وهبي يؤكد على ضرورة تحديث مهن القضاء لمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    قطاع الإسمنت بالمغرب يسجّل أداء إيجابيا في النصف الأول من 2025    استمرار ‬ارتفاع ‬أسعار ‬الأسماك ‬والخضر ‬والفواكه ‬يزيد ‬من ‬إثقال ‬كاهل ‬المغاربة    نزار بركة يؤكد من العرائش: اهتمام خاص بقطاع الموانئ والنقل الجوي بجهة الشمال    تشيلسي يختبر صلابة فلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    العمراني: دفاعنا عن تطوان التزام أخلاقي يسبق الممارسة السياسية وجلبنا للإقليم مشاريع هامة    جواد الزيات يعود لرئاسة الرجاء الرياضي لكرة القدم    توقعات احتياجات الخزينة تتراوح بين 12 و12,5 مليار درهم في يوليوز الجاري    عودة المياه بشكل طبيعي إلى إقامة النجاح بسلا بعد تدخل عاجل    المغرب وألمانيا يبحثان الارتقاء بعلاقتهما إلى "شراكة استراتيجية"    مجلة أوليس الفرنسية: المغرب يجذب بشكل متزايد كبار المستثمرين    مبابي يسحب شكوى المضايقة الأخلاقية ضد سان جرمان    مودريتش يعزز خط وسط ميلان بعد 12 سنة من المجد مع ريال مدريد    عواصف وأمطار غزيرة تتسبب في فيضانات وانهيارات أرضية بعدة مناطق بإيطاليا    جمود في مفاوضات الدوحة بشأن وقف إطلاق النار في غزة    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    وفاة الطالبة آية بومزبرة يُخيم بالحزن على قلوب المغاربة    المغرب يكثف جهود الإنذار والتوعية من مخاطر موجات الحر            عزيز رباح يعلّق على ترويج اسمه لرئاسة مجلس الجالية: "ما يُروّج ليس كله بريئًا"    بورصة البيضاء تبدأ التداول بالتراجع    مقتل 5 جنود إسرائيليين بكمين لكتائب القسام في شمال قطاع غزة    أمريكا تلغي تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية    بايرن ميونخ على أعتاب توجيه ضربة لبرشلونة الإسباني في الميركاتو الصيفي    إلغاء مباراة المركز 3 بمونديال الأندية    شرطة السياحة بأكادير تؤكد قانونية تدخلاتها ضد الإرشاد العشوائي    "كان" السيدات.. المنتخب المغربي يختتم تحضيراته تأهبا لمواجهة الكونغو في ثاني الجولات    بعودة حنان الابراهيمي.. سعيد الناصري يصور "تسخسيخة"    مؤسسة منتدى أصيلة تسدل الستار على الدورة الصيفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي ال46 (صورة)    وكالة بيت مال القدس الشريف تنفذ المرحلة الثانية من حملة الإغاثة الإنسانية للنازحين في مدينة غزة    بتوجيه من نظام تبون.. مدرب الجزائر يُجبر على إخفاء اسم المغرب من شارة كأس إفريقيا    تهديدات بفرض رسوم جمركية جديدة على دول "البريكس".. كفى للحمائية غير المجدية    بنعلي: غياب تمثيلية الجالية غير مبرر    حضره ممثل البوليساريو.. محمد أوجار يمثل حزب أخنوش في مؤتمر الحزب الشعبي الإسباني    ممارسة الرياضة بانتظام تقلل الشعور بالاكتئاب والتوتر لدى الأطفال    حزب "فوكس" الإسباني يهاجم معرضًا مؤيدًا للبوليساريو: ترويج لعدو إرهابي قتل مئات الإسبان    أوزين: الصحة تنهار وشباب المغرب يفقد ثقته في الدولة    مهرجان ثويزا يشعل صيف طنجة بالفكر والفن والحوار    سيادة دوائية في الأفق .. أخنوش يكشف تفاصيل خارطة الطريق لإنتاج الأدوية واللقاحات    ارتفاع الفقر في فرنسا إلى مستويات غير مسبوقة منذ 30 عاما    التوقيع على مذكرة تفاهم بين المغرب والمنظمة العالمية للملكية الفكرية للحماية القانونية للتراث الثقافي المغربي    بلاغ إخباري حول تجديد مكتب جمعية دعم وحدة حماية الطفولة بالدارالبيضاء    لقاء تواصلي أم حفل فولكلوري؟    حين تصعد وردية من رمادها وتمشي فوق الخشبة    شمال المغرب تحت رحمة المتسولين: مشهد مقلق في عز الموسم السياحي    فتح باب الترشيح لانتقاء الفيلم الطويل الذي سيمثل المغرب في جوائز الأوسكار 2026    المنتدى العالمي الخامس للسوسيولوجيا بالرباط .. باحثون من أزيد من 100 بلد يناقشون «اللامساواة الاجتماعية والبيئية»    حق «الفيتو » الذي يراد به الباطل    دراسة ألمانية: فيروس التهاب الكبد "E" يهاجم الكلى ويقاوم العلاج التقليدي        التوصل إلى طريقة مبتكرة لعلاج الجيوب الأنفية دون الحاجة للأدوية    دراسة: ليس التدخين فقط.. تلوث الهواء قد يكون سببا في الإصابة بسرطان الرئة    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"توماس هيلين" تغادرنا إلى الأبد
نشر في هسبريس يوم 20 - 07 - 2013

غادرتنا عميدة الصحافة الأمريكية توماس هيلين إلى الأبد بعد مسيرة طويلة من العطاء في الصحافة والإعلام والكتابة، مسيرة حافلة بكثير من التألق والنجاحات، وأيضا بالمحن والأزمات، لعل آخرها ما تعرضت له في 2010 حين أجبرت على مغادرة البيت الأبيض واعتزال الصحافة.
اليوم تغادر هيلين الحياة اختيارا إلى الأبد، وقد أوقدت شمعة في زمن اختار في الكثيرون الانزواء في الظلام، فتحية لروحها ولروح كل الأحرار والشرفاء.
"طوماس هيلين" شخصية كبيرة أخرى يطيح بها اللوبي الصهيوني في واشنطن، لتكون دليلا آخر- لمن يحتاج إلى دليل- يجلي سيطرة اليهود على مراكز القرار في البيت الأبيض.
لم تشفع لها مسيرتها التي ناهزت خمسة عقود في خدمة الصحافة الأميركية، ولا رمزية مكانتها كعميدة لمراسلي البيت الأبيض، ولا اعتذارها الذي جاء على صفحة موقعها الإلكتروني في أن تغفر لها زلة قولها في شريط فيديو صوره المدون ديفد نيسنوف حاخام لونغ آيلند الذي كان يزور البيت الأبيض إن "على اليهود أن يذهبوا إلى الجحيم ويخرجوا من فلسطين، وعليهم أن يذهبوا إلى بولندا أو ألمانيا أو الولايات المتحدة أو أي مكان آخر" ولو على سبيل المزحة.
ففي أمريكا والغرب تستطيع أن تنتقد كل شيء وأن تقول كل شيء، تنتقد الكنيسة، تشكك في المسيح، تسب الحكومة ورموزها، تنتقد الكونغرس والرئيس. كل ذلك مغفور مسموح به إلا الحديث عن "إسرائيل" واليهود، فهذا خط أحمر لا يمكن القبول بتجاوزه على الإطلاق وكل اقتراب منه هو أشبه بالانتحار أو توقيع شهادة الوفاة.
فطوماس هيلين عبر مسيرتها الإعلامية الطويلة انتقدت رؤساء أمريكا غير ما مرة واصطدمت معهم، فهي من وصف بوش ب"أسوأ رئيس في التاريخ الأمريكي" وقالت عن باراك أوباما أنه "ضمير حي لكن لا شجاعة له"، وهي من انتقدت غزو العراق وأفغانستان وطالبت بالانسحاب: "يجب علينا أن نخرج من أفغانستان... ما كان علينا الذهاب إلى العراق، علينا أن نخرج من هناك أيضا، ليس لدينا حق أن نكون في بلدهم"
لكنها مع ذلك لم تتعرض على الإطلاق لمثل هذا الاضطهاد والنبذ الذي تتعرض له الآن، فالجميع يتنكرون لها اليوم ويتبرؤون منها، فالمتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس قال إن: "تصريحات توماس كريهة وتستحق التوبيخ" . و"هيرست نيوز سيرفيس" (وهي مالكة شبكة الصحف المتعاقدة مع توماس ككاتبة دائمة) أعلنت أن الصحافية ستتقاعد بشكل فوري، وحتى إدارة مدرسة ثانوية في إحدى ضواحي واشنطن، ألغت كلمة كان من المقرر أن تلقيها توماس بمناسبة بداية الموسم الدراسي. ورابطة مراسلي البيت الأبيض قالت إن تصريحات توماس "لا يمكن الدفاع عنها" !!. نعم لا يمكن الدفاع عنها ومن يملك الشجاعة أو يغامر بالدفاع عنها!!
فمن أكبر المفارقات في الفكر الغربي أنه يطالب بإلغاء العقلانية والموضوعية والنسبية في القضايا ذات الصلة بالتاريخ والفكر اليهودي والسياسة الإسرائيلية، في حين يدعو بالمقابل إلى حرية المعتقد والفكر والنقد والتشكيك فيما عدا ذلك من القضايا والمقدسات، إلى درجة دفعت المفكر الفرنسي "باسكال بونيفاس" إلى إصدار كتاب بعنوان مثير يلخص المرارة والحنق الذي يشعر بها الأحرار هو: "هل من المسموح أو المباح نقد إسرائيل؟" أم أنها معصومة تقف فوق النقد؟ جاء فيه حتى "المسيح" يُنقد، حتى المقدسات تُنقد، ما عدا حكومة إسرائيل التي يمنع نقدها منعا باتا!!!. وهو أمر شاطره فيه مجموعة من المثقفين الفرنسيين اليهود حين أصدروا كتابا بعنوان "معاداة السامية الابتزاز الذي لا يطاق!" (Antisémitisme : l"intolérable chantage).
ومازال المثقفون يذكرون كيف نعت إدغار موران ب"اليهودي الخائن" واتهم بمعاداة السامية -بعد نشره لكتابه "العالم الحديث والمسألة اليهودية" (Le monde moderne et la question juive)
وجيمي كارتر الذي تعرض إلى حملة ضخمة من الانتقادات والاتهامات بعد نشر كتاب "فلسطين: سلام لا ميز عنصري" وصلت إلى التهديد بالقتل، حتى من المقربين الذين اشتغلوا معه في معهد كارتر حيث استقال أربعة عشر يهوديا وشاركوا في الحملة عليه، فبعضهم رماه بالكفر وخيانة إرادة الرب التي تبشر ببناء الهيكل وإعادة مملكة صهيون!!!! وبعضهم نعته بالباحث عن الشهرة والأضواء!!!! وآخرون شهروا ضده سيف معاداة السامية وكراهية اليهود ووصفوه بمزور التاريخ المنحاز للعرب!!! وهو ما لم يسلم منه المفكر الفرنسي روجي غارودي حيث حوكم وحبس أربعة سنوات بحجة معاداته للسامية بسبب آرائه حول الهولكوست في كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"
بدون شك أن مصادرة الحق في انتقاد اليهود و"إسرائيل" وسياساتها هو نوع من الإرهاب الفكري والابتزاز السياسي الذي تتعرض له النخب في الغرب لإسكات صوتها، وإيقافها عن فضح العنصرية الصهيونية وجرائمها البشعة في حق الشعب الفلسطيني الأعزل تمارسه الآلة الدعائية الإعلامية والسياسية والمالية الصهيونية في الغرب وهو أمر لم يعد خافيا على أحد. ولم يعد مقبولا أيضا وهو أمر تدركه هيلين جيدا فقد عرفت عن قرب قوة وتجذر اللوبي الصهيوني في واشنطن، ولكنها ضريبة الحقيقة التي قالت عنها في رسالة إلى زملائها في الصحافة اللبنانية والعربية عبر صحيفة السفير "ابحثوا عن الحقيقة، أحيانا قد يكون ثمنها باهظاً لكنها تستحق العناء".
اليوم تغادر هيلين البيت الأبيض كأن لم تكن من قبل، وهي التي قال عنها كلينتون: "الرؤساء يأتون ويرحلون، لكن هيلين هنا منذ 40 عاماً" . فتحية لك هيلين.
اليوم تغادر هيلين الحياة إلى الأبد وقد أوقدت شمعة في زمن اختار في الكثيرون الانزواء في الظلام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.