توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    النهضة البركانية تحتفي بدرع البطولة    السر في ملعب الحسن الثاني … لماذا يؤجل الفيفا الإعلان عن ملعب نهائي كأس العالم 2030 …؟    لبؤات الأطلس يعبرن إلى نهائي "كان السيدات" بعد مباراة مشوقة أمام غانا    بنك المغرب يختبر العملة الرقمية    طنجة.. مداهمة شقة بحي العرفان تُسفر عن توقيف 4 شبان وفتاة (صور)    سيارة أجنبية تقتحم شاطئا وسط ذهول المصطافين.. والأمن يتدخل بسرعة    لاعب اتحاد طنجة عبد العالي معاطي يستعد لمغادرة الفريق نحو الزمالك    ترامب يبرم تسوية تجارية مع اليابان    كاتب إسرائيلي: إسرائيل تُنفذ الآن خطة نازية للتطهير العرقي في غزة    أمن أكادير يتعقب سائقا أجنبيا على رمال الشاطئ بعد تعريضه حياة المصطافين للخطر    أصيلة.. توقيف مبحوث عنه وطنياً وحجز 646 قرصاً مهلوساً    المنتخب المغربي للسيدات يتأهل لنهائي كأس إفريقيا بفوزه على غانا بركلات الترجيح    بين الإصلاح والتخوفات.. البرلمان يصادق على قانون جديد لتنظيم المجلس الوطني للصحافة    فرنسا.. القضاء يحيل وزيرة الثقافة رشيدة داتي وكارلوس غصن على المحاكمة بتهمة الفساد        "لبؤات الأطلس" إلى نهائي كأس إفريقيا للسيدات بعد فوز مثير على غانا بركلات الترجيح    استئنافية طنجة تؤيد الأحكام في ملف "مجموعة الخير" وتُسقط مطالب الضحايا    لفتيت: مكاتب حفظ الصحة ستغطي جميع الجماعات بحلول 2026 بدعم يفوق مليار درهم    البرتغال تعبر عن دعمها الكامل للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    رئيس مجلس النواب يدين "اعتداء السمارة" ويؤكد تماسك الجبهة الداخلية    الكلاب الضالة تسببت في 100 ألف حالة عض سنة 2024... ووزارة الداخلية تبرمج مراكز للإيواء    ارتفاع جديد يسجل في أسعار المواد الغذائية واللحوم في الصدارة    على غرار ما يفعل الشاعر    بمشاركة دراكانوف ولازارو ومصطفى ترقاع.. الناظور تحتضن النسخة 11 من المهرجان المتوسطي    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون المتعلق بمهنة التراجمة المحلفين    الأمم المتحدة: مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال انتظار المساعدات        أمسية مطرون تحتفي بالتنوع الثقافي    مقدونيا الشمالية تدعم مغربية الصحراء وتبادر نحو تعزيز العلاقات مع المغرب عبر تسهيلات التأشيرة وخط جوي مباشر    ‮ «‬تهريج‮»،‮ ‬و«بلطجة‮» ‬و‮… ‬حكامة بلا سياسة‮!‬    ليالي صيف الاوداية تلتهب على منصة كورنيش ابي رقراق    راغب علامة يبرر صورة "المعجبة": زاوية التصوير خدعت الجميع    عطل يجبر طائرة حكومية ألمانية على الهبوط الاضطراري    وفاة 21 طفلا بالجوع في قطاع غزة    تطوير أداة مبتكرة تحدد الأطفال المعرضين لخطر السمنة مستقبلا    أسعار النفط تتراجع    في 50 سنة من الخدمة الإنسانية.. الفريق الطبي الصيني عالج 5.8 ملايين مغربي وأجرى أكثر من نصف مليون عملية جراحية        السكيتيوي يربك البطولة الوطنية في فترة استعدادات الأندية    ترامب يهدد بتعطيل بناء ملعب فريق واشنطن        مجلس النواب يمرر قانون المسطرة الجنائية بموافقة 47 نائبا خلال قراءة ثانية    ‬مرسوم ‬تحديد ‬أسعار ‬الأدوية ‬يواصل ‬إثارة ‬ردود ‬الفعل ‬في ‬أوساط ‬المهنيين ‬والرأي ‬العام ‬    الأمم المتحدة.. الجوع وسوء التغذية بلغا مستويات غير مسبوقة في غزة    حجيرة يدعو الشركات المغربية إلى التوسع في الأسواق العالمية والاستفادة من الفرص التجارية        بطولة انجلترا: الكاميروني مبومو ينتقل لمانشستر يونايتد        وزير الصحة: التوصل إلى صيغة توافقية لمرسوم جديد سيسمح بخفض ملموس لأسعار الأدوية    ليلة العيطة تجمع نجوم التراث الشعبي على منصة واحدة بالعاصمة    نبيل الأيوبي يتوَّج بلقب "نجم العيطة" في أولى محطات مهرجان العيطة المرساوية بالجديدة    دراسة تكشف العلاقة بين سمات الشخصية والرياضة المناسبة    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    









سناء العاجي: عفو بطعم المرارة...
نشر في فبراير يوم 03 - 08 - 2013

العنف الذي تعاملت به السلطة مع المتظاهرين ليلة الجمعة المنصرمة غير مبرر. خرج المواطنون في مظاهرة سلمية للتنديد بقرار العفو الملكي الذي استفاد منه الإسباني المتهم باغتصاب 11 طفلا والذي كان يقضي حكما بالسجن لمدة 30 سنة؛ فتعرضوا لحملة عنف كبيرة وغير مبررة.
كنت وما أزال ضد الاستغلال السياسوي للقضية من طرف البعض، لتصفية حسابات مع الملكية أو مع حزب العدالة والتنمية عبر وزيره في العدل مصطفى الرميد. القضية خطيرة فعلا، لكن استغلالها ببعض الأساليب الرخيصة أحيانا لا يخدمها ولا يخدم المدافعين عنها.
هذا لا يمنع أن القضية برمتها هي كارثة حقوقية وإنسانية ووطنية بكل المفاهيم. وهي تستدعي التأمل في ثلاث نقاط أساسية:
أولا، الإسباني دانيال غالفان كان أول متهم بالاعتداءات الجنسية على الأطفال يأخذ حكما "مثاليا". 30 سنة هي أقل ما يستحقه شخص اعتدى على جسد وإنسانية وكرامة 11 طفلا. استفادته من العفو هو ظلم صارخ في حق ضحاياه وعائلاتهم، وظلم في حق قضية الاعتداءات الجنسية على الأطفال التي ينشط فيها المجتمع المدني بشكل كبير في المغرب. يجب أن يكون لدينا الوعي أن مثل هذه القرارات قد تبعث رسائل مشفرة. هل تعني استفادة دانيال غالفان من العفو أن القانون المغربي سيكون دوما متساهلا مع المعتدين جنسيا على الأطفال؛ وأنه حتى حين تصدر في حقهم أحكام جزرية مهمة، فسيكون لهم الحق في الاستفادة من العفو الملكي؟ هل هذه هي الرسالة التي نريد إيصالها للضحايا ولعائلاتهم، وللمجتمع المدني؟
النقطة الثانية تتعلق بالعفو الملكي نفسه. لعل هذه المناسبة الأليمة فرصة لطرح نقاش جدي حول آلية "العفو الملكي" التي لا يجب بتاتا أن تكون منافية للقانون. كلنا نعرف أن العفو الملكي أصبح آلية في أيدي مافيا تبيع العفو بمبالغ مالية ترتفع أو تنخفض حسب ملف السجين. هذا سر لم يعد يخفى على أحد. الباحثة سمية نعمان كسوس روت كيف أنها ساهمت في فضح وسجن أب كان يعتدي جنسيا على بناته الثلاث لسنوات، وتلقى حكما بالسجن 20 سنة، قبل أن يستفيد من العفو الملكي بعد قضاء سنتين فقط، مقابل مبلغ 50.000 درهم. الغموض الذي يكتنف تدبير هذه الآلية ليس مبررا وهذه فرصة لكي يعرف المغاربة كيف يتم اختيار المستفيدين، ما هي شروط الاستفادة، من يحدد اللوائح... كما يجب أن يتم توفير لائحة بالجرائم التي لا يمكن بتاتا أن يستفيد أصحابها من العفو الملكي (مرتكبو جرائم الإعتداءات الجنسية على الأطفال، كبار تجار المخدرات، مرتكبو جرائم العنف ضد الأصول...). هناك مجرمون لا يستحقون الاستفادة من ظروف التخفيف ولا من العفو الملكي. اليوم، ضحايا دانيال غالفان تعرضوا للعنف والظلم مرتين: حين اغتصبهم هذا الوحش الآدمي، وحين تم العفو عنه. الضرر الجسدي والنفسي مضاعف. كرامتهم أهدرت مرّتين.
النقطة الثالثة وهي أساسية بدورها: صمت الديوان الملكي كان خطأ سياسيا في هذه الظرفية. بلاغ رسمي (بدل الإشاعات) لتفسير ما حدث والالتزام بتصحيحه (عبر فتح تحقيق، عبر معاقبة المسؤولين، عبر إعادة النظر في قرار العفو....) كان قد يوضح الكثير من الأمور وقد يهدئ الكثير من الغضب المشروع الذي راج. على العكس، اختارت الدولة المغربية التعامل بالعنف مع المتظاهرين على أساس أنها "مظاهرة غير مرخص لها". جزء كبير جدا من الشعب كان غاضبا. أي نعم كان هناك كم لا بأس به من سوء النية لدى البعض ومن الاستغلال السياسوي للقضية من طرف البعض الآخر. لكن الغضب من استفادة دانيال غالفان من العفو هو في النهاية أمر مشروع جدا، وبغض النظر عن بعض المغالطات التي رافقته. كان على الوقفة الاحتجاجية أن تمر بسلام... العنف الذي راجت صوره على الأنترنيت غير مبرر بتاتا. إنه تعود بنا سنوات إلى الوراء ويضعنا في خانة الدكتاتوريات البئيسة. للأسف، ما سيبقى للتاريخ أن ناشطين مغاربة عُنِّفوا بشكل كبير بسبب تظاهرهم السلمي ضد قرار عفو ملكي استفاد منه مغتصب أطفال...
لنقلها صراحة وبكل الوجع والحزن الذي يسكننا: العنف و القمع أسوء أساليب التواصل مع الرأي العام. الصمت إزاء الأزمات السياسية الكبيرة خطأ كبير أيضا. بالقمع الكبير لوقفة الجمعة 2 غشت، وبصمت القصر الملكي إزاء هذه القضية، لم نحقق إلا شيئا واحدا: التشكيك، أمام الرأي العام الوطني والدولي، في أننا ديمقراطية ناشئة. لم يكن المغرب يستحق هذا الطيش...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.