إشبيلية: أخنوش يمثل جلالة الملك محمد السادس في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية    كيف أصبحت صناعة التضليل في زمن أباطرة الإعلام المُسيّس منْجما ذهبيا للاغتناء الفاحش    المغرب: الادخار الوطني بلغ 26,8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال الفصل الأول من سنة 2025 (مندوبية)    الانخفاض يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    التامني تحذر من تكرار فضيحة "كوب 28"    الجمعية الدولية لعلم الاجتماع تعلّق عضوية نظيرتها الإسرائيلية وتلغي حضورها مؤتمر الرباط    نهائي كأس العرش لكرة القدم: أولمبيك آسفي يتوج باللقب إثر فوزه على نهضة بركان    بايرن ميونيخ يتجاوز فلامنغو ويضرب موعداً مع سان جيرمان في ربع نهائي المونديال    الكاف يكشف عن المجسم الجديد لكأس أمم إفريقيا للسيدات الأربعاء المقبل    استئنافية الرباط تؤيد الحكم الابتدائي الصادر في حق اليوتيوبر المهدوي في مواجهة الوزير وهبي    الجزائر.. الحكم على صحافي فرنسي بالسجن 7 سنوات بتهمة تمجيد الإرهاب    سلوك ‬جبان ‬وغادر ‬يؤكد ‬مجددا ‬الهوية ‬الإرهابية ‬للبوليساريو    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    تراجع أسعار الذهب إلى أدنى مستوى في شهر    ميسي يقرر الاستمرار مع إنتر ميامي رغم اهتمام فرق الدوري السعودي    فاس.. الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي    ماذا يجري في وزارة النقل؟.. محامٍ يُبتّ في ملفات النقل خارج الوزارة والسماسرة يُرهقون المهنيين    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين بالمغرب    قيوح ‬يجري ‬العديد ‬من ‬اللقاءات ‬والأنشطة ‬الوزارية ‬الهامة ‬في ‬إطار ‬منتدى ‬الربط ‬العالمي ‬للنقل ‬بإسطنبول    مقتل شخصين في إطلاق نار بشمال ولاية أيداهو الأمريكية    شيرين تشعل جدلا في موازين 2025.. "بلاي باك" يغضب الجمهور ونجوم الفن يتضامنون    فوتسال.. منتخب أقل من 17 سنة يُتوج بلقب الدوري الدولي "كاسترو يل ريو" في إسبانيا    منظمة ببروكسل تدين الهجوم الإرهابي بالسمارة وتدعو إلى تصنيف "البوليساريو" تنظيما إرهابيا    حكيمي يقود ال"PSG" لربع نهائي مونديال الأندية على حساب فريق ميسي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    أمن طنجة يتدخل بساحة أمراح لردع الوقوف العشوائي وتحرير مخالفات في حق المخالفين    الأمير مولاي رشيد يترأس نهائي كأس العرش بين نهضة بركان وأولمبيك آسفي بفاس    حريق مهول بمنطقة خضراء بحي الشرف شمال طنجة تسبب في اختناق سيدتين    عبد اللطيف حموشي يطلع على الترتيبات الأمنية لمباراة نهائي كأس العرش بفاس    بدر صبري يشعل منصة سلا في ختام موازين وسط حضور جماهيري    تنصت أمريكي على اتصالات إيرانية بعد ضربات واشنطن يكشف أن البرنامج النووي لم يدمر بالكامل    اشتداد موجة الحر في جنوب أوروبا والحل حمامات باردة وملاجىء مكيفة    إشبيلية.. أخنوش يمثل جلالة الملك في مؤتمر الأمم المتحدة حول تمويل التنمية    عائدات السياحة خلال خمسة أشهر تقدر ب34 مليار درهم    "ميتا" تضيف خاصية ملخصات الذكاء الاصطناعي إلى "واتساب"    14 قتيلا في غزة بغارات إسرائيلية    عودة الحجاج المكفوفين إلى المغرب    محكمة إسرائيلية تؤجل جلسة نتنياهو    حفل شيرين يربك ختام "موازين"    القفز بالرأس في الماء قد يسبب ضرراً للحبل الشوكي    المغرب يعرض بنيته التحتية اللوجستية لتعزيز التكامل الإفريقي-التركي    طبيب يحذر من المضاعفات الخطيرة لموجة الحرعلى صحة الإنسان    الموفد الأمريكي إلى سوريا: اتفاقات سلام مع إسرائيل أصبحت ضرورية لسوريا ولبنان" ووقف إطلاق النار في غزة" سيبصر النور "قريبا"    كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري "تفند" مزاعم "تدمير الثروة السمكية" بميناء العيون    روسيا تشن هجوما هو الأعنف على أوكرانيا منذ اندلاع الحرب    خريبكة.. الفيلم الصومالي "قرية قرب الجنة" يحصد الجائزة الكبرى    معهد الموسيقى في تمارة يتوج مساره الدراسي بتنظيم حفل فني    "فرحتي كانت عارمة".. بودشار يحتفي بحفل جماهيري تاريخي في موازين    ماجدة الرومي تتألق في الرباط وتلتقي جمهورها المغربي ضمن فعاليات مهرجان موازين    موازين 2025 .. مسرح محمد الخامس يهتز طرباً على نغمات صابر الرباعي    تراجع تلقيح الأطفال في العالم يهدد حياة ملايين الأشخاص وفقا لدراسة حديثة    تراجع التلقيحات يعيد شبح الأوبئة .. والمختصون يطالبون بتعبئة مغربية    ضوء خافت يشع من العقل أثناء التفكير.. والعلماء يبحثون التفسير    ضجة الاستدلال على الاستبدال    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد بنسعيد العلوي – "الشرق الأوسط": أسئلة المشهد السياسي في المغرب اليوم
نشر في مغارب كم يوم 30 - 08 - 2012

يطلق على الحكومة الحالية في المغرب، في كثير من المنابر الصحافية، نعت «الحكومة نصف الملتحية». القصد بذلك أن هذه الحكومة، وقد كانت في غالبيتها العظمى وفي رئاستها حكومة تنتمي إلى حزب «العدالة والتنمية» (الموسوم بالحزب الإسلامي) فإنها ائتلاف حكومي يضم، إضافة إلى حزب الرئيس عبد الإله بنكيران، كلا من حزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية، وحزب الحركة الشعبية وهذه الأحزاب الثلاثة تقبل التصنيف، بالنسبة لمن له إلمام بالحياة السياسية المغربية، في فئتين اثنتين: فئة أولى هي مكون من المكونات الثلاثة للكتلة الوطنية (في حين أن المكون الآخر، وهو حزب الاتحاد الاشتراكي، قد اختار البقاء في المعارضة). وفئة ثانية، هي حزب الحركة الشعبية «وقد ظل هذا الحزب، حتى عشية تأسيس الحكومة الحالية، جزءا من ائتلاف ولد في الواقع ميتا وهو اليوم، بعد انفراط عقده، من مكونات المعارضة الهشة والمشتتة، كما سنتبين بعد قليل. إنها إذن (حكومة نصف ملتحية) لأن العنصر الأساس فيها (حزب العدالة والتنمية) لم يفلح في الحصول على الأغلبية الكافية لتكوين (حكومة ملتحية)» كاملة مع حيازته للرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية بحصوله على ما يقرب 27 في المائة من أصوات الناخبين.
هذه الحكومة هي التي تمتلك زمام السلطة التنفيذية في المغرب منذ ما يربو الآن على ستة أشهر، أي منذ الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الأخير وهي أول حكومة تعمل بموجب مقتضيات الدستور الذي تمت المصادقة عليه في فاتح يوليو (تموز) من السنة الماضية. إنها الحكومة المغربية الأولى التي تخول لرئيس الحكومة، بموجب الدستور، سلطات واسعة. إنها، من جهة أخرى، الحكومة التي حملتها رياح الانتفاض الذي عرفه الشارع المغربي فكان من إفرازاته حركة «20 فبراير». يصح القول، في عبارة أخرى، إن هنالك صلات تقوم، على نحو ما، بين حركات الانتفاض في الشارع المغربي «صدى وانفعال مع (الربيع العربي)» وهذا من جهة أولى وبين النسبة العالية في التصويت التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية المغربي من جهة ثانية.
لسنا نريد بهذا القول إصدار حكم من أحكام القيمة، ولكننا نقدم توصيفا للمشهد السياسي في المغرب من جهة التنبيه إلى ظروف ومكونات السلطة التنفيذية في المغرب حاليا. واليوم، وقد طوت الحكومة المغربية صفحة المائة يوم مرتين اثنتين ونيف، وقد شهدت دورتين تشريعيتين كاملتين فإن وقفة تأمل، أو بالأحرى وقفة مراجعة وتفكر مقدمة لإصدار أحكام قيمة على الحكومة «نصف الملتحية»، تمتلك كل أسباب الشرعية والمعقولية معا. كما أن توصيف المشهد السياسي المغربي حاليا يستوجب، بالمقابل التنبيه إلى خطاب المعارضة وإلى مضامين الخطاب خاصة.
ننظر إلى الحكومة المغربية الحالية، في وقفة التفكر والمراجعة، من جهة الخطاب (خطابها) فستوقفنا جملة ملاحظات. أولى الملاحظات أن رئيس الحكومة يتحدث كثيرا، يتحدث في لغة تصفها الصحافة المغربية باللغة «الشعبوية» تارة، وبالخطاب الذي لا يخلو من التناقض أحيانا كثيرة: فقد يؤكد قضية، في أول حديثه في البرلمان (بغرفتيه) ثم يعلن نقيض ما قال في أول كلامه. ولعل أكثر تصريحات السيد رئيس الحكومة الحالية، هو ما أعلنه في أحد البرامج التي تبثها قناة «الجزيرة» إذ قال، في معرض الإجابة عن سؤال يتعلق بمتابعة الأشخاص الذين تحوم حولهم اتهامات الفساد المالي: «عفا الله عما سلف، ومن عاد فينتقم الله منه». هذا التصريح أحدث ضجة كبيرة لم تشمل المعارضة وحدها فقط ولم تقف عندها الصحافة غير الحزبية وحدها، بل إنها تصريحات أغاظت قياديين في حزب رئيس الحكومة ذاته، واعتبرت تنصلا عما قطعه السيد عبد الإله على نفسه من وعود انتخابية، وما كان يعتبر أحد الخطوط التي توجه الحزب واختياراته؛ حيث كانت الدعوة إلى متابعة المفسدين ووجوب إلزامهم على تقديم الحساب عما قاموا به من أعمال وراكموه من ثروات.
وثاني الملاحظات أن مبدأ التضامن الحكومي، ذاك الذي يفرض وحدة الخطاب وانسجامه على مجمل أعضاء الحكومة، يضعف عند «الحكومة نصف الملتحية»، بل إنه يكاد يختفي، لا بل وربما ظهر الاختلاف والتناقض واضحا في تصريحات أعضاء الحكومة الواحدة. من ذلك، مثلا، أن تصريحات وزير الاقتصاد والمالية (حزب الاستقلال) ترسم لواقع الاقتصاد المغربي الحالي صورة لا تخلو من قتامة ومن الإعلان عن المخاوف في حين أن خطاب زميله، الوزير المكلف بالميزانية (حزب العدالة والتنمية) خطاب وردي يستبعد كل دواعي الخوف والقلق على واقع الاقتصاد المغربي ومستقبله القريب.
وننظر في عمل الحكومة المغربية الحالية، من حيث المنجزات الفعلية فنجد أن الإنجاز الكبير الذي تم تحققه هو الزيادة في أسعار المحروقات بنسبة فاقت 20 في المائة في سعر البنزين، وفي مقابل هذا «الإنجاز» وعود كثيرة لعل أهمها هو الإعلان بأن اختيار الزيادة المرهق (ذلك أن له بطبيعة الحال، انعكاسات مباشرة على أسعار النقل والسلع والخدمات) سيكون له مقابل جدي وملموس من الناحيتين الاقتصادية والسياسية على البلاد وهو صرف النظر بالجملة، إلى التوجه إلى المؤسسات المالية الدولية قصد الاستدانة لمواجهة الخصاص، والحال أن نشرات الأخبار تنقل إلينا خبرا عن حصول المغرب على وعود مبدئية بإمداد المغرب بقروض مالية في الأفق القريب (يصرح رئيس الحكومة: لن نمد يدنا لطلب قروض، ولكننا استطعنا أن نضمن الحصول على قرض بمليار دولار إذا ما اضطررنا إلى ذلك!).
المثير للانتباه، في مقابل موقف الحكومة الحالية وكذا خطابها، هو أن المعارضة توجد في حال من التخبط. يرجع السبب في ذلك، أولا وأساسا، إلى بنية المعارضة، أي إلى مكوناتها. فمن جهة أولى نجد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وهو في حال يعجز فيه عن القول إن الكتلة الوطنية قد أدخلت متحف التاريخ أو أنها على أقل تقدير، في منزلة بين المنزلتين: فهي، بتوسط حزب الاستقلال، وحزب التقدم والاشتراكية، توجد في الحكومة وخطاب الوزراء الذين ينتمون إلى الحزبين المذكورين لا يخلو من غموض حينا ومن خروج عن الخط الحكومي الواضح حينا آخر. لعل الإشكال (بالنسبة للاتحاد الاشتراكي) هو التالي: كيف نعارض الحكومة والحال أن ثلثي الكتلة الوطنية من مكوناتها دون أن نحكم على الكتلة الوطنية بالإعدام؟ ويرجع السبب في تخبط المعارضة إلى أن الحزب الجديد (أو الوافد الذي ولد وفي فيه ملعقة من ذهب) يعتبر، من الناحية الآيديولوجية، خصما أول لحزب الاتحاد الاشتراكي وتوجهاته تاريخيا، وخارجا عن بعض الطموحات الفردية لبعض قيادات الاتحاد ومن التلميح إلى إمكان تحالف ممكن مع الحزب الوافد (ضدا على العدالة والتنمية) فإن مناضلي الحزب الاشتراكي لا يرون في التقاء أو تحالف ممكن مع الحزب الجديد الوافد إلا ضربا من العبث المحض ومقدمة لضرب الحزب التاريخي في السويداء.
قد يقال - وهذا صحيح - إنه ليس من المفروض في المعارضة أن تكون ذات مكونات منسجمة، ولكن الأمر في المشهد السياسي الراهن في المغرب لا يخلو من غرابة، بل ومن تناقض يمس معنى كل من المعارضة والولاء. هنالك فساد ما، خطأ ما يرجع، في نهاية الأمر، إلى الغموض الذي لا يزال يحيط بطبيعة الكتلة الوطنية، من جانب أول، كما يرجع، من جانب ثان إلى التساؤل الذي ما يفتأ يطرح حول اليسار ووحدته وتوحده والحال أن اليسار، بدوره، هو بين رجل في الحكومة وأخرى خارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.