ترامب يجدد التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء    "حماس" تكذب مبعوث ترامب: لن نتخلى عن السلاح إلا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة    نادي المحامين بالمغرب معلقا على طلب متابعة حكيمي: "القضية تشهد اختلالات مست جوهر المحاكمة العادلة"    بطولة العالم للألعاب المائية: السباحة الأمريكية وولش تحرز ذهبية 50 متر فراشة        في برقية إلى جلالة الملك: الرئيس ترامب يجدد التأكيد على اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على صحرائه ودعمها المطلق لمقترح الحكم الذاتي        صادرات قطاع الطيران بالمغرب تتجاوز 14 مليار درهم    الداخلية تُؤكد التزامها بضمان نزاهة وشفافية الانتخابات القادمة        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    تقرير: الدار البيضاء تصعد إلى المرتبة 431 ضمن المدن العالمية.. ومراكش تسجل أدنى تقييم وطني في رأس المال البشري    هيئات سياسية تنتقد تسييج شاطئ الفنيدق وتنبه للوضعية الاقتصادية والاجتماعية المقلقة بالمدينة    "العدل والإحسان" تناشد "علماء المغرب" لمغادرة مقاعد الصمت وتوضيح موقفهم مما يجري في غزة ومن التطبيع مع الصهاينة    خبراء "نخرجو ليها ديريكت": الخطاب الملكي يعكس الرؤية الملكية الحكيمة    صحيفة صينية: المغرب نفّذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل بقيادة الملك محمد السادس    أعضاء بمجلس الشيوخ الأمريكي: المغرب الحليف العريق والشريك "الأساسي" للولايات المتحدة    فضيحة أخلاقية تهز جماعة أركمان والناظور بعد تداول فيديو صادم    المغرب يعزز الأمن السيبراني لمواجهة التهديدات الرقمية المتصاعدة    شاطئ ميايمي ببني أنصار يلفظ جثة شاب كان يحاول العبور إلى مليلية    بعد أشهر من الانتظار.. انطلاق أشغال الطريق المنهار بين الحسيمة وتطوان    بورصة البيضاء .. أقوى ارتفاعات وانخفاضات هذا الأسبوع    جلالة الملك يتوصل ببرقية تهنئة من رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان بمناسبة عيد العرش المجيد    سون هيونغ مين يعلن رسميا رحيله عن توتنهام    الدار البيضاء .. نجوم العيطة يلهبون حماس عشاق الفن الشعبي    مجلة أجنبية تشيد بجمال وتنوع المغرب السياحي        وثائق سرية تستعد للخروج إلى النور.. صحراء المغرب في قلب أرشيف إسبانيا    مصرع شاب في حادثة سير مميتة ضواحي سطات        المغربي حمزة الناصيري ضمن طاقم حكام مباراة افتتاح "الشان" بين تنزانيا وبوركينا فاسو    نجم البحر يهدد الشعاب المرجانية في جزر كوك    نيوزيلندا تفرض رسوما على زيارة الأجانب للمواقع السياحية الأكثر شعبية    مبابي مدافعا عن حكيمي: أشرف يحترم النساء حتى وهو "سكران"    كيوسك السبت | استثمار إسباني كبير لتحلية المياه والطاقة الريحية بالمغرب    اعتقال صانعتي محتوى لنشر مقاطع فيديو خادشة للحياء في مصر    جامعات أمريكا تواجه ضغوطات ترامب    الوداد ينهزم أمام كوجالي سبور في أولى مبارياته الودية بتركيا    المغرب، بقيادة جلالة الملك، نف ذ إصلاحات منهجية موجهة نحو المستقبل (صحيفة صينية)    في رحيل زياد الرّحْباني (1956-2025) سيرةُ الابْن الذي كَسَّر النَّاي .. ومَشَى    سباق الذكاء الاصطناعي يدفع عمالقة التكنولوجيا إلى إنفاق 344 مليار دولار    بلجيكا.. اطلاق نار على مراهق في مولنبيك    دراجة نارية مسرعة تصدم شخصين بطريق طنجة البالية وإصابة أحدهما خطيرة    تتناول قضية الصحراء المغربية.. الكاتب الطنجاوي عبد الواحد استيتو يطلق أول رواية هجينة في العالم        المهرجان المتوسطي للناظور يختتم نسخته الحادية عشرة وسط حضور جماهيري غير مسبوق    عبد العلي النكاع فنان مغربي يبدع بإلهام في فن التصوير الفوتوغرافي الضوئي    رشيد الوالي: فيلم «الطابع» تكريم للعمال المغاربة في مناجم فرنسا    دراسة: مشروب غازي "دايت" واحد يوميا يرفع خطر الإصابة بالسكري بنسبة 38%    الشيخات وجامعة ابن طفيل.. أين يكمن الخلل؟    دراسة تُظهِر أن البطاطا متحدرة من الطماطم    التوفيق: كلفة الحج مرتبطة بالخدمات    بعد فصيلة "الريف" اكتشاف فصيلة دم جديدة تُسجّل لأول مرة في العالم        ما مدة صلاحية المستحضرات الخاصة بالتجميل؟    في ذكرى عيد العرش: الصحراء المغربية وثلاثة ملوك    تطوان تحتفي بحافظات للقرآن الكريم    على ‬بعد ‬أمتار ‬من ‬المسجد ‬النبوي‮…‬ خيال ‬يشتغل ‬على ‬المدينة ‬الأولى‮!‬    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيار هواء
الكتاب ومسرح العرض
نشر في المساء يوم 21 - 02 - 2008


[email protected]
معرض الكتب فرصة لإعادة ربط العلاقة مع الكتاب، بالنسبة لِمن انقطعت لديه سبل التواصل معه، منذ مغادرة مقاعد الدراسة والالتحاق بالوظيفة أو بالشارع. وهو أيضا فرصة لِمن يرغب في تزيين بيته بتلك الموسوعات والمجلدات الذهبية التي لاتُفتح إلا لماما، فتبقى منطوية على سرها كامرأة جميلة تعيش منعزلة في قصر. وهو كذلك، فرصة مواتية لتمتين الصلة بهذه الكائنات الحبرية، بالنسبة لمدمن القراءة الذي لا يرى الحياة إلا من خلال الأبيض والأسود، الذي يتجسد في كمشة من الأوراق، تحمل عنوانا وتوقيعا ورقما واسم ناشر وسنة إصدار.
أستطيع أن أزعم، باعتباري واحدا من هؤلاء المهووسين، أن قاعة العرض الواسعة، لو حدث أن انقطع بداخلها تيار الكهرباء، لما أظلم المكان تماما، لأن الكتب، سواء الجديدة منها أو المنحدرة من عمق زمني وحضاري سحيق، كانت ستُرخي ذلك الضوء النادر الجميل الذي تنطوي عليه، وكنا، بلا شك، سنهتدي، على خيوطه الشفافة، إلى أنفسنا وأصدقائنا وممراتنا التي تُفضي.
معرض الكتاب، هو أيضا مناسبة لمصافحة أساتذة ومعلمين، ندين لهم بأجمل الاستعارات التي نحيا بها. لا أقصد فقط الأساتذة «البيولوجيين» الذين ما تزال سيقانهم قادرة على حمل قاماتهم ونظراتهم التي بها وجع، وإنما أقصد أيضا أولئك المعلمين الكبار، الملتحفين مجلداتهم، الذين يطوون أزمنتهم السحيقة طيا، ليشاركوننا، من موقعهم الثقافي المُوثِر للغرابة، مغامرة المشي، بلحي بيضاء مسترسلة ونظرات مشتعلة أبدا، في دهاليز زمن ثقافي اختار مضاعفة غموض الحياة بغموض العلاقات والقيم والأهداف والتطلعات التي لا تبتعد كثيرا عن دائرة الأنا الواقعة، للأسف، في أسر مرآتها الخاصة.
لا يمكنكم أن تتصوروا كيف تتضاعف غرابة هؤلاء المعلمين الكبار، ويخيل إلي أنهم، في لحظة معينة، ينسلون من مجلداتهم، ويسيحون في ممرات المعرض، صامتين مستطرقين حتى لا يثيروا انتباه بعض المعاصرين، الذين يعيشون حالة استرخاء مُظفَّرة مغتبِطة بمنجزات وهمية، أو حالة توتر مشدودة إلى عقدة اضطهاد متخيلة، تجعلهم يخشون على فروهم المستعار من خطر جوارح الثقافة. هؤلاء المعلمون الكبار يوجدون بيننا، وبقليل من الانتباه، كُنتم ستلاحظون أنهم يقاسموننا الخطو في ممرات المعرض وفضاءاته، لكنهم لا يصافحون إلا الأيدي الكريمة التي تكشف لهم عن سُبل أخرى للعيش، بعيدا عن برودة القبو الثقافي القديم، وقريبا من جمرة الحياة التي لا تزداد تأججا إلا إذا هبَّت عليها أنفاس ذكية، لا تملكها إلا صدور أخلصتْ لهواء المعرفة النقي.
معرض الكتاب لم يكن، في الواقع، فقط فرصة لتجديد الصداقة مع الكتاب ومع أصدقائه الحقيقيين والمفترضين، ولكنه كان أيضا فرصة للتفرج على سلوك بعض المثقفين. فبإمكان الإنسان، بعد أن يقتني نصيبه من الأعمال، أن يتسلى برؤية من يدخُل المعرض معلنا مقاطعته للكتب والأنشطة، فيبقى شاردا في ممرات وأروقة يدخلها صدفة حتى يعثر، في آخر المطاف، على مِرآته الخاصة، مجسدة في مثقف آخر يشبهه في ذات الخصائص والصفات. يمكن أن نتسلى أيضا بمشهد كاتب، ضعيف الموهبة، يبحث عن إحياء صورته قدر الإمكان، بإثارة الانتباه إلى حضوره البشري، حتى يغادر مقام الشبح الذي أصبح يقض عليه مضجعه. يمكن أن نتسلى أيضا بمشهد تراجيكوميدي، لكاتب يعرض مسوخاته (عاهاته) على الجمهور كنوع من التشجيع على القراءة. يمكن أن نتسلى كذلك بمشهد مَن يرثي الفرص الضائعة، ومن يصطاد في الماء العكر، ومَن يبحث عن استعارات حية (من لحم ودم)، ومَن يريد أن «يقترض» منك مالا، لينصرف لشرب نخب حياة الكِتاب أو موته(سيان عنده).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.