جمال كريمي بنشقرون الثلاثاء 30 شتنبر 2025 - 14:48 رجاء اسمعوا صوت الشباب.. من أسلوب الاحتجاج إلى تغطية كل احتياج مؤلم جدا ما نراه من مشاهد و صور مقززة، محدثة لندبات في النفوس تظل راسخة الأذهان بكل الأسى لما تعرض له شباب هذا الوطن في هذا الزمان، لقد خرج البعض منهم صادحا بصوت عالي يريد التعليم الجيد والصحة الجيدة و الشغل والكرامة، كل ذلك في قالب ضرورة محاربة كل مظاهر الفساد، في وطن الأكيد أن الكل يحبه و معتز بالانتماء إليه رغم قساوة العيش ومرارة تحقيق الذات، فهل ما تم القيام به من قمع و تنكيل و اعتقال هو الأسلوب الفعال ضد كل احتجاج مشروع دستوريا؟ أم أن الحوار و الاستماع الجيد هو الحل الأمثل؟ والتجاوب مع المطالب الاجتماعية المشروعة هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار؟ الضرورة تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى في زمن الثورة الرقمية، العمل على الحفاظ عن المكتسبات الحقوقية في مغرب يرد أن يتموقع في موقع أحسن مما هو فيه، و الواقع يبرز أن ما نراه هو انعكاس طبيعي لفشل حكومي ذريع و سياسات قطاعية اجتماعية غير مجدية، جعلت بلادنا تحطم رقما قياسيا في عدد الشباب بدون تعليم و لا تكوين و لا عمل، بلغ رقما مخيفا هو 4.2 مليون شاب حسب تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2024، كما أن معدلات البطالة قد بلغت أرقاما غير مسبوقة في عهد حكومة أخنوش، لتصل إلى سقف 13.2 بالمائة عموما و أكثر من 40 بالمائة في صوف حاملي الشواهد وما يقارب 45 بالمائة في المجال القروي حسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط. فالتعليم والصحة هما أساس أي تنمية منشودة، وغير مقبول تماما هذا التوجه الليبرالي المتوحش بشأنهما في ظل خوصصة شاملة و مقنعة حطمت كل الأرقام في عمر حكومة تدعي أنها اجتماعية !، فالتجارة في كل شيء أصبحت هي العنوان الأبرز اليوم، وتضارب المصالح أصبح في نظر رئيس هذه الحكومة أمرا عاديا، وأن الهم كل الهم هو مراكمة الثروات ونهب الخيرات التي ينعم بها هذا الوطن. السؤال المحير و المخيف اليوم، هو أن نخون كل من يحتج ! وهو يرفع سقفا محدودا لمطالب اجتماعية صرفة، أمله بسيط في العلاج و التعليم و التكوين والشغل و العيش بكرامة، وهي مجالات تهم الجميع من المحتجين و غير المحتجين و حتى كل الأجهزة الأمنية باختلافها، التي تكلفت بتصريف الهاجس الأمني عبر قمع دينامية الفعل الاحتجاجي السلمي، وما يؤكد ذلك هو لجوء الغالبية العظمى من مختلف الفئات الاجتماعية كرها إلى التعليم الخاص إذا أردت نوعا ما تعليما "جيدا"، واللجوء ذليلا إلى قطاع صحي يبتزك لأجل تقديم علاج غير مضمون، فقط بشيك بنكي "مضمون". حقا إنه الجنون في زمن الحيرة أمام رهانات التميز و أوراش التنمية المنشودة، فإن كنا قادرين على رفع التحدي الرياضي خاصة في مجال كرة القدم و تفوقنا فيه إلى حد كبير وتركنا العالم مندهشا لما بلغناه، فلنرفع أيضا كل التحديات لانطلاقة واعدة حقا في تعليمنا و صحتنا و نرتقي في كل المجالات على خطوط التوازي، ونحقق معنى مبدأ المساواة و العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لخيرات هذا الوطن. أظن أن الرسالة قد وصلت لمن يهمه الأمر، والمفروض هو أن نستمع لصوت الشباب جيدا، ونسمع كذلك صوت الحكومة النائمة اليوم أمام احتجاجات قائمة تتمدد، وما لذلك من مخلفات جراء الفض والقمع والتنكيل والاعتقال والمحاكمات...، ليطرح السؤال: أين هو الناطق الرسمي باسم الحكومة من كل هذا، بل أين هي الحكومة بأحر التعبير، التي كان عليها أن تعقد اجتماعا طارئا، اجتماع أزمة، وأن يكون التواصل والحوار الإعلامي أسلوبا مرجحا في التوعية، والإرشاد وإعادة الأمور إلى نصابها بشكل ديمقراطي، يعكس أن البلاد قد قطعت فعلا أشواطا مهمة في مسار حقوق الإنسان، وقطعت مع الماضي الأليم لكل مظاهر الانتهاكات الجسيمة، لكن للأسف الشديد فائد الشيء لا يعطيه، فكيف ننتظر من حكومة غير سياسية أن تقوم بما هي بعيدة عنه كل البعد؟! الخلاصة أنه على هذه الحكومة أن تقدم استقالتها، وأن تشكل حكومة مؤقتة لتصريف الأعمال والتحضير للانتخابات المقبلة، مع القيام بما يلزم من برامج لحلحلة المشاكل القائمة، الواضحة والتي تتوجب تكثيف كل الجهود وتوفير كل الإمكانات، حتى يتم تصحيح ما يمكن تصحيحه في أفق إفراز نخبة سياسية جديدة، عبر إشراك قوي و فاعل لكل الكفاءات والأطر و الطاقات الشابة، بسواعد قادرة على ركوب أمواج تغيير الواقع إلى الأحسن والإصلاح الحقيقي، ورفع كل التحديات كما يجب في مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية، مغرب يتنفس فيه الجميع معنى الحرية ويعيش تحت سقفه كل مواطن يعي تماما بأن حقوقه مكفولة كما هو الحال بالواجبات المفروضة عليه. فالأمل هو تجاوز ما يحدث بكل عقلانية و رشد كبيرين وحماية بلادنا و الدفاع عنها، حتى لا تخرج الأمور عن سياقها، والأمل كل الأمل في أن نعالج ألم الآثار المبصمة في نفوس كل الشباب ممن عانوا الأمرين جراء التوقيفات و الاعتقالات، وهم لا علاقة لهم بما يمكن تفسيره "بالتحريض و التظاهر غير المرخص و القيام بالتجمهر أو القيام بأعمال شغب وغير ذلك". ذنبهم الوحيد أن الكثير منهم كانوا من المارة أو من الملاحظين، الذين أثارت فضولهم تلك المشاهد الغريبة عن العديد منهم، ممن لم يعيشوا أبدا أو يروا ما عاشه الكثيرون من الأجيال السابقة في عقود ما قبل جيل الألفية الثالثة من أحداث و توترات سياسية كبيرة، إلى حدود حراك 20 فبراير الذي كان في إبانه شباب اليوم ممن هم في العشرينات أطفالا آنداك، فرجاء اسمعوا جيدا صوت الشباب، من أسلوب هذا الاحتجاج إلى ضرورة العمل على تغطية كل نقص أو احتياج. الآراء الواردة في مقالات الرأي تعبر عن مواقف كاتبيها وليس على الخط التحريري لمؤسسة الصحيفة