لم يكن مهما تقرير بان كي مون حول الصحراء لأن الأمين العام للأمم المتحدة أصبح بالنسبة للمغرب طرفاً في النزاع حتى ولو انتصر للأطروحة الانفصالية، إلا أن تأجيل عرض تقريره مازال يثير العديد من الاستفهامات التي قد تكون أجوبتها في الطريق للظهور، ومنها أن القوى الدولية المؤثرة تفضل أن تتجاوز الأزمة بين المغرب وبان كي مون بسلاسة، ولهذا جنح الجميع للمفاوضات التي لا ترضي الجزائر والبوليساريو. ويقود نائب سكرتير الدولة الأمريكي في الخارجية جيفري فيلتمان مفاوضات مع المغرب وممثلي الأمين العام في جنيف بسويسرا، كانت قد سبقتها رسالة من بان كي مون إلى الملك محمد السادس، إضافة إلى الوقوف القوي لفرنسا مع الرباط والتحول الملموس في الموقف الروسي، والذي ترجم بزيارة رسمية ناجحة قبل أسابيع، وبإجراء مكالمة هاتفية مطولة بين الملك وبوتين أمس حول قضية الصحراء. وحسب ما رشح من هذه المفاوضات السرية، فإن القوى المؤثرة في مجلس الأمن تحاول جاهدة طمأنة المغرب حول بعض الخيارات التي كان يتم طبخها من طرف كريستوفر روس، وتتعلق باقتراح غريب حول "كومنويلث" بين المغرب والصحراء، وهو ما تعتبره الرباط تقديم جمهورية مستقلة للبوليساريو بالأراضي المغربية، إضافة إلى محاولة ترجيح كفّة الحكم الذاتي على كفّة الاستفتاء كشكل من أشكال تقرير المصير. وفي المقابل يحاول الأمريكي جيفري فيلتمان أن يقنع المغرب بإرجاع المكون المدني من بعثة المينورسو الذي تم طرده الشهر الماضي، عقب زيارة بان كي مون لتندوف ووصفه للوجود المغربي بالصحراء ب "الاحتلال"، وذلك حتى يتسنى لمجلس الأمن في قراره المنتظر نهاية الشهر الجاري أن يمدد للبعثة الأممية، كما دأب على ذلك منذ سنة 1998 وفي كل قراراته السنوية بدون استثناء، وسيسهل عليه الأمر إن عاد المكون المدني، فيما سيجد صعوبة في هذا التمديد إذا ما بقيت البعثة في الصحراء تتشكل من المكوِّن العسكري فقط. هي عملية دقيقة إذن تلعب فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية دوراً حاسما، فيما يعول فيها المغرب على القطع مع كل التهديدات بأوراق من مثل توسيع صلاحيات المينورسو أو العودة لخيار الاستفتاء، الذي تأكد أمميا أنه مستحيل لعدم إمكانية تحديد الكتلة الناخبة.