الخطوط المغربية تعزز شبكة "رحلات بلا توقف" انطلاقا من مراكش نحو فرنسا وبلجيكا                معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام تضامنا مع ضحايا التجويع في غزة والسودان    الوصية .. في رثاء أنس الشريف ومحمد قريقع    أستراليا تؤكد أنها ستعترف بدولة فلسطين    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية تشاد بمناسبة العيد الوطني لبلاده    تقرير: نمو اقتصادي في المغرب يقابله اتساع العجز المالي والتجاري    قتيل و29 مصابا في زلزال ضرب غرب تركيا    الخطوط الملكية المغربية تطلق خدمة ويفي مجانية على متن طائرات "دريم لاينر"    المغرب ضيف شرف معرض بنما الدولي للكتاب    وفاة أسطورة كرة القدم اليابانية كاماموتو عن 81 عاما    أشرف حكيمي يتمسك بطموح الفوز بالكرة الذهبية رغم انزعاج باريس سان جيرمان    سطات: توقيف عنصر حامل للفكر المتشدد الذي يتبناه تنظيم داعش الارهابي    النقابة الوطنية للصحافة تدين مقتل الصحفيين الشريف وقريقع    منصة التراسل الفوري 'واتساب' تختبر ميزة جديدة تتيح إرسال الصور المتحركة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    كأس أمم افريقيا للمحليين (كينيا أوغندا تنزانيا 2024):        الجبالية الشحرية .. لغة نادرة في سلطنة عمان    غزة.. قصف إسرائيلي يودي بحياة مراسل الجزيرة أنس الشريف وأربعة آخرين    فيتنام توسع قائمة الإعفاء من "الفيزا السياحية"    معتقلو حراك الريف يضربون عن الطعام والماء تضامنا مع غزة والسودان    ترامب يدعو الصين إلى "شراء الصويا"    توقيف "شاب داعشي" بإقليم سطات    الملك على دراجته المائية يتبادل التحية مع المصطافين على شاطئ كابونيكرو    قطعة من أسطول البحرية الهندية تختتم مناورة مع "فرقاطة محمد السادس"    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    الأرصاد تتوقع موجة حر شديدة في جنوب غرب فرنسا    حُقوقيو تيزنيت يدقّون ناقوس الخطر بشأن تعثر مشروع طريق حيويّة لسنوات بتافراوت    مقتل أربعة صحافيين من قناة الجزيرة بينهم أنس الشريف بقصف إسرائيلي قرب مستشفى الشفاء في غزة    صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية: المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس نموذج إفريقي رائد في التنمية والابتكار    أشرف حكيمي: "إنه حلم أن ألعب مع المغرب خلال كأس إفريقيا للأمم"    من أجل استقبال أكثر من 25 مليون طن سنويًا.. توسعة جديدة لميناء الجرف الأصفر    كأس درع المجتمع: كريستال بالاس يحرز اللقب على حساب ليفربول    توقعات أحوال الطقس اليوم الإثنين        عامل الجديدة يترأس لقاء تواصليا بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للمهاجر    الإدارة الأمريكية "تحضر" لقمة ثلاثية بين ترامب وبوتين وزيلينسكي (نائب الرئيس الأمريكي)    السفير المغربي بالصين: البعثات الطبية الصينية... رمز نصف قرن من الصداقة والتضامن بين المغرب والصين    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ        الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش        مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قطاع غزة.. "غرنيكا" جديدة
نشر في هسبريس يوم 19 - 10 - 2023

قبل سنتين من اندلاع الحرب العالمية الثانية قصف الطيران النازي مدينة (غرنيكا) الإسبانية فأحدث ذلك القصف الرهيب مقتلة عظيمة، انكشف غبارها عن أكثر من سبعة آلاف قتيل من النساء، والأطفال، والرجال، بلا رحمة ودونما تمييز.
وقد خلد الفنان التشكيلي الإسباني (بابلو بيكاسو) هذه المحرقة، في لوحة جدارية أخذت اسمها من اسم المدينة المنكوبة، ومن ثمة أصبحت هذه اللوحة رمزا للرعب الذي يواجهه المدنيون أثناء الحروب. وإن الذي نشاهده في غزة اليوم، لا يقل بشاعة وهمجية عن ذلك الذي أشرنا إليه آنفا، فها هي آلة الحرب والدمار الصهيونية المجنونة، لا تكاد تتوقف عن تدمير البيوت فوق ساكنيها، غير آبهة بطفولة بريئة ولا شيخوخة فانية، فالكل سواء، الرجال والنساء والبيضان والسودان، والذي يقاتل والذي لا يقاتل...
ومن المضحكات المبكيات مشهد المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين على شاشات الفضائيات، وهم يلوكون كلاما لا يقوى على ترديده، إلا أولئك الذين أوتوا حظا وافرا من الوقاحة والغباء.
فيُسألون مثلا عن موقفهم من المجازر التي ترتكب ضد الأبرياء العزل في قطاع الغزة، والتي تنقل مباشرة بالصوت والصورة، فيجيبون جميعهم إجابة واحدة كأنهم تلاميذ في فصل دراسي: "من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها ضد منظمة حماس الإرهابية، التي قطعت رؤوس الأطفال واغتصبت النساء وذبحتهن".
ويُسألون عن الأساس الذي يعتمدون عليه في ترديدهم لهذه الادعاءات، فيتوقفون للحظة ثم ينطلقون كما بدؤوا بوجوه صفيقة، يلوكون أكاذيبهم الغبية. وإذا سُئلوا عن مدى احترام إسرائيل لمقتضيات قواعد القانون الدولي الإنساني وهي "تدافع عن نفسها"، هذه القواعد التي تقيد سلوك المتحاربين وتحمي المدنيين الذين لا يشاركون في القتال، والذين توقفوا عن المشاركة فيه، كالأسرى والجرحى وكذلك تحظر المساس بالمنشآت المدنية، كالمدارس والمستشفيات ودور العبادة... إلخ، عندها يبتسم أكثرهم ابتسامات بلهاء، ثم يجيبون إجابات تستفز حلم كل حليم، ويبسم لها ثغر الحزين مرارةً، كيف لا وهو يرى كل قواعد القانون الدولي الإنساني تتهاوى، وتدك من أساسها، مذ بَدَأتْ فِكْرَةً في (تذكار سولفرينو) مرورا باتفاقيات جنيف الأربعة، والبروتوكولان الإضافيان، وما تلا ذلك من إعلانات واتفاقيات، وصولا إلى إقرار النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي تحركت على وجه السرعة بخصوص أوكرانيا، بينما لم تحرك ساكنا بخصوص غزة!
ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فلو عدنا إلى تاريخ هؤلاء القوم لتجلت لنا حقيقة أمرهم، وأذابت شمس الحقيقة أكاذيبهم حول "قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان...." إلى آخر تلك المعزوفة السمجة التي لا يملون من التشدق بها. فخذ على سبيل المثال لا الحصر عزيزي القارئ ما سجله التاريخ، من أن هنود (السنيكا) كانوا يطلقون على (جورج واشنطن) هدام المدن، وذلك لهدمه ثمان وعشرين مدينة من أصل ثلاثين مدينة لهنود (السنيكا) من البحيرات الكبرى شمالا حتى نهر (الموهوك) في فترة لا تزيد عن خمس سنوات وهذا ما كرر فعله بمدن وقرى (الموهوك) و(الأونونداي).
هذا هو (جورج واشنطن) أبو الجمهورية الأمريكية وأول رئيس لها بعد الاستقلال عن الإمبراطورية البريطانية، وهو على رأس أولئك الذين يشار إليهم بالبنان باعتبارهم، "الآباء المؤسسين للقيم الأمريكية" ولعلها قيم الهدم والتدمير لا غير.
في حديث له عن ألوان الإبادات التي اقترفها الأمريكيون في حق شعبه قال أحد نشطاء هنود شعب (سو): "هذه واحدة من الإبادات الكثيرة التي واجهناها وسيواجهها الفلسطينيون فإن جلادنا المقدس واحد".
حقا إن هذا الكلام لا يبتعد عن الحقيقة قيد أنملة ففي النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي أصدر الكونجرس الأمريكي قانون بترحيل الهنود بالقوة من شرق نهر المسيسيبي إلى غربه، وبموجبه قام الأمريكيون بطرد الهنود من بيوتهم وأراضيهم في حال رفضهم، وتم قتل الكثير منهم.
كما ذكر "جيمس موني" وهو أحد من كتب عن تلك المأساة وسأل من شارك فيها:" لقد تم نشر الجيش في معظم مناطق الشيروكي، وبدأ الجنود بتمشيط المدن والقرى والغابات والكهوف وضفاف الأنهار لاصطياد الناس وجمعهم في حصون، وكان هؤلاء يرون بأعينهم كيف تأكل النيران بيوتهم وحقولهم وقراهم على يد مستوطنين يزحفون وراء الجنود للسرقة والنهب واغتصاب أملاكهم بما في ذلك نبش قبورهم، والاستيلاء على الذهب والفضة والأحجار الكريمة منها"، (الإمبراطورية الأمريكية البداية...والنهاية) – منصور عبد الحكيم.
وكان الأمريكيون في سلوكهم الوحشي هذا تجاه الهنود، لا يحسون بأدنى حرج، على اعتبار أن هؤلاء ليسوا سوى شياطين فرت إلى تلك القارة، فأرسل الرب في إثرهم القديسين، أي الأمريكيين ليطهروا الأرض منهم!! وهذا بالضبط ما يقوم به أذنابهم الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني إذ إن إبادته تقربهم من إلههم، الذي أمرهم بقتل كل طفل وامرأة ورجل من الكنعانيين. ومن ثمة فليس من العجب في شيء أن يأمر الاحتلال سكان غزة بمغادرة بيوتهم وأراضيهم، فتلك (شِنْشِنَةُ أعْرِفُها مِنْ أَخْزَم).
وبعد كل هذا تطلع علينا الخارجية الأمريكية في كل عام، وبدون حياء، بتقرير عن حالة حقوق الإنسان في العالم، (زانية تحاضر في العفة) عجبي...
لَكَ يَوْمٌ ليتَ شِعْري فَمَتَى بَلْ أراهُ قَدْ دَنا كَيْ نَحْمَدا
كانت هذه نفثة و"لا بد لِلْمَصْدورِ أَنْ يَنْفُث".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.