"أريد دولة قوية حتى نضمن حرية وأمن المواطنين ونجعل العدالة تقوم بدورها بشكل فعال، أريد أن ننتصر في حربنا ضد الإرهاب ومكافحة الهجرة غير الشرعية والحفاظ على قيمنا. لا يمكننا الانتظار أكثر فمستقبل فرنسا يتلاعب منذ الآن"، تلك هي خلاصة الكتاب الذي أصدره مؤخرا ألان جوبي المرشح الأكثر حظا في الانتخابات الرئاسية القادمة (ماي 2017) عن دار النشر "جون كلود لتاس" الفرنسية تحت عنوان: من "أجل دولة قوية". ويقول ألان جوبيه في مقدمة الكتاب إن فرنسا في حرب وعلينا أن لا نخاف من هذه الكلمة، إنها حرب على أرضنا وعلى مسارح عديدة خارجية في الشرق الأدنى وفي الساحل. "هذه الحرب لم تكن تريدها فرنسا بل فرضتها عليها تيارات التطرف الإسلامي مثل تنظيم الدولة الإسلامية داعش التي أعلنت الحرب علينا وليس لدينا خيارا آخر سوى خوض هذه الحرب وإحراز النصر". "فالاعتداءات الدامية التي حدثت في نونبر الماضي على مسارح البتكلان ألهبت الوطن بكامله: الوجع، العديد من الموتى، العديد من الجرحى، الرعب والهلع" يقول آلان جوبيه قبل أن يضيف : "من خلال هذه الصفحات أريد التركيز على ضمانتين اثنتين أساسيتين ليتسنى لدولة قوية إمداد مواطنيها بالأمان حتى يتمكن لهم استعادة ثقتهم والعيش معا في سعادة. الحماية أولا ضد عدم الأمن الداخلي والمتمثل في التهديد الإرهابي ولكن أيضا ضد المشاكسين الصغار والجرائم الكبرى. الاندماج ثانيا ضد الفوارق وهشاشة التماسك الاجتماعي. "اقتراحي، يقول جوبيه، يضم الحرب ضد الإرهاب، والحرب ضد السياسة الإجرامية، وإقامة العدالة مع تحسين قوى الأمن : الشرطة والجمارك، وتعديل موجات الهجرة، واحترام العلمانية". ويتزامن صدور الكتاب مع دعوة الجمعية الفرنسية المتطرفة "وطني أولا" على شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى تنظيم تجمع كبير يوم الأحد القادم بحي "لا غوت دور" الشعبي بالدائرة ال18 الباريسية ، المعروف بمزيجه العرقي وكثافته الإسلامية، وذلك من أجل التظاهر ضد أنماط العيش الإسلامية بالحي تحت شعار "نقانق ونبيذ". ودعت الجمعية العنصرية التي استقطبت منذ تأسيسها عام 2009 آلاف المعجبين، ممن أسمتهم ب"الفرنسيين الأصليين الذين تربطهم بفرنسا رابطة الدم"، وكذلك أصدقاء باريس في كل مكان وسكان الضواحي الفرنسية، إلى الانضمام إليها حتى "تعود المظاهر الأصلية للحي بعدما سطا عليه الخصوم المغاربيون وخاصة يوم الجمعة الذي يشهد تدفق مئات المسلمين على الشوارع لأداء الصلاة". وقالت سيلفي فرانسوا، رئيسة الجمعية ومتزعمة الحملة ضد المسلمين، في حوار نشر على موقع "ريبوست لاييك" (الرد العلماني)، إن هذا التجمع يهدف إلى استعادة الحي من "المسلمين الذين يحاولون فرض منتجاتهم الإسلامية وحظر منتجاتنا بما فيها لحم الخنازير والكحول بدعوى أنها لا تتماشى مع معتقداتهم الدينية". وتضيف بلهجة عنصرية صارخة :"بالنسبة لي كامرأة، فإنني لا أقوى على التعاطف مع الديانة الإسلامية، وأجدها كفرنسية النشأة والأصل ديانة غريبة". الدعوة التي باركتها (في تكتّم) جهات فرنسية من مختلف المشارب والتوجهات بما فيها بعض الأطراف المحسوبة على اليسار، خلفت موجة استياء واسعة من لدن جمعيات مناهضة العنصرية التي بادرت إلى مطالبة السلطات بمنع هذا التجمع لما يحمله من دلالات عنصرية. غير أن هذه الموجة لم تتجاوز كالعادة إطار الاستياء والأسف حيث خلت كل البيانات الصادرة بهذا الشأن بأية مطالب إجرائية مثل اعتقال أفراد الجمعية وتقديمهم للعدالة بتهمة التمييز العنصري والإهانة والتحريض على الكراهية والعنف ضد الإسلام والمسلمين. وفيما وصفت رابطة مناهضة العنصرية هذا التجمع بأنه "عنصري" يرتكز منظموه على نفس الحيثيات التي ارتكزت عليها "جمعية التضامن مع الفرنسيين" التي نظمت سنة 2014 حساء بلحم الخنزير للأشخاص بدون مأوى، اعتبر رئيس رابطة مكافحة العنصرية والإسلاموفوبيا بفرنسا، بأن هذه الدعوة هي "استفزاز مباشر للمسلمين من قبل اليمين المتطرف، وهي حلقة جديدة من معركته ضد الإسلام، ومن المؤسف أن شخصيات من اليسار ومن الجالية المسيحية بدأت تنضم لمثل هذه الدعوات التي لا هدف من ورائها سوى تأجيج مشاعر الكراهية والعداء للعرب والمسلمين".