1. الرئيسية 2. تقارير دعم بلجيكا لمبادرة الحكم الذاتي المغربية يضع نزاع الصحراء أمام لحظة مفصلية بمجلس الأمن الصحيفة - اسماعيل بويعقوبي الخميس 23 أكتوبر 2025 - 15:34 فككت بلجيكا اليوم الخميس ما تبقى من الغموض داخل الاتحاد الأوروبي بشأن الموقف من قضية الصحراء، بعدما أعلنت رسميا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007، معتبرة أن هذا المقترح يشكل الإطار الوحيد القادر على وضع جهة الصحراء في إطار سيادة المملكة، ومؤكدة أنها ستتعامل من الآن فصاعداً على المستويين الدبلوماسي والاقتصادي بناءً على هذا التوجه. وجرى الإعلان عن هذا الموقف خلال التوقيع في بروكسيل على إعلان مشترك بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونائب الوزير الأول ووزير الخارجية والشؤون الأوروبية والتعاون الإنمائي في بلجيكا، ماكسيم بريفو، وهي خطوة اعتُبرت ذات رمزية خاصة بالنظر إلى أن بروكسيل تُعدّ عاصمة الاتحاد الأوروبي ومقر أبرز مؤسساته، ما يمنح هذا الاعتراف بعدا استراتيجيا يتجاوز الثنائية المغربية البلجيكية إلى الإطار الأوروبي الأوسع. ويُشكل هذا الموقف الجديد تتويجا لمسار متصاعد من المواقف الأوروبية الداعمة للمبادرة المغربية، التي وصفتها عدة عواصم أوروبية ب"الجدية وذات المصداقية والواقعية"، حيث انضمت بلجيكا بذلك إلى كل من فرنسا وإسبانيا وألمانيا وهولندا ولوكسمبورغ وقبرص والمجر ورومانيا والبرتغال وصربيا، لتغلق بذلك دائرة الدعم التي عبرت عنها مجموعة "البنلوكس"، إحدى أكثر المناطق تأثيرا في صياغة التوجهات السياسية والاقتصادية داخل الاتحاد الأوروبي. ويأتي إعلان بروكسيل في ظرف دبلوماسي حساس يسبق اجتماع مجلس الأمن الدولي المقرر نهاية أكتوبر الجاري حول قضية الصحراء، وبعد أيام قليلة من تداول مسودة مشروع القرار الأمريكي الجديد الذي يؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية تمثل "الأساس الأكثر جدية وموثوقية وواقعية" للتوصل إلى حل سياسي دائم ومتوافق عليه، في حين أصدرت جبهة "البوليساريو" بيانا لافتا تحدثت فيه للمرة الأولى عن "تقاسم فاتورة السلام"، في ما فُهم على نطاق واسع بأنه بداية اعتراف ضمني بترجيح المقاربة المغربية المدعومة دوليا. ويُنظر إلى الموقف البلجيكي باعتباره تحوّلا نوعيا في تموضع دول الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه يأتي من قلب مؤسسات القرار الأوروبي، ويؤكد أن رؤية الرباط باتت تجد صدى متزايدا في العواصم المؤثرة بالقارة، كما يعكس تنامي قناعة أوروبية بأن الاستقرار الإقليمي والتنمية المشتركة في جنوب المتوسط يمران عبر حل نهائي لهذا النزاع وفق مقاربة واقعية وميدانية تتجسد في مبادرة الحكم الذاتي. ويأتي هذا التطور في سياق دينامية دبلوماسية متسارعة يقودها المغرب منذ سنوات، عززتها مواقف وازنة من عواصم غربية وإفريقية وخليجية كبرى، ففي دجنبر 2021 أعلنت ألمانيا اعتبار خطة الحكم الذاتي "مساهمة مهمة لحل الخلاف"، وهو الموقف الذي أنهى فتورا دبلوماسياً مع الرباط. وبعدها بثلاثة أشهر، فاجأت إسبانيا الجميع حين وجّه رئيس حكومتها بيدرو سانشيز رسالة إلى الملك محمد السادس أعلن فيها دعم مدريد للمقترح المغربي باعتباره "الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية" لتسوية النزاع، وهو الموقف الذي أعاد ترميم العلاقات بين البلدين وأعادها إلى مسار الشراكة الاستراتيجية. كما حافظت فرنسا على موقفها الداعم للحكم الذاتي، حيث أكدت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية كاثرين كولونا، خلال زيارتها للرباط في دجنبر 2022، أن بلادها "أظهرت دعمها للمغرب في الأممالمتحدة، حتى عندما كانت الوحيدة التي تبادر لتطوير الأفكار" قبل أن يقطع الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون الشك باليقين ويعلن اعترافا فرنسيا بسيادة المغرب على الصحراء من قلب البرلمان المغربي. ويشكل إعلان بلجيكا اليوم دعمها لمبادرة الحكم الذاتي يمثل امتدادا طبيعيا لهذا المسار الأوروبي المتنامي، وأنه يعزز ما يمكن وصفه ب"إجماع براغماتي" حول الحل المغربي الذي بات يحظى باعتراف دولي واسع، في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى طي صفحة الجمود وفتح أفق جديد قائم على الواقعية والتعاون الإقليمي المشترك. ومع اقتراب موعد جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لبحث مستجدات قضية الصحراء، يتجه الملف نحو مرحلة جديدة تتسم بتصاعد المؤشرات الإيجابية وترسخ قناعة دولية متزايدة بضرورة الحسم. ورغم الجدل المحيط بتسريبات مسودة مشروع القرار الأممي المرتقب، فإن المعطيات المتوفرة تشير إلى أن النص المنتظر صدوره في أواخر أكتوبر سيحمل طابعا استثنائيا، ويكرس تحولا نوعيا في مقاربة المنظمة الأممية للقضية، من خلال تثبيت شرعية السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، وترسيخ مبادرة الحكم الذاتي كخيار وحيد واقعي ومتوافق عليه لإنهاء النزاع المفتعل.