عدول استئنافية الحسيمة يرفضون مشروع القانون المنظم للمهنة ويطالبون بسحبه    المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ينوه بلقاء تطوان الحاشد والركاني يكسب الرهان    التقدم والاشتراكية يدعو الشباب للتسجيل في اللوائح الانتخابية وينتقد الحكومة بخصوص ملف الصحافة ويُحذّر من تزايد العنف ضد النساء    أسعار اللحوم الحمراء تواصل الارتفاع ومهنيون يوضحون..    الإنفاق العالمي على شبكات الكهرباء قد يتجاوز عتبة 470 مليار دولار    إسرائيل تعلن أن معبر رفح سيفتح "في الأيام المقبلة" لخروج سكان غزة إلى مصر    وزارة الصحة تطلق عملية "رعاية 2025-2026" لمواجهة موجات البرد            عائلات المختفين مجهولي المصير تتهم الدولة بالتلكؤ في الكشف عن مصير ضحايا الاختفاء القسري    مولودية وجدة يكتفي بالتعادل مع رجاء بني ملال وجاره الاتحاد يحقق فوزه الثاني تواليا على حساب "الراك"    ألونسو: "مستوى ريال مدريد مقلق.. ونسعى لكسر سلسلة النتائج السلبية خارج الديار"    كأس أمم إفريقيا.. حسام حسن يكشف لائحة منتخب "الفراعنة"    توظيف مالي لمبلغ 4,9 مليار درهم من فائض الخزينة    بورصة البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    استمرار ارتفاع أسعار المحروقات رغم التراجع الدولي يُعرض الحكومة للمساءلة البرلمانية    يسرا : فخري الأكبر هو الرصيد الفني الذي ستتناقله الأجيال القادمة    مسؤولون يدعون إلى تعزيز الاستثمار وتسريع وتيرة تجديد الوحدات السياحية في سوس ماسة    مونديال 2026.. قرعة النسخة الأكبر على الإطلاق الجمعة في واشنطن        أمريكا تعلّق جميع طلبات الهجرة لرعايا 19 دولة    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    كيوسك الأربعاء | المغرب يراهن على الجمع بين التحلية والتكنولوجيات لبناء مستقبله المائي    أمن مراكش يوقف شابا بحوزته هاتف سائحة تعرضت للسرقة بالخطف    17 يوما قبل "كان 2025".. سلطات أكادير تسابق الزمن لإطلاق نقل عمومي جديد وسط تحديات    رقم قياسي.. المغرب يستقبل 18 مليون سائح خلال 11 شهرا    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    مهرجان مراكش يكرم راوية ويمنحها "النجمة الذهبية" اعترافا بمسار حافل    جماعة المحمدية.. اتهامات لأيت منا بالتناقض في ملف النخيل.. "الواقع يكشف عكس تصريحاته"    الاتحاد الأوروبي يطوق الغاز الروسي    نصائح صحية: هذه الأغذية تهددك ب"النقرس"!    إسرائيل تتوصل برفات غير مطابق    سامسونغ تُفاجئ العالم بهاتف ثلاثي الطي .. والسعر يصدم الجميع!    بيليغريني: أمرابط لم يعد إلى التداريب    زنقة الفارابي بطنجة تتحول لفوضى.. عاملات "سبا" يعتدين على شرطي ويهرّبن مشتبهاً فيه وسط غضب السكان!    مراكش تحتفي براوية .. ليلة تكريم لمسار فني استثنائي    لفتيت: روح المسؤولية الجماعية تسم التحضير للاستحقاقات التشريعية المقبلة    لتعزيز التكوين الدبلوماسي..توقيع اتفاقية تعاون بين المغرب والنيجر    وصول السفير الأمريكي الجديد ريتشارد بوكان إلى الرباط    بوتين: روسيا مستعدة للحرب مع أوروبا    أزمور/ افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للفن والتراث "أزمآرت"    المنتخب المغربي الرديف يهزم جزر القمر بثلاثية في مستهل مشواره بكأس العرب    بثلاثية نظيفة... المنتخب الرديف يضرب بقوة في الشوط الأول أمام جزر القمر    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناس يفرغون غضبهم ومكبوتاتهم من خلال الفوضى العارمة في الطرقات
نشر في الوجدية يوم 10 - 10 - 2010


أين سنضع هراواتنا إذا لم نضعها مباشرة تحت المقود؟
في أول يوم لدخول مدونة السير الجديدة حيز التطبيق، كانت هناك مشاهد غريبة في الشوارع. أشخاص يعبرون الطريق وكأنهم يتمشون داخل صالونات منازلهم، سيارات تقف عند إشارة الضوء الأحمر أكثر من اللازم وكأن أصحابها ناموا فوق المقود، مشاة يعبرون مفترقات الطرق وكأنهم يتمشون فوق هضبة في غابة الأمازون وليس وسط المدينة، ممرات الراجلين في الطرقات ممحوّة تماما، ومع ذلك تتوقف فيها السيارات، علامات «قف» مختبئة خلف الأشجار لكن الجميع يراها، أفراد شرطة المرور يقفون وكأنهم شربوا فيتامينات قوية ذلك الصباح، سيارات أجرة نادرة في الشوارع لكن أصحابها ينتقمون من المدونة الجديدة ويتجاوزون في طريق بخطين متصلين... ومظاهر كثيرة أخرى تدل على شيء واحد، وهو أن الناس فهموا مدونة السير بشكل خاطئ تماما، فأصحاب السيارات صاروا خائفين أكثر من اللازم، بينما المشاة اعتقدوا أن المدونة الجديدة تمنحهم صلاحية المشي في أي مكان، وأنه عندما تصدمهم سيارة سيذهب صاحبها إلى السجن أو يؤدي لهم غرامة كبيرة، لذلك اختلط الحابل بالنابل. الغريب أن الدولة، التي قاتلت من أجل فرض المدونة، لم تقم بمجهود حقيقي لكي يفهم الناس معنى احترام القوانين. فالسائقون يرون أن المدونة الجديدة لن يكون لها أثر على الطرقات، وأنها ستعمل فقط على إنعاش الفساد والارتشاء، والمارة يعتقدون أن المدونة تعاقب فقط أصحاب السيارات الذين يصدمون الراجلين، لذلك صار الناس يعبرون الطريق من أي مكان، وأصبح الأطفال يلهون بدراجاتهم الهوائية قرب عجلات السيارات وكأنهم يتحمسون لحوادث سير، ربما لأنهم سمعوا من والديهم أن المدونة الجديدة تدخل إلى السجن كل صاحب سيارة صدم أحدا.
حال الكثير من المارة بعد صدور مدونة السير يشبه حال الكثير من النساء بعد صدور مدونة الأسرة. فالنساء كن يعتقدن أن المدونة ستلجم الرجال المتفرعنين وتوقفهم عند حدهم، لكن ذلك لم يحدث في كثير من الأحيان، والمرأة التي كانت تتعرض للضرب قبل صدور مدونة الأسرة ظلت كذلك بعدها، لذلك فإن مدونة الأسرة لا تمنع الضرب، بل فقط تحصن المرأة أكثر بعد حصول الضرر، أي أن المدونة لا تمنع أسنان المرأة من السقوط في حال كان زوجها همجيا، لكنها يمكن أن تعيد إليها حقها بعد ذلك، وهذا هو بالتمام حال مدونة السير، أي أنها لن تمنع الآلاف من الذهاب إلى القبر كل عام بسبب حوادث السير، لكنها قد تعيد إليهم بعض حقوقهم المادية أو المعنوية.
في كل الأحوال، فإن سلوكات تعوّدها الناس منذ عقود وتوارثوها أبا عن جد، لا يمكن لمدونة سير جديدة أن تغيرها. فهناك أمة كاملة من الناس لا تستحلي المشي إلا في طريق السيارات، بينما الأرصفة قربها فارغة، وهناك هجرة كثيفة ومتواصلة من البوادي إلى المدن، وهؤلاء المهاجرون لن تقنعهم ألف مدونة بطريقة معينة لعبور الطرق في المدن المغربية التي صارت عبارة عن بوادٍ عملاقة.
المدونة لن تستطيع أيضا تغيير سلوك مئات الآلاف من السائقين الذين يحس كل واحد منهم أنه أكثر أهمية من الآخرين، فصاحب سيارة جديدة يعتقد أنه أكثر أهمية من صاحب سيارة قديمة، وصاحب سيارة «كات كات» يظن أن الله خلقه من نور وخلق الآخرين من طين، والذي له مهنة في الداخلية أو في منصب رسمي يعتقد أن القوانين صنعت للآخرين وليس له، وهناك آلاف المراهقين بسيارات فارهة مسروقة أو بوثائق مزورة يزرعون الرعب في طرقات البلاد، وهناك آلاف السائقين المستعدين لإزهاق أرواح بجرة بنزين، وما تبقى تتكفل بحله أموالهم التي يرشّونها ذات اليمين وذات الشمال.
في البلدان المتقدمة، يحترم الناس قوانين السير لسبب رئيسي وهو أن الجميع يحترم القوانين في البلاد، في السياسة والاقتصاد والرياضة والمجتمع، لذلك لا مكبوتات لديهم يفرغونها في بعضهم البعض على الطرقات. أما نحن فأين سنفرغ غضبنا ومكبوتاتنا إذا انضبطنا لقوانين السير الصارمة؟ وأين سنضع هراواتنا إذا لم نضعها مباشرة تحت المقود؟
عبد الله الدامون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.