ليلة بيضاء بطعم السواد قضيتها رفقة شباب و أطفال في عمر الزهور،شباب باحثين على أمل العبور الى الضفة الاخرى،شباب يبحث على أمل الوصول الى ذالك الفردوس المفقود،شباب فقد الشعور بالدفئ في هذا الوطن،جلست معهم و أنا أتأمل في وجوههم رغم سوادها فهي بيضاء تبحث على أحضان تحضنهم و تقيهم شر البرد و الشارع،أحمد 10 سنوات من مدينة طنجة جاء الى المعبر من أجل الهجرة الى اسبانيا يريد أن يشتغل و يعيل أمه و 5 أخواته،بدر 7 سنوات من طنجة بالضبط من بني مكادة يريد الهجرة الى المانيا من أجل ان يلعب كرة القدم و يضيف قائلا أنا لا أتعاطى أي نوع من المخدرات في الصباح أتسول بضع دريهمات من أجل الاكل أو ما يجود به بعض الناس و في المساء أمارس الرياضة من أجل الحفاظ على لياقتي نظرت اليه نظرت ابتسامة و طلبت منه أن يعود الى أسرته و أن الرياضة و الكرة تتطلب مستوى دراسي و أن بلدنا يتوفر على مؤهلات و ملاعب رياضية يمكنه أن يصل الى حلمه دون المخاطرة بحياته لان هذا الطريق ليس مضمون و أن العديد من الاطفال في عمره فقدوا حياتهم،واصلت التجوال و الحديث معهم عثرت على إمرأة أثيرت حولها ضجة إعلامية عبر صفحات الفضاء الازرق فوجدتها نائمة رفقة بناتيها تفترش الكارطون و الارض و بلاستيك غطاء لها،يقيها من شدة البرد،فاقترب مني شاب"هادي الوليدة ديالنا كاملين و هي كتنعس وحنا كنحضيوها و الله ما يقرب لا شي واحد هي و العيال ديالا" فأجبته أنا جئت لكي أتكلم معها لكن لن أوقظها من نومها أو أزعجها،تكلمت معه فقال لي أنا يوسف من مدينة سلا حاصل على البكالوريا،أسرتي فقيرة لم أستطيع أن أكمل دراستي،توفي أبي و لم يعد لنا معين ولدي اخوة فقررت المجيء الى هنا قصد المخاطرة و المحاولة من أجل الهروب ليتني أجد عمل أستطيع به اعانة أسرتي و أخوتي،أكدت له أن يعود الى أسرته و أن لا يفقد الامل،لانه لا زال شاب و ان لا يخاطر و أن المغرب تحسن و ان بامكانه أن يجد و يحقق أحلامه هنا،لكنه "أجابني أني فقدت الامل و أريد المغادرة و المحاولة"،فأجبته لكن اتعرف ان هذه الطريق طريق الموت،ضحك و قال "أنا ميت"فتركته على أمل ان يعيد النظر فيما يريد أن يقوم به.فعدت أدراجي الى الفنيدق و جلست في مقهى و أنا أفكر. كيف يمكننا إنقاذ هؤلاء الشباب و الاطفال؟أين مراكز الايواء؟أين .....أين .... و كيف..... لم أستطع النوم من هول الصدمة من الواقع الحقيقي الذي عشته تلك الليلة،وتبعثرت أفكاري،وتوقفت أيدي عني الكتابة جراء هروب الكلمات .