استغرب عدد من أرباب شركات قطر السيارات، المعروفة لدى العموم ب"الديباناج"، الخرجات الإعلامية لمجموعة من أصحاب السيارات، الذين اعتبروا أن ثمن قطر السيارات نحو المحجز البلدي بسبب ارتكاب السائق لمخالفات مرورية غير مستحق، ويشكل "جريمة غدر" حسب القانون الجنائي. وذهبت الكثير من التعليقات على صفحات المواقع الاجتماعية إلى أن مصاحبة رجال الأمن لسيارات الجر إجراء غير قانوني، ومشوب بالتجاوز، وأن تحصيل مقابل مالي جراء هذه الخدمة غير مبرر وليس له أساس تشريعي. وغالبا ما يستند أصحاب التعليقات في قراءتهم إلى حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ 30 دجنبر 2015، والذي قضى بتعويض مالي لفائدة سائق تضررت سيارته الخاصة أثناء عملية قطرها نحو المستودع البلدي، بعدما ارتكب مالكها مخالفة الوقوف في مكان ممنوع. وفي تعليق على هذه التصريحات، أوضح صاحب إحدى شركات جر السيارات أن الأخيرة تؤدي خدمة حيوية لفائدة الخواص، عندما يتعلق الأمر بسيارات في حالة عطب أو تعرضت لحادثة سير بالطريق العام، مضيفا، في تصريح لهسبريس، أن الشركات "تقوم بخدمة ضرورية وبالغة الأهمية بالنسبة للقانون والنظام العام عندما يتعلق الأمر بسيارات مستوقفة في مكان ممنوع، أو في مكان يعرقل حركة السير، أو عندما تكون متورطة أو لها علاقة بأفعال إجرامية، مثل نقل المخدرات أو السلع المهربة أو غيرها". ويتعلق الأمر هنا بخدمة مؤدى عنها، يضيف المتحدث، "يتحمل تكاليفها المالية السائق المخالف، في حالة ركنه سيارته في مكان ممنوع أو في مكان يعرقل حركية السير والجولان، أو طلب الخدمة عندما تكون سيارته في حالة عطب". وفي سياق متصل، رفض مسؤول أمني، بشكل قاطع، الاتهامات المنسوبة لعناصر شرطة المرور، التي تزعم أن الأخيرة تفرض على المواطنين أداء رسوم إضافية كتعويض لفائدة شركات سيارات الجر، موضحا أن "أعوان الشرطة المكلفين بمعاينة وزجر مخالفات المرور تقتصر مهمتهم على استخلاص مبلغ الغرامات الصلحية الجزافية، أو تحرير محضر قانوني بشأنها في حالة عدم الأداء؛ أما بالنسبة لمصاريف قطر السيارات نحو المحجز البلدي فتسدد مباشرة من سائقي هذه السيارات أو ممثلي الشركات التي تتبع لها، مقابل وصل يتضمن قيمة المبلغ المستخلص وطبيعة الخدمة المقدمة وتاريخ القيام بها". وأضاف المسؤول الأمني ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "ثمن عملية جرّ السيارات هو بمثابة أداء عن خدمة وليس تعويضا، وأن مصالح الأمن الوطني لا تتدخل، بأي شكل من الأشكال، في تحديد أو تسعير تلك الأثمان، ودور موظفيها يقتصر فقط على انتداب وتسخير تلك السيارات لقطر العربات التي توجد في وضعية غير نظامية إزاء القانون". واستغرب المتحدث ذاته "ادعاء البعض أن تحصيل ثمن قطر السيارات لا مبرر له ويشكل جريمة غدر، معتبرا أن ذلك "ينّم عن عدم إلمام بالمقتضيات القانونية ذات الصلة، وسوء فهم لمنطوق الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط في قضية التعويض عن عملية جر السيارات". فهذا الحكم، حسب المصدر الأمني دائما، قضى بتعويض مالي عن الأضرار التي لحقت بالسيارة عند قطرها وإيداعها بالمحجز البلدي، لكنه رفض باقي مطالب الطرف المدعي، بما فيها طلبه الرامي إلى استرجاع مبلغ 120 درهما الذي أداه كثمن للشركة التي قامت بجر السيارة. ورفض المصدر الأمني إسقاط جريمة الغدر على هذه الوقائع، لانتفاء عناصرها التكوينية المادية والمعنوية المحددة قانونا، التي تشترط في الموظف العمومي تحصيل ما هو غير مستحق أو ما يتجاوز المستحق، وهما عنصران لا يتحققان في هذه النازلة، فضلا عن وجود مسوغات تنظيمية وخدماتية تبرر صرف مستحقات مالية لفائدة أصحاب شركات "الديباناج"، وللعاملين بها، نظير الخدمات التي يقدمونها. وفي ختام حديثه أكد المسؤول الأمني أن "القول إن وجود "البوليس" في سيارات "الديباناج" إجراء غير قانوني ادعاء غير صحيح، ويحتاج إلى توضيح، بدليل أن الحكم القضائي سالف الذكر لم يقض بعدم قانونية هذا الإجراء، وسكت عنها من باب أن ما هو قانوني لا يحتاج إلى تأكيد قضائي، مستطردا بأن القانون لم يفرد أي نص تشريعي أو تنظيمي يمنع الأعوان المكلفين بمراقبة السير والجولان من مواكبة عملية قطر السيارات نحو المحجز البلدي. وفي تطورات وتفاعلات هذه القضية، أكد سائق سيارة "ديباناج" أن طبيعة عمله تجعله بين المطرقة والسندان، مطرقة تطبيق القانون القاضي بجر السيارات التي تعرقل السير أو تكون متوقفة بمكان ممنوع، وسندان رفض عدد من السائقين المخالفين أداء ثمن عملية الجر، وهو ما يضر بمصالحه ومصالح الشركة التي يعمل- معها. وطالب المتحدث الجهات الوصية على القطاع، وهي وزارة التجهيز والنقل واللوجيستيك، باعتماد إجراءات قانونية واضحة تحدد طريقة عملهم، والمبالغ المستحقة لهم، وذلك لتفادي التجاوزات التي يقوم بها بعض السائقين المخالفين، حسب تعبيره.