خطفت جماهير الوداد الرياضي البيضاوي الأنظار في مباراة فريقها أمام مانشستر سيتي، أول أمس الأربعاء، برسم الجولة الأولى من مجموعات مونديال الأندية، بعد أن حولت المدرج الجنوبي لملعب "لينكولن فاينانشل فيلد" إلى لوحة فنية ومسرح مفتوح لإبداع استثنائي في لحظة كروية تجاوزت حدود الزمان والمكان، وتبلورت إلى حدث عابر للقارات، أبهر كل من كان حاضرا في الملعب، والتقطته عدسات المصورين والصحافيين القادمين من مختلف مناطق العالم لتغطية فعاليات بطولة "المليار دولار". وبالرغم من أن الوداد خسر المواجهة أمام المان سيتي بهدفين لصفر، إلا أن جماهيره ضربت أروع الأمثلة في الدعم والمساندة، وربحت رهان التشجيع، جالبة معها طاقة غير مألوفة إلى الملاعب الأمريكية من خلال ملحمة عالمية مثيرة للإعجاب والتقدير. "المد الأحمر" كما كان متوقعا، حج الآلاف من مشجعي الوداد الرياضي إلى ملعب "لينكولن فاينانشال فيلد" أحد أعرق الملاعب الأمريكية، لمتابعة مباراة فريقهم أمام المان سيتي، حيث كانت كل الطرق تؤدي إلى هذه التحفة المعمارية المبهرة التي اختار أنصار ممثل المغرب وأغلبهم من فصيل "الوينرز" التوجه إليها مشيا على الأقدام، بعد التجمع في نقطة التقاء محددة، مرورا ببعض شوارع مدينة فيلادليفيا في مشهد فسيفسائي مثير للإعجاب. وعلى بعد أقل من ساعة على موعد انطلاق المواجهة المرتقبة كان صوت "الهدير الأحمر" يُسمع بالقرب من جدران الملعب، من خلال ترديد أهازيج حماسية، ومطالبة اللاعبين بضرورة تقديم أقصى ما لديهم في مباراة ليست ككل المباريات. وسار الآلاف من المناصرين جنبا إلى جنب في خط منتظم مستقيم، وهم يصدحون بصوت واحد، ديما وداد، ويحملون الأعلام والشعارات الحمراء، ويشعلون الشهب الاصطناعية، تحت مراقبة أمنية دقيقة، إلى غاية وصولهم إلى بوابة الملعب، لتنطلق بعد ذلك حكاية أخرى، رويت تفاصيلها في المدرجات. تقديم على الطريقة الأمريكية عندما فُتحت أبواب "لينكولن فاينانشل فيلد" في وجه الجماهير الودادية، تسلل الإبداع المغربي إلى المدرجات من خلال أناشيد جماعية متواصلة رددت صداها جدران الملعب الأميركي الشهير، وكأنها تقول:"نحن هنا… وهذا وداد الأمة". وبدأت شرارة التشجيع تشتعل مع صعود اللاعبين لإجراء الحركات الإحمائية، حيث لم تتوقف حناجر الجماهير عن مساندتهم، والرفع من معنوياتهم، قبل دخول مغامرة "المهمة المستحيلة"، أو على الأقل التي كانت تبدو مستحيلة بالنظر للفوارق الكبيرة بين الفريقين المتنافسين. ولم تكن لحظة دخول لاعبي الفريقين إلى الملعب اعتيادية، بعد أن اختار المنظمون اعتماد أسلوب كرة القدم الأمريكية في تقديم عناصر الوداد والمان سيتي، فكان التفاعل كبيرا مع كل اسم ودادي يذكر من طرف المذيع الداخلي، وتزامن هذا التفاعل مع رفع تيفو جميل في المدرج الشمالي للملعب المخصص لجماهير الوداد التي أبت إلا أن تضع بصمتها الفنية المعتادة، ولسان حالها يقول "كي كازا كي فيلادلفيا". رهبة البداية لم تكن انطلاقة المباراة كما تمناها الوداديون، بعد أن تلقت شباك فريقهم هدفا مبكرا من توقيع الجناح الإنجليزي فيل فودن في الدقيقة 2، لتتحقق بذلك أسوء المخاوف بالنسبة للمشجعين واللاعبين على حد سواء، ما أثار بعض الشكوك حول قدرة الفريق "الأحمر" على الصمود، أمام المد السماوي الجارف. هذا الهدف لم يحبط عزيمة أنصار الوداد الذين واصلوا التشجيع بنفس الحماس والحرارة، أملا في دفع أشبال المدرب محمد أمين بنهاشم إلى الاستفاقة، حيث ردد المشجعون على مسامع اللاعبين عبارة "سير تماركي" في رسالة واضحة مفادها أن الاكتفاء بالتراجع للخلف لن يكون حلا مناسبا في مواجهة من هذا النوع، وأن الحل الأمثل هو المرور إلى الفعل، واعتماد منهجية "أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم". رسالة الجماهير فهمها الجنوب إفريقي ثيمبنكوسي لورتش بسرعة وحاول مخادعة الحارس البرازيلي إيدرسون بتسديدة من منتصف الملعب في الدقيقة 15، لكن الأخير عاد إلى مرماه والتقط الكرة. وسنحت للوداد فرصة التعديل حين وصلت الكرة إلى لورتش الذي انفرد وراوغ البرازيلي فيتور ريس، لكنه لم يحافظ على توازنه، فمررها إلى مواطنه كاسيوس مايلولا الذي سددها من مسافة قريبة بين يدي حارس مرمى السيتي. وزادت هاتين المحاولتين من حماس الجمهور الذي طالب أصدقاء المتألق الزمراوي بمواصلة التقدم للأمام في محاولة لإدراك التعادل. وفي الوقت الذي كان فيه مهاجمو الوداد يتلمسون الطريق نحو مرمى السيتي، ظهر البلجيكي دوكو ليوقع الهدف الثاني لبطل إنجلترا في الموسم ما قبل الماضي، مستغلا تباطؤ المدافع عبد المنعم بوطويل في إبعاد الكرة. جيبوها يا لولاد التأخر في النتيجة بهدفين لصفر، ودرجة الحرارة المرتفعة نسبيا، بالإضافة إلى الرطوبة العالية، كلها عوامل لم تنل من عزيمة أنصار الوداد الذين واصلوا تحفيز اللاعبين وظلوا يرددون "جيبوها يا لولاد" وطالبوا اللاعبين برفع رؤوسهم وعدم الاستسلام، إلا أن الدقائق المتبقية لم تحمل أي جديد على الرغم من التغييرات التي قام بها مدربا الفريقين، خاصة بنهاشم الذي لعب كل الأوراق المتاحة لديه، في مباراة شهدت استعادة السيتي الذي كان بدوره مؤازرا بالآلاف من المشجعين، للاعب الوسط رودري بعد غياب طويل امتد لأشهر. وفرض المهدي بنعبيد نفسه نجما للأطوار الختامية من المباراة، بعد أن حرم البديل إرلينغ هالاند من توقيع الهدف الثالث، لتنتهي المواجهة التي أكملها مانشستر سيتي ب 10 لاعبين بعد إشهار البطاقة الحمراء للمدافع ريكو لويس في الدقيقة 88، إثر تدخل قاس على البديل الغاني صامويل أوبينغ، بهزيمة تقبلتها جماهير الوداد بكل روح رياضية، وصفقت للاعبين بحرارة وبادلتهم التحية في مشهد يعكس رضاها عما قدموه أمام منافس يعد من كبار القوم وأحد أبرز المرشحين للتنافس على لقب بطولة المليار دولار، مطالبة إياهم بضرورة تدارك هذه الخسارة في المباراة الثانية أمام يوفنتوس الإيطالي يوم الأحد المقبل على أرضية الملعب ذاته.