كان يا ما كان.. يحكى أنّه في ماضي الزمان، كان هناك رجال شداد.. طوال القامة، أقوياء الأجساد، تلوح الوسامة على وجوههم.. كانوا يشكّلون فريقاً للأحلام. و يحكى أنّه في أيّام زمان، كان فريقهم يصول ويجول بفتوحاته في أوروبا و العالم و كلّ مكان. ولكن الآن.. شتّان ما بين ذاك الزمان وهذا الزمان: فالكرة باتت تستعصي على الدوران بين أقدام أبناء الطّليان. "منتخب إيطاليا الأوّل لكرة القدم، وإذا استثنينا فوزه بكأس العالمعام 2006، فإنّه منتخب ظلّ بلا تتويج لا ألقاب لما يناهز ثلاثين عاماً لمّا توّج بطلاً للعالم في مونديال 1982. بل إن بطولة أمم أوروبا الوحيدة التي فاز بلقبها كانت سنة 1968، يعني منذ 44 عاماً. فإذا كان "الآزوري" توّج بطلاً للعالم أربع مرات أعوام 1934، 1938، 1982 و أخيراً 2006 في نهائي تاريخي بألمانيا أمام فرنسا زيدان أنداك، فإنّ المنتخب الإيطالي إذن كان في يوم من الأيام بطلاً، لكن لكلّ زمن أبطال.. فهل يكون يورو2012 زمناً جديداً لتألق الطّليان يقيادة بيرلو وبوفون وبالوتولي ؟ وصل المنتخب الإيطالي لكأس أمم أوروبا بسهولة ومن دون هزيمة، فمجموعة المدرّب كلاوديو سيزار براندلي تعادلت في لقاءين فقط، وفازت في الباقي، 8 مباريات. كان ذلك لحساب المجموعة الثالثة التي اعتلى الإيطالي صدارتها ب26 نقطة، أمام منتخبات صربيا، سلوفينيا، إيرلندا الشمالية وجزر فاروه. غير أن المنتخب الإيطالي خلال منافسات اليورو2012 سيكون في مواجهة مع منتخبات أقوى وأكبر بكثير من تلك التي قابلها وتجاوزها بسلام خلال التصفيات. فقرعة "بولاكرانيا" وضعت بالوتيلي ورفاقه في المجموعة الثالثة... نعم إيطاليا في المجموعة رقم 3. بل إنّ مباراتهم الافتتاحية في المسابقة هي الأصعب على الإطلاق، فالأزرق الإيطالي سيواجه أبطال العالم.. منتخب إسبانيا الفائز بلقب كأس أمم أوروبا الأخيرة سنة 2008. لكن حظوظ إيطاليا كبيرة في الوصول للمرحلة الموالية بوجود منتخبي كرواتيا و إيرلاندا الأقل قوّة وخبرة طبعاً من عملاقي جنوب أوروبا. ويعوّل الإيطاليون أساساً على ثالوث النجومية، الخبرة والأمان من أجل التقدّم إلى الأمام. ثالوث يمثّله طبعاً الحارس العملاق جان لويجي بوفون، صاحب الخبرة و التجربة الكبيرتين مع منتخب بلاده وناديه يوفنتوس الذي توّج معه هذا العام بلقب الدوري الإيطالي" الكالتشيو". وإلى جانب بوفون يوجد العجوز الآخر آندريا بيرلو صانع الألعاب ومايسترو وسط الميدان، وهو الذي اقتسم مع بوفون نشوة التتويج أبطالاً لإيطاليا هذا العام، كما تقاسما فرحة 2006 لمّا حملا كأس العالم من دار الألمان. تظلّ الورقة الرابحة للطلّيان في بولاكرانيا2012؛ "السوبر ماريو"... اللاعب الذي عرف بجنونه وشطحاته الغريبة خارج النص دائماً، سيقود هجوم إيطاليا علّه يعيد أمجاد أيّام زمان. حديثنا طبعاً عن ماريو بالوتيلي نجم مانشسترسيتي الإنجليزي والمتوج معه أيضاً بلقب الدوري المحلي هذا العام. وإلى جانب هذا الثالوث يعتمد المدرب الإيطالي على خليط من اللاعبين المجربين ذوي الخبرة، وآخرين شباب يحدوهم طموح كبير لصناعة التاريخ من جديد. ومن بين أبرز الأسماء يظهر اسم القناص كاسانو في الهجوم، وموتا و دي روسي في الوسط ثم آباطي وكيليني في الدفاع. والكرة الإيطالية التي هزّتها فضيحة المراهنات في مباريات البطولة، أياماً قليلة قبل بداية المنافسات، في ما بات يعرف بفضيحة "كالتشوكوميسي"، تنتظر من أبنائها محو هاته الصورة أمام العالم، أو على الأقل إخفاء الفضيحة بالكأس. على أية حال لو فاز الطلّيان فالعنوان جاهز من الآن: "إيطاليا بطلة لأوروبا بعد 44 عاما".. فهل سيكتب لهذا العنوان أي يصدر في الجرائد و يجتاح كل مكان. المهمّ كان ياما كان، الطلّيان فازوا باليورو عام 1968.. أما 2012 فالله أعلم بما يكون. هذا ما كان..