ترامب يهدد بزيادة الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي إذ لم يستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة    الشرطة القضائية بإمزورن توقف مروجاً للمخدرات وتضبط بحوزته كوكايين و"شيرا"    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من رئيس جمهورية السلفادور بمناسبة عيد العرش    في تطور جديد بنما تؤكد بوضوح مغربية الصحراء        بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي        مستشار الرئيس الأمريكي يؤكد للجزائر عبر حوار مع صحيفة جزائرية .. الصحراء مغربية والحل الوحيد هو الحكم الذاتي                انتخاب السفير عمر هلال نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية                كونية الرؤية في ديوان «أجراس متوسطية» للشاعر عاطف معاوية    العازف والباحث الأكاديمي في تاريخ الموسيقى «عبد الحق وردي»    نحن والحجاج الجزائريون: من الجوار الجغرافي …إلى الجوار الرباني    وفاة المدافع الدولي البرتغالي السابق جورجي كوستا عن 53 عاما    اسرائيل تستعد لمرحلة جديدة من العدوان على غزة قد تتضمن إعادة احتلال القطاع بالكامل    نظام تأشيرات جديد: 15 مليون للحصول على ڤيزا أمريكا    تركمنستان.. انتخاب المغرب نائبا لرئيس مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للبلدان النامية غير الساحلية    "مستوطنة على أرض أمازيغية مغربية".. كتاب يصور مليلية مثالا لاستمرار الاستعمار وتأثيره العميق على الناظور    احتياجات الخزينة ستتجاوز 12 مليار درهم خلال غشت    لطيفة رأفت تعلن تأجيل حفلها بأكادير وتعد بلقاء قريب    نشرة إنذارية: موجة حر وزخات رعدية مصحوبة بالبرد وبهبات رياح مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    زيادة إنتاج نفط "أوبك+" تنعش آمال المغرب في تخفيف فاتورة الطاقة    أمريكا تسلح أوكرانيا بمال اسكندينافيا    بلاغ رسمي ينهي الجدل.. الأوقاف تكشف حيثيات إعفاء رئيس المجلس العلمي وتستنكر "التشكيك"    حادثة مأساوية بين المعازيز والخميسات تودي بحياة سائق طاكسي وأفراد من عائلته    الإفراج بكفالة مشروطة عن توماس بارتي لاعب أرسنال السابق    "ألكسو" تحتفي بتراث القدس وفاس    الدورة السادسة عشرة من معرض الفرس للجدیدة سلسلة من الندوات حول العنایة بالخیل والتراث الفروسي    رضا سليم يعود للجيش الملكى على سبيل الإعارة    دراسة: الحر يؤثر على الصحة العقلية للإنسان    الأوقاف تكشف سبب إعفائها رئيس المجلس العلمي المحلي لفكيك    المغرب ‬يسير ‬نحو ‬جيل ‬جديد ‬من ‬برامج ‬التنمية ‬المجالية.. ‬نهاية ‬زمن ‬الفوارق ‬وتفاوت ‬السرعات    مندوبية ‬التخطيط ‬تكشف: ‬وضعية ‬سوق ‬الشغل ‬لازالت ‬تعاني ‬من ‬آثار ‬الجفاف    الموهبة الكبيرة وزان يوقع عقدًا جديدًا مع أياكس بعد رفض ريال مدريد التعاقد معه    خواطر تسر الخاطر    "منتخب U20" يستعد لكأس العالم    "سورف إكسبو" لركوب الأمواج في دورته الرابعة أكتوبر المقبل    22 شهرا من الإبادة.. الجيش الإسرائيلي يقتل 20 فلسطينيا في غزة فجر الثلاثاء    تارودانت… 14 مليون درهم لتأهيل المواقع السياحية بأسكاون وتيسليت    وَانْ تُو تْرِي دِيرِي عَقْلك يَا لاَنجِيرِي!    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    كاميرات مراقبة صينية في سبتة ومليلية تثير الجدل في إسبانيا    اتحاديون اشتراكيون على سنة الله ورسوله    علي الصامد يشعل مهرجان الشواطئ بحضور جماهيري غير مسبوق    الرباط تحتضن النسخة الأولى من "سهرة الجالية" احتفاءً بالمغاربة المقيمين بالخارج    بجلد السمك.. طفل يُولد في حالة غريبة من نوعها    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    الأطعمة الحارة قد تسبب خفقان القلب المفاجئ    دراسة كندية: لا علاقة مباشرة بين الغلوتين وأعراض القولون العصبي    دراسة: الانضباط المالي اليومي مفتاح لتعزيز الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية    بنكيران يدعو شبيبة حزبه إلى الإكثار من "الذكر والدعاء" خلال عامين استعدادا للاستحقاقات المقبلة    حبس وغرامات ثقيلة تنتظر من يطعم الحيوانات الضالة أو يقتلها.. حكومة أخنوش تُحيل قانونًا مثيرًا على البرلمان    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شعر : أحمل أوزار العاشق


رَأَيْتُكِ ترعين الشمسَ في مدخلِ النفقْ،
كنتُ هناك ألملم خطايا الليل،
كنتُ هناكَ
أقتفي ما تركتِ الأحلامُ من أثرٍ،
وكنت أحتقنْ.
العبور إليكِ مليء بالكلام،
وبغمامات تحط في خفقان القلب،
وبأودية عميقة من الرغبة
تحفر في الروح
وتختفي في الجسد.
هل كنت تمزحين مع الفراشات التي غطت المدخل قبل أن أنسحب في غيبوبة الانتشاء؟
الخطايا تجب ما قبلها،
والروح ملَّتْ من الانتظار خارج ملكوت العتمة.
من ذيل الليل،
ومن فلول النجوم الهاربة،
تولد الشمس كي تطفئ الأحلام،
ومن شهوة الجسد
تصْعدُ الفقاعةُ الروحُ مُعََمَّدَة بالندم:
ألمُ اللذةِ
أم شغفٌ بما وراء حجب الطهارة؟.
باب
باطنه عذاب.
رأيتك في الشعاع العابر في مدخل النفق،
رأيتك في تلاشي النجوم،
في
تآكل الليل،
بينما أحمل أوزار العاشق
وأغوص في الملكوت الأدنى
لا خوفٌ عليّ،
أنا في المكان الأجمل.
ضوء في آخر النفق،
وشهوة مسرفة في التوقد.
الحياة حريق دائم
وأنت جذوتي الأثيرة،
وأنا الرماد.
ومن حيث لا يدري أحد،
من حيث تخرج الريح،
دلفنا إلى الباب،
لم يكن الجحيم هناك،
ولا الجنة كانت قاب اليدين.
لم نكن واضحين بما يكفي،
ولا الباب كما تصورناه،
كان شظايا ضوء
ودخانا من هدوء مرتبك...
ليتك وقفت في المدخل،
رأيتك ترعين الشمس هناك،
بينما أطارد فلول الغسق
وأبحر في شغفي
وأغرق فيك.
سماوات من زرقة لا متناهية
وأحلام
تهبّ على الأزرق المختلف في بحيرة العطش.
أشرب
وأواصل عطشي،
يا بحري
ويا صحرائي،
أفتش بلا هوادة عن شبيهي،
فأهتدي إلى ما أحبّ:
ضدي.
بالطبع، إن كانت من مشروعية للقيام بتصنيف تاريخي مقتضب، لتحقق هذا النمط أو ذاك، وتدفقه في فترة معينة مقارنة مع تحققات أخرى.
هل، نقول إذن بأن المسرح رسم بالدموع والسياط الأفق الممكن لمغرب الستينات، حيث تموضعت الثقافة باعتبارها أولا وأخيرا، سبيلا للتغير نحو مجتمع تسوده العدالة والإنسانية. بالتالي، فالمسرح بطهره وتطهيره ثم مختلف آلياته المنظوماتية مرتكزا على تيمة الصراع بين الخير والشر، تمرأى بالمطلق رغبة المغاربة في التحرر.
بانتقالنا إلى سنوات الثمانينات والتسعينات نعاين قوة تبلور متون شعرية، وهي تلاحق مساحات الإخفاقات الفظيعة على مستوى مشروع حقيقي للمجتمع، وقد انكسر حلم بناء الدولة الوطنية بمقوماتها الاقتصادية والثقافية, فماذا عن القصة ؟
لن أستحضر هنا، تراجيدية المسرح، أو نوستالجية الشعر. بل، أتماهى مع القصة ككائن شعبي بامتياز. له قدرة هائلة على إبقاء رجليه لصيقة جدا بالأرض، يحافظ على هوية اجتماعية تسافر بكل حرية داخل جيولوجية الأشخاص، الطبائع والعادات. مرونة تتقن بالتأكيد ممارسة لعبة الخفاء والتجلي، الفر والكر، التقدم إلى الأمام، التراجع بخطوات للوارء...، بناء على موقف صميمي يتوخى تذويب العالم إلى حيز قابل للاستيعاب.
هل اللغة مجرد إضفاء للمعنى، بقدر مستوى لا نهائية انفلاتاتها. أم القصة، كما نستهلكها حاضرا في المغرب، تمردت فعلا، على مسألة التهويل من هذه اللغة حد التقديس، كي تتعايش مع ميكانيزمات جديدة.
اختلف مع هؤلاء الملتزمون بمعايير الكم والكتلة والزمان قصد لجم القصة بقاعدة جامدة. بصيغة أخرى، قد نعيش زمانا فيزيائيا للقصة، لأن أغلبنا يطوي شوارع مدينته هرولة، ينهش أية وجبة سريعة، يختزل كلا علاقاته بين أضلع هاتفه الخلوي، تصبح كل الموسيقى والتعبيرات الفنية مجرد كومة، يقامر بها هواة ال»بوكس أوفيس» » Boxe-office «. بينما، يوزن الشعر والرواية وما جاورهما بمعايير «رطلية»، من طرف ناشر/تاجر يحمل لواء الدفاع عن قارئ بسيط ساذج، نمطي، مُنوم مغناطيسيا، حيث القراءة مجرد تسلية، وليست تأسيسا على التأسيس.
قد نشهد على لحظة مشتعلة حقيقية للقصة، لكن دون أن نلبس الأمر حلة «ريعية»، ونربط مصيرها بسوق التداول السلعي وفق سلاليم العرض والطلب. منطق، النشل الذي أزدهر أكثر مع الأمركة وتغلغل نموذج رعاة البقر Cow-boy مع مختلف حيثيات الليبرالية المتوحشة.
القاص، ليس في عجلة من أمره أو يتلصص، فيشهر بالجميع. يلقي بالجرة نكاية بنا من أعلى نقطة. على النقيض، هو رجل حكيم، جريء، ناضج ما أمكنه الأمر، له قدرة جبارة على تليين وتطويع وتمديد وتجسيد ... أبعاد مساحات الوجود، بمنمنماته وماكروفيزيائيته.
بعد، قراءة وصفية لمجمل المتن القصصي المغربي الحالي، بناء على التحديد النظري السابق وتجليات الخلق والسلب بين : الذات، العالم، اللغة. فإن، أهم إشارة تثيرنا، انغماس الشخوص والفضاءات وكذا الإحداثيات الزمكانية، وتشبعها بإيديولوجية «انقلابية» تستميل لغة «غدراء»، «محايدة» مضمونا وشفافة فكريا، تستمتع، فقط بمدارات حمولتها. ربما الصورة على المنوال التالي : شاهد فوق صرح، يسخر من الجميع وبمختلف الطرق والأوجه، لأنهم غارقون حتى رؤوسهم في مستنقع من العبث والتفاهة... .
أغلب النصوص، تنطق بالروح العجائبية. سوريالية، لا تحاو ذاتها جماليا فقط، لأنها انعكاس لنقاشات وسجالات داخل الصالونات الأدبية. لكنها، أساسا بيانات «سياسية» تدعو لمجتمع بديل، تستجيب صحيا لأحلام ورغبات أفراده.
إذا برزت إذن، خصوصية ما لقصتنا، فهو قطعها مع الأنساق المألوفة والمتداولة، وتفعيلها المثابر لماكينة التجريب مفهوما وأداة وماهية. لكن رغم ذلك، يحتاج هذا التجريب إلى سند نظري متين، يعطي للمسار القصصي المغربي، إمكانية إدراك آفاق أقواله.
مع غياب التدليل المفهومي، يصبح التجريب مجرد متواليات جوفاء، فارغة مشلولة، منظومة لغوية يقتلها السأم والدهر، دون تصويب للوعي التأريخي، وتجذير متين لسياقات مخطط ثقافي مجتمعي.
قد تتعدد أساليب التمرن وتتنوع لتأخذ مظاهر شتى. مسألة في كل الأحوال إيجابية، تكشف عن سعي المجتمع نحو الكتابة، وتسامي وعي أفراده، حيث انتقلوا من المستوى الحسي، البسيط في محاورة الأشياء المحيطة بهم، إلى منظور مغاير تماما أكثر رقيا وتحضرا. بالطبع، لا نفكر كثيرا مع هذا الوضع، في أحكام تقيمية تفرز الغث من السمين وتبويب للشروط الأدبية والجمالية. فتنطبق عليه معايير التحديد المؤسساتي، ثم يُصنف بكونه : أدباء.
يعكس زخم التجريب، حدود ورقعة أوراش الكتابة القصصية، وطبيعة تلقيه من قبل الجسم الثقافي. لكن، الضبط المفهومي والمنهجي، يخلق وعيا بالقائم. بشكل مضمر، هل تجتهد الممارسة النقدية بالمغرب، كفاية حتى تنصت بانتباه يقظ وكثير من الحلم الإشراقي، لانسياب النصوص وتوالدها بقياس تجاوز كليا براديغمات الشروط التي تبلورها مؤسساتنا الثقافية.
بالتأكيد، لا نحسم القضية بمعادلات الإيجاب والسلب وموازين الكم. بل نوعيا وكيفيا، بالاستناد على طبيعة متجددة للأسئلة يساجل عبرها، اشتغالات كتابات القصصيين. فإذا أمكن تمييز هاته الأخيرة، بنوع من «الانسجام»، بخصوص النسق والرؤية. في المقابل، من الواجب على النقد القصصي أيضا تنويع مقارباته وقراءاته، كي يلتقط بذكاء وفتوة، كلية الأوراش في تمظهراتها الإبستمولوجية والمنهجية.
لقد برهن القاص المغربي فعلا، طيلة العقد الأخير على عمل واجتهاد دائمين، امتد صيته إلى كل العالم العربي. فكسر، بالتالي ذاك التقسيم الكلاسيكي المبتذل «الفاصل» بين مشرق يتفنن خاصة في إبداع الشعر والرواية وروافدهما، ثم مغرب تائه داخل مغارات التجريد، ينتهي إليها التأمل الجاف المرتبط بالفلسفة والميتافيزيقا وكذا علوم نظرية خالصة، بعيدة كل البعد عن رخاوة وإنسيابية الحكي الأدبي كما يصدره المشارقة.
حضور، تُوج بحصول المغاربة على مجموعة جوائز تقديرية، وكذا تصدرهم لرتب متقدمة ضمن المتبارين في مسابقات إبداعية، كما بدأنا، نصادف باستمرار تواجد القصة المغربية بين طيات كل المجامع والمُصنفات المهتمة بملاحقة أهم النصوص العربية، سواء تلك التي أنتجها جيل الشباب الحالي أو الرواد الأوائل.
إجمالا، احتلت القصة واجهة متميزة ودالة في المسارات الراهنة للثقافة المغربية. وضع، خفف نسبيا من عجزها حتى يومنا هذا على إنجاب روائي، بالمنحى الاحترافي للكلمة نتبارى به مع النماذج العربية الكبيرة ولما لا، الكونية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.