عبر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور عن قلقه البالغ ورفضه الشديد للأحكام الصادرة عن محكمة الاستئناف بالناظور، والتي قضت بالسجن عشرين سنة نافذة في حق أربعة شبان من مدينة زايو (خمس سنوات لكل واحد منهم)، على خلفية احتجاجات شباب "جيل زد". واعتبرت الجمعية في بلاغ لها أن هذه الأحكام الثقيلة تمثل ضربة موجعة لآمال الشباب المغربي في التعبير عن تطلعاته ومطالبه المشروعة، وتكرس توجها مقلقا نحو تقييد الحريات العامة بدل تعزيزها، في وقت يحتاج فيه الوطن إلى فتح آفاق أوسع للنقاش العمومي والإصغاء إلى أصوات فئاته المهمشة.
وأشار حقوقيو الناظور إلى أن هيئة الدفاع، أكدت في مرافعاتها القانونية والحقوقية خلال جلسة المحاكمة على انعدام وسائل الإثبات، وأبرزت أن التسجيلات المصورة التي استندت إليها المتابعة لا تظهر تواجد أي واحد من هؤلاء الشباب في مواقع الاحتجاج، بل تثبت غيابهم عنها. لكن ورغم ذلك، اختار القضاء تغليب المقاربة الزجرية على متطلبات الإنصاف والعدالة. وذكّر فرع الجمعية بالناظور بأن الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التجمع السلمي والحق في محاكمة عادلة، تعد من الحقوق الأساسية التي لا يمكن المساس بها، كما نص على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته 19، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في مادتيه 19 و21. في حين ألزم العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الدول في مادته 13 بضمان الحق في التعليم، وفي مادته 12 بضمان الحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية، وهي نفس الحقوق التي شكلت جوهر المطالب الاجتماعية للشباب المحتجين الذين خرجوا للتعبير السلمي عن معاناتهم مع التهميش وغياب العدالة الاجتماعية. وشدد ذات المصدر على أن الاحتجاجات الشبابية الأخيرة كانت تعبيرا سلميا عن أزمة اجتماعية عميقة، وأن الرد عليها بالاعتقال والإدانة القاسية لا يخدم السلم الاجتماعي، بل يعمق الإحباط ويفاقم فقدان الثقة في المؤسسات. فالتعبير عن الرأي عبر التظاهر ليس تهديدا للنظام العام، بل هو حق من حقوق المواطنة التي يجب أن تصان. وقالت الجمعية إن هذا الحكم يثير تساؤلات مشروعة حول مدى احترام ضمانات المحاكمة العادلة، وطالبت بالافراج الفوري عن الشبان الأربعة، وإلغاء هذه الأحكام القاسية، إنصافا لهم وضمانا لاحترام التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وجددت المطالبة بإطلاق سراح معتقلي حراك الريف وكافة المعتقلين السياسيين. كما أدان حقوقيو الناظور استمرار التضييق على حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي، ودعت السلطات إلى الكف عن تجريم الفعل الاحتجاجي الذي يشكل آلية ديمقراطية للتعبير عن المطالب الاجتماعية. ودعا فرع أكبر جمعية حقوقية بالمغرب الدولة المغربية إلى مراجعة سياساتها الاجتماعية التي أنتجت هذه الاحتجاجات، عبر تبني مقاربة حقوقية في معالجة قضايا التعليم والصحة والتشغيل، بدل المقاربة الأمنية التي أثبتت عجزها، مشددا على أن احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يشكل أساس الاستقرار المجتمعي، وأن أي تنمية حقيقية لا يمكن أن تتحقق في ظل قمع الحريات وتكميم الأفواه.