من القضايا الخطيرة التي أسر الي بها احد اتباع كبرى الزوايا بالبلاد حجما و نفوذا ، القضية المتعلقة بقرار الزواج و التزويج . و يقول ذات الرجل و قد خبر اسرار هذه الزاوية و رجالها و قيادييه ان شيوخ الزاوية و مسؤوليها كنت لا تجدهم اشد حرصا كحرصهم على التدخل في شان زواج المريدين و استبدادهم بقرار تزويجهم دون اعطائهم حق الاختيار في هذا الشأن أي شأن اختيار شريك العمر .فأنت في هذه الزاوية المترامية العريضة الاطراف ، المدججة بكل انواع الفخامة و الضخامة و المصالح المتبادلة ... كنت لا يسمح لك بسهولة ان تختار الزوج الذي تراه مناسبا ليشاركك مسؤولية الحياة. او الزوج الذي تراه الاقرب الى تكوينك و طبعك النفسي و الاجتماعي ، الا اذا كنت من النافذين المتمكنين ، أو كنت من الحاذقين العارفين بالاسرار الزوايا و دروبها و سراديبها الملتوية . هذا ما دأب عليه اساتذة هذه الزاوية و شيوخها في تعاملهم مع مريدي الطريقة . فالاستبداد بهذا الموضوع ينبغي ان يتم بدون رحمة و لا شفقة ، و لو ادى ذلك الى استعمال اساليب التحايل و الدجل التي لا تخطر على بال . و عملية الاستفراد او الاستبداد بقرار الزواج و التزويج لا تتم مع اي كان من اتباع و عناصر الزاوية ، و لكن مع عينة خاصة من المريدين ذوي الثقة العمياء الذين تجتمع فيهم مواصفات خاصة و استثنائية ، و يمثلون حاجة ماسة للزاوية خصوصا المثقفين منهم و اصحاب الاعتبارات الفكرية و الاجتماعية ، اما غيرهم من عامة المريدين فالمسألة سيان لا يهم الزاوية زواجهم او عدم زواجهم ، و لئن يظلوا عزبا بدون زواج فهو الافضل ، و هو الامر الغريب و الشيء العجيب !! و يقول ذات المصدر و قد قضى في خدمة الزاوية سنوات طوال و اكتوى بسوء معاملة اهلها و زعمائها : و الاغرب من الغريب انه لا أحد يفكر في مستقبلك الاجتماعي ، او يفاتحك فيما لو كنت تريد ان تستكمل وضعك الاجتماعي و تؤسس لك اسرة كباقي خلق الله في الارض ، غير أنك عندما تعلن نيتك بالرغبة في الزواج ، تجد الزاوية ممثلة في ساداتها تحشر أنفها فيما انت عازم عليه . و تدخل الزاوية في هذا الشأن ليس لوجه الله تعالى أو في مصلحة المريد دائما و لكن في اتجاه ما يضمن مصتلحها و يتفق مع حساباتها ، و لذلك لوحظ ان الكثير من الزواجات أو الزيجات التي تمت بمباركة الزاوية باءت بالفشل لانها لم تكن مبنية على مراعاة مصالح المريدين كما سلف . و منها ما تحول الى كوارث اجتماعية بعد ان انكسرت مع بداية الطريق و الحياة الزوجية ، و نجم عن ذلك انفصال الزوجين بالغصب و القوة و هلاك الحرث و النسل و هدم البيوت على الرؤوس ، و السبب في ذلك أنانية الزاوية و تهورها و اسلوبها السيء في معاملة فئات من المريدين ، و اسلوبها المستبد في تدخلاتها سواء قبل الزواج او عند الزواج او بعده .
و تلك هي الطامة الكبرى حينما يتحول الدين في الزاوية الى وسيلة للتحكم في رقاب الخلق و الخليقة ، و مضاعفة المآسي الاجتماعية و الانسانية بدلا من المساهمة في اسعاد المجتمع و استقراره طبقا للمقاصد السامية لمضمون الدين و جوهره .. و يحكي المصدر ذاته و المتمرس في شأن الزاوية عن مصيبة تخريب أحد البيوت و هدمه على رؤوس اهله ، و هي الكارثة التي مني بها احد المريدين البارزين منذ سنوات عديدة و لحد كتابة هذه الاسطر جراء تدخل الزاوية و استبدادها بقرار تزويجه و تحكمها و تدخلها في شأنه الاسري . فيقول : اعرف احد المريدين من النخبة المثقفة ، و من الذين أبلوا البلاء الحسن و تعمقوا في خدمة الزاوية لسنوات و سنوات ، تدخل كبار الزاوية في شأن زواجه و استبدوا دونه في اختيار الزوجه التي ستكون شريكته في الحياة ، و رضي المريد الطيب المؤمن بصدق قرارات شيوخه الذين يثق فيهم ثقته العمياء ، و تم اقترانه بالتي اختيرت له ، لكنه لم يهنأ بزواجه الا مدة قصيرة ليفاجأ بمعاول الزاوية تطال بيته من أجل تخريبه و تمزيق شمله و أوصاله ، و السبب ان المريد كان من جملة العناصر النشيطة التي تنشد الاصلاح و الاستقامة داخل الزاوية و بين اتباعها ، فتم تقليم اجنحته و احالته على الخراب و ترويعه في دينه و دنياه عن طريق تخريب بيته . و من هذه الحكاية يبدو أن حرص الزاوية على تزويج المريدين ، كان يراد منه بالدرجة الاولى أن تبقى خيوط التحكم بالمريد بين ايديها ، و ليس هناك خيط للتحكم اخطر من التزويج حيث يصبح المريد و اسرته تحت رحمة الزاوية و شيوخها ، و يصبح الكل رهائن بيدها .