أعاد تداول صورة تعود إلى عام 2024، مساء الخميس، إثارة التوتر في محيط معبر باب سبتة المحتل، بعد أن جرى الترويج لها على نطاق واسع باعتبارها توثيقا لإغلاق مفترض، وسط ظرفية اجتماعية دقيقة تعيشها مناطق متعددة من التراب المغربي، تزامنا مع احتجاجات تقودها فئات شبابية. وانتشرت الصورة، التي تظهر عناصر من الحرس المدني الإسباني متمركزين خلف بوابة معدنية مغلقة، عبر تطبيقات التراسل ومنصات التواصل، دون توضيح لسياقها الزمني، ما ولّد انطباعا بحدوث تطورات ميدانية مفاجئة، ودفع عددا من المواطنين إلى التوجه نحو المعبر للتحقق من الوضع. واوضحت صحيفة "الفارو" في نسختها الرقمية الخاصة بمدينة سبتةالمحتلة، لاحقا أن الصورة التقطت في شتنبر 2024، في سياق مختلف، مؤكدة أن حركة المرور عبر المعبر لم تشهد أي تعطيل لحظة إعادة نشرها، وأن المعبر ظل مفتوحا أمام العابرين بشكل عادي. ورغم انكشاف حقيقة الصورة، إلا أن التوقيت الذي أُعيد فيه بثها يسلّط الضوء على تزايد توظيف المواد البصرية المؤرشفة لإنتاج مشاهد مصطنعة من القلق، خصوصا عندما يتقاطع المحتوى مع سياقات احتجاجية حقيقية في الداخل المغربي. ففي الأيام الاخيرة، برزت على السطح تحركات اجتماعية تقودها ما تُعرف ب"حركة جيل Z"، تحمل مطالب ذات طابع اجتماعي، لكنها ظلت تتحرك داخل الأطر القانونية، دون دعوات للعنف أو تجاوز المؤسسات. وتخشى دوائر إعلامية أن تكون بعض المنصات الأجنبية أو الشبكات المجهولة قد استغلت هذا المناخ لإعادة بث صورة تُوحي بإغلاق مفاجئ لمعبر المدينةالمحتلة، في محاولة لتضخيم رمزي لأثر الاحتجاجات، والإيحاء بوجود ارتباك ميداني أو ردود فعل أمنية مغربية، وهو ما لم يحصل ميدانيا بحسب الشهادات والتقارير. وتبرز هذه الواقعة في وقت حساس، يتسم بتقاطع عدة مستويات من التعبير الاجتماعي في المغرب، بعضها يتخذ طابعا رقميا صرفا، وبعضها الآخر يأخذ شكل وقفات ميدانية في مدن متفرقة. ورغم ذلك، فإن الجهات الرسمية المغربية لم تتجه إلى فرض أية قيود على التنقل، ولا إلى تضييق الحريات العامة، بل حافظت على مسافة واضحة بين واجب الإنصات والحرص على الاستقرار. ولا تفهم هذه الواقعة إلا ضمن استمرار قابلية الثغرين المحتلين للتحول إلى واجهات رقمية للهشاشة السيادية، حيث لا يزال المحتوى البصري، حتى وإن كان مؤرشفا، يوظف كأداة لتكريس خطاب الانفصال الرمزي ومحاولة إرباك المزاج العام، في غياب معادلة تفاوضية تعيد الأمور إلى نصابها المؤسساتي. وإذا كان الاستخدام المضلل للصور في السياقات المرتبطة بسبتة ومليلية ليس جديدا، فإن تكرار هذه الممارسات في كل لحظة وطنية دقيقة يكشف عن مستوى التوظيف الدعائي الذي يستهدف تأزيم صورة المغرب خارجيا، وتحويل أي حراك مشروع إلى واجهة لتأويلات تمسّ شرعيته المؤسساتية. ورغم عدم صدور أي بلاغ رسمي حول خلفيات إعادة نشر الصورة، إلا أن الأسئلة تبقى قائمة حول الجهة التي دفعت بها إلى التداول من جديد، خاصة في توقيت تعرف فيه المنطقة دينامية احتجاجية غير مسبوقة من حيث الفئة العمرية والوسائط المستعملة، يعاد فيها استدعاء الرموز والسياسات المرتبطة بالمخيال السيادي المغربي، ضمن محاولات لتهويل المشهد أو نسب اختلالات مصطنعة إلى الداخل المغربي.