إذا كنت تصدق كل ما قرأت من الأفضل ألا تقرأ تناقلت وسائل إعلام إلكترونية مهتمة بالشأن الأدبي إشاعة ثقافية طريفة مفادها إن وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش أصدر رواية عنونها مطلق الإشاعة ب ''مجنون سمية''. الإشاعة نشرتها مواقع أدبية محترمة على أنها خبر لا يقبل التكذيب؛ مثل دار الحياة و الآداب و العربية و غيرهم من المواقع المهتمة بالحياة الثقافية. كما نشرتها جرائد ورقية. يقول الخبر / الإشاعة حسب ما نشرته هذه المواقع بأن وزير الثقافة المغربي أصدر مؤخر رواية بعنوان مجنون سمية تقع في 245 صفحة من القطع المتوسط وهي في مجملها رحلة عبر التاريخ، حيث لقاء حميش بالحاكم بأمر الله، الذي هنأه على التماهي الناجح الذي حققه مع شخصيته لما كان البطل السارد وزيراً للثقافة في حكومة عباس الفاسي، فيقول له مداعباً: «لقد نجحت واللهِ في إثارة الفتن والقلاقل كما لم يثرها قبلك لا الشاعر محمد الأشعري ولا الفنانة ثريا جبران، وكنتَ موفقاً في زرع بذورالتوتر مع الكتّاب والفنانين والمسرحيين». المؤسف حقا في هذه الرواية التي لم يكتبها حميش هو النهاية المأساوية للبطلة سمية التي وجدها زوجها في سرير الوزير فطعنها طعنة قاتلة. الفضيحة بجلاجل هي إقدام كتاب على نشر الخبر على أنه حقيقة بل تمادي بعض كتاب الأنترنيت في الحديث بتفصيل وهمي عن رواية لم تكتب أصلا . كحديثهم عن عدد فصول الرواية و أحداثها و شخوصها وكأنهم قرأوا الرواية بل هناك من أدرج رأي نقاد مجهولين في الرواية كما يفعل الكثير من الصحافيين الذي يطعمون مقالاتهم بأراء لمحللين وهميين. صحفي إلكتروني آخر إعتبر المسألة ظاهرة وعنونها ب''ظاهرة الوزراء الأدباء'' رغم أن المسألة في الأصل مبنية على إشاعة سخيفة يريد بها مطلقها النيل من الوزير المغربي بأقل الأضرار بل ليس من الوزير فحسب ولكن من كل الأشخاص الحقيقين المذكورين في '' تلخيص الرواية '' الوهمية التي نشرها مجهول على نطاق واسع. المثير للإهتمام هو كيف تواطأت مواقع أدبية معروفة في نشر هذه الإشاعة السخيفة دون تمحيص أو تدقيق أو دون طلب معلومات إضافية من المعني بالأمر. إن نشر الأخبار الزائفة التي تخدم مصالح أشخاص معينين يجعل مصداقية الصحافة الإلكترونية في الميزان. سيما و أن تدفق الأخبار على المواقع الإلكترونية يجعل المشرفين عليها لا يملكون الوقت الكافي لتدقيق كل المعلومات التي ترد عليهم . يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل يحق للمتقف وهو زبدة المجتمع ونخبته أن يلجأ إلى الإشاعات المغرضة بهدف النيل من الخصوم. أوليس المبدع الحقيقي هو الذي يتبنى قيما إنسانية رفيعة كما قال طه حسين. [email protected]