بعد فترة تراجعت فيها لغة البلاغات، منذ موجة الاعتقال التي طالت رموز الحراك الشعبي بالحسيمة ونواحيها أواخر ماي الماضي، أصدر عدد من النشطاء ممن أطلقوا على أنفسهم "ناشطات ونشطاء لجان الحراك الشعبي بالريف الأوسط" بيانا يعلنون من خلاله رفضهم لكل المشاريع التنموية التي قدمتها الدولة لحل مشاكل الساكنة مع استعدادهم للنزول إلى الشارع من جديد. البلاغ، الذي حمل عنوان "كفى من العبث" وصدر في وقت متأخر من ليل الخميس، يشير مدبجوه إلى أن من صاغه هم "الناشطات والنشطاء عبر كافة لجان الحراك الشعبي بالريف الأوسط: أقاليم الحسيمة، الدريوش، الناظور، تازة..."، حيث هاجم من وصفهم ب"متسولي "بوادر حسن النية""، الذين "لا يتوانون عن الدعوة إلى إنقاذ الريفيين من الضلال الذي أصابهم، ويحتقرون ذكاءهم بالحديث عن التهدئة ومنح مزيد من الفرص"، وفق تعبيرهم. الوثيقة، التي توصلت بها هسبريس ولم تتحدث عن الحوار والمبادرات المطروحة لطي صفحة الاحتقان في الحسيمة منذ قرابة تسعة أشهر، أعلنت "الإصرار على تحقيق الملف الحقوقي الأولي الذي أفرزته مختلف لجان الحراك الشعبي الممتدة عبر ربوع الريف"، مع "رفض المشاريع الريعية والفوقية المناقضة لمتطلبات الأهالي؛ ومن ضمنها "مشروع منارة المتوسط" باعتباره نموذجا لبرامج التنمية القسرية والذي يتم التكريس والترويج له كخيار وحيد وأوحد"، يقول البلاغ. وتوقف المعنيون عند قضية الناشط الريفي عماد العتابي، الذي ما زال طريح غرفة الإنعاش بالمستشفى العسكري بالرباط منذ إصابته أثناء تفريق مظاهرة 20 يوليوز في الحسيمة، مطالبين بما وصفوه "رفع التعتيم المضروب على حيثيات إصابته، والتوقف عن ترويع عائلته وعن ترويج الشائعات وفبركة السيناريوهات لتغليط الشعب، مع ضرورة صدور بلاغ رسمي يقتضي الكشف التام والصريح عن وضعه الصحي وبشكل فوري"، على أنه "في حالة رفض هذا الإجراء فإن الجماهير الشعبية ستعتبر هذا الرفض تأكيدا ضمنيا على وفاته، لا قدر الله". إلى ذلك، شدد المصدر ذاته على التشبث ببراءة معتقلي الحراك "وضرورة الإفراج اللامشروط عنهم جميعا بدون استثناء ولا ابتزاز.. بمن فيهم المعتقل منذ 2012 بنشعيب البشير ومعتقلي القنيطرة والدار البيضاء"، مطالبا بما نعته "محاسبة المجرمين في فبركة هذه الملفات والممارسات الترهيبية للساكنة والأساليب التعذيبية للمختطفين، وأيضا معاقبة الجناة الحقيقيين في جرائم الطحن المتعددة.. وتقديمهم للمحاكمة والعدالة مع الضمان الفعلي لعدم تكرار مثل هذه الجرائم وعدم الإفلات من العقاب كما تنص عليه المواثيق الدولية ذات الصلة". إلى ذلك، كشف المدبجون للبلاغ المذكور عن الاستمرار في الخروج إلى الشارع، دون الكشف عن أي تفاصيل تهم مكان وزمان الاحتجاج، مكتفين بالقول: "لا بد لنا من تشجيع كل الإبداعات النضالية للمواقع المختلفة، والتي تحافظ على التعبئة النضالية المتواصلة، حتى تتوج بشكل احتجاجي جماعي سيتم الإعلان عنه بداية غشت، بعد أن يتبلور تصوره بين مختلف جموع الحراك الشعبية بالريف"، وفق تعبير البلاغ. وفي تعليق على هذه الوثيقة، يقول الناشط الريفي المرتضى إعمراشا إن البيان يبقى مجهول المصدر؛ "لكنني أتفق مع بعض مضامينه"، إلا أنه نبّه إلى ما وصفه بعدم وجود قادة الحراك من ألفهم الشارع الحسيمي طيلة أشهر الاحتجاجات ممن يقبع أغلبهم في سجن عين السبع 1 المحلي بالدار البيضاء، حيث قال المرتضى: "البيان يدق ناقوس الخطر بسبب غياب القيادة الفعلية للشارع". واعتبر الناشط الريفي، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن "توجهات الشارع المختلفة يجب أن تنتصر فيها مصلحة المواطنين والتي أصبحت معرضة لكل الأجندات في غياب رؤية للحل أمام الغضب الصامت والذي قد ينفجر في أية لحظة"، مضيفا "أقول للسلطات أيضا: كفى من العبث"، وفق تعبيره.