وانا أهم بكتابة هذه المقالة، احترت في اختيار عنوان لها، أأعنونها بأسفي المهمشة، أم بأسفي المنسية، أم بترييف أسفي أم أسفي الموت؟ (مجانا فكل شيء بأسفي أصبح ميتا) إلى أن استقريت على العنوان أعلاه متواجد من هذه العناوين. تحدث ويتحدث الكثير منا على أن أسفي فقدت هويتها، أو جزء كبير من هويتها، وساكنة المدينة وبناتها وأبناؤها، لا يكلّون من الحديث عن ماضيها القريب والبعيد المشرق، والحضاري. الكل، كلهم، يعبرون على أن المدينة عرفت مخططا، ربما مدروسا، لبدونتها وترييفها. فالمدينة هي الوحيدة التي أعادت عربات "الكوتشي"، ليس للسياحة وإنما كوسيلة نقل إضافية لباقي وسائل النقل الأخرى، دون أخذ احتياطات بهائم هذه الكوتشيات، فبراز خيولهم وبغالهم، (نعم هناك أصحاب كوتشيات يستخدمون البغال لجرعرباتهم)، يتم تصريفها في شوارع المدينة، ليس هذا فقط فعربات الخضر والفواكه تراها تجوب جميع أحياء وشوارع المدينة، وما ينجم عن ذلك من بقاياها بهذه الشوارع. أسفي اليوم التي يتحدث سكانها عن ترييفها، بسبب مطاعم الشواء وكأنك في باحة استراحة إحدى الطرق الطويلة، لا تتوفرعلى مطاعم مصنفة بل حتى الفنادق المصنفة معدودة على أطراف اليد الواحدة (فندق وحيد مصنف ب أربع نجوم، رغم!). هي أسفي فقدت اهم معالمها وسمات حضاراتها فقصر بحرها يئن، رغم أشغال ترميم واجهته، قد يسقط في أية لحظة. سور المدينة العتيقة، والذي يعتبر من أطول الأسوار التي تركها البرتغاليون، بدأ يتهاوى وتنهار أجزاء منه وبدأت مع الأمطار الأخيرة.. أسفي تفقد تاريخها، لأنهم (مجهولون أو معروفون)، أرادوها مدينة او ربما قرية دون تاريخ، وزارة السياحة ورغم مخططاتها العديدة لم تصنف المدينة في خانة المدن السياحية، رغم توفرها على ساحل يمتد لأكثر 100 كيلومتر، وتزخر بصناعات خزفية تقليدية، ولها مدينة عتيقة تعاقبت عليها الحضارات. ف "صحاب الرباط" يعتبرونها مدينة صناعية بحثة، وأنزلوا بها كل الأوراش الصناعية الكبرى (الملوثة طبعا) دون استفادة أهلها، سوى من الكم الهائل من مخلفاتها (مخلفات هذه المعامل و المصانع). الحديث عن أسفي لا ينتهي ولن ينتهي، فهذه المدينة "الولّافة" بشهادة زوارنا وضيوفها، فقدت وتفقد الكثير من حضاراتها، حتى المسؤولون المتعاقبون عليها لا همّ لهم سوى مص خيراتها ونهبها، وتركها على حالها تئن وتحتضر وتغير شكلها نحو البشاعة، البشاعة التي لم تعد حتى بالقرى الصغيرة. وفي الأخير يتبرؤون مما فعلت قراراتهم وأياديهم بها، فالمهم عندهم كم جنوا من هذه المدينة "اللي بلا موالي (بلا حراس)"، كما يقولون. أسفي تحتضر كحاضرة المحيط، وتتمخض لتنجب لنا شيئا آخر، غالبا لن يسمى مدينة طبعا. أسفي مدينة لا يحاسب فيها المختلسون وناهبو المال العام، واللصوص الكبار، بل أصبحت واجهة خلفية لكل الأعمال الغير القانونية، فلا حسيب ولا رقيب كما يقولون. ألم يحن الوقت ل "صحاب الرباط" أن ينتبهوا لهذه المدينة، ويعيدوا لها شيئا من تاريخها المجيد، أن يعتبروها كباقي المدن، في محاسبة كل من شوهها وحرض على وأدها؟ ألم يحن أن تعطى لأسفي المكانة التي تستحقها؟ ربما كان الوقت مع فاجعة الفيضانات وما خلفته من ضحايا وخسائر مادية، أن يولى لهذه المدينة الاهتمام الذي تستحقه، فلا يعقل ان تعاقَب مدينة بلا سبب، أو لأسباب لا دخل لها فيها.