وجه إرهاب العصابات الهمجية والأنظمة الشمولية التي ستكون المآل الأسود للبشرية في حالة ما أطيح بالليبرالية: نهاية التاريخ التي تعني الحضارة. كانت الثمانينيات عصر مايكل جاكسون Mickael Jackson الذي أقفل كل تقنيات التعبير الجسدي فتم وأد الجسد معه إلى الأبد في مقبرة فيلمه الشهير تريلر Thriller؛ وكانت أيضا عصر روكي Rocky الملاكم الأسطورة الذي روج لأرض الأحلام الليبرالية؛ حيث القمة لا نصلها إلا بالصعود من القاع بفضل الإرادة والعزيمة والتدريب الشاق. وقبل هذا وذاك، حسمت الثمانينيات وإلى غير رجعة مع أنظمة أوروبا الشرقية: آخر قلاع الديكتاتورية في الغرب المسيحي، فما إن بدأت تيارات البوب Pop والروك Rock تغزو بلدان المعسكر الاشتراكي السابق حتى كان ذلك مؤشرا على بداية أفول حلف وارسو الذي لم يتهاو تحت وطأة مواجهة عسكرية نووية؛ وإنما وقع صريعا تحت ضربات معول الفنون الجديدة. هل ننسى كيف كان نظام ألمانيا الشرقية يحاكم مواطنيه المتلبسين بجرم التلصص على قنوات جارتهم الغربية لمشاهدة حلقات السلسلة الأمريكية السيارة العجيبة Knight Rider، التي سيستقبل بطلها دفيفد هاسلوف David Hasselhoff استقبال الأبطال بعد سقوط جدار برلين، ليؤدي أغنية المسلسل فوق أنقاض الحطام وبحضور جمهور غفير ردد معه ما اعتبرها أنغام الحرية.
كانت الثمانينيات أيضا عصر جان ميشيل باسكيا الذي وأد اللوحة الأوروبية الحديثة لصالح تشكيل أمريكي تجريدي- تعبيري ومفرط في تصويريته التي اعتبرها بيكاسو وقتها تدنيسا للفن الأوروبي الراقي وإسقاطا له من عليائه. رد باسكيا بعد موت بيكاسو بعقد كامل بعبارته الشهيرة: كل ما يقدم في المتاحف تحت مسمى الفن الحديث هو مجرد قمامة؛ وقدم بالفعل الدليل والبرهان من خلال لوحات مدنسة فاقت اليوم أسعارها أعمال كبار الفنانين بمن فيهم بيكاسو نفسه.
بعد الثمانينيات لم يعد هنالك من مكان سوى للمتعدد؛ لذلك فمن لم يحيا روح الثمانينيات فليس بوسعه أن يعيش مطمئنا في العصر الحالي. جاءت الثمانينيات كجسر تحولت عبره البشرية من موجة ثانية للحضارة إلى أخرى ثالثة صارت معبرنا نحو أقاليم جديدة وأشكال حياة أكثر انفتاحا؛ حياة تسهم في جعلنا رحلا في الفراغ؛ نمقت الشيء في نسخته الوحيدة مثلما نمقت تحفيظ الأصول، وننفر من الجذور مفضلين عليها كل ما هو عابر ولا يخلف أثرا يذكر، ولكنه مع ذلك يغير كل شيء؛ تماما كأثر الفراش.
في الثمانينيات.. انتهت أسطورة الأصل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.