انتُخب صباح الخميس، الدكتور طارق غيلان، رئيساً جديداً للمجلس الجماعي لمدينة أصيلة، خلفاً للراحل محمد بن عيسى، الذي وافته المنية الشهر الماضي، بعد أن شغل هذا المنصب بشكل متواصل منذ أواخر السبعينات. ويأتي انتخاب غيلان ليُنهي حالة ترقب دامت عدة أسابيع، ويطوي صفحة من التوازنات الدقيقة داخل الأغلبية المسيرة، التي حاولت الحفاظ على الحد الأدنى من الانسجام بعد رحيل الشخصية الأكثر تأثيرا في تاريخ المجلس. وحصل غيلان، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، على 22 صوتاً من أصل 28، وهو ما اعتُبر تزكية قوية من داخل الأغلبية التي حرصت على تقديم مرشح يحظى بإجماع نسبي، بعد خلافات داخلية برزت في الأسابيع الماضية بشأن خلافة بن عيسى. في المقابل، حصل مرشح المعارضة أحمد الجعيدي، عن حزب الاتحاد الدستوري، على 6 أصوات، بينما سجلت الجلسة غياب المستشار الوحيد عن حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. ويحمل انتخاب طارق غيلان، وهو أستاذ جامعي في القانون، دلالات رمزية وسياسية. فهو ليس من الوجوه البارزة في تركيبة المكتب السابق، ولا من المحسوبين على الحرس القديم الذي كان يدور في فلك بن عيسى، مما يجعل ترشيحه نوعا من "التوافق المرحلي" بين تيارات داخل حزب الأصالة والمعاصرة، تتقدمها مجموعة النائب الثاني عبد الله الكعبوري، التي كانت قد عبّرت عن رفضها لترشيح جابر العدلاني، النائب الأول للرئيس الراحل، معتبرة أن استمراريته في الرئاسة كانت ستكرس نمط تدبير لا يتماشى مع تحديات المرحلة. وتؤكد مصادر من داخل المجلس أن اختيار غيلان جاء نتيجة مشاورات مطوّلة أشرفت عليها الأمانة الجهوية للحزب، التي تدخلت بشكل مباشر لاحتواء الخلافات وضمان وحدة صف الأغلبية، في ظل مخاوف من أن يؤدي الانقسام إلى انزلاق الحزب نحو فقدان موقعه القيادي داخل الجماعة، لفائدة المعارضة الممثلة أساساً في الاتحاد الدستوري. ومن المرتقب أن يتم الإبقاء على نفس تشكيلة المكتب المسير التي كانت معتمدة في عهد بن عيسى، كحل توافقي يوازن بين مطلب الاستمرارية الإدارية والحد الأدنى من التجديد السياسي. ويُنظر إلى هذا القرار داخل الأوساط المحلية كخطوة براغماتية تهدف إلى الحفاظ على استقرار المجلس وتفادي الدخول في حسابات توزيع جديدة قد تعمّق منسوب التوتر داخل الفريق الجماعي. ويرى مراقبون أن الرئيس الجديد سيكون أمام تحديات كبيرة، في مقدمتها ترميم جسور الثقة داخل الأغلبية، وتدشين أسلوب جديد في التدبير ينسجم مع المتغيرات التي عرفتها المدينة والمجلس، بعيدا عن ظلال الرجل الذي طبع الحياة السياسية بأصيلة لعقود. كما سيكون عليه التعامل مع ملفات تنموية متراكمة، واحتياجات ملحة للساكنة، وسط توقعات بمرحلة انتقالية دقيقة تتطلب كثيراً من الحذر وقليلاً من الحسابات السياسية.