تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    مباحثات تجمع العلمي ونياغ في الرباط    أخنوش: تنمية الصحراء المغربية تجسد السيادة وترسخ الإنصاف المجالي    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    الأحزاب السياسية تشيد بالمقاربة التشاركية للملك محمد السادس من أجل تفصيل وتحيين مبادرة الحكم الذاتي    رفض البوليساريو الانخراط بالمسار السياسي يعمق عزلة الطرح الانفصالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة نقدية في الوثائق الرسمية لحزب الله
نشر في أخبارنا يوم 01 - 06 - 2016

تكتسي الوثائق المؤسسة للممارسة السياسية ،وطبيعة الهياكل التنظيمية لأي حزب سياسي أهمية بالغة في فهم خلفيته الإيديولوجية ، وخياراته الاجتماعية وبرامجه الاقتصادية ،وطبيعة اهتماماته ،والإضافة النوعية التي يمكن أن يقدمها للمشهد السياسي عموما .
هذا إن كنا أمام مؤسسة سياسية حزبية تقوم بأدوارها الطبيعية كما درسناها في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، وهي تحمل المسؤولية وتقديم إجابات حقيقية في القطاعات الأكثر حساسية ،الصحة ،التعليم ،والسكن، أوالمعارضة البرلمانية الدستورية،على أساس أن التأطير والتوعية لا يرتبط بالمواقع السياسية وإنما هو لازمة قانونية وأخلاقية نضالية .
إلا أننا عندما نكون إزاء حزب سياسي ديني، فإن المسألة تبدو مربكة ، أما إن كنا أمام حزب سياسي وديني وعسكري –والحالة هذه مع حزب الله اللبناني- فإن المسألة تتجاوز الإرباك إلى التعقيد، خصوصا عندما تحل دولة داخل الدولة وتصبح كفة المليشيا هي الأقوى ويكون الولاء خارج الحدود بيد اية الله العضمى ،وهذا واضح من خلال بدايات حزب الله الأولى.
من "المحميون" إلى "أمل" إلى" حزب الله ":
حسب رواية حزب الله لقد كان التوازن بين الطوائف اللبنانية مختلا ف "السنة" كان لهم العرب معين، و"المسيحين" احتموا بالأوروبيين بينما "الشيعية" لم تكن لهم حماية حقيقة من طرف محيطهم الإقليمي العربي تليق بحجمهم الديمغرافي، وعليه كان لابد من تمثيل جنوب لبنان والبقاع بطريقة مغايرة، فظهرت زعامات تمثلهم وسط الإقطاع السياسي ك "عائلة الأسعد "و"عسيران احمادا " الذين قاموا بأدوار وظيفية ليس إلا .
لذلك عندما أطلق موسى الصدر حركته أسماها "المحرومين" ،أنداك برز عالم شيعي هو "عبد الحسين شرف" الدين الذي كان يحمل صفتين صفة دينية وسياسية فكرية، بنفس عروبي تحرك ضد الفرنسة تماشيا مع الحالة العربية ،والنفس القومي بعد الحرب العالية الثانية.
بعدها يمكن أن نقول أنه (ورث) أو (أجاز) لموسى الصدر بعدما لاحظ فيه من الورع والثقة والإقدام متابعة الأمور في" صور" ونواحيها ،أشار إليه بعد أن وصل إلى سن متقدم ولعله أصاب في ذلك فقد ابلى البلاء الحسن وكان في مستوى الثقة التي وضعت فيه.
انتمى أغلب الشيعىة في لبنان إلى (حركة القوميين العرب ) سنة 1953 ثورة منهم على الإقطاع سالف الذكر، ولأنه اتجاه طاغي ومسيطر الحركة الشبابية كانت تجد نفسها فيه، بوعي عروبي استمر حتى هزيمة 1967 وأيضا لأن الموضوع الديني لم يكن بارزا وحاضرا كما سيحصل بعيد نجاح "الثورة الإسلامية" بإيران سنة 1979.
في عهد الشاه لم يكن لعلماء إيران تأثير على لبنان لأن كل العلماء الذين أتو إلى خريجي "النجف" لم ينجذب للسياسية وإنما فقط التثقيف الديني وحده كان مسيطرا على اهتماماتهم، وهو ما بدا في الستينات مع "حركة الإمام الصدر"، ومع مجيئ بعض كبار العلماء منها "النجف" ك "محمد مهدي" و "شمس الدين" و"حسين فضل الله "وأخرين بث هكذا وعي أيضا، إلا أن "موسى الصدر" تميز بحركته الاجتماعية السياسية التي سيكون لها ما بعدها .
ظهر "مجلس الجنوب " سنة 1970 كمؤسسة تابعة للدولة اللبنانية بطلب من السيد موسى الصدر بعد عدوان 1968 الصهيوني. لكن عدم رضاه على طريقة الاشتغال جعله ينشأ حركة "المحرومين "التي استطاعت أن تفرض نفسها في الساحة الشيعية، وكان لضرورتها المجتمعية أن سطرت ملفا مطلبيا للطائفة الشيعية، باختصار كانت حركة ثورية اجتماعية في قالب ديني ،ولم تكن حزبا دينيا بالمعنى المتكامل على حد تعبير نائب الأمين العام للحزب السيد نعيم قاسم في كتابه "حزب الله :المنهج- التجربة-المستقبل.
في خضم هذا الآمال المعلقة على "حركة المحرومين" وصل "محمد حسين فضل الله" من العراق إلى لبنان سنة 1966، فبدا بتأسيس فرع ل"حزب الدعوة العراقي" في شكل جمعيات مجتمع مدني كمقدمة أولى حتى سنة 1974، حيث سيتفاعل مع الناس وسيسوق أفكاره الاجتماعية والسياسية بالمباشر، وهنا سيعرض "موسى الصدر" على الجميع امكانية الانضمام إليها ،أي حركة المحرومين .
أعلنت "حركة المقاومة الإسلامية أمل" عن نفسها بعد حادثة قرية "عين البنية"، حيث كانت تجري التدريبات العسكرية، وهي دراع عسكري ليس إلا ل"حركة المحرومين" التي كانت تشتغل بسرية وقد صادف دلك اعتداءات إسرائيلية على الجنوب ألهبت حماس "موسى الصدر" في مواجهة" إسرائيل" وهو الذي كان يعتبر الأمر من الأولويات .
وهكذا و بدعم شامل وترتيب مسيق من الحرس الثوري خرج " حزب الله "من رحم كل هذه الحركات التي تم حلها (حزب الدعوة في لبنان ,اللجان الاسلامية ,الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين, وأمل الاسلامية ) فعرضت اللجنة التساعية سنة 1982 على ولي الفقيه مبايعته ليعلن الحزب عن نفسه رسميا سنة 1985 ، بعدما أصبح مهيكلا ومنظما ليكشف عن هويته السياسية ورؤاه العقدية في البيان التأسيسي أو الرسالة المفتوحة للحزب
البيان التأسيسي لحزب الله سنة 1985 أو الرسالة المفتوحة:
بعد أن أصبح الحزب حقيقة سياسية، وخرج من السر إلى العلنية كان لابد من صياغة وثائقه و هاهنا "حزب الله" اكتفى بوثيقة وحيدة طيلة 24 سنة ضمنها كل شيء جاء فيها: "أيها المستضعفون الأحرار.. نحن في لبنان لسنا حزباَ تنظيمياً مغلقاً، ولسنا إطاراً سياسياً ضيقاً... إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم.. " .
الذي أثارني ويمكن أن يثير القارئ الكريم هو عبارات "لسنا إطارا سياسيا ضيقا "أمة حزب الله" وليس "حزب الله "فهل مجلس شورى الحزب الذي صاغ الرسالة المفتوحة لا يعي الفرق بين مفهوم الحزب ومفهوم الأمة ؟ بلى يعي ذلك قدر وعيه بارتباطه المفصلي بولاية الفقيه وهذا لا ينكره لا شخص متعاطف ولا قيادي في الحزب، وعليه فالولاية ولاية على الأمة ومن أراد الانضمام للحزب فليس بالضرورة أن يحصل على بطاقة انخراط فردا كان أم جماعة داخل الحدود وخارجها" وكأننا بصدد أممية شيعية تذكرنا بالشيوعية تفجرت في إيران وتلقفها جنوب لبنان على أن يساهم في تصدير الثورة بعد استيعابها وتمثلها للخارج.
عن سياسته الخارجية، وعلاقته بأمريكا والكيان الصهيوني ،وموقف الأمة العربية والإسلامية من هذا وذاك يقول الحزب "إننا نطمح أن يكون لبنان جزءاً لا يتجزأ من الخارطة السياسية المعادية لأمريكا والاستكبار العالمي وللصهيونية العالمية، والتي يحكمها الإسلام وقيادته العادلة. وهذا الطموح هو طموح أمة وليس طموح حزب، واختيار شعب لا اختيار عصابة."
هذا فيما يخص الموقف من الاستكبار العالمي أما فيما يخص باقي الطوائف اللبنانية خصوصا تلك التي عرفت زمن صياغة الوثيقة بسخاء فرنسا ورعايتها له يتوجه الحزب لهم ل يؤكد على أن السياسة التي ينتهجها زعماء المارونية السياسية من خلال "الجبهة اللبنانية" و "القوات اللبنانية" لا يمكن أن تحقق السلام والاستقرار للمسيحيين في لبنان؛ لأنها سياسة قائمة على العصبية والامتيازات الطائفية والتحالف مع الاستعمار وإسرائيل.
ما فتئ الحزب يردد بأنه حريص على وحدة لبنان، باعتباره وطنا نهائيا لكل اللبنانيين وأنه يساهم ويهدف إلى إقامة مجتمع أكثر عدالة وحرية ،ودولة مهتمة بالقضايا العربية والإسلامية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مرحليا حتى قيام دولة إسلامية وهذا ما تطمح إليه كل فعالياته وهياكله. لكن هنا من حقنا أن نتساءل ماذا قدم السيد حسن نصر الله على طاولة المفاوضات العديدة بين الفرقاء اللبنانيين ؟ وهل سياسته الخارجية تنسجم مع ما يردد في خرجاته الإعلامية التي فقدت الكثير من زخمها ومصداقيتها ؟ عديدة هي الهياكل التي تنظم عمل الحزب، منها على سبيل المثال(هيئة قيادية ومجلس سياسي و مجلس تخطيطي وكتلة النواب ...) ويعتبر مجلس شورى الحزب أعلى هيئة تنظيمية يتكون من 12 عضواً تسند إليهم مسؤولية متابعة أنشطتة الأخرى الاقتصادية والاجتماعية التي يتخذ فيها القرار بالأغلبية .
بهذه الهيكلة سطر شباب الحزب بطولات "المقاومة الإسلامية" في جنوب لبنان أمام العدو الصهيوني الغاشم في معارك عدة بطولات واهم من يستسغرها،حين كانت قبلة السلاح معروفة ،وكان العدو حقيقيا وليس مصنوعا وتحت الطلب، لكن الخروقات التي نجحت فيها إسرائيل مؤخرا ربما تنذر بهفوات قد يدفع الحزب ثمنها غاليا لا سيما وأنه خسر تعاطفا كبيرا داخليا وخارجيا بفعل القتل الذي يمارسه على أبناء جلدته هنا وهناك وخصوصا في سوريا.
سورية هذه الخطوات الأخيرة غير المحسوبة والتي تدفع ثمنها الدولة اللبنانية وعموم الشعب، لم تنجح الالة الإعلامية له ولمن يسير في فلكه في قلب حقيقتها وتصوير صبر الجنوبيين على أنه تجسيد لفكر المقاومة وضريبة اصطفاف الحزب مع محور الممانعة .
هذا المحور- في نظر العديد- تاجرت أنظمته بكل شيء ، بدءا بالأقصى المبارك وانتهاءا بالجولان العربي المحتل، عنتريات فارغة خدعنا بها لسنوات ، دون طلق رصاصة واحدة من أجلهما رغم خرق "إسرائيل" للمجال الجوي السوري وضربه مرات عدة في في العمق حينها اكتفى نظام الأسد بقوله " نحتفظ بحق الرد في المكان والزمان المناسبين "لعله يقصد زمنا نفسيا وليس فيزيائيا، من يدري؟
تريث و"حكمة" هذا الحلف الذي يوجد حزب الله في قلبه أمام "تل أبيب" لم تستحضر أمام الشعب السوري الأعزل، فكان الرد النار والحديد لكل من سولت له نفسه الصدح بمطلبي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، ولما تطورت الأحداث واختلطت الأوراق، حجت "قم" و"البصرة"و" الضاحية الجنوبية"...للقتل على أرض الشام الأبية تارة من مسافة الصفر وأخرى ببراميل متفجرة وصواريخ روسية ,حتى لاح النصر في الأفق فأنقدت صنيعة "داعش" نظاما ومعه حلفا كان يتداعي بالمحصلة .
معها أضحت السياسة الدولية فيما يخص الشعب السوري الذي يشارك في تقتيله حزب الله مشاركة قوية، لعب أطفال، وضحك على الدقون ، عنوانها جنيف1 جنيف2 جنيف 3 جنيف4 جنيف 5 وهكذا حتى يتوافق "السيد الأمريكي" و"قداسة الولي"
وثيقة 2009 واخر التطورات
من خلال اطلاعنا على الوثيقة يمكن أن نقول أنها لم تحمل جديدا على مستوى المضمون مقارنة مع الأولى، ما عادا خطابها الفكري والسياسي الذي تقاطع مع الأدبيات اليسارية وحركات مناهضي العولمة ف"تحكّم قوى الرأسمالية المتوحشة، المتمثلة على نحوٍ رئيسٍ بشبكات الاحتكارات الدُّولية من شركات عابرة للقوميات بل وللقارات، والمؤسسات الدُّولية المتنوعة، وخصوصاً المالية منها والمدعومة بقوة فائقة عسكرياً، أدى الى المزيد من التناقضات والصراعات الجذرية، ليس أقلها اليوم: صراعات الهويات والثقافات وأنماط الحضارات، إلى جانب صراعات الغنى والفقر".ذ
من مستجداتها أيضا توقفها عند المتغيرات الدولية و الإقليمية الجديدة التي فرضها "بوش" حيث " لم يبلغ مشروع الهيمنة والتسلط الأميركي مستويات خطرةً كما بلغها مؤخراً، لا سيما منذ العقد الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم... لقد بلغ هذا المسار ذروته مع إمساك تيار المحافظين الجدد بمفاصل إدارة "بوش" الابن، هذا التيار الذي عبّر عن رؤاه الخاصة من خلال وثيقة "مشروع القرن الأميركي الجديد" التي كُتبت ما قبل إجراء الإنتخابات الأميركية عام 2000، ليجد المشروع طريقه إلى التنفيذ بُعيد استلام إدارة "بوش" الابن السلطة في الولايات المتحدة الأميركية".
هذه الإدارة التي تعيد رسم معالم المنطقة بالفوضى الخلاقة جعلت الصدام مباشرا بين العرب وحزب الله ،ووترت العلاقة التي لم تكن يوما طبيعية منذ تأسيس الحزب ولعل فقرات عدة في الصيغة الأولى والثانية للوثيقة توضح حجم الخلاف الذي وصل حد القطيعة بين الطرفين ،حين صنفته الجامعة العربية كمنظمة إرهابية رغم اعتراض العراق ولبنان وتحفظ الجزائر .
الأدوار الأوروبية -الفرنسية تحديدا - في لبنان لم تسلم من انتقاد لأن باريس المعني الأول بلبنان كمستعمر، ولرعايته الخاصة لطائفة معينة تحدثنا عنه أنفا . جاء في الوثيقة "العلاقات الأوروبية العربية تستوجب بناء مقاربة أوروبية أكثر استقلاليةً وأكثر عدالةً وموضوعيةً" كالاتفاق النووي الأخير مع إيران الذي هندسه الاتحاد الأوروبي ورعاه الشيطان الأكبر احتفى به "الولي الفقيه" نصرا مؤزرا .
ولي الفقيه في الوثيقتين
ليس هناك فرق بين التعريف الفقهي والسياسي في الفكر الشيعي فيما يخص ولاية الفقيه، كلاهما يصب في اتجاه واحد: "نيابة جامعة لشروط التقليد و المرجعية الدينية عن "الامام المهدي" في كل الصلاحيات و الاختيارات المفوضة إليه من قِبَل الله عز و جل عبر نبيه المصطفى (ص) في إدارة شؤون الأمة و القيام بمهام الحكومة الإسلامية".
روح التعريف حاضرة في الوثيقتين حيث نجد "إننا أبناء أمة حزب الله التي نصر الله طليعتها في إيران، وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم.. نلتزم بأ وامر قيادة واحدة حكيمة وعادلة تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظله.. مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم المجيدة"
ولاية الفقيه في الوثيقتين من أقدس المقدسات تذكرني بالملكية في الدستور المغربي والجمهورية في الدستور الفرنسي في فصولهما الأولى، فهي فوق أي تغيير أو اجتهاد أو تعديل، وهذا قد يفهم إن كنا بصدد حزب ايراني. لكن أن يكون الأمر في بلد عربي فالمسألة خطيرة على الدولة ،والمجتمع ،وتداعياتها تبصرها العين صباح مساء.
لتوضيح أهمية ومحورية ولي الفقيه في كل حركة وسكون هذا الحزب اختصر علينا عناء البحث النائب الأول لحزب الله السيد نعيم قاسم بإجابته الواضحة عن سؤال الصحفي في برنامج "إسلاميون وبعد" الذي أجرى مؤخرا حوارا معه على قناة لبنانية إخبارية أجاب فيها عن عدة أسئلة واحد منها يهمنا في هذه المسألة كان حول مدى إمكانية قتال الحزب في دول ككندا أو زيمبابوي أو الشيلي أو الموزمببيق إن أمر الولي بذلك ليجيب :إن أمرنا الولي الفقيه ذلك فعلناه؟؟
في هذه النقطة بالذات تقول الدكتورة أمل سعد غريب في كتابها " حزب الله: السياسة والدين" عندما نفهم الأهمية الدينية لقداسة الولاية يسهل فهم تشدد حزب الله مرار على أن التزامه بالولاية لا يمثل التزاما سياسيا برئيس دولة وطنية إنه التزام فكري بشخصية إسلامية مقدسة وبخلفائهم الذين تعد أوامرهم حقائق ثابتة ،عندما يصف حزب الله الجمهورية الإسلامية بأنها ديننا وكعبتنا ودمنا وعروقنا، فإنه يشير إلى ولاية الفقيه لا الى الحكومة الإيرانية" .
إذن يمكن أن نقول أن كلمة ولي الفقيه عابرة للحدود يعلى ولا يعلى عليها بالمقارنة مع التشريعات الوطنية ،ورموز سيادتها وتشريعاتها وأمنها القومي الاستراتيجي ،واتفاقاتها مع محيطها الاقليمي والدولي، والتشريعات الوطنية التي تسموا فوقها المواثيق الدولية في حالة مصادقة أي دولة عليها وووو، ببساطة كل هذا يبقى هرطقة وإبداعية إن لم يصادق عليه الولي ؟
إن هذا التصلب أو الثبات يمكن أن نفهمه على وجهين الأول : أن الحزب ظل وفيا لمبادئه وقناعاته اتجاه ولاته وحلفائه وأصدقائه رغم الهزات التي حصلت وتحصل، والثاني :يمكن أن نقول بأنه يفتقد للواقعية السياسية فلا يعقل أن العالم يتغير كل عقد إن لم نقل كل سنة بينما الحزب لم يراجع أطروحاته طيلة هذه المدة ، فهل سيفعل رأفة بنفسه وبنا ؟
على كل حال .. انطلاقا من الأدوار المهمة التي بات يلعبها حزب الله في لبنان والمنطقة، ووجود خلايا متمذهبة بمذهبه ظاهرة كانت أو في حالة كمون، وبعد تصنيفه من طرف الجامعة العربية منظمة إرهابية .أصبح من اللازم معرفة ولو جزء بسيط من تاريخ هذا الحزب الجهادي الانتخابي-الذي يختلف ويتقاطع مع "أردوغان" و"أربكان" ويذوب في إيران- والوقوف لحظة تأمل مع ورقته المذهبية وخططه السياسية لأنه نموذج نموذجي ناجح يغري الكثير من الجمعيات الشيعية الخفية والمعلنة من المحيط إلى الخليج.
[email protected]
اعتمد بالأساس في تحرير هذه الأسطر على مايلي :
* البيان التأسيسي لحزب الله سنة 1985 أو الرسالة المفتوحة
* وثيقة حزب الله سنة 2009
* حزب الله المنهج التجربه المستقبل ل الشيخ نعيم قاسم
* حسن نصر الله الوعد الصادق ل د رفعت سيد احمد
* حزب الله السياسة والدين والمجتمع ل د أمل سعد غريب
* الإسلام السياسي والحداثة ل ذ إبراهيم أعراب
* الحوار الاخير للنائب الأول لحزب الله السيد نعيم قاسم مع قناة الميادين برنامج "اسلاميون وبعد"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.